- قيادة مجلس التعبئة والاسناد تعايد أبطال الجيش والمقاومة المرابطين في جبهات مأرب

صهيب المياحي
عيدٌ في قبضة الحوثي
كتابنا| 27 مارس, 2025 - 8:14 م
العيد في بقاع العالم مناسبة للفرح، يجتمع فيه الناس حول مائدة العطاء والمحبة، تتعانق القلوب، وتغمر البيوت روح الاحتفال، إلا في اليمن، حيث حوّله الحوثي إلى موسم للنهب والسلب، موسم يفرض فيه الجبايات بقوة السلاح، ليُمعن في إذلال الناس واستنزافهم.
في الوقت الذي يتضور فيه الشعب جوعًا، يُطرق كل باب، لا ليُعايد، بل ليفرض على كل فرد دفع مبلغ مالي تحت مسمى "الزكاة"، التي لم تعد شعيرة دينية، بل أداةً قسرية لإثراء الفئة الحاكمة وتمويل آلة الحرب والدمار.
لم يبقَ للحوثي أي أثرٍ لقيمةٍ دينيةٍ أو إنسانية، لقد سحق كل وشائج الحياة، ومزّق روابط الدم، وسلخ نفسه عن أي انتماء، متجردًا من كل ما يجعل الإنسان إنسانًا. لم يكن مجرد غازٍ، بل وحشٌ مسعورٌ حلّ في أرضٍ لم يعرفها إلا ساحةَ نهبٍ وسلطة. تقمّص صورة القرابة حين أراد أن يسرق، ثم تجرد منها حين قرر أن يقتل. تعامل مع الشعب كغنيمة ساقها إليه القدر، ومضى يغرس مخالبه في جسد الوطن، ينهش أبناءه بنهمٍ تاريخي، متلذذًا بطقوس السلب والذبح كما لو كانت امتدادًا لتراثٍ موغلٍ في القذارة.
في كل عام، يبتكر الحوثيون وسائل جديدة لنهب المواطنين، يفرضون قوائم جبايات بأسماء دينية، يبتزون التجار، يفرضون الإتاوات على الأسواق، يجبرون أصحاب المحلات على دفع مبالغ ضخمة تحت ذريعة دعم "المجهود الحربي"، ينهبون حتى بائعي القات، ويبتزون حتى من لا يملك سوى قوت يومه. لا فرق بين غني وفقير، فالكل في عيونهم مجرد مصدر للمال، مجرد فريسة في اقتصادهم الطفيلي الذي لا يعيش إلا على الاستنزاف.
لا يتذكر الحوثي الدين إلا حين يمد يده إلى جيوب اليمنيين، حين يريد أن يغترف من عرقهم، حين يلعق جهدهم بلسانه الجشع. عندها فقط، يتلحّف بالدين، يتقمص دور الوصي على السماء، ويفتح كفه كمتسول مسلح، يطلب "الصدقات" تحت تهديد البندقية. إنه اللص الوحيد في التاريخ الذي يسرق دون أن يخفي يديه، بل يرفعها في وضح النهار كأنه يؤدي فريضة، يمارس النهب وكأنه يقيم شعيرة مقدسة، يسرق بإيمانٍ راسخ أن ما يفعله "حقٌ مقدس"، وأن الآخرين مجرد أدوات لخدمته، مجرد خدمٍ ينبغي عليهم أن يكدّوا ليعيش هو وأتباعه في بذخ وسلطة.
تلك الوقاحة ليست استثناءً، بل جوهر السلالة، خاصيتها الموروثة، وسر بقائها منذ أن وطأت هذه الأرض ككارثة أبدية. لم يكن السلالي يومًا منتجًا، لم يعرف سوى حياة الطفيلي. لا يفلح أرضًا، لا يبني بيتًا، لا يصنع إلا الخراب، يتغذى على تعب الآخرين، يقيم وجوده على أشلاء جهدهم، يتوارث اللصوصية كما يتوارث الأسماء. يأتي كل جيل بثيابٍ جديدة، بشعارات جديدة، لكنه يظل على ذات الفكرة، يظل متسلقًا، يقتات على جهد غيره، يتكاثر على حساب الأمم، كآفةٍ لا حياة لها إلا بموت من حولها.
على مر التاريخ، كان أجدادنا اليمنيين يقتلعون أرزاقهم من الطين والحجر، يحرثون الأرض بدموعهم، يسقونها بعرقهم، بينما كان السلالي يقف عند الحصاد، ينتظر نصيبه من العرق بلا قطرة خجل. وحين تطورت الحياة، تطورت أدوات نهبه، لكنه ظل كما كان: كائنًا متسلقًا، يسرق من عرق الكادحين، يمد يده إلى تعبهم، يقيم مملكته فوق آلامهم، يسطو على مقدراتهم كما لو كانت إرثًا شخصيًا له، وكأنهم عبيد وجدوا فقط ليخدموه.
إنها ليست مجرد حرب، إنها معركة وجود، معركة بين اليمن وأعدائه التاريخيين، بين الإنسان والطفيليات التي تتغذى على دمه. لا مجال للتهاون، ولا تساهل مع هذا الطاعون. فكل ريالٍ يُدفع له بلا حق هو رصاصة في صدر اليمن، امتدادٌ لسلسلة النهب التي لم تنقطع منذ قرون. الحرب معه ليست مجرد قتال، بل إبادةٌ لفكرة مريضة، كسرٌ لهيكلٍ عفنٍ ظلَّ متكئًا على ظهور اليمنيين منذ الأزل. هذه معركة إما أن ننكسر فيها، أو نكسر القيود التي تكبلنا، إما أن نقتلع هذه الطفيليات، أو تلتهمنا حتى العظم.
اليمن لن يكون حرًا ما دامت السلالة تتربع فوق أنفاسه، ولن يستعيد العيد معناه إلا حين تتحرر هذه الأرض من لصوصها.
مقالات ذات صلة