- جماعة الحوثي تقول إنها استهدفت سفينتين أمريكيتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي أخصائي نفسي بتعز: حرب الحوثي من أبرز أسباب انهيار الحالة النفسية لليمنيين مليشيات الحوثي تستهدف مناطق سكنية في محافظتي "الضالع ولحج" ولا ضحايا رابطة حقوقية تسلط الضوء على الانتهاكات النفسيّة التي يتعرض لها المختطفين في سجون الحوثي شرطة "تعز" تدشّن إصدار البطاقة الشخصية الإلكترونية لمنتسبي مؤسستها الأمنيّة الخدمة المدنية تعلن الإثنين القادم إجازة رسمية بمناسبة العيد الـ61 لثورة 14 أكتوبر المجيدة ترامب أو هاريس.. ما الاستراتيجية المحتملة التي ستتخذها الإدارة الأميركية المقبلة تجاه مليشيات الحوثي في اليمن؟ (تحليل)
مهزلة "الإعاشة" في حكومة الشرعية
كتابنا| 11 أغسطس, 2024 - 9:12 م
الأوضاع الإنسانية في اليمن تتدهور بشكل مروع، حيث يعاني الملايين من نقص حاد في الغذاء وعدم القدرة على تأمين وجبة واحدة في اليوم. بالإضافة إلى افتقارهم لأبسط مقومات الحياة الأساسية مثل: الصحة والتعليم والمأوى.
يأتي هذا في وقت يعيش فيه المسؤولين في الحكومة الشرعية حياة مترفة ومرفهة في الخارج، بعيدًا عن معاناة الشعب..! يستمتعون برفاهية الحياة في دول العالم المختلفة، غير مبالين بمعاناة أبناء بلدهم، في مشهد يعكس غياب الضمير الإنساني والمسؤولية الأخلاقية.
وتصرف لهؤلاء بشكل شهري ما يسمى بالـ "إعاشة". تلك الكلمة التي تجسد قمة الاستهتار بمعاناة شعب بأكمله، تصرف بالدولار لآلاف المسؤولين العاطلين عن العمل والمتسكعين في أرجاء العالم، وتعد إهداراً صارخاً للموارد الوطنية، وتصرفاً غير مسؤول يتناقض مع أبسط مبادئ العدالة والنزاهة. واستمرار هذه الممارسة يمثل جريمة في حق الشعب اليمني الذي يرزح تحت وطأة الحرب والفقر.
لا توجد دولة في العالم تصرف مرتباتها بالدولار تحت مسمى "إعاشة". فهذا يمثل قمة الفساد والخرق الفاضح للدستور والقوانين والأنظمة. كما أن صرف هذه المبالغ الضخمة لأشخاص لا يقدمون أي فائدة فعلية للوطن يعكس فسادًا مستشريًا يستدعي وضع حد له فورًا. جميع هؤلاء المسؤولين لا يوجد لهم أي مخرجات عمل، والشاطر منهم مغرد في تويتر، أو ناشط في فيسبوك، أو محلل في بعض القنوات، والتحليل منهم براء.
لقد مضت أكثر من تسع سنوات ونحن في حرب ضروس مع جماعة الحوثي، وهي فترة تتطلب من الدولة ترشيد نفقاتها، ووجود جميع كوادرها السياسية والعسكرية والمدنية في أرض الوطن، كلٌ في موقعه، من أجل المشاركة في الحرب والنصر والعمل على تأسيس الجمهورية الجديدة التي تكاد تضيع بسبب حماقتنا.
بدلاً من ذلك، نجد أن هؤلاء المسؤولين يقيمون في الخارج ويتقاضون إعاشة شهرية تقدر بين 3,000 و20,000 دولار، لعدد يزيد عن 2,000 مسؤول، بينما تتحمل الموازنة العامة للدولة تقريبا 12 مليون دولار شهريا، و144 مليون دولار في العام الواحد. وبعد توقف صادرات النفط بسبب هجمات الحوثي انخفضت، بحسب مصدر في البنك المركزي، الى 5 مليون دولار- اي ما يقدر بـ 60 مليون دولار سنويا.
هذا الإنفاق له تأثيرات سلبية جمة على الاقتصاد الوطني، منها: تدهور سعر صرف الريال اليمني، وارتفاع معدلات التضخم، وزيادة عجز الموازنة، إضافة إلى تأثيرات اجتماعية سلبية كاتساع الفجوة بين الطبقات وزيادة الظلم الاجتماعي.
الواجب الوطني والأخلاقي يحتّم علينا التصدي لهذه الظاهرة المشينة التي تستنزف موارد الدولة وتضعف قدرتها على تحقيق التنمية والازدهار. إلغاء هذه الإعاشة هو خطوة ضرورية لاستعادة ثقة الشعب في مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوجيه الموارد نحو مشاريع تساهم في رفعة الوطن وتقدم مواطنيه.
وحتى لا يُقال إننا نحسد هؤلاء المسؤولين، يمكننا أن نقترح مقترحاً بسيطاً، وأعتقد انه سيرفض من قبلهم، والمقترح هو صرف هذه المبالغ لهم كما هي بالدولار، بشرطين أساسيين: أولاً؛ أن يعودوا إلى اليمن ويعملوا في وزاراتهم ومؤسساتهم، حيث تصرف لهم المبالغ بما يعادلها بالريال اليمني وفقاً لسعر الصرف اليومي. ثانياً؛ أن يتم تقييم أدائهم وإنتاجيتهم شهرياً، مع خصم جزء من الراتب لكل من يثبت تقصيره. إن هذا المقترح، وإن كان سهلاً على أي فرد من الشعب المكافحين المتواجدين في الميدان، يبدو صعباً على هؤلاء العالة على المجتمع.
ورغم أن هذا المقترح لا يحقق العدالة الاجتماعية المثلى والتوزيع العادل للدخل والثروة، إلا أنه مقبول بالنظر إلى الوضع الحالي، وبالنظر إلى الفوائد الاقتصادية التي ستعود على اليمن في حال ما تم تطبيقه. من أهم هذه الفوائد: توفير العملة الصعبة، لأن المبالغ ستصرف بالريال اليمني وإن كانت أرقامها فلكية. إضافة إلى أن نفقات هؤلاء في اليمن ستعتبر دخولاً لقطاعات الدولة المختلفة، مما يعني تنشيط الدورة الاقتصادية وما لها من فوائد عديدة. ستسهم هذه الخطوة في تحسين القدرة الشرائية للمواطن اليمني وتعزيز استقرار الاقتصاد الوطني.
إلى جانب ذلك، يمكن استخدام الموارد المالية التي كانت تُهدر في دفع هذه الإعاشة غير المستحقة في تحسين البنية التحتية للبلاد، وتطوير النظام التعليمي، وتحسين الخدمات الصحية، ومكافحة البطالة من خلال خلق فرص عمل جديدة للشباب اليمني. كما يمكن استثمار هذه الأموال في مشاريع التنمية المستدامة التي تعزز الاقتصاد المحلي وتوفر حياة كريمة للمواطنين.
إن الحل الأمثل يتطلب تكاتف جهود الجميع من أجل محاربة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة. تتحمل منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام دورا كبيرا في مراقبة ومساءلة المسؤولين، فضلاً عن دور الشعب اليمني في ممارسة حقه في الرقابة والمحاسبة من خلال القنوات القانونية والديمقراطية.
في النهاية؛ يجب أن نتذكر دائماً أن أي بلد لا يمكن أن ينهض ويتقدم إلا بتكاتف جميع أبنائه، وبتحقيق العدالة والمساواة بين كافة شرائح المجتمع. إن هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن تتطلب من الجميع الوقوف صفاً واحداً لمواجهة التحديات واستثمار الفرص من أجل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
يجب علينا أن ندرك أن مستقبل اليمن يعتمد بشكل كبير على قرارات اليوم. التصدي للفساد ووضع حد للإعاشة غير المستحقة، ليس فقط مسؤولية الحكومة، ولكن أيضاً مسؤولية كل مواطن. علينا جميعاً أن نعمل من أجل وطننا، وأن نكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة. العمل الجاد والإخلاص في خدمة الوطن هما السبيل الوحيد لتحقيق التنمية والازدهار.
بذلك نضمن أن تعود الأموال، التي كانت تُهدر، إلى خزينة الدولة، لتستخدم في مشاريع حيوية تخدم الشعب اليمني وتحقق له الحياة الكريمة التي يستحقها. علينا أن نكون يداً واحدة في مواجهة الفساد وبناء وطن يتسع للجميع ويحقق تطلعات كل أبنائه.
علينا أن نتذكر دائمًا أن التغيير يبدأ بخطوة واحدة، وهذه الخطوة يمكن أن تكون بداية لإصلاحات أكبر وأشمل تؤدي إلى تحسين حياة اليمنيين كافة. يجب أن نكون مستعدين للوقوف في وجه الفساد بكل أشكاله، وأن نسعى دائماً لتحقيق العدالة والمساواة، فاليمن يستحق الأفضل، وشعبه يستحق حياة كريمة ومستقبلاً مشرقاً.
مقالات ذات صلة