عودة الحرب بسيناريوهات مختلفة.. ماهي المخاطر المحلية والإقليمية لفشل تمديد هدنة اليمن؟

سلط معهد أوروبي الضوء على المخاطر المحلية والإقليمية لفشل تجديد وقف إطلاق النار باليمن، والذي يهدد بإشعال الحرب مجددا بعد أطول فترة هدوء للقتال منذ بداية الحرب في عام 2015، بالإضافة لمفاقمة أوضاع ملايين اليمنيين.
 

وذكر تحليل للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية «ISPI» -ترجمة "يمن شباب نت"- "بأن الطيف المتجدد للعودة إلى الاشتباكات داخل اليمن يثير حتمًا مخاوف في البلدان المجاورة مثل سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، وكلاهما حتى الآن روج للهدنة ودعمها". 
 

ويهدد هذا التطور بدفع اليمن مرة أخرى إلى الحرب بعد أطول فترة هدوء في القتال منذ بداية الحرب في عام 2015. وكان وقف إطلاق النار، الذي دعا إليه بقوة الممثل الخاص للأمم المتحدة في اليمن، هانز غروندبرغ، قد مكن في البداية من الفتح الجزئي لمطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون وكذلك ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، وحاول رفع الحصار الحوثي عن تعز، ثالث أكبر مدينة في البلاد.  
 

وعلى الرغم من أنه لم يحرز تقدم يذكر على بعض الجبهات، وعلى الرغم من الادعاءات بحدوث انتهاكات للاتفاق من كلا الجانبين، فإن الهدنة أدت إلى انخفاض حاد في القتال داخل البلد، وبالتالي خفضت بشكل كبير من عدد الضحايا والمشردين، ومع ذلك وبدون تمديد وقف إطلاق النار، لن يكون من الممكن بعد الآن الاستغلال الكامل للتقدم المحرز حتى الآن.  
 

بينما لا تزال المفاوضات جارية، يلقي الطرفان باللوم على بعضهما البعض في السماح بانتهاء صلاحية الصفقة، وتشير الحكومة اليمنية بأصابع الاتهام إلى الحوثيين، الذين رفضوا أيضا اقتراح غروندبرغ الأخير بتمديد وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر. 
 


وأورد المعهد الإيطالي تحليلات وأراء لستة باحثين كالنحو التالي: -  
 

أهمية إبقاء جميع القنوات مفتوحة

وقال آدم بارون، المستشار بمركز الحوار الإنساني "في حين تتواصل الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية المكثفة، فإن عدم تجديد وقف إطلاق النار باليمن يمثل انتكاسة كبيرة لجهود السلام في البلاد، ناهيك عن جهود وقف إطلاق النار بشكل دائم". 
 

وأضاف: "في غياب مثل هذه الصفقة، تُعطى الأهمية لإبقاء جميع القنوات مفتوحة وتتحاور الأطراف المعنية - حتى لو كان احتواء التصعيد هو كل ما يمكن تحقيقه في هذه المرحلة". 
 

وأشار الباحث: "في بعض النواحي قد يستمر الصراع في التمتع بحياة خاصة به تتحدى جهود صانعي السلام الدوليين، ويؤكد الانهيار المحتمل للهدنة في نهاية المطاف حدود هذه الدبلوماسية الاستراتيجية الموحدة". 
 

وتابع: "ومن ثم المضي قدمًا بمعني فهم مجموعة المصالح الذاتية التي غالبًا ما تكون متقاطعة والتي تحكم الأطراف المختلفة - بالإضافة إلى قبول قيود ما يمكن فعله في صراع مستعص على الحل بشكل متزايد". 
 

تصدعات تحدث في الجبهة المناهضة للحوثيين

ويرى أحمد ناجي، الباحث غير المقيم بمركز مالكولم إتش كير كارنيجي للشرق الأوس، "على الرغم من أن الاشتباكات بين بعض القوات الحكومية والانفصاليين في شبوة وأبين ليس لها صلة مباشرة بالهدنة - حيث وقعت داخل المعسكر المناهض للحوثيين، إلا أنها لعبت دورًا مهمًا في إضعاف مجلس القيادة الرئاسي المشكل حديثًا". 
 

وأضاف: "أدى ذلك إلى اختلال توازن القوى داخل المشهد السياسي والعسكري في اليمن، فمن ناحية شجع ذلك الحوثيين على اعتبار أنفسهم أقوى طرف في اليمن، من ناحية أخرى كشفت عن فشل أي محاولات لتوحيد خصومهم في جبهة واحدة". 
 

وقال: "في هذا السياق، كانت الأجندات المتباينة للإمارات والسعودية - التي انعكست في علاقات حلفائها المحليين على الأرض - تمثل باستمرار مسألة مهمة في السنوات السبع الماضية من الحرب، مما خلق طبقة جديدة من الصراع داخل الجبهة المناهضة للحوثيين". 
 

وقال ناجي: "لا يزال هذا الانقسام يمثل المعضلة المركزية للتحالف الذي تقوده السعودية، والتي ستستمر على الأرجح طالما لا توجد رؤية واضحة بين شركاء التحالف".
 


الحوثي يريد أن يلعب دور المنتصر

ووفقا لعبد الغني الإرياني، وهو باحث بمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية "فإن الهدف الاستراتيجي للحوثيين هو التوسط في صفقة مع السعودية تسمح لهم بالسيطرة الكاملة، من دون الأطراف اليمنية الأخرى، على مناطق شمال اليمن أو الأجزاء الواقعة تحت سيطرتهم". 
 

وأضاف: "وسعياً لتحقيق هذا الهدف، فإنهم سيفعلون ما هو ضروري لدفع السعوديين للعودة إلى المفاوضات المباشرة، ومن المحتمل أن يستمروا في إصدار تهديدات تستهدف السياحة السعودية والمنشآت النفطية". 
 

وتابع: "إذا لم ينجح ذلك، فسيشنون هجماتهم الصاروخية والطائرات بدون طيار على المملكة العربية السعودية عندما يكون ذلك أكثر ضررًا - على الأرجح، في النصف الأول من نوفمبر، مع اقتراب النمو المتوقع في قطاع السياحة بسبب اقتراب كأس العالم، حيث دشنت السعودية حملة لجذب السياح الدوليين الذين سيسافرون إلى الدوحة القريبة لحضور البطولة التي تبدأ في 20 نوفمبر، هذا هو الوقت الذي ستكون فيه المملكة العربية السعودية في أضعف حالاتها".
 

عواقب إنسانية وخيمة

ويعتقد آزنود كومين، المدير الإقليمي لمنظمة  Mercy Corps الاغاثية بمنطقة الشرق الاوسط، "إن الفرصة الضائعة لتمديد الهدنة في اليمن ستكون لها عواقب إنسانية وخيمة، فعلى مدى الأشهر الستة الماضية، تم تقليل معاناة المدنيين، وتم اتخاذ خطوات لحل أزمة الوقود في البلاد مع فتح مناطق كانت تحت الحصار سابقًا". 
 

وأضاف: "من المرجح أن تؤدي العودة إلى الصراع إلى إلغاء هذه المكاسب الصغيرة ولكن المهمة، وفي حين وفرت الهدنة فترة راحة، لا يزال اليمن يواجه صراعات وأزمات اقتصادية مترابطة، تفاقمت تمامًا بسبب تغير المناخ وعواقب الحرب في أوكرانيا". 
 

وتابع: "من المرجح أن تؤدي العودة إلى الصراع إلى تجدد الضربات الجوية، وسقوط ضحايا مدنيين، ونزوح داخلي، والمزيد من القيود على توزيع المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها.  كذلك بدون الهدنة، من المرجح أن تتوقف واردات الوقود إلى شمال اليمن، مما يساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى المهمة لوقف أزمة الأمن الغذائي في اليمن، وبالتالي فإن أطراف الهدنة مدعوون إلى العودة إلى المفاوضات على وجه السرعة". 
 


تطور غير مرغوب فيه بالنسبة لمسقط

من جهة أخرى، يقول الباحث السياسي العماني البارز عبد الله باعبود، بأن عمان لعبت دور الوساطة بين الأطراف المتحاربة في اليمن، بما في ذلك توفير مكان محايد لاستضافة عدة جولات من المفاوضات، كما لعبت السلطنة وظيفة بناءة في مفاوضات الهدنة التي تقودها الأمم المتحدة بين الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية. 
 

وأضاف: "يعد الإخفاق في تجديد وقف إطلاق النار تطوراً غير مرحب به لليمن الذي دمرته الحرب والسلام الإقليمي، وكذلك بالنسبة لعُمان كدولة مجاورة تأثرت بالحرب وانعكاساتها الإنسانية على الشعب اليمني". 
 

وقال: "قد يؤدي انتهاء الهدنة إلى زيادة تصعيد الصراع، مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار داخل اليمن والمنطقة الأوسع، حافظت عُمان على مسافة متساوية بين الأطراف المتحاربة وستواصل لعب دورها كوسيط بينما تعمل عن كثب مع الأمم المتحدة والقوى الدولية الأخرى لحل النزاع من خلال الحوار والمفاوضات". 
 

لانهاية تلوح في الأفق لمشاكل الرياض في اليمن
 

وترى الباحثة البارزة اليونورا آرديماغني: "إن فشل تمديد الهدنة في اليمن سيكون له ثلاث تداعيات سلبية على المملكة العربية السعودية، تتعلق بالأمن القومي والاستراتيجية والسياسة". 
 

وأضافت: "فيما يتعلق بالأمن القومي، هدد الحوثيون بالفعل باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على حقول النفط السعودية والإماراتية والبنية التحتية المكونة من أهداف في البحر الأحمر، وسيؤدي هذا إلى زيادة أسعار النفط الدولية - ليس سيئًا للغاية بالنسبة للرياض - ولكن على حساب أمن الحدود السعودية". 
 

وأشارت الباحثة: "على المستوى الاستراتيجي، من المرجح أن يجدد الحوثيون هجومهم العسكري على محافظة مأرب وحقول الطاقة فيها، أو ربما حتى ضد مدينة الحديدة، في انتهاك علني لاتفاق ستوكهولم". 
 

وتابعت: "أخيرًا، هناك قضية سياسية بحتة، وهي أن انهيار الهدنة الوطنية من شأنه أن يضعف إلى حد كبير مجلس القيادة الرئاسي المنقسم والهش بالفعل، وهي مبادرة تدعمها السعودية أُنشئت لإعادة تنشيط الجبهة المناهضة للحوثيين". 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر