













تعز

يمكن لأي قائد عسكري وطني، ومحارب جمهوري شجاع، أن يُبعد أولاده عن الجبهات وخطوط التماس. أن يحتفظ بهم في الظل، وأن يكتفي بما يقدّمه هو من تضحيات، دون أن يُقحم فلذات كبده في لهيب المعارك. غير أن ثمّة قادة عسكريين، ورموزًا في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، لا يكتفون بأدوارهم العظيمة تلك، ولا تُغريهم سيرتهم المُشرّفة، أو عطاءاتهم الكبيرة، بالاكتفاء..

تتجلى أسمى معاني التضحية في كل بيت من بيوت تعز، تجد البيت الواحد منها الشهيد والجريح والأسير، وهي حقيقة تختزل وجعًا عميقًا وفخرًا عظيمًا.

رحل فائز سرحان جسداً، لكنه سيبقى رمزاً للقيادة الحقيقية التي لا تصنعها الرتب، بل الإرادة والتضحية. لم تكن قوته في سلاحه، بل في قِيَمِه التي جعلت منه قائداً حق على البلاد ألا تنساه.

في منتصف 2017، وأنا في سنة ثالثة في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، وصلني إشعار من تطبيق الكريمي، شبيهًا بهذا: "أودع عبد الغني أحمد 5 آلاف ريال إلى حسابك. رصيدك الحالي هو 5 آلاف ريال". كان ذلك المبلغ البسيط من أبي كمصروف أمشّي به حالي. وبعدها بوقتٍ قـصـير، أخبرني أحد زملائي الأعزاء أن والده أرسل له مصروفًا قدره "خمسون ألف ريال"..

من الأفضل إنقاذ العملية التعليمية وإكمال العام الدراسي، على أن يطور المعلمون من الآن إجراءات سياسية لتحركاتهم لانتزاع حقوق المعلم وكرامته والطلاب أيضا.

عشر سنوات مرت، تجرعت فيها "تعز" مرارة الحصار والقصف والدم. عشر سنوات وقفت فيها شامخة في وجه الانقلاب الحوثي الغاشم. اليوم، ونحن نستعيد ذكرى انطلاق المقاومة الشعبية الباسلة، لا يسعنا إلا أن ننحني إجلالاً لتلك الأرواح الطاهرة التي بذلت الغالي والنفيس، ولتلك الإرادة الصلبة التي كسرت شوكة الغزاة.