الزي الصبري بتعز.. موروث شعبي تغنى بجماله الفنانون في اليمن (تقرير خاص)

[ يوجد أنواع مختلفة للزي الصبري تصل إلى 20 نوعا وفقا للشكل العام وطريقة التطريز / مواقع التواصل ]

 من باب التمسك بالرمزيات اليمنية والحفاظ عليها وتحصينها من غزو الهويات الدخيلة، عاد اليمنيون إلى أزيائهم الشعبية باعتبارها رمزا للهوية وصورة من صورها، والرمز المعبر عن الموروث الشعبي المتأصل في وجدان الشعب وضميره.
 
ومن أبرز الأزياء التي فاخر بها اليمنيون كرمز شعبي، الزي التقليدي للمرأة في جبل صبر، والذي لا يرمز لصبر فحسب بل لمحافظة تعز ولليمن بالمجمل، نتيجة للجمال الذي يمتلكه بألوانه الزاهية والمتنوعة، وكذا للحشمة التي يمتاز بها، ولكونه يناسب كل المناسبات على اختلافها.
 
والزي التقليدي الصبري عبارة عن ثوب وسروال يلبسان على جسم المرأة بمعية مصر (بفتح الميم والصاد) ومقرمة يلبسان على الرأس، ويتم تزيين المصر والمقرمة عادة بالمشقر وهو عبارة عن ورود وأزهار نبتات عطرية مثل الريحان أو الكاذي أو المطابق أو الزنبق وغيرها.
 
وبحسب الأهالي في جبل صبر فإن الزي التقليدي للنساء الصبريات يعود أصله للدولة الحميرية، حيث سمي جبل صبر بهذا الاسم نسبة إلى "صبر بن حمير"، وتم تطوير الزي التقليدي طوال المراحل التاريخية المتعاقبة وصولا إلى الشكل الذي بات عليه اليوم.
 
ويلاحظ أن الزي التقليدي للنساء الصبريات قد راعى خصوصية البيئة الخاصة بجبل صبر، وهي بيئة وعرة، كما أن الطقس في جبل صبر بارد معظم أشهر العام، وهو ما تم مراعاته في تصميم الزي التقليدي.
 
أنواع الثوب الصبري
 
ويوجد أنواع مختلفة للزي الصبري تصل إلى 20 نوعا وفقا للشكل العام وطريقة التطريز ونوع القماش المستخدم في صناعته، وتتفق جميعها بوجود الصدر الذي يتم حياكته يدويا بشكل نقوش هندسية غاية في الجمال يضفي على الثوب خصوصيته.
 
ومن حيث الشكل العام هناك قميص العقرة الذي يتكون من الثوب ومن القميص الذي يلبس إلى فوق الركبة، وله أكمام وعقر (بضم العين وتسكين القاف) وهو أشبه بالجيب، كما أن هناك جيب للثوب يقع في وسطه مقابل راحة اليد، كما أن هناك القميص الصبري المتعارف عليه والذي يشبه الفساتين بشكله العام حيث له أكمام وجيب وليس له عقر.
 
ومن حيث القماش هناك القميص الدمس الذي يصنع من القطيفة أو المخمل، ونوع آخر قماش "شيفون" وهو قماش خفيف أشبه بالشاش يتم وضع بطانة ليزر لماع تحته، وهناك قماش عادي، لا شيفون ولا دمس، وجميع هذه الأنواع يتم خياطتها مع الصدر الذي يحاك يدويا.

وهناك خياطة الصدر وهو مقدمة الثوب، ويكون محبوكًا يدويًّا بأشكال هندسية مميزة، وهو عدة أنواع، فهناك نوع اسمه "ديمان" ويكون الصدر عبارة عن خطوط طولية، بين الخطين المتوازيين عدد من الدوائر، وهناك خياطة "سلكة" ويكون قماش الثوب إما أبيضَ صافيًا أو لبنيًّا صافيًا مع صدر، وتلبسه العجائز في الغالب باعتباره أكثر رسمية ويضفي الوقار على من تلبسه.
 
بالإضافة إلى خياطة "كرم بلي" قديم وتكون الخياطة اليدوية من الأمام "الصدر" مع نقشة يدوية بالخلف على قماش صافٍ، كما هناك خياطة "سهرة" ويكون الثوب متعدد الألوان غير صافٍ، وهناك خياطة "مُبقَّش" ويكون القماش من النوع الصافي ذي اللون الواحد، ويتم وضع أشكال، مثل الورود على الثوب وتخاط بشكل يدوي".
 
ومن مكونات الثوب الصبري السروال، وتمتاز بالقطعة المحبوكة يدويًّا أسفلها، بالقرب من القدم، ويطلق عليها اسم "الشتارة"، وهي نوعان، حيث هناك شتارة طويلة إلى الركبة، أو قصيرة ويكون طولها نصف المسافة من أسفل القدم إلى الركبة، أما "الشتارة" التي طولها نصف الشتارة القصيرة، فتسمى "قُطَع"، بينما "الشتارة" القصيرة جدًّا، التي لا يزيد طولها عن طول إصبع اليد، فتسمى "شلش".
 
كما أن "الشميز" من ضمن مكونات الزي الصبري، ويُلبس تحت القميص، ويكون لونه مشابهًا أو متوافقًا مع لون القميص، بالإضافة إلى "المَصَر" وهو عبارة عن حجاب الرأس الداخلي يتم لبسه بطريقة معينة، حيث يطوى بشكل مثلث ويطوى على الرأس، وتربط عليه المقرمة التي تلبس بطريقة تختلف من منطقة إلى أخرى، كما تختلف طريقة لبس المقرمة وفقًا للمناسبات، فطريقة لبسها وقت العمل يختلف عن طريقة لبسها في الأعراس والمناسبات المختلفة.
 
المرأة الصبرية في أغاني الفنانين
 
وبسبب الزي التقليدي للنساء الصبريات والذي أضفى جمالا إلى جمالهن، فقد حضرت المرأة الصبرية في العديد من الأغاني، أبرزها أغنية "طاب البلس" من كلمات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان الفضول وغناء أيوب طارش، والتي يقول فيها:

"ما احلى بنات الجبل حين ما يطوفين المدينة بالثياب الدّمَس
خدود مثل الورد، ضوء الفجر أرواها، وأعطاها المشاقر حرس
محوطات الوجوه البيض بالكاذي المسقى في برود الغلس".

 
كما أن الفنان علي عبدالله السمه هو الآخر تغنى بجمال المرأة الصبرية، في أغنيته الشهيرة التي كتبها وغناها ويقول فيها:

"يا صبايا صبر.. بينكن لي حبيب.. هو مغير القمر.. غانيه أهيف حلا
ظبي ماله مثال.. وعيونه كحال.. له درايا طوال.. حاز كل الخصال
يا صبايا صبر.. يا حمام الجبل.. كم اسرتين بطل.. ما يهاب القتال".

 
غير أن أشهر ما قيل في جبل صبر هو البيت المتداول من التراث والذي يقول:

"ألا جبل صبر ملوي ثلاث ليات
ألا ليه بنات وليتين غصون قات".

 
وواجه اللبس التقليدي الصبري العديد من التحديات أبرزها تطور وتنوع الأزياء في الجزيرة العربية، ما أثر سلبا على انتشاره بالإضافة إلى ارتفاع أسعار بعض الأنواع منه والتي قد تصل إلى ما يقرب من 100 دولار، بالإضافة إلى انحصار صناعته على الخياطين الذكور، وانحسار عددهم نتيجة لقلة الطلب مقارنة بالفترات السابقة.
 
وفي مواجهة هذه التحديات هناك توجهات فردية للحفاظ على الزي التقليدي الصبري من بعض الناشطات اللواتي يشترينه ويلبسنه في الفعاليات الرسمية والمناسبات المختلفة، ما يساهم بتقديمه للجمهور، ويساعد على إحيائه من جديد.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر