الأخبار
Image Description

نور ناجي

قبيلي بدرجة زنبيل

‫كتابنا‬| 5 أغسطس, 2024 - 6:29 م

 

 أحيانا يكون من الأسهل لنا اختيار الإجابات السهلة، كنوع من الهروب الى الرومانسية الأقرب للوهم. فالبحث باعين مفتوحة المدى عن الحقيقة قد لا يريحنا تماما. من قال ان الحقيقة لطيفة؟! في أحيان كثيرة تكون قسوتها أكثر من قدرتنا على التحمل..!

كم سمعنا باستغلال ميلشيا الحوثي لقبيلة ما، ربما بسبب بساطة تفكيرها، أو جهلها، فتجرها جرا الى طريق هلاكها عبر مبررات ساذجة ساقتها المليشيا، لنهتف بعدها مولولين: "ويحاه، لقد سقط الرجل وتزنبلت القبيلة!"..

عزيزي اليمني، أخشى ما أخشاه أن نكون نحن من قرر إدمان الوهم وتغطية عقولنا "بزنبلة" واضحة عن الحقيقة الواضحة كالشمس. فبعد عشر سنوات من حرب الحوثي على الشعب اليمني أصبح الجميع يدرك أن لا أحد يتم التغرير به. لا أحد "يتزنبل" ويقاد كالأعمى. كل من قرر الانضمام الى ميليشيا الحوثي كان مدركا تمام الإدراك للطريق الذي يسير فيه..

بالطبع استخدمت الميليشيا العديد من الطرق لجر الناس الي صفوفها، ومنها: التجويع، والترهيب، ومحاولة طمس المفاهيم وتغيير القيم الأخلاقية للمجتمع حتى يسهل السيطرة عليه... لكن في النهاية الحقيقة الصادمة تجبرك على الاعتراف بانه لم ينضم أحد الى صفوف "المتزنبلين" إلا وهو يدرك إدراكا واضحا انه اقتيد اليها بإرادته الحرة، وانه قايض حياته بكيس من القمح كان يمكنه الحصول عليه لو قرر مثلا العمل بيديه بأجرة يومية شريفة لا "زنبلة" فيها!..

طريق اختاره الملايين من اليمنيين رفضوا الزنبلة..

لسنا مستجدين على مسار حياة "الزنبلة" في التاريخ اليمن، فقد دخلت الإمامة الى اليمن في فترة مبكرة. حينها لم تدخل مستخدمة القوة، ولم تقد يومها الجيوش الجرارة لتجبر اليمني على تغيير نمط حياته، واحناءه بالإجبار أمام السلالة الغازية. على العكس من ذلك، فقد تم استدعاء "يحيى الرسي" الى اليمن بدعوة يمنية صريحة، سواء كان ذلك عبر عذر حل مشاكل "يمنية يمنية" أم عبر ادعاء "لهفة وايواء المظلوم"!..

في الحالتين كان اليمني-الذي أجاد إخفاء برامجيته- مدرك تماما لما قام به. بل لعله وجد في لحظة من اللحظات بانه لا بأس من إلباس "الزنبلة" ثوب الدين من أجل الوصول الى مصالح خاصة لأفراد أو لقبائل بعينها، متناسيا السبب الأساسي للخلاف، أو سبب الاستدعاء..

كم كان مناسبا لبعض القبائل أن تجد الأعذار المناسبة لتتحالف مع السلالة، التي اقتصر دورها في أحيانا كثيرة على إصدار فتاوي الغزو واستباحة الغير من أجل الحصول على مكاسب نفعية يتقاسمها الطرفان برضى وضمير مرتاح. وحين لا يجد الفريقان المتحالفان ذرائع منطقية فان الجوع ومواسم الحصاد الجافة كانت مناسبة لغزو قبيلة أخرى أكثر حظا في حصادها..

تصبح "الزنبلة" مقبولة لحظة تقاسم الأرباح!..

يجد الباحث المستجد العديد من أعذار استمرار مأساة الإمامة في اليمن. فحينا تراه يبرر بقاءها بأعداد المقاتلين "الطبريين" الذين كانوا اليد الطولى للسلالة والإمامة الظالمة. أو ربما قد يسوق لمساندة الامامة عبر القبائل، التي ما زالت تتفاخر بانتساب قديم الى بقايا الفرس الذين غزو اليمن في زمن من الازمان؛ إلا ان الحقيقة القاسية كانت تؤكد- في أسهل حسبة رياضية- بأن كثافة القبائل اليمنية "المتزنبلة" كانت الأعلى عددا في جيوش الإمامة!..

بالطبع لم تستسلم غالبية القبائل اليمنية الحرة لتحالف الإمامة والقبائل "المتزنبلة"، واستمرت الحرب سجالا بينهم. كلما اعتقدنا بأن التاريخ أدرك أخطاؤه، وبدأ بتجاوزها، تعاود الإمامة هجومها مع قوة "الزنابيل" التي لا يستهان بها، في حرب يدركون تماما أنها بعيدة عن الحق والعدل والدولة السوية، لكن من متى كان الحق هدفا لهم؟!..

 لكن هل "الزنبلة" خاصة فقط لحلفاء الامامة؟ سؤال لا بد وأن يطرحه اليمني على نفسه، وقد فردت خارطة اليوم أمامه تحالفات لا تقل انحطاطا عن التحالفات القديمة! اليس من يساعد على توزيع الخارطة اليمنية لتحالفات، أخر همها حق اليمني بدولة ذات سيادة وإرادة مستقلة، زنبيلا؟ ألا تختلف القوى اليمنية، التي قررت أن تكون ذراعا وامتدادا لقوى خارجية، عن قبائل اعتادت على "الزنبلة" وارتضتها لنفسها؟..

بعد سنوات الحرب الطويلة، أعتقد بأنه حان الوقت لإعادة تعريف "الزنبلة"، وتوسيع خارطتها، بعد أن أمست أسلوب حياة للكثيرين. وبدلا من أن نحاول البحث في أسباب ودوافع "الزنابيل" القدامى، علينا إعادة صياغة لائحة اتهام جديدة نضم بها "الزنابيل الجدد"، بعد أن طالت القائمة وتوسع سوقها.

حان الوقت لنضع أمامهم سؤالا صريحا واضحا: بكم بعت روحك أيها "الزنبيل"؟ وما هي أسعار "زنبلة" اليوم؟..

 

| كلمات مفتاحية: قبيلة|زنبيل|الحوثي

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024