- أكثر من 200 شهيداً في غزة بغارات جيش الاحتلال بعد إعلانه استئناف حرب الإبادة
الضربات الأمريكية الواسعة ضد الحوثيين.. ماذا يعني ذلك لليمن وإيران وغيرهما؟
تقارير | 17 مارس, 2025 - 9:26 م
يمن شباب نت - ترجمة خاصة

"سنستخدم قوةً مميتةً ساحقة"، هكذا وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة الغارات الجوية التي شنّها يوم السبت ضد الحوثيين في اليمن، رداً على تعطيل الميلشيات المدعومة من إيران حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتواصل عملياتها رغم الجولات السابقة من الغارات الجوية الأمريكية وحلفائها.
لكن، كيف تُنفّذ إدارة ترامب الثانية أكبر حملة عسكرية لها حتى الآن؟ ما هو تأثيرها على المنطقة؟ وما دلالة هذا على نهج ترامب تجاه إيران؟ وهل تغيرت إستراتيجية الولايات المتحدة ضد الحوثيين؟ تساؤلات يجيب عليها مركز أبحاث أمريكي في تحليل ترجمة "يمن شباب نت".
وقدّم خبراء المجلس الأطلسي «The Atlantic council» تحليلات متباينة حيث عدها البعض تغييرا مهما في استراتيجية التعامل مع الحوثيين في حين طالب آخرون بنهج تحالفي أكثر شمولاً معتبرين أن بضعة أيام من الضربات وحدها لن توقف هجمات الحوثيين.
ورأى البعض أهمية تكثيف الدبلوماسية مع روسيا والصين، فيما قدم آخر مقاربة أخرى للفرق بين الهجمات الحالية والسابقة التي قامت بها إدارة بايدن، وأن سياسة الردع الأمريكية ستستغرق وقتًا لتظهر فعاليتها.
تكثيف الدبلوماسية والموارد الأخرى
ورأى دانيال موتون، الباحث في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط، بأنه "بالانتقال إلى الجولة الأخيرة من الضربات ضد الحوثيين، فإن بيان ترامب، إذا نُفِّذ، يُعطينا مؤشرًا واضحًا على توجه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
واستبعد موتون أن يرتدع الحوثيون بالجولة الحالية من الغارات الجوية. ونظرًا لتلقي الحوثيين الدعم ليس فقط من إيران، بل أيضاً من شبكات توريد في الصين وروسيا، ستحتاج الولايات المتحدة إلى توظيف موارد أكبر.
وستشمل هذه الموارد الإضافية -وفق موتون الذي شغل منصب مدير الدفاع والسياسة العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي من عام ٢٠٢١ إلى عام ٢٠٢٣- "التواصل الدبلوماسي مع روسيا والصين، وموارد بحرية إضافية لمنع إعادة إمداد الحوثيين، وممارسة ضغط فعال على إيران".
وتشمل هذه الموارد الحاجة المحتملة لتعزيز دفاعات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين استهدفهما الحوثيون سابقًا، وستكون هذه الموارد كبيرة من حيث الأصول العسكرية والتنسيق الدولي. بحس الباحث موتون.
وعلى حد قوله، "ستتضح خلال الأيام والأسابيع المقبلة علامات جدية النوايا الأمريكية لبذل المزيد من الجهود. وهذا المستوى من الالتزام، أكثر من ضربات السبت، هو ما سيبعث برسالة جدية أمريكية تجاه إيران والمنطقة".
توقع انتقاما حوثيا ضد أهداف أمريكية
بدورها قالت إميلي ميليكين المديرة المساعدة للإعلام والاتصالات لمبادرة N7 في برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي بأن الضربات الأمريكية الأخيرة استهدفت معاقل الحوثيين المعروفة بتواجد قياداتهم وبنيتهم التحتية.
وأضافت "تتوافق هذه العمليات بشكل وثيق مع تصريحات سابقة لترامب وأعضاء إدارته بضرورة اتخاذ الولايات المتحدة موقفًا أكثر صرامةً ضد الجماعة المتمردة".
وفي حين أن الضربات التي تستهدف قواعد الحوثيين وقادتهم ودفاعاتهم الصاروخية قد تؤثر على قدرتهم على العمل على المدى القصير. -بحسب ميليكين- "إلا أن الحوثيين أثبتوا مرونتهم في الماضي، وظلوا قادرين على تشكيل تهديد إقليمي بعد الضربات المتتالية التي شنها التحالف بقيادة السعودية، ومؤخرًا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".
وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن تشن الجماعة ضربة انتقامية، ربما تستهدف مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس ترومان" في البحر الأحمر أو القواعد الأمريكية في المنطقة. وفق ماكلين.
لكن الباحثة الامريكية رأت أن هذا الانتقام هدفه استعراض "أمام اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرتهم، ولداعميهم في طهران، وللمجتمع الدولي الأوسع"، وأيضا إيصال رسالة "أنهم لم يرتدعوا بعد بالعمليات الأمريكية".
وقد يواصل المتمردون أيضًا العمليات البرية في مأرب، آخر معقل متبقٍ للحكومة اليمنية ومركز رئيسي لموارد النفط والغاز، أو يشنون هجمات على البنية التحتية السعودية الرئيسية، في محاولة لإجبار الحكومة في الرياض على اتخاذ موقف ضعيف قبل مفاوضات السلام المحتملة، بحسب الباحثة ميليكين.
تغيير مهم في استراتيجية التعامل مع الحوثيين
أما بالنسبة لداني سيترينوفيتش -وهو باحث في برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي وعضو في مجموعة عمل مشروع استراتيجية إيران في المجلس- رأى "أن الهجمات التي نفذتها القيادة المركزية الأميركية في اليمن، تمثل بداية حملة مستهدفة ضد الحوثيين، وتشكل تحولاً مهماً في السياسة الأميركية تجاه المنظمة الإرهابية اليمنية".
ومبادرة الجيش الأميركي بشن عمليات مستهدفة ضد قيادة الحوثيين ومواقع إنتاج الأسلحة في اليمن، -بحسب سيترينوفيتش- "تسلط الضوء على وجهة نظر الإدارة الأميركية بشأن ضرورة منع الحوثيين من تعطيل حرية الملاحة في البحر الأحمر، وإشارة مهمة لأصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة حول استعداد واشنطن لمواجهة الحوثيين بشكل جدي".
لكي تكون الحملة فعّالة -يوصي سيترينوفيتش- بأن تكون متواصلة، مع إلحاق الضرر بمواقع القيادة والسيطرة التابعة للحوثيين وقدرتهم على إنتاج وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة. كما يجب أن تُعيق الحملة قدرة إيران على دعم بناء قوة الحوثيين (عبر بحر العرب وعُمان)، بالاعتماد على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تُدركان الساحة اليمنية جيدًا.
وفي المستقبل، لا بد أن تؤدي هذه الحملة أيضاً إلى الإطاحة بنظام الحوثيين، وهي خطوة من شأنها أن تلحق ضرراً بالغاً بالوجود الإيراني في هذه المنطقة الاستراتيجية وقدرتها على تهديد المملكة العربية السعودية، وفق الباحث سيترينوفيتش.
ونظراً للتوترات المرتفعة القائمة، فإن هذه الهجمات، وخاصة إذا كانت الولايات المتحدة تشك في أن إيران تواصل مساعدة الحوثيين، من شأنها أيضاً أن تقرب طهران وواشنطن من المواجهة.
معاناة اليمنيين واستغلال الحوثيين للقصف
من جهة أخرى الباحث اليمني، أسامة الروحاني -وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط- وقال "بأن القصف الأمريكي على صنعاء ومناطق أخرى في اليمن يمثل تصعيدًا جديدًا في الحرب مع الحوثيين".
وقال: "بأن الفرق بين هذه الهجمات وتلك التي وقعت في الماضي هو أن الأخيرة كانت تهدف إلى استهداف قيادة الحوثيين بشكل مباشر" مضيفا "بينما تركز الهجمات أيضًا على المنشآت والمعدات العسكرية، مما يؤدي إلى استنزاف موارد الحوثيين، فقد أثبتت الجماعة باستمرار قدرتها على التكيف والتعافي".
ومع أن الهجمات نفسها قد لا تُسفر عن نتائج حتى الآن -بحسب الروحاني- إلا أنها تُوجّه رسالة ردع قوية من الولايات المتحدة إلى قيادة الحوثيين. وقال: "من المرجح أن يُبدي الحوثيون مقاومة، مما يعني أن سياسة الردع الأمريكية ستستغرق وقتًا لتظهر فعاليتها".
وإلى جانب تأثيرها المباشر على الحوثيين، تُؤثر هذه الغارات الجوية تأثيرًا بالغًا على المدنيين، إذ تُمثل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون أكثر من 60% من سكان اليمن. وفق الروحاني الذي رأى بأن هذا "يُثير الخوف ويزيد من استياء المواطنين الذين لا يدعمون الحوثيين تجاه الولايات المتحدة".
ومن المؤكد أن الدمار الواسع النطاق والإصابات المدنية ستُثير غضبًا عارمًا، وهو ما يُمكن للحوثيين استغلاله لحشد المزيد من الدعم. بحسب الروحاني الذي قال إنه "بدون نهج شامل يُعطّل تهريب الأسلحة وقطع الغيار من إيران، ويُعالج العوامل السياسية والاقتصادية التي تُمكّن الحوثيين، فإن القصف يُهدد بإطالة معاناة اليمنيين".
الغارات الأولى
ويقول الباحث، أليكس بليتساس -وهو زميل في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط، ورئيس مشروع مكافحة الإرهاب في المجلس الأطلسي، "بأن قدرة الحوثيين على الصمود تنبع من انتشار أسلحتهم عبر تضاريس اليمن الوعرة، مما يُعقّد جهود الاستهداف".
وأضاف "أن نقص المعلومات الاستخباراتية العملية أعاق ضربات التحالف، رغم جهود جمع المعلومات المكثفة التي امتدت لأشهر، وهذا عزز قدرة الجماعة على التكيف، بإخفاء أصولها والاستفادة من دعم إيران، وجعل قمعها أمرًا صعب المنال".
ويرجح "بليتساس" الرئيس السابق للأنشطة الحساسة للعمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب في مكتب وزير الدفاع "أن تكون الضربات الجوية الأميركية الواسعة النطاق التي شنت مؤخرا مدفوعة بأشهر من العمل الاستخباراتي المضني، وستكون الأولى من بين العديد من الضربات إذا نجحت في تحقيق هدف وقف الهجمات على الشحن الدولي والمصالح الأميركية".
الحاجة إلى نهج أكثر شمولاً
ويرى الباحث، أندرو بورين -وهو عضو في مشروع مكافحة الإرهاب التابع للمجلس الأطلسي- بأنه "يمكن أن يكون لمكافحة الإرهاب قوة توحيدية فعّالة، في ظل التحديات التي تواجه بعض التحالفات العسكرية في أماكن أخرى، قد يكون هذا أحد المجالات التي يمكن فيها للولايات المتحدة والقوى الأوروبية (...) والتحالف العربي بقيادة السعودية الاتفاق على الإجراءات اللازمة".
وأضاف "يتشارك كلٌّ منهم دوافعه في مكافحة الجماعة الإرهابية والبدء في تقليص دور إيران، الذي استمر لعقود، كالدولة الرائدة في رعاية الإرهاب في العالم".
ويعتقد "بورين" والذي كان مسؤول سابق في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أن يشير التاريخ يشير إلى أنه "بدون نهج تحالفي أشمل للتعامل مع العلاقة بين الحوثيين وإيران، لن تكفي الغارات الجوية وحدها لطرد الحوثيين من اليمن أو إعادة الاستقرار إلى أحد أهم طرق التجارة في العالم".
ويعد فهم تاريخ هذه التوترات أمرٌ أساسي لفهم الحاضر وما قد يأتي لاحقًا، بحسب بورين الذي قال "ان الدعم الإيراني محوريًا لعمليات الحوثيين، وبدون الأسلحة والتدريب والاستخبارات الإيرانية المباشرة، لما كان بمقدورها الصمود في ساحة المعركة واستهداف السفن التجارية بدقة".
أبدت إدارة ترامب الأولى استعدادها لمواجهة وكلاء إيران المباشرين، وحتى كبار القادة العسكريين الإيرانيين بقوة، وقد تكون هذه السابقة ذات صلة الآن، حيث ترد الولايات المتحدة مجددًا على هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر. بحسب الباحث بورين.
وعطّلت عمليات الحوثيين طريقًا بحريًا حيويًا لـ 15% من التجارة العالمية، مما أجبر الشركات الكبرى أحيانًا على التخلي عن هذا الممر المائي وتغيير مسارها حول أفريقيا، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف وتداعيات اقتصادية عالمية.
الضربات وحدها لن توقف هجمات الحوثيين
وأخيراً يشير الباحث، توماس واريك، -وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط- بالقول "بأن معظم الأمريكيين تعلموا ألا يعتبروا إدارة ترامب صبورة، لكن الحوثيين تلقوا درسًا قاسيًا هذا الأسبوع عن نفاد صبر ترامب".
ويضيف "حيث كان كل مراقب خارجي تقريبًا قد خلص منذ زمن طويل إلى أن الضربات المحدودة التي شنتها إدارة بايدن منذ أن بدأ الحوثيون مهاجمة الملاحة الدولية في البحر الأحمر لم تردعهم عن مواصلة الضربات عندما يناسبهم ذلك"
ورأى "واريك" -الذي كان نائب مساعد وزير سابق لسياسة مكافحة الإرهاب في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية- "أن إدارة ترامب قررت الآن تصعيد الهجمات لمعرفة ما إذا كان استعراضا أشد إيلامًا سيوقفها".
ويتمثل الخطر الأكبر على كل من الولايات المتحدة والحوثيين في أن أي قدر من الدمار، باستثناء استهداف قيادة الحوثيين وقدراتهم العسكرية، لن يحقق ما تصبو إليه إدارة ترامب، -وفق واريك- الذي يعتقد "أن بضعة أيام من الضربات على الأرجح لن تنهي هجمات الحوثيين، إلا إذا كانت إدارة ترامب مستعدة للذهاب إلى أبعد من ذلك".
أخبار ذات صلة
تقارير | 18 مارس, 2025
بسبب دعمها الحوثيين.. واشنطن تصعد ضد طهران باليوم الرابع من بدء غاراتها في اليمن
سياسة | 17 مارس, 2025
إيران تشكو لمجلس الأمن تصريحات ترامب بشأن مسؤوليتها عن هجمات الحوثيين
ترجمات | 17 مارس, 2025
موقع أميركي: "المزيونة" في عُمان تمثل نقطة انطلاق لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين باليمن
سياسة | 17 مارس, 2025
غارات جوية على الحديدة والبنتاغون تتوعد الحوثيين بالقوة "المميتة المفرطة"
سياسة | 17 مارس, 2025
القوات الأمريكية تعلن استمرار الضربات ضد الحوثيين وتستهدف الحديدة بـ 4 غارات