- تعرض للتعذيب ويعاني من أمراض خطيرة.. دعوات لإنقاذ جندي أسير مُهدد بالموت في سجون مليشيا الحوثي بصنعاء مقتل فتى في ظروف غامضة بالعدين غربي إب الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإدانة جرائم مليشيا الحوثي في البيضاء صنعاء..وفاة شاب داخل سجن لمليشيا الحوثي بعد يوم من اختطافه العفو الدولية تدعو المجلس الانتقالي إلى سرعة الإفراج عن الصحفي أحمد ماهر المبعوث الأممي يجدد تمسكه بـ "خارطة الطريق" كمسار قابل للتطبيق لإحلال السلام في اليمن اعتقال رئيس كوريا الجنوبية المعزول لأول مرة في تأريخ البلاد
مسؤولون أم "مصاصي دماء" بكرفتات؟!
كتابنا| 9 يناير, 2025 - 7:11 ص
لست من هواة أفلام الرعب ولا أفكر مطلقا بمشاهدة أحد منها، غير أن ما تُعرض عنه اختيارا في عالم السينما تجبر على مشاهدة ما يماثله في عالم السياسة والحكم.
يبدو أن اسطورة مصاصي الدماء ليست مجرد حكايات شعبية وخرافات وجدت لها متسعا في عالم التأليف والأفلام المصورة لإثارة الرعب والخوف، بل إنها تقترب أحيانا من الواقع وتصور قساوته ووحشتيه.
أفصحت عن ذائقتي السينمائية لأتحدث عن التقرير الحكومي الذي صدر عن جهاز الرقابة والمحاسبة بتوجيه من المجلس الرئاسي والذي دوى بفضيحة فساد في 20 ملف وقضية تطال مؤسسات ودوائر حكومية. ،وقبل أن أتحدث عن التقرير أريد أن أضع هنا تعريفا حتى لا يُظن أن مصطلح "مصاصي الدماء" مجرد تشعيب وشطح بالتصويرات.
يُعرف مصاصي الدماء حسب الأسطورة بأنهم" وحوش ذوي هيئات بشرية تعيش على دماء الأحياء"، ألا ينطبق هذا التعريف على فئة من البشر اخذت على عاتقها إدارة أعمال في وزارات وقنصليات ومؤسسات خدمية لشعب منهك جائع بلغت نسبة الافراد الذين يعانون فيه من فقر متعدد الأبعاد 82% ونسبة حرمان 46% حسب ما ورد عن التقرير الانمائي للأمم المتحدة في 2024 في بلد يقدر أنه الأفقر عربيا وفي المرتبة 151 على مؤشر التنمية البشرية من بين 177 دولة. فإذا هذه الفئة تعيش مرفهة وتأخذ رواتبها بالعملة الصعبة ويكون انجازها في الخدمات والتنمية لا يذكر ثم تظهر بين الحين والاخر قضايا فساد واختلاسات مالية بأرقام مهولة، هذه المرة كان الرقم المفصح عنه ـ وغير المفصح عنه يتجاوز ذلك بأضعاف ـ مليار وسبعمائة وعشرين مليون دولار في قطاعات متعددة أبرزها (الكهرباء والطاقة، شركة بترومسيلة النفطية، أراضي وعقارات الدولة، قنصلتي جدة ومصر)، وكل واحدة من هذه الجهات الحيوية تمس حياة المواطنين واحتياجاتهم بشكل مباشر وأساسي.
حين استعرضت تفاصيل التقرير المنشور في كل جزئية مرت معه صور متنوعة لمعاناة الناس ابتداءً من انقطاعات الكهرباء وتردي خدماتها في مختلف المحافظات إلى المساربات الطويلة للحصول على مشتقات النفط والغاز الى أزمات السكن ومشاكل التأجير وهناك مساحة تجاوزت (476) مليون متر مربع من الأراضي تم الاعتداء وتسهيل الاستيلاء على أراض تابعه للدولة..الخ الخ.
لا يمكن لأحد أن ينهي قراءة هذه الفضائح دون أن يشعر بغليان في رأسه خصوصا وأن مليار دولار مرتبط بجهة واحدة شركة "بترومسيلة" وشخص واحد تم الإشارة اليه دون الافصاح عن اسمه يرتبط به رقم 27 مليار ريال والمرجح هو محافظ المهرة الأسبق راجح باكريت. وعلى سيرة الأسماء مثير للانتباه والتوجس أن التقرير لا يشير لاسم ولا لصفة أحد من "مصاصي الدماء" مع أن من أولى أوليات الشفافية والمحاكمة والحقوق أن يعرف الشعب من هم لصوصه بأسمائهم وألقابهم ومناصبهم، التقرير يضع توصيف مبهم لكل هؤلاء بـ"جهات نافذة" إذا عجز المجلس الرئاسي عن مصارحة وتعريف الناس بأسماء هوامير الفساد وهو من أبسط الحقوق الواجبة كمحاكمة مجتمعية ونوع من التعزير فهو أعجز عن محاكمتهم قضائيا واسترداد الأموال المنهوبة منهم.
من حق ملايين الناس الذين أحرقتهم حرارة صيف بلا تكييفات ولا تبريد في عدن والحديدة أن يعرفوا غرمائهم بالاسم والصفة، ومن حق مئات الالاف من الطلبة الذي حرموا من الضوء للدراسة بسبب انقطاع الكهرباء أن يتذكروا صور وأسماء هؤلاء، ومن حق زميلي الصحفي الذي سألته مرة عن تأخر عمل ما فكان رده أنه منشغل في البحث عن "دبة غاز" لبيته أن يعرف أكثر عمن يسلبه وقته وجهده، ومن حقنا جميعا أن نعرف هؤلاء ونحاكمهم مجتمعيا وإعلاميا وقضائيا كونهم يجتمع فيهم جرم السرقة والحرابة "قطع طريق التنمية" واستغلال المناصب، ونتذكرهم كوصمة عار في مجال السياسة والمسؤولية.
حين يفترض أن يتنافس مسؤولينا لبناء بلد متهالك ومنهك نجدهم يتنافسون من ينهب ويبطش أكثر بأسرع وقت قبل أن تتم إقالته أو يتفلت بطريقة ما، هذه هي آلية الأداء والانجاز الأكبر الذي يحققوه، حتى لو لم يظهر هكذا تقرير كل المؤشرات تخبرنا ما الذي يجري من انعدام ورداءة الخدمات الى الخراب الذي يعم كل مرفق ومؤسسة حكومية مرورا بالأزمات النفطية والأسعار المضاعفة ثم أن أبسط زيارة لأصغر دائرة ومرفق تقول لنا الكثير. ألا يدعوا ذلك أن يكون "مصاصي دماء" بكرفتات هو التوصيف الأليق بمسؤولين يلتهمون كل ما تطاله أيديهم حتى آخر رمق من دماء الناس وحقوقهم!.
مقالات ذات صلة