













أراء

شاهدت في زيارتي أخيراً جنوب أفريقيا بلداً منصهراً بكامله في التضامن مع فلسطين. تظاهرات حاشدة لا تتوقّف في كل المدن والبلدات، في الأحياء والشوارع، ضدّ حرب الإبادة على غزّة، واجتماعات تضامنية بعشرات الآلاف، لا يملّ المشاركون فيها من مناقشة سبل دعم صمود الشعب الفلسطيني.

خلال الأيام الماضية تطوع البعض وبحماس منقطع النظير ولا يزال، لتقديم تفسيراته الخاصة لما حدث في تعز على خلفية مقتل الشهيدة افتهان المشهري، وتعمد هذا البعض تصفية حسابه مع القائد الذي لا يكذب أهله ولم يخذل تعز والوطن في الوقت العصيب.

أفضل شراكات الاصلاح السياسية كانت مع صالح في ثمانينات القرن الماضي حتى 1996، فقد اسهمت في استقرار الدولة وبناء مؤسساتها، ودحر مهددات وجودية للدولة كحروب المناطق الوسطى وحرب الانفصال.

كان بنيامين نتنياهو يشتهي بالتأكيد مشهداً آخر. كان يتمنَّى أن يعلنَ من القدس نهاية الحرب بعد استسلام أعداء إسرائيل. لم يحدث ذلك. الضَّربات القاضية شديدة الصعوبة في هذا النّزاع الطويل. سيشق اليوم طريقه إلى موعد صعب. موعد يشبه الاستدعاء من قبل سيّد البيت الأبيض الذي لم يبخل عليه بالدّعم. الرّجل الذي شاركه معاقبة إيران وهاجمت طائراته منشآتها النووية.

تعيد أزمة المجلس الرئاسي في اليمن طرح مقولات التوافق السياسي والشراكة موضوعاتٍ للبحث ومدى قابلية تحقّقها في الأرض، بما في ذلك استعمالات السلطة ومرجعياتها أداتين للتعطيل السياسي. ومع أن الوساطة السعودية أخيراً قد خفّضت التوتّرات في سلطة المجلس الرئاسي، فإنها لا تُعدّ آليةً ناجحةً لتحجيم تنافسات الفرقاء، ناهيك عن تثبيت سلطة مستقرّة تقوم بوظائفها الطبيعية حيال المواطنين.

نجحت الحملة الأمنية، وبدعم جماهيري واسع، في القضاء على قاتل الشهيدة أفتهان المشهري والقبض على المتهمين معه، واعداد اخرى من المتهمين والمشتبهين.

لا يتوقّف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مثل معظم القادة الغربيين عن الحديث عن "الرهائن"، أي أسرى الحرب الإسرائيليين العشرين في قطاع غزّة، بل يستخدمونهم، كل مرة، لتبرير تقاعس الغرب، والمجتمع الدولي عموماً، عن لجم جرائم الحرب الإسرائيلية الأبشع في عصرنا، الإبادة الجماعية والعقوبات الجماعية، بما فيها التجويع والتطهير العرقي الأخطر في عصرنا.

يفركُ بنيامين نتنياهو عينيهِ. لا يصدّق ما يرى. ولا يصدّق ما يسمع. كأنَّ العالمَ يقصفُه بقذائفَ لا يمكن ردُّها. يقصفُ جنونَه الدَّموي. وأحلامَه المتهوّرة. وأوهامَه الوافدةَ من كهوفِ التاريخ. آخرُ القذائفِ جاءته من كندا وأستراليا وبريطانيا. وللاعترافِ البريطانيّ مرارةٌ خاصة؛ فوعدُ ستارمر يخفف، إن تحقّق، العذاباتِ التي أنجبَها وعد بلفور.

صبيحة الخميس الأسود، الثامن عشر من سبتمبر 2025، أفاقت مدينة "تعز" على فاجعة جديدة لا تقوى على احتمالها. اغتال القبح ما تبقى من جمال المدينة، ومدنيتها الهشة، في زمن الحرب والحصار.