الأخبار

عرّاب "كامب ديفيد".. وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر

‫العالم‬| 30 ديسمبر, 2024 - 1:03 ص

image

توفي الرئيس الأميركي الأسبق جيمي (جايمس إيرل الابن) كارتر، الأحد، عن عمر ناهز 100 عام، في منزله بمدينة بلاينز، بولاية جورجيا. وأوردت صحيفة واشنطن بوست وصحيفة أتلانتا جورنال كونستيتيوشن، نقلا عن نجله، أن كارتر، الذي قاد البلاد بين عامي 1977 و1981، توفي بعد ظهر الأحد في منزله بعد أن تلقى لما يقرب من عامين "رعاية تلطيفية للمسنين".

وكان كارتر، قبل وفاته، أكبر الرؤساء الأميركيين السابقين سنّاً الذين لا يزالون على قيد الحياة، بعدما شهد وفاة الرئيس الأسبق جورج بوش الأب (94 عاماً)، في عام 2018، وودّع أيضاً قبل عامين نائبه خلال ولايته الرئاسية الوحيدة، من 1977 إلى 1981، والتر مونديل.

وظلّ كارتر، الأب لـ4 أولاد، والمتزوج روزالين كارتر منذ 77 عاماً، بعد خروجه من البيت الأبيض، نشطاً في الحياة العامة، وأسّس مركز كارتر للأنشطة الإنسانية والتقدم بمسألة حقوق الإنسان، الذي أكد أخيراً أنه سيركّز في الفترة المقبلة على مسألة الانتخابات الأميركية. 

كذلك، واظب كارتر خلال سنواته الأخيرة، على التدريس في مدرسة الأحد بكنيسة ماراناثا المعمدانية في بلاينز، رغم تراجع وضعه الصحي، إثر إصابته بسرطان الجلد، الذي وصل إلى الدماغ والكبد، علماً أنه قضى أيضاً وقتاً من سنواته الطويلة بعد مغادرته الرئاسة في إلقاء المحاضرات وتأليف الكتب.

وخدم كارتر، عن الحزب الديمقراطي، باعتباره الرئيس الـ39 للولايات المتحدة، لولاية واحدة، خلف فيها الرئيس جيرالد فورد عن الحزب الجمهوري، الذي كان قد تسلّم الرئاسة بعد استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون في 1974 إثر فضيحة "ووترغيت"، وكان فورد حينها نائبه. ولم يتمكن كارتر من الفوز بولاية ثانية، بعدما هزمه في انتخابات الرئاسة عام 1980، الجمهوري رونالد ريغان.

ولاية ديمقراطية بين رئيسين جمهوريين

وبين رئيسين جمهوريين، لم يحظ كارتر، خلال ولايته الوحيدة، بفرصة لتحقيق أجندته التي وعد بتنفيذها خلال حملته الرئاسية، ألا وهي تحديث السياسة الأميركية في واشنطن، بعدما كان كارتر نفسه معارضاً للكثير من سياسات حزبه الديمقراطي، وهو ما أحدث مفاجأة لدى انتخابه. 

ولهذا السبب، ظلّت ولاية كارتر، على الصعيد الداخلي خصوصاً، وكأنها فرصة لم تكتمل، بعدما واجه أزمة التضخم والبطالة التي طبعت سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، ثم أزمة احتجاز إيران لرهائن أميركيين في طهران، عام 1979، التي يشار إليها كأحد الأسباب الأساسية في خسارته السباق مجدداً للبيت الأبيض.

وإذ عرف عهده على الصعيد الخارجي خصوصاً بهندسته اتفاق كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل، الذي وقّع في عهده بالبيت الأبيض في مارس/ آذار 1979 بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، كان لانخراط كارتر في الشأن العام الإنساني ما بعد الرئاسة، الأثر الذي تخطى ثقله أعوام رئاسته. 

علماً أن كارتر حاز جائزة نوبل للسلام في 2002، لعمله على إيجاد حلول سلمية للأزمات الدولية، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، والترويج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومنها انهماكه طوال سنوات ببناء المنازل للفقراء.

وصل كارتر إلى البيت الأبيض، في انتخابات عام 1976، قادماً من جورجيا التي مثلّها في الكونغرس سيناتوراً، ثم كان حاكمها لولايتين، قبل ترشحه للرئاسة، وفوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، قبل تغلبه على جيرالد فورد. من عائلة مزارعة، تخرج من الكلية البحرية في ماريلاند، وعمل في قطاع الأعمال، قبل وصوله إلى حاكمية الولاية التي قضى فيها 8 سنوات.

تسلّم كارتر الحكم، رافعاً شعار استعادة الثقة بالحكومة، بعد حرب فيتنام وفضيحة "ووترغيت"، وأطلق سلسلة من الإصلاحات، كان الهدف منها بحسب إعلانه "إحداث نقلة في عالم السياسة"، لكن الاقتصاد المتراجع، وأزمة الرهائن في إيران (احتجاز 52 دبلوماسياً أميركياً في طهران عام 1979)، أفقداه الدعم الشعبي، مع تواصل شعور الأميركيين بالضعف، ما أدى إلى فوز منافسه بانتخابات الرئاسة عام 1980، حاكم كاليفورنيا آنذاك، رونالد ريغان. 

وبحسب موقع البيت الأبيض الرسمي، بإمكان كارتر الإشارة إلى عدد من إنجازاته على الصعيد الداخلي، ومنها تعامله مع مسألة نقص الطاقة، بإنشاء سياسة طاقة وطنية والسيطرة على الأسعار لتحفيز الإنتاج، والاهتمام بالبيئة، علماً أنه عدّ بعد خروجه من الرئاسة توسعته محمية ألاسكا أحد أهم إنجازاته.


عقيدة كارتر واحتواء الاتحاد السوفييتي

على الصعيد الخارجي، اختلفت عقيدة كارتر، بين عامي 1976 و1981، تبعاً للتحولات الخارجية التي فرضتها خصوصاً العلاقة مع الاتحاد السوفييتي، والتي هيمنت عليها فترة الحرب الباردة. أظهر كارتر، مهندس "كامب ديفيد"، ميلاً للمفاوضات طريقا لإنهاء الصراعات، وجرى في عهده تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الصين (يناير/ كانون الثاني 1979)، وواصل محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية مع الاتحاد السوفييتي.

ووقّع مع الرئيس السوفييتي ليونيد بريجنيف في يونيو/ حزيران 1979، معاهدة "سالت 2" للحد من الأسلحة الاستراتيجية، لكنه طلب من مجلس الشيوخ تعليقها في الأول من يناير 1980، رداً على الاجتياح السوفييتي لأفغانستان في ديسمبر/ كانون الأول 1979، ما أرسل إشارة إلى الكرملين بانتهاء مرحلة انفراجة في العلاقات، كانت قد أطلقتها إدارة نيكسون.

في 15 يوليو/ تموز 1979، ألقى كارتر خطاباً من البيت البيضاوي، موجها للشعب، وعرف لاحقاً بخطاب "الاستياء"، قال فيه إن الأميركيين يواجهون "أزمة ثقة". واعتُبر الخطاب أنه من أكثر خطب الرؤساء الأميركيين صدقاً، إذ شدّد فيه على أن الأزمة بدأت قبل جيل، وأنها مبنية على أن الحكومة في واشنطن لم تعد تعمل من أجل أكثرية الأميركيين. 

وعلى الرغم من ارتفاع شعبية كارتر في استطلاعات الرأي إثر الخطاب، إلا أن ارتفاع أسعار الفوائد وانهيار الوظائف والصناعة، فضلاً عن أزمة الرهائن في إيران، جميعها عوامل أضعفت العام الأخير من عهده.

في خطاب حال الاتحاد الأخير له، عام 1980، أطلق كارتر عقيدته المتعلقة بالسياسة الخارجية، التي أعاد فيها أميركا إلى استراتيجيتها التقليدية في احتواء الاتحاد السوفييتي، مؤكداً أيضاً أن أميركا مستعدة لاستخدام القوة ضد أي دولة تحاول السيطرة في منطقة الخليج، ما شكّل تبدلاً دراماتيكياً عن بداية ولايته التي ركزت على الترويج لحقوق الإنسان والتفاوض.

(العربي الجديد)

| كلمات مفتاحية: جيمي كارتر
[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024