الأخبار

كيف رأت الصحافة الأمريكية ضربات ترامب الأخيرة ضد الحوثيين في اليمن؟

ترجمات| 18 مارس, 2025 - 11:13 م

يمن شباب نت - أبوبكر الفقية (خاص)

image

كانت الغارات الأمريكية في اليمن والتي أعلن عنها ترامب لاستهداف الحوثيين، مثار جدل واختلاف في الصحافة الأمريكية، منذ بدء الهجمات السبت الماضي، بينما قللت بعض الآراء من جدواها، رأى آخرون ان لها أهمية استراتيجية.

موقع "يمن شباب نت" رصد جانباً مما أوردته الصحافة الأمريكية، بشأن الغارات الأمريكية على الحوثيين في اليمن والتي ما تزال مستمرة لليوم الخامس على التوالي، حيث شنت عشرات الغارات الجوية على عدد من المحافظات اليمنية، ووفق وسائل إعلام الحوثيين أسفرت عن 53 قتيلاً.

أجندة جيوسياسية

ربطت مجلة "ناشيونال انترست" الضربات الأمريكية ضد الحوثيين بأجندة جيوسياسية أوسع نطاقا للإدارة الأمريكية- تتضمن مواجهة النفوذ الاقتصادي للصين، وخاصة اعتماد بكين على النفط الإيراني.

وقالت في مقال للكاتبة بورجو أوزتشيليك، أن الولايات المتحدة، من خلال منح الضوء الأخضر لأكبر قصف عسكري حتى الآن في ولاية ترامب الثانية، تكون قد شرعت في تحقيق عدة أهداف في وقت واحد: تآكل القدرة العسكرية للحوثيين، وتطبيق "أقصى قدر من الضغط" ضد قدرة إيران على تمويل وكلائها، وإرسال تحذير إلى مشتريي النفط الخام الإيراني الخاضع للعقوبات، وخاصة الصين.

ورغم أن إدارة ترامب بررت استخدامها للقوة المميتة ضد الحوثيين كإجراء لضمان حرية الملاحة الذي تعتمد عليه التجارة الدولية. لكن الكاتبة رأت "أن حسابات واشنطن تمتد إلى ما هو أبعد من الأمن البحري، بتحقيق أجندة جيوسياسية أوسع نطاقًا، تشمل مواجهة النفوذ الاقتصادي للصين، وخاصةً اعتمادها على النفط الإيراني".

وباستهدافها الحوثيين لا تقتصر الولايات المتحدة على حماية ممرات الشحن الحيوية فحسب، بل تمارس أيضًا ضغطًا على محور الطاقة بين إيران والصين، وهو عنصر أساسي في موقف بكين الاستراتيجي في المنطقة، وفق الكاتبة.

وترى كاتبة المقال بأن العمل العسكري الأمريكي يهدف أيضًا إلى منع الحوثيين من تعزيز نفوذهم محليًا في ظل عملية السلام الهشة هناك، ومنع قدرتهم على إعادة تنظيم صفوفهم دعمًا لعقيدة الدفاع المتقدمة الإيرانية التي تعتمد على تمويل وكلائها. ورجحت أن تُضعف حملة عسكرية أمريكية مُستمرة الترسانة العسكرية للحوثيين، وربما تُنهي قيادتهم. 

مع ذلك تستدرك الكاتبة بالقول "لكن الحوثيين يمتلكون اقتصادًا حربيًا متنوعًا، مما يسمح لهم بالاستفادة من التهريب غير المشروع للسلع، بدءًا من الوقود والسجائر وصولًا إلى المكونات ذات الاستخدام المزدوج والمواد العسكرية، مع تحقيق عائدات ضريبية ككيان أشبه بالدولة بحكم الأمر الواقع".

وهذا يجعل نظام العقوبات الأمريكي والغربي ركيزة أساسية في مواجهة الحوثيين، إلا أن تنامي علاقاتهم مع الجهات الفاعلة الرئيسية يُعقّد فعالية العقوبات، وفق "ناشيونال انترست".

روسيا والصين ومساعدة الحوثيين

كانت الصين الوجهة الرئيسية لما يصل إلى 90% من صادرات النفط الإيرانية في عام 2024، مما يُبرز تعميق العلاقات الاقتصادية بين بكين وطهران رغم العقوبات الأمريكية. وبمساعدتها في ملء خزائن إيران، تُساعد الصين الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في تمويل وكلائه، مثل الحوثيين. 

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، كشفت بيانات بارزة لوزارة الخزانة الأمريكية عن روابط سرية بين الصين والحوثيين. ومن المحتمل -وفق ما أوردت تقارير- أن يكون الحوثيون قد تلقوا تعويضات مالية أو غيرها من التعويضات من الصين "مثل مكونات عسكرية صينية الصنع" مقابل السماح بحرية المرور للسفن التابعة للصين في البحر الأحمر.

إلى ذلك تعمل روسيا كجزء من سياستها الخارجية المناهضة للولايات المتحدة، ورد أنها قدمت بيانات استهداف الأقمار الصناعية للحوثيين ضد السفن الأمريكية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة. 

تم الكشف عن الرابط الروسي الحوثي، الذي نما خلال صراع غزة، عندما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في 5 مارس عقوبات على سبعة أعضاء حوثيين رفيعي المستوى مسؤولين عن تهريب المواد العسكرية وأنظمة الأسلحة والتفاوض على مشتريات الحوثيين من روسيا.

ومع تركيز بوتين الآن على شروط وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة في أوكرانيا، ستكون موسكو أقل ميلاً لدعم الحوثيين، والتي كانت أداة ضغط براغماتية بدلاً من استراتيجية طويلة الأجل. وفق "ناشيونال انترست".

الضغط ضد إيران

لقد أثبت الحوثيون أنهم موردٌ جديرٌ بالاستثمار فيه بالنسبة لإيران، التي من المرجح أن تسعى على المدى البعيد إلى تعزيز قدرات الحوثيين لمواصلة الحصار البحري في البحر الأحمر، وربما أبعد من ذلك.

وبحسب "ناشيونال انترست"، "ازدادت قيمتهم في نظر إيران منذ الخسائر التي تكبدتها الشبكات الإيرانية في لبنان وغزة وسوريا"، ومع تراجع قدرة إيران على نقل الدعم المالي والفني إلى الحوثيين، فمن المرجح أن تُكثّف الجماعة شبكاتها غير المشروعة لتهريب المخدرات والنفط والتبغ لتعزيز صمودها الاقتصادي والتنظيمي. 

باستهدافها الحوثيين ضمن حملة الضغط الأقصى على إيران، تُظهر الولايات المتحدة أيضًا أنها لن تتردد في ضرب الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران. 

وهذا يثير تساؤلًا حول إمكانية استهداف الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق خلال الأشهر المقبلة، في ظل تكثيف الولايات المتحدة ضغوطها على بغداد لنزع سلاح هذه الجماعات وطرد النفوذ الإيراني من البلاد قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول.

وضع محرج لأمريكا

وفي مقال بعنوان "ترامب يؤكد مجددا دور الولايات المتحدة كشرطي العالم بتصعيد هائل في اليمن" حذر موقع "ذا انترسبت" من أن هذا التصعيد يقود إلى وضع سياسي مُحرج في أمريكا لإدارة ترامب باندلاع صراع واسع في الشرق الأوسط.

وركز ترامب في حملته الانتخابية على إنهاء الحروب، ومع ذلك، تتجه الإدارة الأمريكية الآن نحو مزيد من إراقة الدماء في الشرق الأوسط، بالاندفاع نحو تدخل أعمق وأكثر انخراطًا في اليمن.

وحذر الموقع من "احتمالية أن يُشعل تصعيد حرب اليمن صراعًا إقليميًا في الشرق الأوسط، وهو نفس النوع الذي طالما صرّح ترامب بأنه يريد تجنبه. كما رجح المقال أن حرب اليمن ستزداد تصعيدًا. 

ويتوقع الخبراء أن تستأنف القوات المدعومة من الولايات المتحدة في اليمن عملياتها البرية ضد الحوثيين، حيث سيتلقون بالتأكيد معلومات استخباراتية أمريكية ودعمًا آخر. وفق موقع "ذا انترسبت".

وأشار الموقع إلى تزايد خطر اندلاع صراع إقليمي شامل أيضًا، حيث يهدد ترامب نفسه إيران، الداعم الرئيسي لحركة الحوثي والعدو الرئيسي لحلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

وقد يُشكّل تجدد حرب اليمن وضعًا مُحرجًا للديمقراطيين. ففي السابق، لم تكن المعارضة الديمقراطية لتدخل الولايات المتحدة في الحرب تجتاح الحزب، بل كانت قوة متنامية. بحسب موقع "ذا انترسبت".

فخلال ولاية ترامب الأولى، عارض الديمقراطيون بشدة دعم الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية والذي كان يقصف اليمن، وأقرّوا قرار صلاحيات حرب اليمن في مجلسي الكونغرس بدعم من الحزبين.

وبمجرد أن بدأ بايدن عملياته الانتقامية ضد الحوثيين في خضم حرب إسرائيل على غزة، تراجع العديد من الديمقراطيين عن معارضتهم لحرب اليمن. الآن، أمام الديمقراطيين خياران: إما حشد كتلتهم ضد تصعيد ترامب المتهور واتخاذ موقف يدعو إلى سياسة خارجية أكثر تحفظًا، أو دعم إعادة إحياء الرئيس لفكرة كونه "شرطيا"، وفق الموعق الأمريكي.

استهداف قيادات الحوثي مبرر غير كاف

من جهتها نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا، رأى أن "استهداف قيادات الحوثي مبرر غير كاف" لافتا أن "إنهاء الهجمات على ممرات الشحن في البحر الأحمر يتطلب استراتيجية أوسع نطاقا".

وراى كاتب المقال بقلم دانييل شابيرو "الغارات الجوية التي شنتها إدارة ترامب على اليمن مطلع الأسبوع الجاري هي المرة الأولى التي تستهدف فيها الولايات المتحدة قادة الحوثيين صراحةً، وكانت هذه الضربات مبررة، لكن الجزء الصعب ربما لا يزال أمامنا".

وقال الكاتب -الذي كان، نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط من يناير 2024 إلى يناير 2025- "واجهت إدارة بايدن، التي خدمتُ فيها، صعوبةً في مواجهة التحدي الحوثي، كما أذن الرئيس جو بايدن بشن ضربات واسعة النطاق ضد الحوثيين، وخلافًا لما وصفه بعض مسؤولي إدارة ترامب، لم تكن هذه ضرباتٍ خاطفةً ولا ضرباتٍ ردّ فعلٍ بحتة".

وتابع "ففي سبع مناسباتٍ على الأقل، ضربت القوات الأمريكية، بمشاركةٍ بريطانيةٍ أحيانًا، منشآتٍ لتخزين الأسلحة تحت الأرض ومراكز قيادةٍ وتحكم، إضافةً إلى ذلك، نفذت القيادة المركزية الأمريكية ضرباتٍ شبه يومية للدفاع عن النفس ضد أسلحةٍ قيد الاستخدام أو قيد الإعداد".

وفي المجمل، دُمِّرت مئاتٌ من صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة في هذه الضربات، - بحسب الكاتب شابيرو- الذي أردف قائلا "لكن الهجمات لم تُعِدْ قوة الردع. إذ بدت قيادة الحوثيين، بأيديولوجيتها المعادية بشدة لإسرائيل وأمريكا، أكثر جرأةً بفضل هذه المناوشات".

واستغلت صراعها مع الولايات المتحدة لزيادة شعبيتها في الداخل، بينما أكسبها تصويرها لنفسها كمدافعة عن الفلسطينيين قاعدة تأييد إقليمية. وفق مقال فورين بوليسي.

وقال دانييل شابيرو "في مناقشاتنا مع شركائنا الإقليميين، عربًا وإسرائيليين، سمعنا رأي مشترك يشير ان وقف الحوثيين يبدأ بقتل قادتهم، حيث يرى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، نفسه رجلًا إقليميًا قويًا صاعدًا، وليس مجرد وكيل لإيران" وأضاف "نُصحنا بقتله هو وكبار مساعديه، لعلّ عدوان الحوثيين يهدأ".

وأعتبر هذا النوع من الاستهداف أسهل قولاً من الفعل، خاصةً في مكان ناءٍ ووعر كاليمن، حيث يتخذ قادة الحوثيين احتياطاتٍ أمنيةً لحماية أنفسهم، وينشطون تحت الأرض وفي أوساط المدنيين، ويتمتعون بحماية دفاعات جوية متطورة، يعترف الجيش الأمريكي بأنها أسقطت طائرات استطلاع أمريكية من طراز MQ-9. وفق مقال فورين بولسي.

لشنّ حملة مستدامة ضد هذه الأهداف، يحتاج الجيش الأمريكي إلى معلومات استخباراتية إضافية وتعاون -تحليلي وعملي- من شركائه الإقليميين الرئيسيين. تستغرق مهمة من هذا النوع وقتًا وتأتي مع تنازلات، إذ يجب نقل جمع الأصول ضد هدف واحد بعيدًا عن الأهداف الأخرى.

من خلال وصف مسؤولي إدارة ترامب لضرباتهم، يبدو أن الصورة الاستخباراتية قد نضجت بما يكفي لاستهداف قادة الحوثيين. وهذا ضروري ومناسب، شريطة الحرص على تقليل الخسائر المدنية قدر الإمكان لكن هذا يتطلب جهدًا متواصلًا. وفق دانييل شابيرو.

تحديات إدارة ترامب

وعد فريق الرئيس دونالد ترامب بشن حملة "لا هوادة فيها" حتى يُوقف الحوثيون هجماتهم. وفي خضم هذه الحملة. ووفق المسؤول السابق في وزارة الدفاع سيواجه الفريق أيضًا التحديات التالية:

من غير المرجح أن يستسلم الحوثيون بسهولة، فقد تحملوا سنوات من قصف قوات التحالف بقيادة السعودية قبل وقف إطلاق النار ومفاوضات السلام عام ٢٠٢٢. لديهم قدرة تحمل عالية. يرون في القتال مع الولايات المتحدة قيمة أيديولوجية وفائدة سياسية. 

قد يعتبرون اللهجة العدوانية التي تبناها ترامب تحديًا لهم. وقد أثبتوا مرونتهم ومهارتهم في استخدام أنظمة أسلحة جديدة وتكتيكات مبتكرة.

ردًا على الضربات الأمريكية، قد يشن الحوثيون هجمات على شركاء عرب يستضيفون قوات أمريكية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين. وقد أدى هذا التهديد إلى تقييد التعاون الذي قدمته هذه الدول في الجولات السابقة، وسيكون تعزيز دفاعاتها الجوية ضروريًا للحفاظ على دعمها، الذي يوفر فوائد عملياتية.

أخيرًا، الأداة العسكرية ضرورية، ولكنها غير كافية لحل مشكلة الحوثيين. لقد أضافت إدارة ترامب بالفعل أدوات مفيدة من خلال إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، مما فتح إمكانيات جديدة لفرض عقوبات. 

إن اعتراض شحنات الأسلحة التي تمر عبر البر والبحر، وتشديد عمليات تفتيش الأمم المتحدة للبضائع التي تدخل ميناء الحديدة، هي أيضًا أدوات رئيسية. ولكن لا ينبغي استبعاد التدابير السياسية. 

لا يكفي أن نقول، كما فعل وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، إننا لا نهتم بما يحدث في الحرب الأهلية اليمنية. فلقد أوصلنا نجاح الحوثيين في تلك الحرب إلى هذه النقطة. 

لذا حتى لو تمت إزالة قادة الحوثيين، يجب أن يكون هناك "ماذا بعد ذلك؟" سيكون دعم حكومة جمهورية اليمن -منافسي الحوثيين- والتفاوض لتنصيب قيادة موثوقة وتوافقية ضروريًا لمنع تكرار معارك الحوثيين هذه مرة أخرى.

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024