- البيت الأبيض يجدد تهديد ترامب لإيران: يمكن التعامل مع طهران عسريا
كيف تستغل الحكومة الشرعية تصنيف واشنطن للحوثيين منظمة إرهابية؟
كتابنا| 3 مارس, 2025 - 3:19 م
يعد تصنيف واشنطن للحوثيين كمنظمة إرهابية لحظة حاسمة في مسار الأزمة اليمنية، وفرصة نادرة للحكومة الشرعية لإعادة ترتيب أوراقها وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وإنسانية طال انتظارها، هذا التصنيف يُعد أداة ضغط دولية قد تغيّر موازين القوى إذا ما استُخدمت بذكاء وحزم، فالتحدي الحقيقي الذي يواجه الحكومة الشرعية ليس في الاستفادة من القرار ذاته، بل في كيفية تحويله الى نقطة تحول في مسار الحرب والسلام في اليمن.
تستطيع الحكومة الشرعية ان تبدا بتعزيز شرعيتها الدولية من استثمار هذا التصنيف لإظهار الحوثيين كجماعة انقلابية تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، هذا الموقف من شانه ان يعيد الزخم للدعم الدولي، ويدفع نحو مزيد من العزلة الدبلوماسية والسياسية للحوثيين، مما يجبرهم على العودة الى طاولة المفاوضات بشروط اكثر مرونة، وفي هذا السياق، يمكن للحكومة أن تستفيد من القرار لتوجيه الأنظار نحو الانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها الحوثيون، وكسب تعاطف المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، مما يعزز موقفها في المحافل الدولية.
اقتصاديًا، يمثل التصنيف فرصة ذهبية لتجفيف مصادر تمويل الحوثيين، الذين اعتمدوا بشكل كبير على الإيرادات الجمركية والضرائب المفروضة على المناطق التي يسيطرون عليها، فضلاً عن الدعم الخارجي، يمكن للحكومة الشرعية ان تعمل على تشديد الرقابة على التحويلات المالية الدولية، ومطالبة المجتمع الدولي بتعزيز العقوبات الاقتصادية على شبكات الحوثيين المالية، هذا النهج سيضعف الحوثيين اقتصاديًا، ويحد من قدرتهم على تمويل حربهم المستمرة، مما يسهم في تسريع عملية السلام.
إضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة الشرعية ان تستغل هذا التصنيف لتعزيز سيطرتها على المنافذ والموانئ والمطارات، وضمان تحويل الإيرادات الجمركية والضريبية إلى خزانة الدولة الشرعية، بدلاً من ذهابها لتمويل آلة الحرب الحوثية، هذه الخطوة ستعزز من قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في المناطق المحررة، مما يساهم في تحسين صورتها أمام الشعب اليمني.
إنسانيًا، ينبغي على الحكومة الشرعية توجيه رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن التصنيف لا يستهدف الشعب اليمني، بل جماعة مسلحة تستغل المعاناة الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية، وعليه، يمكن للحكومة التنسيق مع المنظمات الدولية لضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية عبر قنواتها الرسمية، وتقديم ضمانات بتوزيعها بعدالة وشفافية، هذا سيسهم في تقليل التأثير السلبي المحتمل للتصنيف على الأوضاع الإنسانية، وفي الوقت ذاته سيظهر الحكومة بمظهر المسؤول الذي يسعى لحماية شعبه.
لكن لا بد من الإشارة إلى أن كل هذه الفرص لن تكون ذات جدوى ما لم تُعزز بوحدة صف داخلي وتوافق سياسي حقيقي بين مختلف الأطراف المناهضة للحوثيين، يجب على الحكومة الشرعية تجاوز الخلافات السياسية والبحث عن توافقات تضمن توحيد الجبهة الداخلية، فالتصنيف وحده لن يهزم الحوثيين إذا ما استمر التشتت السياسي والانقسام العسكري.
وفي خضم ذلك، يجب على الحكومة أيضًا توخي الحذر من الانزلاق في فخ المبالغة في استغلال التصنيف لأهداف ضيقة قد تؤدي إلى تعميق الانقسام الداخلي، أو اتخاذ خطوات استفزازية تؤدي إلى زيادة التصعيد العسكري من دون أن يكون هناك إستعداد وتخطيط دقيق لهذا السيناريو، وهو ما قد ينعكس سلبًا على الوضع الإنساني المتدهور أصلاً، يجب أن تكون الاستراتيجية قائمة على مبدأ الموازنة بين الضغط السياسي والعسكري، وبين التفاوض والحفاظ على مسار السلام.
إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية قد يكون سلاحًا ذا حدين، فإما أن تستغله الحكومة الشرعية بذكاء لتغيير المعادلة السياسية والعسكرية والاقتصادية لصالحها، أو أن تتركه فرصة ضائعة أخرى تُضاف إلى سجل الصراع اليمني المعقد، وفي نهاية المطاف، يبقى الأمل معقودًا على أن تحسن الحكومة استخدام هذه الورقة لتحقيق السلام المنشود أو الحسم عسكريًا، وإنهاء معاناة شعب أنهكته الحرب والتجاذبات الإقليمية والدولية.
مقالات ذات صلة
أراء | 5 مارس, 2025
دلالات الحوثي والجنازة!
أراء | 27 فبراير, 2025
الاستلاب المتراكب والذل الطوعي
أراء | 25 فبراير, 2025
المباحثات السعودية -الأمريكية.. قراءة في الأبعاد الخفية والتداعيات المحتملة
أراء | 23 فبراير, 2025
نُذُر حرب متعددة الأطراف في اليمن بأفق سياسي محفوف بالمخاطر
أراء | 19 فبراير, 2025
ماجستير المشاّط.. عنوان لصراعات متعددة المستويات