واشنطن بوست: لماذا يعد جنوب اليمن هاما بالنسبة للمفاوضات اليمنية المتوقفة؟ (ترجمة خاصة)

نشرت صحيفة "الواشنطن بوست" تحليلا عما يجري في المحافظات الجنوبية من اضطراب سياسي بين الحكومة الشرعية والانفصاليين الذين يقودهم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وعن جدوى المفاوضات السياسية مع الانفصاليين.
 
وقال سوسان ديلغرين كاتبة التحليل الذي ترجمه "يمن شباب نت" في حال انفصل الجنوب سيواجه التحالف السعودي -الإماراتي أزمة سياسية كبيرة من شانها تقوية طرف الحوثيين وتقويض السلطة الحاكمة في المناطق الخاضعة لسيطرته (التحالف) كما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الملحة بالفعل ونشر المشاكل في مناطق نجت حتى الآن من حصول الأسوأ.
 
وأضافت ديلغرين وهي استاذة بارزة لدى جامعة تامبي "كلا من الرئيس هادي والحوثيون يرفض مشاركة الجنوب في محادثات السلام حيث تشير المعلومات التي تم تسريبها من دوائر الأمم المتحدة إلى حدوث تقدم مع الحوثيين وداعميهم الإيرانيين، بينما يقف جانب هادي في طريق تحقيق انفراجه ما".
 
وأشار التحليل "إن الدعوة إلى مقاومة الفساد في قيادة البلاد تلقى تأييدا واسعا في اليمن. لكن ما نراه في الجنوب هو بناء لدولة في ظل الحرب حيث إن إنشاء إدارة قادرة على توفير احتياجات الضعفاء هو إعادة الإعمار في أفضل حالاته".
 
"يمن شباب نت" ينشر ترجمة نص التقرير
 
يأتي انهيار أحدث جولة من محادثات السلام التي رعتها الأمم المتحدة حول اليمن، والتي فشلت في حضورها الحركة الحوثية المسيطرة على جزء كبير من شمال البلاد، في وقت تتصاعد فيه المصاعب وحالة عدم الاستقرار السياسي، وبينما يتركز معظم الاهتمام الدولي على حصار التحالف بقيادة السعودية لميناء الحديدة اليمني الهام، فإن التطورات الهامة في الجنوب تستدعي ايلائها المزيد من الاهتمام.
 
فقد شهد هذا الشهر دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو سلطة الأمر الواقع الفعلية في الجنوب إلى انتفاضة ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من المملكة العربية السعودية، وألقى باللوم على حكومته بشأن المجاعة الحاصلة في جميع أنحاء البلاد كما اجتاحت الاحتجاجات ضد تردي الأوضاع الاقتصادية الجزء الجنوبي من اليمن حيث طالب السكان باستقالة رئيس الوزراء الذي اتهموه بالفساد على مستوى عال وباختلاس أموال الدولة.
 
 وفي مطلع الأسبوع الماضي وافق هادي على هذا المطلب وأقال رئيس الوزراء، داعيا الى إجراء تحقيق في دوره في المشاكل الاقتصادية للبلاد في حين احتفظ باقي أعضاء الحكومة الـ 36. بمناصبهم.
 
فكيف يا ترى ستكون اهمية هذا الاضطراب السياسي بالنسبة لحرب اليمن والكارثة الإنسانية؟

 في حال انفصل الجنوب سيواجه التحالف السعودي -الإماراتي أزمة سياسية كبيرة من شانها تقوية طرف الحوثيين وتقويض السلطة الحاكمة في المناطق الخاضعة لسيطرته (التحالف) كما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الملحة بالفعل ونشر المشاكل في مناطق نجت حتى الآن من حصول الأسوأ.

لماذا يحتج جنوب اليمن؟

نشبت موجة من المظاهرات في الجنوب في أوائل سبتمبر بعد تراجع الريال اليمني فجأة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة بالفعل حيث اتهم المتظاهرون الغاضبون "الحكومة الفاسدة" التي شكلها رئيس الوزراء السابق بأنها تدفع الناس نحو المجاعة.
 
وقد تدهور الوضع الذي لا يطاق منذ بداية الحرب، بشكل حاد في عام 2016 بعد أن تعذر على الحكومة دفع رواتب القطاع العام مما ترك معظم اليمنيين الجنوبيين عاجزين عن شراء الطعام أو غيره من الضروريات.
 
في عدن، عاصمة الجنوب السابقة دشن المتظاهرون ما سمي بـ "أيام العصيان المدني"، وأوقفوا حركة المرور واغلقوا المدارس والمتاجر والمكاتب الحكومية حيث سرعان ما انتشرت تلك المظاهرات لتمتد إلى مناطق أخرى في الجنوب، مما دفع محافظ أحد المحافظات الغنية بالنفط إلى التهديد بوقف شحنات النفط إذا رفضت الحكومة الاستجابة لمطالب المتظاهرين في حين استمرت قيمة العملة بالتهاوي وبدأت التقارير عن انتشار المجاعة.
 
بروز حركة استقلال جنوب اليمن

تشكل المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره السلطة المنافسة في الجنوب وحمل الحكومة مسؤولية انهيار الاقتصاد اليمني اذ انه ومنذ اندلاع الحرب في عام 2015 فقد وقف الجنوب بأكمله إلى جانب هادي، على الرغم من إخفاق حكومته المستمر في ضمان وصول المساعدات الدولية إلى الناس.

وهنالك تاريخ طويل بخصوص دفع الجنوبيين من أجل الاستقلال حيث بعد توحيد الشمال والجنوب في عام 1990، سرعان ما أصبح الجنوبيون محبطين من التوزيع اللاحق لموارد الجنوب وأراضيه إلى أجزاء أخرى من البلاد.
 
وفي عام 2007 شكل ضباط جنوبيون مفصولون ما عرف بالحراك الجنوبي الذي حظي بتأييد واسع حيث على الرغم من ضعفه التنظيمي وافتقاره إلى القيادة الرسمية فقد أثبت الحراك الجنوبي نجاحه في استنهاض الجنوبيين لدعم مطالبه بالاستقلال.
 
 ويريد المجلس الانتقالي الجنوبي عبر تمثيل إقليمي ومجلس وطني يوحد الجنوب، إعادة تأسيس الدولة قبل عام 1990 وتنظيم لائحة تبقي على الجنرالات وشيوخ القبائل ورجال الدين خارج السياسة. كما يريد إعادة النساء إلى ممارسة الأدوار العامة.
 
وفي الشهر الحالي، تمكن المجلس الانتقالي من تشكيل تحالف جنوبي مشترك يدعم التحرك نحو التمرد ضد حكم هادي، وسط المطالبة بإزالة "المسؤولين الفاسدين" للحكومة ووضع أشخاص موثوقين محليين في مكانهم.
 
ومع إعلان اقالة رئيس الوزراء، تراجعت قيادة الانتقالي عن مطلبها بتغيير إدارة ممثلي هادي حيث جاء ذلك بعد مناشدة من الإمارات العربية المتحدة بعدم اتخاذ خطوات جذرية ضد النظام المعترف به دوليا. ويتنافس المجلس الانتقالي الجنوبي مع الحراك على دعم الجنوبيين حيث يشكك الحراك في علاقة المجاس الانتقالي الوثيقة بالإمارات العربية المتحدة.
 
وتمثل الاحتجاجات الحالية امتدادا للتطورات منذ يناير عندما اندلع قتال بين قوات تحت قيادة رئيس الوزراء والقوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي عقب الانقطاع المستشري للتيار الكهربائي الذي هدد بإغلاق المستشفيات حيث يظل المطلب السابق على حاله حاليا ويتمثل في ضرورة استبدال الحكومة بأخرى متخصصة خالية من الفساد.
 
متى نتوقع السلام في اليمن؟

كلا من الرئيس هادي والحوثيون يرفض مشاركة الجنوب في محادثات السلام حيث تشير المعلومات التي تم تسريبها من دوائر الأمم المتحدة إلى حدوث تقدم مع الحوثيين وداعميهم الإيرانيين، بينما يقف جانب هادي في طريق تحقيق انفراجه ما.

وقد احرزت المملكة العربية السعودية تقدما في خطتها التي طال انتظارها والمتعلقة بالحصول على الممر البري باتجاه المحيط الهندي لعبور صادرات النفط وذلك عن طريق بناء خط أنابيب نفط في منطقة المهرة شرق اليمن حيث شكل بناء خط الأنابيب أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انضمامها للحرب في عام 2015، والتقدم في ذلك قد يعني أن القيادة السعودية مستعدة للانسحاب من الحرب. ومع بقاء البلد في حالة الخراب والدمار، تظل مسألة كيفية حل النزاع اليمني قائمة.
 
إن الدعوة إلى مقاومة الفساد في قيادة البلاد تلقى تأييدا واسعا في اليمن. لكن ما نراه في الجنوب هو بناء لدولة في ظل الحرب حيث إن إنشاء إدارة قادرة على توفير احتياجات الضعفاء هو إعادة الإعمار في أفضل حالاته.
 
ويشعر المجتمع الدولي انه بمنأى عن المجلس الانتقالي ودعوته إلى حكم عادل. والسؤال يدور حول ماذا لو أن الانتفاضة الجنوبية تصب في مصلحة البلد الذي مزقته الحرب؟ حيث من شأن هذا النهج أن يجذب الحركة الحوثية، من بين آخرين كثر، وأن يسمح لها بالتماس الاعتراف الدولي بدلاً من الاعتماد على إيران، والتفكير في السعي إلى الحكم بدون عنف مباشر، وقد يكون مفتاح التقدم في محادثات السلام المتوقفة في الأمم المتحدة هو الاتجاه الذي يفشل فيه المجتمع الدولي في النظر اليه.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر