- ناشط حوثي يكشف عن تعرضه للتعذيب الشديد في سجون المليشيا بصنعاء الحديدة..مليشيا الحوثي تختطف شقيقين وتقتادهما إلى جهة مجهولة قيادي حوثي يكشف تقدم نحو السلام مع السعودية وآخر يرد "تمخض الجبل فولد فأراً" هل تتغير إستراتيجية واشنطن في مواجهة الحوثيين باليمن؟ تقارير أمريكية تضع سيناريوهات جديدة منها "استهداف القيادات" أبين.. مشادة كلامية تودي بحياة شاب طعنًا بالسكين والشرطة تضبط الجاني برنامج الأغذية العالمي يؤكد حاجته لتمويل بقيمة 16.9 مليار دولار برشلونة يتعثر أمام سيلتا فيغو وأتليتيكو مدريد ينجو من فخ ألافيس
ابتزاز رخيص
كتابنا| 17 أكتوبر, 2024 - 3:47 م
حين تطمع بنيلِ شيءٍ ما، ستحرص على نيل رضا مَن بيده ذلك الشيء. النفس المنفلتة لن تصل إلى الأشياء المغرية دون تقديم التنازلات، وأفدح الخسارات أن يتنازل الإنسان عن موقفه أو يخاتل فيه لأجل مصلحة، أو من أجل الفوز بمصلحةٍ ما بأجل غير مسمى.
تُصنع المعايير لتدجين المواقف. هكذا تبدو الصورة عند الحديث حول الجوائز الأدبية، وغيرها المتصلة بالمجالات التي تؤثر في الرأي العام ـ لِنَقُل جوائز الأنشطة المنبثقة عن الكتابة: أدب/ فكر/ صحافة/ سينما.. وغيرها من الفنون ذات الطابع الجماهيري. كلما كانت شهرة الجائزة أكبر، زادت احتمالية التدجين.
وهكذا، تحت تأثير البوكر، يحاول روائي ما كتابة عمل، طمعاً في الجائزة، وراضخًا لمعاييرها غير المعلنة، ويضطر للعيش في منطقة رمادية، وعدم تبني المواقف في قضايا مرتبطة بمصير إنساني، مثل القضية الفلسطينية، وهكذا يضيع صوت المبدع أو الموهوب، إما طمعاً بالجائزة أو خوفاً من سحبها، غير أن هناك الكثير من الذين رفضوا الخضوع للابتزاز الرخيص، بمن في ذلك أدباء فازوا بجوائز نوبل مثل ماركيز وساراماجو.
قبل أكثر من عشرين سنة، كتب ماركيز: «سامحوني إذا قلت أنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة، بالرغم من إنكار القوى الأعظم أو المثقفين الجبناء أو وسائل الإعلام أو حتى بعض العرب لوجوده» هكذا علق الكاتب الكولومبي العظيم، على الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين أثناء الانتفاضة، قبل أكثر من عشرين سنة، عندما لم يكن الإعلام ينشر جرائم الكيان الصهيوني كما يفعل الآن في عهد المواطن الصحفي والإعلام البديل.
اللافت في موقف ماركيز ـ إلى جوار إدانته للقوى الأعظم، والمثقفين الجبناء، ووسائل الإعلام، وبعض العرب ـ إعلان خجله من ارتباط اسمه بجائزة نوبل، وهي أرفع الجوائز العالمية وأكثرها شهرة على ظهر الأرض، وكتب ماركيز: «أنا أعلن عن اشمئزازي من المجازر التي ترتكبها يومياً المدرسة الصهيونية الحديثة، ولا يهمني رأي محترفي الشيوعية أو محترفي معاداة الشيوعية. أنا أطالب بترشيح أرييل شارون لجائزة نوبل في القتل. سامحوني إذا قلت أيضاً أنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة، بالرغم من إنكار القوى الأعظم أو المثقفين الجبناء أو وسائل الإعلام أو حتى بعض العرب لوجوده».
في كتابه «من الانتفاضة إلى حرب التحرير الفلسطينية» ـ دراسة نُشرت أجزاء منها في صحيفة الاتحاد الإماراتية في مطلع الألفية الجديدة ـ يرى المفكر الراحل عبدالوهاب المسيري إن «من أهم ثمرات الانتفاضة التي تتجاوز التجمع الصهيوني؛ اختراقها للتعتيم الإعلامي الذي فرض على الشعب الفلسطيني وعلى جهاده ومقاومته، فوصلت الرسالة لكل شعوب العالم» وينقل لنا المسيري عدداً من المواقف لأدباء ومثقفين عالميين، من بينهم ماركيز وساراماغو، وبحسب المسيري وقتئذ: «ومن أبرز الغاضبين الكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل في الأدب، جابرييل جارثيا ماركيز، الذي كتب يقول:
استندت نظرية المجال الحيوي الصهيونية إلى أن اليهود شعب بلا أرض، وأن فلسطين أرض بلا شعب. هكذا قامت الدولة الإسرائيلية غير المشروعة في 1948، فلما تبين لهم أن هناك شعباً وأن في فلسطين شعب يسكن في أرضه، كان من الضروري حتى لا تكون النظرية مخطئة إبادة الشعب الفلسطيني، وهو ما يتم بصورة منهجية منذ أكثر من خمسين عاماً.
هناك بلا شك أصوات كثيرة على امتداد العالم، تريد أن تعرب عن احتجاجها ضد هذه المجازر المستمرة حتى الآن، لولا الخوف من اتهامها بمعاداة السامية أو إعاقة الوفاق الدولي، أنا لا أعرف هل هؤلاء يدركون أنهم هكذا يبيعون أرواحهم في مواجهة ابتزاز رخيص، لا يجب التصدي له سوى بالاحتقار، لا أحد عانى في الحقيقة كالشعب الفلسطيني، فإلى متى نظل بلا ألسنة؟».
ينقل المسيري أيضاً موقف الكاتب البرتغالي العظيم ساراماجو ـ وهو أيضاً حائز على جائزة نوبل ـ إذ صرح ساراماجو كما ينقل المسيري: «أن رام الله التي رآها تحت الحصار تذكره بمعسكر أوشفيتس النازي، فاتهمه البعض بأنه ضحية الدعاية «الفلسطينية الرخيصة» لكن ساراماجو لم يهتز كغيره أمام تهمة معاداة السامية الجاهزة، بل جاء رده كاسحاً ساخراً حين قال: «أفضل أن أكون ضحيةً للدعاية الفلسطينية الرخيصة، على أن أكون عميلاً للدعاية الإسرائيلية الغالية!» وفصل رأيه فيما رآه قائلاً: «لم أكن أعرف أنه من الطبيعي أن يبحث طفل فلسطيني دمروا بيته عن كتبه ولعبه وسط الأنقاض، لم أكن أعرف أنه من الطبيعي تماماً أن تزين الرصاصات الإسرائيلية جدران المنازل الفلسطينية، ولا كنت أعرف أنه يلزم لحماية أقلية من الناس أن تُصادر المزارع وأن تُدمر المحاصيل، ولا أن توفير الأمن لهذه الأقلية يقتضي احتجاز المئات عند نقاط التفتيش وحواجز الطرق قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم منهكين، هذا إن لم يُقتلوا.. فهل هذه هي الحضارة؟ أيمكن أن نسمي هذه الأشياء ديمقراطية؟».
بصورة أخرى، تستمر سياسة الابتزاز الرخيص الذي تقوم به الصهيونية، على العاملين والمؤثرين في كل مجالات الحياة، على وقع جرائم الإبادة التي يشاهدها العالم، تستنكرها الشعوب وتدعمها أنظمة العالم المتقدم.