- تنصيب ترامب.. مالذي يحدث في يوم حفل تنصيب رئيس الولايات المتحدة؟ الأرصاد يتوقّع استمرار الأجواء الباردة ويدعو المزارعين لأخذ الاحتياطات اللازمة الاحتلال الإسرائيلي يضيق على عائلات أسرى الصفقة بالقدس ويقتحم منازلهم ترامب يعيد تيك توك للخدمة في الولايات المتحدة بعد ساعات من الحظر عملة ترامب المشفرة تقفز في أول أيام تداولها قوات أمنية تعتقل ناشط في مدينة المخا غربي تعز اليمن يدعو صندوق النقد الدولي مواصلة حشد الدعم لمساندته في تجاوز التحديات
السنوار ونصر الله "لَيْسُوا سَوَاءً"
كتابنا| 24 ديسمبر, 2024 - 6:00 م
بعد أن تتقاذفني الكتابات السريعة على مواقع التواصل الاجتماعي والتعليقات العابرة والبسيطة للعامة على الاحداث، اقرر أحيانا أن اتصفح المواقع الإخبارية لأقرا مقالات مطولة لكتاب يهمني أن أعرف آرائهم ورؤاهم لما يجري في عالمنا العربي.
طالعت مقالا للصحفي والكاتب المصري "وائل قنديل" في "العربي الجديد" تحت عنوان "عرب ما بعد السنوار ونصر الله". والأستاذ وائل قنديل التفت في العادة لمقالاته، لأني عرفته أول مرة وأنا طالبة في الثانوية العامة وهو صحفي يعلق على مجريات الربيع العربي من شاشة الجزيرة، مما اكسبه لدي مكانة مرتبطة بقيم سامية تتعلق بالكرامة والحريات والعدالة والمساواة. لذا تربطني به علاقة الانتماء والايمان بالربيع العربي.
أستطيع أن أقول إن هؤلاء النخبة الاعلامية المثقفة التي برزت في التلفاز خصوصا في تلك الفترة، ساهمت بتشكيل جزء من المفاهيم القيمية والمعرفية لنا نحن الأجيال الشابة والحالمة، قبل أن نبدأ ونختار كليات الاعلام أو العلوم السياسية وتخصصات أخرى مقاربة. حتى أنني أفكر بضرورة وجود بحث يتناول "تأثير الربيع العربي ودعاته على الميولات التعليمية والقيمية والفكرية لجيل الشباب"
بالمناسبة مازال الأستاذ "وائل قنديل" يضع في بايو التعريف عن نفسه: "عروبي الهوية يؤمن أن فلسطين قضية القضايا وأنّ الربيع العربي كان ولا يزال وسيبقى أروع ما أنجزته شعوب الأمة"
اتساءل فيما اكتبه هنا: بعد 14 عام من أحداث الربيع العربي وتداعياته في المنطقة، هل يتم القفز على قيَمَهُ ومبادئه، أو توزيعها حسب الرغبة من قبل أنصارها ومنظريها؟!
بالعودة للمقال؛ يضع قنديل من أول سطر فيه السنوار وهنية "قادة القضية الفلسطينية" بمستوى واحد من المكانة مع حسن نصر الله "زعيم الطائفية العابرة للأوطان" وأحد الأسباب الرئيسية التي أدت للعصف والخسف بالربيع العربي في أكثر من بلد، منها اليمن عبر الثورة المضادة الممثلة بانقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014، أو سوريا من خلال تمكين نظام الأسد للبطش بالثورة منذ 2011، ولعب "نصر الله" بوضوح في كلا البلدين دورا محوريا مساندا وموجها!
يقول "قنديل" إن الشعوب العربية "كانت تتنسم بعض الكرامة من خطاب الزعماء الثلاثة الحقيقين.."! لا أدري أي كرامة تنسمناها و"نصر الله" يتحدث علنا في خطاباته أن "سقوط محافظة مأرب اليمنية يعني هزيمة واشطن والرياض"، أو وهو يعلن أنه "مستعد بنفسه للذهاب للقتال في سوريا"!!
لا أريد أن أكرر الجدل حول الموضوع المستهلك: علاقة "نصر الله" بالمقاومة الفلسطينية. حيث انه قد أخذ مساحة من الأخذ والرد لدرجة "العك"، منذ بداية عملية طوفان الأقصى الى الأمس القريب الذي قتل فيه مُشعِل الطائفية في عالمنا العربي والذي يصفه قنديل "بالاستشهاد"!
لا بأس، هذه الصفة لم تعد تكريما وحكرا وصارت توزع بالمجان، لكن من الطريف أن يكون "نصر الله" الذي ساهم بشكل مباشر، وعبر المحور الايراني الذي هو جزء منه، باستشهاد قرابة مليون سوري وأكثر من ثلاثمائة ألف يمني أيضا!
قلت إن هذا حديثا مستهلك، وخضت فيه لأضع سؤالا أخلاقيا بريئا: كيف تَجَرّأ أن يكتب مقاله بضمير بارد وتفلت من مسؤولية الكلمة، حتى بعد الأحداث الأخيرة في سوريا، ورغم احتفالات التحرير والانتصارات، إلا أنها تتكشف كل يوم فصول مرعبة من الإجرام، فتحت مجددا جراحات الربيع العربي وبينت فداحة كلفته!
لا يستطيع أحد أن يجادل أن ما حدث في سوريا، ويجري الى اليوم في اليمن، لم تكن مشكلة نظام الأسد أو جماعة الحوثي فقط، ولكنهما وجدا اسنادا طائفيا ما كان لهما أن يكونا، ولا أن يتفننا في إجرامهما وبطشهما، لولا هؤلاء الحلفاء ودعمهم المباشر والعلني بالسلاح والمال والمقاتلين والخبراء!
سأتجاوز ذلك إلى الفقرة التالية من المقال، حيث يتناول فيها "اليمن" جرحنا النازف ومأساتنا الشاخصة، قائلا: "لم يبق أحد في بلاد العرب يتحدّث العربية الصحيحة بمواجهة تيار كاسح من الهيمنة الصهيونية على الخطاب السياسي الخاص بالمنطقة، سوى زعيم جماعة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، في اليمن، يتكلّم لغة المقاومة ويطبّقها عملّاً بمواصلة إسناد غزّة بالسلاح"، "تعلن تل أبيب أنّ خطوتها المقبلة هي القضاء على آخر نبض عربي مقاوم في اليمن"
يا لها من جُمل قومية شاعرية. ولولا أنني بنت البلد التي شاهدت إجرام وتنكيل هذه الجماعة، وبنت مدينة "تعز" التي شهدت حصارا مطبقا لثمان سنوات، كأسوأ حصار في تاريخ الحروب المعاصرة؛ لبكيت تأثرا لهذا الوصف!
للأستاذ "وائل قنديل":
هل بالضرورة أن تقرأ في الشاشات عداد الضحايا لا يتوقف في اليمن، كما غزة، ليكون لنا نصيب من احترامكم لمعاناتنا ووضعنا المؤسف. أو على الأقل الكف عن التطبيل لمن جعل من بلدنا مقبرة وخرابة! حتى ان إسرائيل، التي تقول إنها قادمة لتدمير اليمن، لم تبقي لها الجماعة الحوثية من مهمة لتقوم بها! هل تعرف ذلك؟
بالرغم من أني لست حريصة بطلب الاهتمام بمعاناتنا، لأن هذا موقف يسجله المرء لنفسه من القضايا العادلة ولا يُطلب، فما يهمني هو أن يحافظ من احترمناهم لفترة من الزمن على شيء من هذا الاحترام، تداركا لمثل يمني يقول "جَزَعَ من كل شيء أحسنه" حتى "الكُتاب"، بمعنى "لم يبق شيء حسن"!
مخيف أن يرتدي المرء نظارة بسمك 20 ملم ويظل غير قادر على رؤية المحددات الواضحة، وتمر عليه مغالطات كبيرة باتت مكشوفة للجميع. هذه ليست معايرة بمشكلة بصرية بقدر ما هي دعوة لمراجعة موقف يتطلب بصيرة أكثر من البصر، كما أنها ليست خاصة بالأستاذ "وائل قنديل" وانما لكثير من الكتاب والصحفيين العرب، الذين لأجل غزة، التي نؤمن بعدالة حقها ونصرتها، يزيفون واقعنا وحقيقة الجماعة التي تنهش حاضرنا ومستقبلنا..
يبدو أنني سأكف عن متابعة ما تكتبه النخبة المثقفة، واكتفي بتداولات العامة وتعليقاتهم، لأظل قريبة من الواقع والناس. لعله حين يرتفع المرء درجة ما، يكف عن رؤية أبسط الحقائق وأنصعها!
مقالات ذات صلة
أراء | 19 يناير, 2025
قراءة للاتفاق حول حرب غزة
أراء | 17 يناير, 2025
هل تغير غزة حظ المنطقة؟
أراء | 15 يناير, 2025
هذا هو "الطوفان" يعلن نصره
أراء | 12 يناير, 2025
الجغرافيا التي فضحت الحوثي
أراء | 30 ديسمبر, 2024
الحوثي.. الطلقة الأخيرة في مدافع آيات الله
كتابنا | 30 ديسمبر, 2024
"قاسيون" دمشق و "نُقم" صنعاء.. ما الفرق؟