- الخدمة المدنية تعلن الإثنين القادم إجازة رسمية بمناسبة العيد الـ61 لثورة 14 أكتوبر المجيدة ترامب أو هاريس.. ما الاستراتيجية المحتملة التي ستتخذها الإدارة الأميركية المقبلة تجاه مليشيات الحوثي في اليمن؟ (تحليل) تحقيق أممي: تدمير النظام الصحي بغزة يرقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية رويترز: دول خليجية تحث أميركا على منع إسرائيل من قصف مواقع النفط الإيرانية ابتداء من السبت المقبل..وزارة الدفاع تُعلن فتح باب القبول والتسجيل في كلية الطيران والدفاع الجوي تتكون من 12 مركبة.. القسام توقع سرية مشاة إسرائيلية بكمين مركب في جباليا كلفت الحكومة بمتابعة الموضوع.. رئاسة البرلمان اليمني تدعو الخزانة الأميركية إلى التراجع عن إجراءاتها ضد الشيخ حميد الأحمر
محمد جميح
شمشون في معبد غزة
أراء| 8 أغسطس, 2024 - 1:43 ص
اغتال بنيامين نتنياهو إسماعيل هنية، اغتاله بعد أن عاد من واشنطن مضغوطاً، بسبب حربه الإجرامية على غزة، اغتاله لأنه رأى أن السبيل الوحيد لإبعاد الضغوط هو تفجير المنطقة. يحدث أحياناً ان يكون الانفجار هو أفضل الطرق للتخلص من الضغط، الذهاب بالانفجار بعيداً يخدم شخص نتنياهو، لكنه لا يخدم لا أمريكا ولا إسرائيل، ومن هنا تأتي الضغوط على نتنياهو، لوقف مغامراته التي يراها طوق النجاة الوحيد أمامه.
لعل نتنياهو يقرأ هذه الفترة في الأدبيات اليهودية، ربما رأى أن شمشون قد وجد الطريق الصحيح، عندما هدم المعبد على الجميع. «شمشون الجبار» الذي استعاد قوته بعد ضعف، وقتل «بموته من الفلسطينيين في غزة أكثر مما قتل في حياته» حسبما يخبرنا سفر القضاة. نتنياهو يؤمن بالتوراة، أو بالأصح ـ هو مثل بن غوريون وغيره من الصهاينة – يؤمن بما هو لصالحه في التوراة، ويترك ما عدا ذلك. وغزة ليست مدينة محبوبة في «العهد القديم» إنها مدينة «الفلستيين الكفار» المدينة «الملعونة» التي هدم شمشون معبدها على أهلها، وقضى معهم في الحادثة الشهيرة، وغزة هي المدينة التي تمنى إسحاق رابين أن يفيق يوماً وقد رأى البحر يبتلعها. بالمناسبة، رابين هو حمامة السلام الإسرائيلية، وأقل ما يمكن أن تحمل حمائم السلام الإسرائيلية من شر هو أن تتمنى غرق ملايين الناس في البحر!
وبعيداً عن نتنياهو ورابين، كان نيرون أحد أولئك الأباطرة المصابين بمرض السلطة والجنس والمال والمجون والنار، رجل غريب الأطوار، كان يتلذذ بمنظر النار وهي تلتهم أحياء عاصمته روما، فيما هو يعزف على قيثارته من برج عال، ويغني أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة. حرق نيرون روما ثم انتحر، ومثل شمشون ونيرون جاء نتنياهو «شمشون الجديد» الذي يمتلئ حقداً على غزة التي سَمَلتْ عيني شمشون القديم، وقد حان وعد تأديبها وحرقها وهدم مساجدها، وهي الطريقة المناسبة لبقاء شمشون زعيماً أبدياً لـ«شعب الله المختار» إذ لا مناص من استمرار الحرب والحريق، مادام ثمن السلام هو كرسي نتنياهو.
يبلغ الساسة أحياناً درجة من الأنانية المريعة، حدَّ أنهم يمكن أن يذهبوا لتفجير العالم كله – وليس «معبداً في غزة» – إذا أحسوا أنهم أصبحوا في الزاوية الحرجة. مصلحة السياسي هي شعبه ووطنه، وهي دينه وكتابه المقدس، وهي ربه الذي يعبده، وهي وحدها المعبد الوحيد الذي يصلي فيه، والذي يمكن أن يفجر كل المعابد من أجله.
ومع كل هذا الحريق المشتعل في قلب روما، الحريق الذي قالت الأمم المتحدة إن المدينة ـ بسببه ـ «لم تعد مكاناً صالحاً للعيش» مع كل ذلك يشعر نيرون الجديد أنه فشل في تحقيق أهدافه، الأمر الذي أدى به للذهاب بعيداً، وكما اعتمد نيرون روما سياسة الاغتيالات، اعتمدها نيرون غزة، إذ ذهب بعيداً لاغتيال أكبر قادة حماس.
قتل نتنياهو إسماعيل هنية إذن، قتله في قلب «عاصمة المحور» حقق هدفين بضربة واحدة: تخلص من رأس حماس، وأهان طهران. يظن نتنياهو وقادته العسكريون أن قطف الرؤوس سيجعل جسد المقاومة يتهاوى، التخلص من الرأس يعني موت الجسد، لكن قوانين البيولوجيا لا تنطبق على الأفكار. المقاومة فكرة، والفكرة لا يمكن أن يُقطع رأسها، أو يهزمها السلاح. يمكن أن تفصل رأس المقاومة عن جسدها، ثم تجد أن رؤوساً كثيرة قد نبتت من دم الرأس المقطوف، هذه حقيقة لا يستوعبها أمثال نتنياهو الذين لا يدركون أنهم، حتى لو قتلوا كل قيادات وأفراد المقاومة، فإن شكلاً آخر من أشكالها سينشأ، شكلاً أشد عنفاً، وأقدر مواجهة.
مشكلة نتنياهو هنا أنه يواجه رجالاً يريدون بالفعل أن ينالوا «الشهادة» بنيران جيشه، وهذه معضلة حقيقية، إذ أنه يمكن ترهيب من يخاف الموت، لكن ترهيب من يتمنى «الشهادة» أمر مستحيل، وهذا هو مأزق إسرائيل الحقيقي في غزة.
وبالعودة لاغتيال زعيم حماس، فإن الهدف كان ولا يزال أن يفجر الاغتيال المنطقة، وأن ويحظى نتنياهو بدعم أمريكي وغربي أكثر، على اعتبار أنه يقاتل أعداء الغرب المتحضر، يقاتل أولئك الفلسطينيين الهمجيين، أحفاد أولئك الذين حرقوا عيني شمشون، أو بتعبير أدق إنه يقاتل «الحيوانات البشرية» في غزة، حسب تعبير التوراتي الآخر يوآف غالنت، وهي سردية تجد تجاوباً لدى النخب السياسية الغربية المدنسة بالمال والسلطة، والمتلبسة بالمسيح والملاحم الكبرى.
ولكن نتنياهو يواجه في سبيل تحقيق هدف التفجير العالمي مشكلة تتمثل في حقيقة أن الإدارة الأمريكية الحالية تريد أن تخوض حرباً أخرى، حرباً ليست مع إيران، ولكن داخل الولايات المتحدة، مع الرجل الشرس دونالد ترامب. لا تريد واشنطن حرباً في الشرق الأوسط، تعلم الإدراة أن قوى دولية أخرى تريد لأمريكا أن تغوص أكثر في رمال الشرق الأوسط، وتؤجل خروجها منه وتوجهها شرقاً، ولأن البيت الأبيض لا يريد تلك الحرب، فإنه يضغط على نتنياهو ليتوقف عن المغامرة.
كان ملحوظاً عدم احتفاء البيت الأبيض بزيارة شمشون لواشنطن، مقابل احتفاء كرنفالي في الكونغرس، وفي الكونغرس قال الرجل إنه يخوض حربه دفاعاً عن أمريكا، عن الديمقراطية، عن العالم الحر، وسط تصفيق حار من مجاميع من الورثة الدوغمائيين لأولئك الذين كانوا يصفقون لشمشون القديم، مجاميع من الذين يرون في إسرائيل علامة على عودة «المسيح الملك» قريباً. صفق أعضاء الكونغرس لشمشون طويلاً، وهو يحدثهم أنه سوف يهدم معبد غزة، ويعدهم أنه سوف يتخلص من حماس وأخواتها. لكن ساكن البيت الأبيض لم يصفق، ولم يكن راضياً عن «الحفلة الشمشونية» التي أقيمت في الكونغرس، وهذا ملأ الضيف بالغضب، الضيف الذي يُطلق عليه مجازاً كلمة «ضيف». ونقول مجازاً، لأن الضيف الإسرائيلي هو الضيف الوحيد الذي يتصرف في واشنطن، وكأنه رب البيت.
على كلٍ، عاد نتنياهو من واشنطن، وما إن عاد حتى قتل إسماعيل هنية في طهران من أجل تصعيد الصراع وتفجير المنطقة، وذلك بعد أن فكر أنه يمكن أن يضع واشنطن وطهران أمام الأمر الواقع، لكنه نسي أن خصم بايدن الحالي يسمى ترامب وليس خامنئي، وأن خصومة بايدن مع ترامب أشد منها مع خامنئي، كما نسي نتنياهو أن خامنئي نفسه أعطى بطاقة التأهل لبزشكيان، لأهداف ليس من بينها الصدام مع واشنطن، وأن طهران يمكن أن تهدد كثيراً، لكنها لن تجازف بمكتسبات العقود الماضية، لكي تلبي لنتنياهو رغبته في إشعال المنطقة.
الإيرانيون يتوعدون كثيراً، لتسجيل نقاط لدى جمهورهم، وليس لتنفيذ وعيدهم ضد خصومهم، وطهران في وضع حرج ـ لا شك ـ لكنها كعادتها ستجد مسلكاً، تقول من خلاله إنها ردت على اغتيال هنية، دون أن توجع إسرائيل، وتثير ضدها عاصفة أمريكية وغربية. وعلى طريقة دهاقين البازار تسعى طهران للربح فقط، ولا يمكن أن تعرض رأس المال للخسارة، في هذا البازار الكبير المسمى «الشرق الأوسط».
أما نتنياهو، فسيخيب أمله في «خصمه الحميم» خامنئي، الذي يريد منه شمشون الجديد أن يضرب بقوة، لكي يتخذ من تلك الضربة ذريعة لهدم معبد الشرق الأوسط على رؤوس المصلين من كل الديانات واللغات والأعراق.
*نقلاً عن القدس العربي
مقالات ذات صلة
أراء | 10 أكتوبر, 2024
هل كان قرار السنوار صائباً؟
أراء | 8 أكتوبر, 2024
أن تكون مقاومًا أو أن تكون صهيونيًا
أراء | 6 أكتوبر, 2024
مستقبل اليمن بعد عام على معركة الطوفان
أراء | 23 سبتمبر, 2024
كِتاب غزة..!
أراء | 18 سبتمبر, 2024
مقال أم بكائية لغزة؟
أراء | 4 سبتمبر, 2024
الحرب التالية... إسرائيل وإيران