الأخبار
Image Description

سلمان المقرمي

خطورة التوافق 

‫كتابنا‬| 30 ديسمبر, 2024 - 8:12 م

خرج الثوار السلميون في اليمن 2011 لحسم مسألة الديمقراطية ومنع الاستبداد والتوريث، بعد عقدين من اعتماد النهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية؛ لكن النتيجة الواضحة منذ 2011 وتحديدًا منذ التوافق على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية؛ القضاء عليها، أو بشكل أدق تجميدها حتى الآن.

 
في البداية برّرت أحزاب المعارضة بتعطيل الدستور والبرلمان، واعتماد المبادرة الخليجية محله، والتوافق لإنجاز المرحلة الانتقالية، لم يشكل ذلك مشكلة للحزب الحاكم حينها المؤتمر الشعبي وصالح. الانقلاب على النهج الديمقراطي الذي كان ناجزًا في الدستور مدخلا مهما – بالطبع بجانب عوامل أخرى محلية وإقليمية ودولية- لسقوط الدولة وفتح الباب واسعا للانقلاب الحوثي المسلح. 

لم تراجع الأحزاب السياسية مرة أخرى أسباب السقوط، وذهبت لاختلاق مبررات صحيحة وغير صحيحة عن أسباب السقوط، لكن لم يحدث أي مراجعة تذكر، حتى بعد انطلاق عاصفة الحزم وبدء المقاومة الشعبية المسلحة، في 2015، وتدخل التحالف العربي. 

وبينما فشلت الحكومة في تحرير معظم المدن اليمنية ووقفت خطوط الحرب في مناطق معينة لم تتحرك سوى بشكل قليل مرة للحكومة وأخرى للحوثي، لم تجر أي مراجعة أخرى أيضا، وانقسم التحالف فيما بينه خاصة بين السعودية والإمارات وأضاف أعباء أخرى، وضربات أكثر قوة على الديمقراطية، حتى وصل مؤخرا إلى أن يكون معظم أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قادة عسكريين، ضاربين عرض الحائط بالدستور وبمؤسسات الدولة، وبالواجبات القانونية عليهم. 

تلوح في الأفق الآن فرصة مناسبة لتعديل الأوضاع العسكرية، بين الحكومة والحوثيين بفعل الضربات التي تلقتها إيران خاصة في سوريا التي نعدها قوة احتلال اليمن عبر الحوثي، ولكن تناقضات القوى الرئيسة في مجلس القيادة وعجزها عن العودة إلى اليمن، بعد عشر سنوات من المنفى الاختياري، وعجزها قبل ذلك في الحفاظ على مواردها المالية من النفط المصدر الرئيس، ومن الضرائب والجمارك من المنافذ خاصة موانئ عدن، يجعل الفرصة تذهب هدرا كما ذهبت هدرا جهود الثورة الشعبية في 2011، وإصرارها على الحكم بتوافق يدمر مؤسسات الدولة أو بالأصح مقاسمة ومحاصصة يجعل تلك الدولة وإيراداتها محصورة بفئويات قليلة من تلك القوى.

إن الغرض الأساسي من محاربة الحوثي والاحتلال الإيراني تثبيت حكم الجمهورية بنظامها الديمقراطي، أي ذات الغاية التي خرجت من أجلها ثورة الشعب في 2011، وبما أن الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية ومؤسسات الدولة تقف ضد هذا الأمر بناء على تجربتها خلال العقد والنصف الماضيين، بغض النظر عن مبرراتهم، تجعلهم خصومًا للشعب بمرتبة أدنى بقليل فقط من الحوثي والاحتلال الإيراني. 

خروج الناس احتفالا في ذكرى 26 سبتمبر لا يشير إلى معاداتهم الحوثي فقط، بل كل من يحاول الانقلاب على النظام الديمقراطي، وإذا لم تستجب الأحزاب السياسية خاصة الكبرى منها إلى الرسالة التي صرخت بها الجماهير في عدة محافظات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي فيعني ذلك أن أزمة التعددية السياسية والحزبية في اليمن في خطر حقيقي، وهي عماد الديمقراطية وجوهرها وروحها وشكلها، وأن بقاء القوى المعتمدة على العنف والسلاح سيكون أكثر قوة، وهذا لن يقود إلى إلا مزيد من الحروب التي تمزق ما بقي من البلد.

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024