الأخبار
Image Description

سلمان المقرمي

ثلاثة مشاهد من سوريا

‫كتابنا‬| 16 ديسمبر, 2024 - 4:19 م

رياض الأسعد ضابط سوري انشق عن النظام بداية الثورة السورية في الربيع العربي، وأسس مع غيره ما عرف لاحقا بالجيش السوري الحر. عاد للظهور مرة أخرى وهو جريح. في ظهوره قال هذا الضابط المخضرم: عملت الفصائل السورية المسلحة منذ 2017 على بناء مؤسسات عسكرية قادرة على الانتصار وهو ما حقق انتصارها مؤخرا في ردع العدوان.. عملية الدمج، وإعادة الضباط المنشقين التي أعلنتها الحكومة الجديدة مؤشر على أنها تفكر بكل الناس وتفتح الأمل لكل المواطنين.. الفصائل الموجودة في عملية ردع العدوان أساس كاف لتأسيس جيش جديد.

في تصريحاته كلها، لم يذكر شيئا عن نفسه، ولا دوره ولا موقعه ولا طموحاته حتى، بل تعامل مع الواقع الجديد كما يتعامل الأب مع أبنائه وأكثر.

في المشهد الثاني: قال أحمد الشرع القائد العام لعملية ردع العدوان إنه سيحل هيئة تنظيم الشام والفصائل التي انتصرت في الثورة السورية وسيعمل على حصر السلاح بيد الدولة وحدها وتأسيس جيش جديد قوي للدفاع عن سوريا. هيئة تحرير الشام هي الهيئة التي أسسها أحمد الشرع واستطاع من خلالها وبالتعاون مع الفصائل إدارة إدلب وتأسيس جيش صغير من الثوار حرروا به سوريا وأسقطوا به تحالف النظام وإيران وروسيا ومليشيات إيران كلها بما فيها حزب الله.

في المشهد الثالث: ظهرت هيئة التفاوض السورية عبر بيانات جديدة من القبور بعد سنوات من تلاشيها، تقدم مقترحات لمجلس الأمن، يعمل على أن تكون هيئة التفاوض طرفا منافسا للثوار تقاسمه السلطة برعاية أممية، وتستدعي الأمم المتحدة لرعاية كل شيء وتسليم كل ما يخص المرحلة الجديدة إلى المبعوث الأممي ليدير المرحلة الانتقالية.

في المشاهد الثلاثة مفارقات واضحة: يمثل رياض الأسعد التيار الذي عاصر واقع الثورة السورية المسلحة ابتداء من تأسيس الجيش الحر، وحتى توسعه في السنوات الأولى وحتى هزيمته بعد التدخل الروسي، وعي الأسعد وأخلاقه ورؤيته قدم الاعتراف الكامل كليا بالفضل بالانتصار للجيل التالي من الثوار أي عملية ردع العدوان وحكومة الإنقاذ. الأسعد أشاد بما تقوم به حكومة الإنقاذ من جهود، ودعا للوقوف معها وبجانبها.

أما الشرع الذي شهد تغيرا كاملا خلال عقد ونصف لكل شيء في الثورة السورية على المستوى الشخصي والتنظيمي والفكري والمؤسسي فقد أثبت نجاحا منقطعا النظير حتى الآن، اعترف بالهزيمة في وقت سابق، درس أسباب الهزيمة وخاض معركة شخصية جادة وصادقة ودؤوبة مع نفسه حتى تحقق له الانتصار. وفي أوج نصره لا يحاول الحفاظ مطلقا على أسباب الانتصار الشخصي مقابل سيطرته على دولة هشة، بل يتنازل طوعا دون ضغط لبناء الدولة.

تقف هيئة التفاوض السورية وائتلافها الذين كانوا في المنافي بنمط تفكير الأسد؛ نحن أو نحرق البلد، غير أنهم لا يملكون القدرة على الإحراق ولكن على الإعاقة، ويطلبون دورا أمميا لم ينفعهم طيلة عقد ونصف، على طريقة المستبدين بمناصبهم حتى الموت، وأكثر من ذلك يقدمون تضحيات الثوار وإنجازاتهم مقابل مناصب في حكومة انتقالية يريدون المشاركة فيها بالقوة وليس عبر التفاوض. الأحرى بهيئة التفاوض أن تحل نفسها، وأن تسخر علاقاتها وخبراتها مع الحكومة الجديدة للمساعدة في تجاوز المرحلة المقبلة الأشد صعوبة، للانتقال نحو نموذج يعتمد على الانتخابات لا على الاستبداد ولا على الدعم الخارجي ولا على مزاج الأمم المتحدة.

وبين هذه المشاهد الثلاثة في سوريا، أزعم تماما أن النموذج الأول والثاني موجود في اليمن، يعول عليه في التحرير، والانتصار على الحوثيين، لكن الثالث منهم يقف على رأس سلطة في اليمن يشكل عائقا حقيقيا أمام جهود التحرير ويهدر الفرص ويغرق في الصراعات الشخصية. ولذا تتضاعف مسؤولية الأحرار اليمنيين في مواجهة الحوثي وهزيمته، وتجاوز مرحلة التوافقات المدمرة على مستوى مجلس القيادة والحكومة اليمنية.

| كلمات مفتاحية: الثورة|سوريا|الانتصار

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024