الأخبار

ضحايا الألغام... قصص حرب اليمن غير المنسية

‫مجتمع ‬‫وثقافة‬| 7 يناير, 2025 - 8:20 ص

image

تعد الألغام أحد أبرز إشكاليات الحرب في اليمن، باعتبارها خطراً يترصد بالمدنيين، وتكشف إحصاءات سقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى.

في نهاية يونيو/حزيران الماضي، كان اليمني شكري كداف (34 سنة) وزوجته عائشة بادي (23 سنة) عائدان إلى منزلهما في مزرعة بقرية الزعفران بمديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة، فانفجر لغم أرضي في الدراجة النارية التي يستقلانها، فلقيا حتفهما على الفور.

أما عبد الله عبد الجبار (35 سنة)، فقد نجا من موت محقق وفي 17 مارس/آذار 2021، لكنه فقد ساقيه إثر انفجار لغم أرضي زرعته جماعة الحوثيين في قرية نجد المرقب بمنطقة الشقب في جبل صبر جنوب شرقي مدينة تعز. يقول لـ"العربي الجديد": "ذهبت إلى منزلي في نجد المرقب لأتفقده، وقصدت المزرعة كي أحصد حشائش للأغنام، فانفجر لغم تسبب في بتر ساقيّ من الورك، كما أصبت بشظايا عدة في أجزاء متفرقة من جسدي. تم إسعافي إلى مستشفى الثورة العام بمدينة تعز، وظللت في العناية المركزة لمدة شهر، وحالياً أنا مقعد وعاطل عن العمل، ولا أملك أي مصدر دخل لإعالة أطفالي الخمسة وأمي وإخوتي".

وتُعد منطقة الشقب في مديرية صبر الموادم جنوبي تعز من أكثر المناطق تضرراً بالألغام والذخائر غير المنفجرة، وأصبحت منازلها ومزارعها وطرقاتها خطرة، بعدما زرعها الحوثيون بألغام تستمر في حصد ضحايا.

وفيما يعيش جرحى الألغام في اليمن مع فقدان البصر والأطراف والتشوّهات الجسدية، تشير إحصاءات إلى أن معظم الضحايا من الأطفال الذين يشكلون أكثر من نصف العدد.

ووثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقرير، مقتل 1219 شخصاً بحوادث انفجار ألغام مضادة للأفراد والدروع خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2018 إلى فبراير/شباط 2024، إضافة إلى 1624 إصابة. وتوزعت الأضرار التي خلفتها ألغام الحوثيين على 13 محافظة، هي مأرب، والبيضاء، والحديدة، ولحج، وتعز، وإب، وصنعاء، وأبين، والجوف، والضالع، وعمران، وصعدة، وحجة.

وتصدرت تعز قائمة المحافظات الأكثر تضرراً على صعيد عدد قتلى الألغام بـ214، وتلتها محافظة الحديدة (154)، ومأرب (148)، والجوف (102)، وبلغ عدد الجرحى الذين يعانون من إعاقات دائمة بسبب الألغام الأرضية 764، من بينهم 272 بترت أطرافهم.

وصنّف بيان أصدره تحالف ميثاق العدالة من أجل اليمن الذي يضم عشر منظمات حقوقية، في 4 إبريل/نيسان الماضي، اليمن من بين أسوأ ثلاث دول على صعيد التلوّث بالمتفجرات، رغم أن اليمن من بين الدول التي وقّعت اتفاق أوتاوا لحظر استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد في عام 1998.

وأشار البيان إلى أن اللجنة الوطنية للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان رصدت حصول 1174 انفجاراً للألغام في اليمن بين عامي 2016 و2023، وسقوط 747 قتيلاً (148 طفلاً و53 امرأة) و1093 جريحاً (244 طفلاً و96 امرأة).

ونقل البيان عن تقرير أصدرته مؤسسة سد مأرب، سقوط 28 قتيلاً و103 جرحى من المدنيين، معظمهم نساء وأطفال.

وسجل مكتب حقوق الإنسان في مأرب 146 وفاة و393 إصابة، بين أغسطس/آب 2014 وديسمبر/كانون الأول 2020.

وأفادت منظمة إنقاذ الطفولة بأن عدد الأطفال المصابين زاد بسبب مخلفات الحرب غير المنفجرة منذ عام 2018، وبأن طفلاً من كل ثلاثة أطفال تعرّضوا لحوادث ذخائر غير منفجرة، في حين كان نصف ضحايا الذخائر غير المنفجرة عام 2022 من الأطفال تحديداً.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، زاد عدد الأشخاص المتضررين من الألغام الأرضية ومخلفات الحرب غير المنفجرة بنسبة 160%.

وعلّق بيان تحالف ميثاق العدالة بأن "هذه الأرقام المرعبة تدعو إلى زيادة الضغط الفعّال على الحوثيين الذين تحمّلهم معظم التقارير مسؤولية هذه الجرائم، من أجل وقف هذه الأنشطة، وتسليم خرائط الألغام الأرضية المزروعة من أجل احترام الإنسانية، والحق في حصول جميع المواطنين اليمنيين من دون استثناء على حياة آمنة".

يعمل الطبيب منصور الوازعي، مديراً لمركز الأطراف الصناعية في تعز، والذي تدعمه منظمات مثل الصليب الأحمر الدولي، ويقدم المركز أطرافاً صناعية وخدمات تدريب وتأهيل ودعم نفسي، ومشاريع تمكين اقتصادية. ويقول لـ"العربي الجديد": "يزيد عدد من ترددوا على المركز عن 1200، أصيب 65% منهم بانفجار ألغام أرضية زرعها الحوثيون، والتي تنوعت بين أرضية ضد أفراد، وأخرى على شكل ألعاب كرات وأقلام وغيرها. تتنوع الإصابات من بتر أطراف سفلية، طرفين أو طرف واحد، أو طرف سفلي وآخر علوي، وطرفين سفليين مع طرف علوي، وإصابات فقط للأطراف العلوية".

وفيما تحصد الألغام أرواح مدنيين غالباً، تبذل جهود لنزعها، أحدها من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي أنشأ المشروع السعودي لنزع الألغام "مسام" في منتصف عام 2018. وتنفِّذ المشروع كوادر سعودية وخبرات عالمية مع 32 فريق عمل يمنياً تم تدريبها لإزالة كل أنواع الألغام، وتضم هذه الفرق 550 موظفاً، ويعمل المشروع في عدة محافظات.

وأعلن مدير مشروع مسام، أسامة القصيبي، أن الفرق الميدانية نزعت منذ انطلاق المشروع وحتى 6 سبتمبر/أيلول 2024، أكثر من 458 ألف لغم ومخلفات حرب غير منفجرة وعبوة ناسفة.

وقال تقرير أصدره مشروع مسام، في منتصف أغسطس/آب الماضي، إن المشروع قدم 30 شهيداً و48 مصاباً بإعاقات دائمة، مشيراً إلى أن 80% من الألغام التي أزالتها فرق المشروع في اليمن، سواء ألغام مضادة للآليات أو ألغام أفراد أو عبوات ناسفة، زرعها الحوثيون.

ويواجه المشروع عدداً من التحديات، أبرزها زرع الألغام عشوائياً، وباستخدام أشكال تمويه مختلفة في أماكن تستهدف المدنيين، وأيضاً رفض الحوثيين تسليم الخرائط الخاصة بالألغام التي تسهل عمليات نزعها.

ويشار إلى أن المادة 83 من القانون الدولي الإنساني تنص على أنه يجب إزالة الألغام من طرفي أي نزاع عند انتهاء الأعمال العدائية الفعلية.

وفي فبراير/شباط 2024، بدأت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (أونماس) التعاون مع المركز التنفيذي اليمني للتعامل مع الألغام (ييماك) من أجل التدريب على إزالة الألغام، وعرّفت الدائرة الأممية المركز الذي يتّخذ من عدن مقراً، بأنه جهة متخصصة في إزالة الألغام وتنفيذ عمليات توعية بمخاطر المتفجرات، وعمليات مسح غير تقني وكذلك مسح تقني، مشددة على أن "كل لغم يُزال هو استعادة لحياة".

العربي الجديد

| كلمات مفتاحية: الحرب|ضحايا الألغام

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024