أكثر من سبعة ألاف حالة تزداد حالتين يوميا..

مرضى السرطان بتعز.. معاناة مضاعفة على حافة الموت (تقرير خاص)

[ مرضى السرطان في "مركز الأمل" لمعالجة الأورام السرطانية بمحافظة تعز/ خاص "يمن شباب نت" ]

 تتدهور صحة الطفلة إيمان إبراهيم، ذات الـ12 ربيعا، يوما بعد آخر لصعوبة حصولها على أدويتها اللازمة، مع تدني الخدمات الصحية، جرّاء استمرار الحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي منذ أكثر من ثلاثة أعوام على مدينة تعز اليمنية، جنوبي اليمن.
 
 من حين إلى آخر، تتردد "إيمان"، المصابة بسرطان "الغدد اللمفاوية"، على "مركز الأمل" لعلاج الأورام بمدينة تعز، بغية الحصول على جرعة كيماوية تخفف من آلامها الكبيرة لما تبقى من حياتها القصيرة.
 
ليست "إيمان" سوى واحدة من بين 681 طفل مصاب بمرض السرطان بتعز، بينهم 162 طفل مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية، وفقا لأحدث احصائية حصل عليها "يمن شباب نت" من مركز الأمل لعلاج الأورام.
 


وتقول منظمة الصحة العالمية بوجود "حوالي 35 ألفا، يعانون مرض السرطان في اليمن، بينهم أكثر من ألف طفل". وفقا لتقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني مطلع فبراير الجاري بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطان، والذي خلصت فيه إلى وصف مرض السرطان على أنه "أصبح بمثابة عقوبة إعدام في اليمن".
 
وكشف مدير عام مركز الأمل لعلاج الأورام، مختار أحمد سعيد، لـ"يمن شباب نت"، أن المصابين بمرض السرطان الذين أحصاهم المركز في تعز، يتجاوز عددهم سبعة ألاف مصاب.
 
ويفتقر مركز الأمل، وهو المركز الوحيد بمدينة تعز لعلاج الأورام السرطانية، إلى كمية الأدوية والمحاليل اللازمة لكل هذا العدد، في ظل شحتها وصعوبة الحصول عليها ونقص الإمكانيات. الأمر الذي يجعل المرضى يواجهون شبح الموت في كل لحظة.
 

شحة أدوية وتدهور اقتصادي
 
تتعاظم مأساة الطفلة "إيمان"، وكثير من أمثالها، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد، جراء انهيار العملة المحلية، مع استمرار الحرب والحصار المفروض على المدينة، الأمر الذي ضاعف أكثر من معاناة أسرتها الفقيرة أصلا.
 
"الخامس من ديسمبر 2017م"، يتذكر إبراهيم، والد "إيمان"، هذا التاريخ جيدا، الذي شكل له أول وأكبر صدمة في حياته. فحين لا حظ الأب تغيرا كبيرا في عنق طفلته، قرر عرضها على الطبيب، الذي طلب إجراء الفحوصات اللازمة لها.
 
وفي ذلك اليوم الموعود، يقول الأب لـ"يمن شباب نت": "فُجعت بنتيجة الفحوصات المخبرية التي أكدت أن أيمان مصابة بسرطان في غدد العنق الليمفاوية". ومن حينها، دخل الأب المسكين في رحلة بحث طويلة عن العلاج الكيماوي لطفلته، فكان "مركز الأمل" الملاذ الوحيد الذي لجأ إليه في رحلاته المكوكية من حين إلى آخر على مدى العام الماضي، وحتى الأن.
 
وفي الأشهر الأخيرة "بدأت صحة إيمان بالتدهور أكثر، نتيجة شحة توفر الأدوية المقررة لها". بحسب الأب، الذي تحدث عن الحرب الدائرة كأحد الأسباب التي أدت إلى انعدام العلاجات النوعية بشكل خاص، كما عملت في الوقت ذاته على تدهور حالته المادية، بعد أن توقف صرف رواتب الموظفين، ما دفعه إلى العمل على شاحنة صغيرة لنقل الركاب (باص صغير) لتغطية احتياجات أسرته، بما في ذلك مواصلة علاج طفلته بالشكل المطلوب.
 


ولا تقتصر معاناة مرضى السرطان في تعز عن عجزهم في دفع تكاليف الأدوية، أو تغطية نفقات السفر لأجل تلقي العلاج، والتي هي مكلفة بالنسبة لكثير من الأسر التي تقطن الريف التعزي المتباعد الأطراف والمتقطع الطرقات نتيجة الحرب، بل أيضاً تزداد خطورة ذلك مع عدم توفر أصناف كثيرة من الأدوية الأساسية لعلاج مرضى السرطان.
 
وتشير الأرقام التي حصل عليها "يمن شباب نت" من مركز الأمل، إلى أن نحو ألف شخص من مصابي السرطان توفوا خلال سنوات الحرب الأربع، بينهم 644 شخصا توفوا خلال العام 2015 فقط. وهو العام الأول من الحرب، حيث كانت ميليشيات الحوثي تفرض حصارا مطبقا على مدينة تعز من كافة منافذها الرئيسية.
 

مؤشر كارثي
 
وتحدث مدير عام مركز الأمل لعلاج الأورام في تعز، الأستاذ مختار أحمد سعيد، لـ"يمن شباب نت" عن حجم المأساة والمعاناة التي يواجهها مرضى السرطان، ومركز الأمل الذي يديره.
 
وكشف سعيد أن إجمالي عدد المصابين بالسرطان في المحافظة "يتجاوز سبعة آلاف شخص"، مضيفا "ويستقبل المركز 120 حالة يومياً، فضلاً عن التشخيصات اليومية الجديدة التي تصل إلى حالتين"، أي بمعدل شهري يصل إلى ستين حالة. الأمر الذي أعتبره "مؤشرا كارثيا، في ظل الظروف الراهنة" التي تمر بها البلاد، ومحافظة تعز بشكل خاص.
 
وتفيد أحدث إحصائية للمركز أن إجمالي الحالات الجديدة، التي تم استقبالها خلال شهر يناير الفائت من العام الجاري، فقط، وصلت إلى 113 حالة، فيما ترددت على المركز، بشكل عام، 3075 حالة.
 
ولفت سعيد إلى أن مرضى السرطان في المحافظة "معرضون لمخاطر كثيرة، ويحتاجون إلى لفتة إنسانية إلى معاناتهم والتعامل الجاد مع احتياجاتهم العاجلة، والعمل على توفيرها بما يحد من المأساة ويخفف المعاناة".
 

دعوة للدعم والمساندة

 ويعتبر مركز الأمل هو المركز الوحيد لعلاج الأورام في المحافظة، ويتبع المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، ويشكل الملاذ الوحيد لأكثر من سبعة آلاف مصاب من المحافظة والمحافظات المجاورة لها.
 
وكان المركز، مع اندلاع الحرب في تعز 2015، تعرض لأضرار بالغة نظرا لوقوعه في منطقة مواجهات حينها. الأمر الذي أضطره للانتقال إلى مبنى مؤقت مزدحم يقدم خدمات محدودة بسبب الظروف الراهنة.
 
وعليه، دعا سعيد الحكومة الشرعية، إلى ترميم المقر الرئيسي للمركز، ودعمه بالأجهزة والمعدات التشخيصية والعلاجية، في الوقت الذي دعا فيه أيضا المنظمات الدولية الإنسانية ورجال الخير، إلى مساندة المركز ودعمه، بما يمكنه من معاودة أعماله الإنسانية وضمان تقديم الخدمات للمرضى بفاعلية ملموسة.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر