لعبة شعبية ذات طابع عسكري حماسي.. تعّرف على "رقصة الشبواني" في حضرموت (تقرير خاص)

  عسكرية رجولية، ذات كرٍ وفر، يلبسون زياً واحداً، ويُصدرون أصواتاً موحدة في آن واحد، وتُعرف بالشدة في أدائها...، تلك هي باختصار، ما يُعرف هنا بحضرموت بـ"رقصة الشبواني".
 
تُعد "رقصة الشبواني"، من أشهر وأجمل الرقصات التراثية في حضرموت- شرقي اليمن؛ ذات طابع متميز ومثير، محبب لدى الجميع، يعشقها الصغير قبل الكبير، وتؤدى غالباً في المناسبات الاجتماعية في غالبية مديريات وادي وصحراء حضرموت، بالإضافة إلى ساحلها، مع اختلاف في بعض الأداء.
 



رقصة قتالية عسكرية

يتفق الجميع هنا أن أجمل ما تمتاز به هذه الرقصة الشعبية، هو شكلها الرائع، وأدائها الذي يتسم بروح قتالية، في إطار حركات متناسقة ومنظمة، تثير الحماسة وتجذب إنتباه الجميع من بدايتها وحتى النهاية.
 
"رقصة الشبواني، هي لون من ألوان التراث الحضرمي الأصيل القديم، التي لا يزال الناس محافظين عليها، وما زالت تعتبر حاليا من أهم وأشهر الرقصات في محافظة حضرموت". طبقا لوصف مدير إدارة الفنون بمكتب وزارة الثقافة بالوادي، والقائم بأعمال مدير مكتب الثقافة ورئيس لجنة الألعاب الشعبية بمدينة شبام، محمد قحطان.
 
 ومن حيث أدائها الفني، يضيف قحطان لـ"يمن شباب نت": "هي رقصة شبيهه بالأداء العسكري، لكونها تعتمد على الشدّه في ممارستها وفي طريقتها، من حيث الكر والفر".
 
وتمارس رقصة أو لعبة "الشبواني" في محافظة حضرموت عموما؛ واديها وساحلها، إلا أنها بحسب قحطان "تختلف قليلا في التسمية وطريقة أدائها في الساحل عن الوادي".
 
ويضيف موضحا: "فمثلا، في ساحل حضرموت يُطلق على اسم الرقصة بـ"الشوّاني"- أي بدون نطق حرف الباء- وهذا الاسم أيضاً يُطلق على (مدارة الشعر)، حيث تكون هناك مساجلة شعرية بين أكثر من شاعر، واسم (العدّة) على اللعبة نفسها".
 
 ويتابع: بينما في وادي حضرموت، يُطلق على ممارسة اللعبة بـ"الشبواني"- بنطق حرف الباء، واسم (العدّة) يكون على الفرقة التي يتكون منها الأعضاء واللجنة واللعيبة، وعلى الشعر في (مدارة الشعر أو السمر)" .
 
وأما من حيث الأداء الفني، يقول: "مع أن زمن الايقاع وطريقته واحده، إلا أن الاختلاف هنا يكون في سرعة وبطئ الايقاع أحيانا".
 



كيف تؤدى رقصة الشبواني؟

ويقدم قحطان شرحا مفصلا لـ"يمن شباب نت" حول كيفية أداء هذه الرقصة أو اللعبة، التي تبدأ بالتحضير على الطاسة، وهي أحد الايقاعات التي تستخدم في هذه اللعبة. حيث تقوم هذه الأداة بتجميع الهواه والممارسين لها.
 
وبعد التجمّع يقوم اللعيبة بالوكّة مرددين (والا كب والا كب)، ويقف الجميع في صفين متقابلين ويسمى بـ (الشنف)، حينها يدخل الشاعر ويُلقنهم بيتين من الشعر الخفيف، بيت يقسمه على الصفوف حتى يتم حفظها قولاً ولحناً، وترتيبها على الايقاع، مشيراً بأن هذه البداية تسمى بـ"الرجز"، لكون لحنها يتركب على ايقاع "الشبواني" الخفيف، ولأن "الشبواني"، يمر بمرحلة تسخين وتهيأة.
 
بعد مرحلة البداية، يتحول "الشنف" إلى صفوف، واحداً تلو الآخر، والصف الأول يواجه الصف الثاني الذي يليه، وتليه بقية الصفوف، ويتكون الصف عادةً من سته إلى عشرة لاعبين (أو هواة) أو أكثر، على حسب عدد الحاضرين الممارسين للعبه.
 
وبحسب قحطان، فإن اللعبة وطريقتها تعتمد علي الصف الأول، فالكل ينظر إليه، حيث يتوسطه قائد (شبيهاً بالجيش)، يسمى "قائد الطلعة"، وهو الرجل أو اللاعب الذي يعطي اشاره، ويطلق صوت معها، ليُعلم الجميع ببداية اللعب، ويتواجه الصف الأول والثاني الذين يحملون البواكير "العصي"، وتبدأ لعبة الكر والفر، والقفز وتلامس البواكير مع بعضها، بعدها يعود كل صف إلى مكانه الطبيعي.


 
ثم يقوم "قائد الطلعة"، "بالتلويح بإشارة أخرى، وهو دليل على أنه يأمر فيها الصفوف بالتجهز، واعطاء حركة أخرى، ومن ثم يرفع الكل البواكير (العصي)، إلى الأعلى، بحيث أن جميع الصفوف تعمل معاً في وقت واحد في إشارة إلى تنفيذ الأوامر من القائد، الذي يصدر أمره الثاني لتنحني جميع العصي إلى الأسفل، وفي الأمر الثالث تتضارب (تشتبك) جميع العصي مع بعضها. بعدها يعطي الأمر بالحركة، أو يدخل الشاعر ويعطي أبيات أخرى، وهذه المرحلة تسمى بـ"الكسره"، وهو إعلان بمثابة تحرك "العدّة" إلى الأمام، أو دخول شاعر أو نهاية اللعبة.
 
ويواصل قحطان حديثه وسرده لأحداث الرقصة لـ"يمن شباب نت"، مضيفا: وعندما تصل "العدّة"- أو "الحافة"- (يُطلق هذا الاسم على اسم الفرقة بأكملها)، إلى مكان معين، متفق عليه مسبقاَ، تتوقف العدّة وتقوم بعمل طلعه واحده، بعدها تأتي الكسرة، ليدخل شاعر العدّة "أو موصل الألحان لتلقينهم اللحن الأساسي والرزين والذي يكون له تخميس"، مضيفاً: "غالباَ ما تكون هذه الألحان والتخميسة التي ترافقها، هادفه وتعالج وتنتقد أوضاع اجتماعيه أو سياسية" .
 
وتتميز رقصة "الشبواني"، بكثير من الحركات التي يقوم بفعلها الهواة أو اللاعبون. ويتحدث قحطان عن ابتكارات أدخلت على الرقصة القديمة، أهمها ما يسمى بـ"الطلعة"، والتي يعود ابتكارها في مدينة شبام التاريخية بوادي وصحراء حضرموت، قبل حوالي  "60 أو 70" عام، على يد الوالد المرحوم "علي عوض باحجر"، والوالد المرحوم أيضاً "سالم فرج بن عطيّان".


 

معاني وأهداف سامية

ويؤمن الكثير من رواد هذا الفن الشعبي أن رقصة الشبواني تتجاوز كونها مجرد لعبة وتسلية جماعية ترفيهية، إلى أنها تحمل بعض المعاني والأهداف السامية إجتماعيا.  
 
ويقول علي محمّد بن مسلّم، مقدّم عدة حافة مسيلة آل شيخ للألعاب الشعبية "الشبواني" بتريم لـ"يمن شباب نت"، "إن رقصة الشبواني تُعد من الألعاب الجميلة التي يفتخر بها أبناء حضرموت، لأنها خلقت انسجام كبير بين المجتمع الحضرمي، ولها هدف سامي وهي إشاعة الألفة والمحبّة والوّد والتكاتف الاجتماعي بين أبناء المحافظة عامه، وذلك من خلال العلاقات الوديّة المتبادلة بين الحويف، منها: الزيارات والمشاركات في الأفراح والمناسبات بشكل عام".
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر