الأخبار

فاينانشال تايمز: ترامب يضغط على مصر والأردن لقبول خطة "إخلاء غزة"

‫غزة‬| 28 يناير, 2025 - 5:21 م

image

صعّد دونالد ترامب ضغوطه على مصر لاستيعاب الفلسطينيين من غزة، مما أثار احتمال أن يلجأ الرئيس الأمريكي إلى استخدام المساعدات الكبيرة كأداة ضغط لفرض فكرته بإعادة توطين سكان القطاع المدمر. 

متحدثًا للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان" يوم الاثنين، كرر ترامب دعوته التي أثارت استياء الفلسطينيين والعرب في جميع أنحاء الشرق الأوسط لكل من مصر والأردن لاستقبال سكان غزة والمساعدة في "إفراغ" القطاع.وأضاف أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وعندما سُئل عن رد فعل السيسي، قال ترامب: "أتمنى أن يقبل بعضهم. لقد ساعدناهم كثيرًا، وأنا متأكد من أنه سيساعدنا". وأضاف: "إنه صديقي. إنه في جزء مضطرب جدًا من العالم، بصراحة. كما يقولون، إنه حيّ قاسٍ. لكنني أعتقد أنه سيفعل ذلك، وأعتقد أن ملك الأردن سيفعل ذلك أيضًا". 

لكن مسؤولين مصريين نفوا حدوث أي اتصال بين ترامب والسيسي. ومنذ أن طرح ترامب الفكرة لأول مرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، رفضت كل من القاهرة وعمان الطرح بشدة، خشية أن يؤدي إلى تقويض آمال الفلسطينيين المستمرة منذ عقود في إقامة دولتهم المستقلة وضمان أمنهم. 

ورأى محللون أن تصريحات ترامب، التي جاءت بعد أيام فقط من إصدار وزير الخارجية ماركو روبيو تعليمات بوقف العمل فورًا في جميع برامج المساعدات الخارجية الأمريكية تقريبًا، تعكس النفوذ المحتمل الذي تملكه واشنطن على كل من مصر والأردن، فضلاً عن استعداد الرئيس الأمريكي لاستغلاله.

وقالت سنم وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس"، إن هذه "تكتيكات تفاوضية تقليدية لترامب، حيث يبدأ بموقف متطرف للوصول إلى تسوية وسطى". لكنها أشارت إلى أن مطالب ترامب تمس قضايا "وجودية" بالنسبة لكل من الأردن ومصر. 

وفي يوم الثلاثاء، نشرت صحيفة الأهرام المصرية الرسمية على صفحتها الأولى صورة كبيرة للفلسطينيين النازحين وهم يعودون إلى شمال غزة، مرفقة بعنوان: "مصر على قلب رجل واحد: الشعب يرفض التهجير ويدعم الجهود لحماية الأمن القومي، فيما يكتب الفلسطينيون ‘ملحمة العودة’". 

أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، فرفض الفكرة بوضوح، قائلاً يوم الأحد إن "الحل للقضية الفلسطينية يكمن في فلسطين". وأضاف: "الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين". 

لطالما حذر القادة العرب من أي تحركات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة، معتبرين أن ذلك سيكون تكرارًا لما حدث عام 1948، حينما اضطر مئات الآلاف إلى مغادرة منازلهم أو فرّوا خلال القتال الذي رافق قيام إسرائيل. الفلسطينيون يطلقون على تلك الفترة اسم "النكبة". 

وقال مايكل واهيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إنه رغم عدم وضوح مدى استعداد ترامب للمضي قدمًا في هذا الاتجاه، فإن إحدى نقاط الضغط الرئيسية على مصر هي المساعدات العسكرية السنوية التي تبلغ 1.3 مليار دولار، والتي تستخدمها القاهرة في شراء الأسلحة وقطع الغيار الأمريكية لمعداتها العسكرية.

 وأوضح حنا أن هذه المساعدات، التي بدأت عام 1978 عندما اتخذت القاهرة خطواتها الأولى نحو اتفاق السلام مع إسرائيل، الذي وُقّع في العام التالي، كانت "الركيزة الأساسية للعلاقات" بين البلدين، وبلغ إجمالي قيمتها أكثر من 50 مليار دولار على مر السنين.

يُذكر أن المساعدات العسكرية لكل من مصر وإسرائيل استُثنيت من قرار التجميد لمدة ثلاثة أشهر الذي أعلنه روبيو بشأن المساعدات الدولية. 

وأضاف حنا أنه في حال حاول ترامب فرض قبول مصر للفلسطينيين النازحين من غزة، فسيكون ذلك "تحولًا جوهريًا في العلاقة". وأشار إلى أن الولايات المتحدة، وعلى مدى فترة طويلة، عملت وفق فرضية أن هذا الأمر سيكون خطيرًا على مصر وينبغي تجنبه.

وعندما طُرحت فكرة إعادة توطين الفلسطينيين في بداية الحرب على غزة، جادلت مصر بأنها قد تؤدي إلى زعزعة استقرارها الداخلي، لأن الجيش والرأي العام المصريين لن يقبلا بذلك. 

وقال حنا: "التدفق الجماعي للفلسطينيين قد يثير مخاوف من إحياء التمرد [الذي تقوده جماعة مرتبطة بتنظيم داعش] في سيناء بسبب تداخل المسلحين الفلسطينيين والمصريين". 

ويرى محللون أن الولايات المتحدة قد تستخدم ضغوطًا مماثلة على الأردن، حيث تُعد واشنطن أكبر مانح للمساعدات الخارجية، والتي يعتمد عليها الاقتصاد الأردني الهش بشكل كبير.

وبحسب السفارة الأمريكية في عمان، فقد قدمت الولايات المتحدة 31 مليار دولار من المساعدات الثنائية منذ إقامة العلاقات بين البلدين عام 1949، ووقع الجانبان مؤخرًا مذكرة تفاهم تضمن تقديم واشنطن مساعدات سنوية بقيمة 1.45 مليار دولار حتى عام 2029. 

وأشار دبلوماسيون إلى أن المسؤولين في عمان يسعون لفهم نوايا ترامب بسرعة، وأن الولايات المتحدة يمكنها فرض ضغوط إضافية إلى جانب تعليق المساعدات، مثل فرض رسوم جمركية. وقال أحدهم: "بالنظر إلى وضع الاقتصاد الأردني الحالي، فإن أي خطوة قد يكون لها تأثير أكبر مما قد يتوقعه البعض". 

إن تدفقًا واسع النطاق للفلسطينيين إلى الأردن ستكون له تداعيات كبيرة على الوضع السياسي والاقتصادي الحساس في البلاد، حيث يبلغ عدد السكان 11 مليون نسمة، بينما يضم الأردن بالفعل أكثر من مليوني فلسطيني، ويعاني اقتصاده من أعباء استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. 

وقالت سنم وكيل إن تنفيذ فكرة ترامب "سيهدد بشكل كبير التوازن الأمني في كلا البلدين، وكذلك الشرعية السياسية لقادتهما". وأضافت: "سيكون من الصعب جدًا على مصر والأردن تقديم تنازلات في هذه المسألة وتغيير مواقفهما بسرعة، كما رأينا في حالات مثل كولومبيا أو كندا عندما تعرضتا لضغوط من ترامب. الوضع هنا مختلف تمامًا".

المصدر: فاينانشال تايمز

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024