الأخبار
Image Description

سلمان الحميدي

خطبة ثورية داخل معتقل الحوثي

‫كتابنا‬| 30 سبتمبر, 2024 - 3:39 م

استنفرت قوات التدخل السريع التابعة للحوثيين برفقة قوات من الأمن المركزي التابعة لهم أيضاً، تحركت بعد تلقيها استدعاءً عاجلاً للتدخل، لم تكن حالة الاستنفار للتصدي لهجوم مسلح أو التوجه لجبهات القتال، لم تكن حتى متجهة لإلقاء القبض على مطلوبين للجماعة أو محاصرة عصابة خطرة تنافسهم في مجال السلب والنهب.  

من سخرية القدر أن هذه الحملة كانت متجهة إلى معتقل مدينة الصالح لمواجهة المعتقلين والمختطفين وتأديبهم لأنهم استمعوا إلى خطبة الجمعة. حدث ذلك قبل خمسة أشهر تقريباً، على إثر صعود أحد المعتقلين إلى منبر السجن وإلقاء خطبة الجمعة.

الخطيب هو السجين محمد سلطان شداد، ولم تكن هذه المواجهة الأولى للرجل مع سلطات الحوثيين في الحوبان، شرق تعز، فقد سبق أن واجههم عدة مرات في قضايا مختلفة، بدأت إثر استيلائهم على المحطة التي يمتلكها، ونهب أمواله، وقبل إغلاق القضية واجههم محمد في قضية شركة بلقيس، وهي شركة كبيرة تجمع شركاء يمنيين ورجل أعمال هندي، الشركة مفلسة والشركاء متشاكسون، وحاول الحوثيون الاستيلاء عليها بشتى السبل، نهبوا بعض الأجهزة والممتلكات منها، كان محمد سلطان طرفاً يعمل على صيانة حق موكليه، لم يسكت لهذه الإجراءات، وإثر ذلك تعرض لمحاولة اغتيال وأصيب، لكنه استطاع إيقاف الإجراءات غير الرسمية بتعيين الحارس القضائي على الشركة.

وفي كل مرة كان يدخل معتقلات الحوثي في الحوبان، تعز، يطالب بحقوقه وحقوق المسجونين، ليتم تقييده بتهمة التحريض، لاتهامه للجماعة بارتكاب الظلم في أبناء اليمن، وأبناء تعز على وجه الخصوص، واستحلال أموالهم لمجرد اختلاف المذهب: لأنهم شوافع، وقد عمل على تحوير صرخة الجماعة، وتحديداً الجملتين الأخيرتين، ورفعها مع زملائه المسجونين وكذلك أطفاله بعد خروجه قبل الأخير من السجن، وهو الشعار الذي يقول:

الله أكبر

الموت...

الموت لـ..

اللعنة على الظالمين

النصر للمظلومين..

في المرة الأخيرة، زج الحوثيون بمحمد سلطان في السجن بقضية مدنية، وإثر مواجهته للنافذين الحوثيين في القضاء بمنطقة الحوبان، جرى تمديد فترة احتجازه أكثر من مرة ومخالفات الاجراءات القانونية الصادرة عن بعض أجهزتهم نفسها، كما أوضح في صفحته الشخصية فيس بوك.

استشعاره للظلم، جعلته يصعد منبر السجن وتوجيه خطبة ثورية ضد الحوثيين.

وأنا أتقصى التفاصيل من أبناء البلاد، وبعض زوار مدينة الصالح السكنية التي حولها الحوثيين إلى أكبر معتقل مستحدث لهم في البلاد، أثار فضولي تقسيم الحوثيين لمدينة الصالح وتوزيع بناياتها وفق نوع المعتقلين، بما في ذلك المختطفين من الشوارع والذين لا قضايا لهم، تسمى بعض البنايات/ المعتقل، على اسم القائد الحوثي المشرف عليها، مثل عمارة أبو حورية، وبناية السجن الاحتياطي..

أنشأ الحوثيون مراكز تأطيرية داخل المعتقل، هذه المراكز تبين خوف الجماعة حتى من اليمنيين المسجونين، ولهذا تعمل على كسب ولائهم من خلال التعبئة. في السجن الاحتياطي "مركز الحسين الثقافي"  وعمارة أبو حورية "مركز تأطير الدواعش" كما يسمونه، في إشارة لكسب ولاء خصومهم واستمالتهم إلى الصف الحوثي..

وفي أول جمعة من شهر ذي الحجة المنصرم،  صعد محمد سلطان شداد منبر مركز الحسين الثقافي، وتوجه بخطبة لاذعة تجاه الحوثيين، هاجم فيها قادات المسميات الأمنية والقضائية في الصالح: «من أراد أن يعرف أخلاق قائد المسيرة وأخلاق القيادات في صنعاء وصعدة فعليه أن ينظر إلى أخلاق الأمنيين السيئة والقبيحة كأخلاق جهاد وجبريل ورداد وأنور فإنهم يمثلون أخلاق قيادتهم الذين يلبسون الحق بالباطل ويلبسون الباطل بالحق».

وكشف شداد عن كذب النائب العام، في صنعاء، الذي ظهر على شاشات التلفاز وقال بأنه أفرج عن آلاف السجناء، وأوضح في الخطبة، أن الحوثيين لم يفرجوا إلا عن أربعة متهمين بالشذوذ وعليهم أحكاماً تعزيرية، ذكرهم بالاسم، وطالب بحقوق السجناء، متسائلاً:

ـ هل تعلم قيادة المسيرة الشيطانية ماذا تقتات أسر السجناء والمعتقلين في سجونكم يا طغاة العصر؟

ـ هل تعلم قيادة المسيرة الشيطانية إلى أين وصل الحال بأسر السجناء والمعتقلين؟

ـ هل تعلم قيادة المسيرة الشيطانية أين يباع غذاء السجناء من السكر والارز و........

ـ هل تعلم قيادة المسيرة الشيطانية اين تباع علاجات وأدوية السجناء؟

وفي دعاء الخطبة، دعا الخطيب على من قطع رواتب الموظفين، وشتت شمل اليمنيين، وعلى الأمنيين الفاسدين التابعين للحوثيين، وأعضاء ووكلاء ورؤساء النيابات الذين اتهمهم بالفساد وسوء الاخلاق..

وبعد الخطبة، وصلت قوات التدخل السريع والأمن المركزي التابعة للحوثي، تحمل القيود والهراوات، أخذت الخطيب وعلقته بأربعة قيود على سلم الدرج الخاص بسجن أبو حورية، وكذلك تعليق كل من صلى الجمعة في المركز الحسين الثقافي في ذلك اليوم، وعند نفاذ القيود، عملوا على تحميل المسجونين البلك الثقيلة ودشدشتهم بالماء، والتحقيق مع 38 سجيناً حضروا صلاة الجمعة، كما أعادوا توزيع المعتقلين على جميع شقق السجن الاحتياطي ومنعوهم من الذهاب إلى الجمعة التالية، بينما كانوا يضعون محمد سلطان في سقف السجن في أيام الجمع التالية كي لا يقتحم المنبر، وتمديد فترات احتجازه لأشهر بلا مسوغات قانونية.

إذا كان هذا ما يحدث لليمنيين في معتقلات الحوثي؟ مراكز لاستمالة المعتقلين بتعبتئهم بالأفكار الطائفية، والخوف من أصوات المعتقلين التي لا تخرج خارج بنايات المعتقل، فما بالكم بخوفهم من اليمنيين الذين يرفعون العلم الوطني على أرض بلادهم المحتلة خارج السجن!.

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024