هل يكسر المواطنون حاجز الصمت بصنعاء ويخرجون متحديين سطوة الحوثيين؟ (تقرير خاص)

[ أحد المتمردين الحوثيين يهدد المتظاهرين اليمنيين خلال مظاهرة مناهضة للحوثيين في صنعاء (أ ف ب) ]

يتداعى مواطنون على وسائل الاجتماعي في صنعاء إلى مظاهرات احتجاجية غداً السبت تنديدا بهبوط العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، وأسموها "ثورة الجياع" ضد الجميع المتورطين في حالة التدهور الاقتصادي في البلاد، بدء من الحوثيين والحكومة الشرعية والتحالف الذي تقوده السعودية.

وخلال الأيام الماضية أغلق عشرات التجار محلاتهم التجارية في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، بعد هبوط حاد للريال اليمني أمام العملات الخارجية، نتيجة المضاربة الشديدة بالإضافة إلى سلسلة من المشاكل التي أدت إلى انهيار الاقتصاد اليمني خلال أربع سنوات من الحرب المستمرة.

وسبقت ميلشيات الحوثي تلك الدعوات بتهديدات ووعيد بالقمع، حيث أطلقوا تهم جاهزة لأولئك الذين يدعون للاحتجاجات بأنهم يعملون لصالح "العدوان" في إشارة إلى أنهم غير مسؤولين عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في الوقت الذي يرى المواطنون أنهم السبب الأول لما وصلت إليه البلاد، وكل ما يحدث ما هو إلا نتيجة للانقلاب في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

هل يخرج المواطنين بصنعاء؟

خلال الأيام الماضية شهدت مدينة تعز سلسلة مظاهرات مندده بهبوط العملة الوطنية، ويتوقع ان تخرج مظاهرات مماثلة في عدد من المحافظات اليمنية الأخرى، حيث بدأت دعوات شعبية للخروج في صنعاء، لكن تبقى إلى حد الآن دعوات غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي ولم تترجم إلى حشود جماهيرية.

يرى مراقبون أن إمكانية اندلاع احتجاجات شعبية في صنعاء لها مساريين الأول حالة الغضب الشعبي المتصاعد قد تنفجر في أية لحظة على شكل مسيرات واحتجاجات بالتزامن من الارتفاع الحاد في الأسعار بالتزامن مع هبوط العملة، أما المسار الثاني فهو توسع دائرة الغضب الصامت في الوقت الذي يخشى الناس من السطوة الأمنية للحوثيين مما يجعل المعوقات أكبر من الخروج وبحاجة إلى مزيد من الوقت.

لكن أسوأ الاحتمالات هي أنه لن تذهب الدعوات في مهب الريح فسيخرج محتجون لكن ليس بالحجم الذي يتوقعه الجميع، حيث من المتوقع أن تنفض أي تجمعات للمواطنين من خلال القمع بلا هوادة، دون اكتراث للضحايا الذين سيسقطون كما يفعلون في كل احتجاجات شعبية حيث يتهمون أي دعوات أنها مدفوعة من قبل الحكومة الشرعية والتحالف العربي.

تهديدات حوثية

خلال الأيام الماضية شن الحوثيون في صنعاء حملة إعلامية يتهمون المواطنين الذي يعتزمون الخروج ضد المجاعة وانهيار العملة، بأنهم يريدون إثارة البلبلة وزعزعة الأمن والاستقرار في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي ضمن خطة الحكومة والتحالف تستهدفهم فقط، حيث يعتقدون أنهم غير مسؤولين عن تدهور الأوضاع.

وأبدى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطابة أمس الخميس خشيته من اندلاع ثورة في صنعاء وقال "يجب الحذر ممن يحاول أن يوجه السخط إلى الداخل ويسعى للقيام بثورة على نفسه، علينا أن نثور ثورة الجياع إلى الجبهات وعلى العدو (التحالف والحكومة الشرعية)، لا أن نثور على أنفسنا".

من جانبه هدد "حسين الأملحي" أحد مشرفي ميلشيات الحوثي في صنعاء بشكل صريح أن جماعته تجهز مسلحين لقمع كل من يخرج في احتجاجات ضد انهيار العملة، وشتم بألفاظ نابية النساء اللاتي سيخرجن في المسيرات وشتمهن بصفات قبيحة، في أسلوب مشين لم يعهد اليمنيون مثله قبل أن يأتي الحوثيين.

وقال في فيديو نشره بموقع "فيسيوك" بان ميلشيات الحوثي أعدت باصات محملة بالزينبيات (نساء حوثيات مجندات) وسيعملن على الاعتداء على المتظاهرين واعتقال المحتجات من النساء والاعتداء عليهن، وسبق ان استخدمت الميلشيات المجندات الحوثيات لاقتحام منازل خصومهم والاعتداء على محتجات عقب مقتل على عبد الله صالح.

وشن خطباء المساجد في العاصمة صنعاء اليوم الجمعة هجوم على الدعوات الشعبية للتظاهر بصنعاء، غداً السبت وأتهموا كل من يدعي للثورة بصنعاء أنه خائن عميل ويعمل لصالح العدوان وأمريكا وإسرائيل. 

نار تحت الرماد

وتتزايد حالة السخط في أوساط المواطنين في صنعاء كـ"نار تحت الرماد" جراء تدهور الحياة المعيشية ليس فقط على الحوثيين كونهم سلطات أمر واقع إنما على الحكومة الشرعية والتحالف العربي، حيث يتشابه غضبهم مع المحتجين في مدينة تعز وعدد من المحافظات الأخرى، غير أن القبضة الأمنية التي يفرضها الحوثيين في التضييق على حريات الناس والعنف البشع الذي تمارسه.

وخلال الأيام الماضية نفذ المواطنون حركات احتجاجية من خلال الإضرابات والعصيان المدني، حيث أغلق التجار محلاتهم التجارية لساعات طويلة، وبدت الشوارع خالية من المارة والمركبات مركونة، بعد الهبوط الحاد للريال اليمني وانعدام المشتقات النفطية والتي توفرت فقط بالسوق السوداء.

وانتشرت ملصقات وشعارات في شوارع العاصمة صنعاء بصورة لافته، تدعوا الى ثورة جياع على مليشيات الحوثي ومن بين تلك الشعارات وتدعو إلى الخروج الجماهيري ضد الحوثيين، وتفاعل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع دعوات للتظاهر والعصيان المدني.
Protesters shout slogans against deployment of armed militia of Shi'ite Houthi movement in Yemeni cities, during a demonstrate in Sanaa. Photo: Reuters
الانقلابيون لا يصمدون

يرى الصحفي همدان العلي "أن الحوثيين يشعرون بالقلق من أي هبة شعبية ضدهم، لأنهم يدركون عدم قدرتهم على الصمود أمام أي تحرك شعبي" لافتا "منذ أيام (....) يهددون الأهالي بكل كبر وحقارة.

وأضاف في تغريده بحسابه بموقع "تويتر" أقولها مؤمنا بعدالة الله عز وجل، هذه الأسر الهاشمية التي تحوثت ستدفع الثمن غاليا، اليوم أو غدا، لأن هذا الوضع الشاذ لن يستمر بإذن الله.
وتتزامن دعوات الاحتجاجات بصنعاء مع دعوات مناقضة في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) حيث دعا المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا أنصاره للتمرد على الحكومة والسيطرة على مؤسسات الدولة.

وفي هذا السياق قال الصحفي هائل البكالي "أن الجهة التي دعمت الحوثيين لإسقاط صنعاء لأهداف لم تحققها بعد السقوط، تدعم اليوم المجلس الانتقالي لإسقاط عدن لأهداف لن تحققها" مضيفاً "بعد أن يقع فأسها في رأسها مجددا، ربما ستشارك في استعادة عدن من الانتقالي".

وبعد أربع سنوات من الحرب يواجه اليمنيين في جميع المحافظات مصير مشترك من الأوجاع والمأساة وتدهور المعيشة، حيث يعمل الانقلابيين الحوثيين من جهتهم على إفقار اليمنيين ونهب إيرادات الدولة وفرض اتاوات والمتاجرة في السوق السوداء، في الوقت الذي فشلت الحكومة في تطبيع الحياة في مناطق سيطرتها، فيما يعمل التحالف بإغلاق مطارات وموانئ البلاد ومنع تصدير النفط ودعم ميلشيات تعمل على تقويض الدولة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر