الأخبار
Image Description

صلاح الأصبحي

ماهية السيطرة الحوثية على الشعب!

‫كتابنا‬| 8 مارس, 2025 - 8:06 م

 بعقلية عصابات المافيا ومنظمات الإجرام العالمية استوحت العصابة الحوثية بعض فلسفات الاستعباد والاستحواذ والتحكم برقاب المجتمع ومصير أبنائه عبر اتكائها على ثنائية قاتلة للفوز بالسيطرة وإمساك الناس من الكتف الموجع، متخذة من الألم والخوف منهجية متبعة وثنائية حتمية بهما وعبرهما استطاعت استنفاد طاقات الرفض الشعبية وإفراغ شحنات التصدي والمقاومة في مناطق سيطرتها حتى لكأن البعض يستشعر أن موتاً جماعياً تفشى واستسلاماً كلياً تكدس ورضوخاً فعلياً ارتسمت ملامحه هناك حيث العصابة تستفحل في إجرامها وتتبختر في انتهاكها حد الفحش وتقهر الجميع حد الفسق والفجور.

ألم الجوع والنهب والاستلاب والاتاوات والجبايات وتضييق مصادر الدخل والاستحواذ على أموال الآخر بدون مبرر يقابل كل هذا خوف البطش والتنكيل والتصفية الجسدية والاختطاف والاعتقال وإسكات الصوت المناوئ وإخماد المشاعر المتخمة بالتذمر والازدراء من نهج هذه العصابة التي جعلت الإنسان في مناطق نفوذها يتنفس الألم مع كل زفرة هواء والخوف لحن يظلل كل كلمة يتفوه بها، منهك مادياً ومنكسر معنوياً، خائر القوى ومستنفذ الصد والوقوف في طريق تلافي الضربات الموجعة التي يتلقاها ليل نهار كأنها كل يوم تبتر جزءاً من جسده المترهل وعقله المرتجف جراء معاناته المتدفقة وحزنه الوافر الذي تغمره الجماعة به دونما تريث أو إشفاق أو خشية صحوة ضمير أو اعتبار للأخلاق أو للإنسانية.

تتقن الحوثية كعصابة منظمة الجريمة المنظمة أو العشوائية وتستخدمها حسب الدوافع وتوقع ردود الأفعال، حيث لا تخفق في التبرير أو اختلاق صور مبتكرة منه في تجاوز أية محنة أخلاقية أو إنسانية تقع فيها للسيطرة عبر ثنائية الألم والخوف، ونحن إذ نعترف لها أنها حصدت نسباً عالية بتفوق وندرة لا يشاطرها أحد على سطح الكوكب في قدرتها الفائقة واحترافها المثالي في امتصاص أمعاء اليمنيين وشل حركة تفكيرهم وزرع أكبر قدر من الألم والخوف في حياتهم وجعلهم هياكل عظمية وأشباه أحياء يتساقطون كورق التوت من الجوع والفقر والرهبة، يزحفون في أيامهم ولياليهم على بطونهم بعد أن فقدوا القدرة على الوقوف والبقاء بشموخ وكرامة بعد أن مرغت أنوفهم في التراب بالإذلال والقمع الحوثي طيلة سنوات أكلت أخضرهم واليابس وتناثرت أحشاؤهم بين يدي أزلام الحوثية ومشرفيها والتابعين لها من قريب أو بعيد.

 ومهما أنهكتَ نفسك في البحث عن بنية التفكير الحوثية ومنظومتها الاستراتيجية المتبعة التي تدير بها مشروعها السلالي لن تجد أعمق من هذه الثنائية ولا أكثر ارتكازاً من شموليتهما حيث يمكن إسقاط كافة جرائهما وأساليبها المريعة في الانتهاك والتنكيل بحق اليمن على هذه الثنائية وإرجاع دوافع السلالة المتهورة لبلوغ هذين النقطتين ويقينها أن إيصال المجتمع الخاضع لجبروتها إلى مستوى معين من الألم والخوف سيضمن لها البقاء والمكوث زمناً أطول كمتحكم أوحد وسلطة أمر واقع بعيداً عن ارتجالية الحلول السياسية ومبادرات السلام المفترضة التي يتم طرحها هنا وهناك، فهي تتخذ من مكاسب هذه الثنائية رأس مال تساوم به الداخل والخارج، وتدعي بإسفاف وبجاحة أساها لتلك المعاناة التي يقاسيها الشعب-حسب تبريراتها الواهمة- إزاء العدوان/ الحصار /الحرب/ إغلاق المنافذ/ توقف المرتبات علماً بأنها لن تفرط قيد أنملة بخروج الجماهير من مستنقع الألم والخوف وتخفيف أوجاعهم الذي سيزيحهم من رقعة الثنائية.

ولذا كلما جاء الحديث عن دفع الرواتب تكشر عن أنيابها وتأبى أي تسليم لا يأتي عن طريقها لخشيتها الدفينة من فقدان القدرة على السيطرة واستعادة الغالبية من الشعب لأنفاسهم لو أتيح لهم الحصول على مرتباتهم أو تلقي إعانات أو تسهيلات تزيح عنهم الألم المادي والخوف المعنوي اللذين تستميت الجماعة من أجلهما كل ما في جعبتها من حيلة وزيف وخداع ومكر وقبح لكي يبقى الكل مخنوقاً بين جدران نفقها المرصع بالألم والخوف.

ومن هنا فإن من الأساسيات الجوهرية لمقاومة وتفكيك مشروع هذه العصابة هو فهم بنيتها العميقة وفلسفتها الشيطانية التي أحكمت عبرها قبضتها الحديدية على المجتمع، ومن ثم ينبغي التفكير ببناء خطط وطرق وأساليب ردع يمكن من خلالها اختراق الجدران الصلبة التي شيدتها العصابة الحوثية وتقويض أعمدتها، فحين ننعتها بأشنع الجرائم ونتهمها بـ أفظع الانتهاكات فذلك لا يؤثر فيها وهي تدرك تماماً أنها حقاً كما يصفها المحللون والسياسيون والحقوقيون ولا ضير عندها في ذلك..

 لكن ما يوجعها بالفعل طريقة التفكير الجدية التي تسعى إلى إخراج الناس من بوتقة الألم والخوف وتحريرهم من عبوديتهم لهما، فهم مستعبدون بالألم والخوف ولن يتحطم البرج السلالي إلا بهدم سلاحهما الفتاكين اللذين تقتاد بهما الناس وتنتزع من بينهم المقاتلين والأتباع وهكذا دواليك كمخزون استراتيجي تشحذ طاقاتها وتعزز جبهاتها دون أن تمنح أولئك المقهورين برهة للاستفاقة من غيبوبة الاستعباد والتمرد من وحشية الإذلال.

وعليه فإن كل أشكال القسوة والعنف والقمع ترسخ فاعلية هذه الثنائية ومدى تأثيرهما في بروز العلاقة الرابطة بين الشعب وعصابة الحوثي، ولا يخلو أي سلوك سلالي من الحرص على أن الشعب مدمر نفسياً ومنهك مادياً والعجز الناجم عنهما راسخ استشعرت الجماعة أنها في مأمن وأن من تحت قبضتها قد بلغ بهم الاستلاب حد الهزيمة والخنوع حد اليأس من رفض ذلك الشقاء كتشكيل محكم أعاد هندسة بناء المجتمع  وفق تصورات ورغبات العصابة الحاكمة .

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024