الأزمات الدولية: اليمن أصبح رهينة للتوترات الإقليمية وهذه السيناريوهات التي يجب تجنبها؟ (ترجمة خاصة)

قالت مجموعة الازمات الدولية أن اليمن أصبح بشكل متزايد "رهينة للتوترات الإقليمية"، ورجحت أن تؤدي الهجمات الحوثية المستمرة على الأراضي السعودية إلى "مواجهة إقليمية أوسع" بالتزامن مع تفاقم التوترات بين إيران والولايات المتحدة وشركائها الإقليميين.
 
وسلط تقرير «Crisis Group» الذي ترجمة "يمن شباب نت" على حالة الشلل في مدينة الحديدة (غرب اليمن)، وقال "إنها تعيق الأمم المتحدة من عقد محادثات لإنهاء الحرب وتقوض مصداقيتها كوسيط".
 
وقالت المجموعة الدولية في تقريرها الجديد إنها استندت إلى أبحاث ميدانية في عدن والرياض ومسقط وعَمان وواشنطن، بما في ذلك اجراء مقابلات مع الحكومة اليمنية والحوثيين والأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإماراتيين والمسؤولين السعوديين.
 
ما الذي يجب إنجازه؟
 
وشدد تقرير الازمات الدولية على أنه يجب على الأمم المتحدة، بدعم من الدول العظمى، توضيح الحد الأدنى المطلوب لتنفيذ اتفاق الحديدة من أجل "تهيئة الأرضية اللازمة لمحادثات سلام أوسع نطاقًا". مضيفاً "بأنه يتوجب على الولايات المتحدة الامريكية أيضا، وبدعم من الأمم المتحدة العمل على دفع المملكة العربية السعودية نحو محادثات مباشرة مع الحوثيين بشأن وقف التصعيد العسكري، خاصة فيما يتعلق بالهجمات عبر الحدود".
 
وأشار التقرير بالقول بأنه "وبعد مرور سبعة أشهر من اتفاق استوكهولم، تتعرض المحاولات التي تقودها الأمم المتحدة لتجريد الحديدة من السلاح "لخطر العرقلة"، وبالتالي تهدد بمنع المفاوضات السياسية التي طال انتظارها لإنهاء الحرب".
 
وأكد بالقول "إن الجهود الدبلوماسية الضعيفة التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن في حاجة ماسة إلى دفعة دولية لإزالة العقبات التي تعترض تنفيذ اتفاقي استكهولم".
 
ووسط هذه الصورة المثيرة للقلق.. رأى تقرير الازمات الدولية بأن الانسحاب الاماراتي من اليمن مؤخراً "يقدم بعض الأخبار الجيدة" مما يخفف بدوره من خطر العودة إلى قتال كبير. لكنه يستدرك بالقول بأن هذا التطور يجب ألا يهدئ صناع السياسة عبر منحهم "شعور زائف بالأمان". على حد تعبير الأزمات الدولية.
 
ولفت التقرير "أن مسألة إحياء اتفاق الحديدة ومنع تصاعد الهجمات عبر الحدود من إغراق اليمن أكثر في مستنقع إقليمي "يجب منحها الأولويات العاجلة" وأضاف "بأن ذلك سيتطلب الدفع بنجاح على مسارين للوساطة: أحدهما ـ وفق التقرير ـ بين الحوثيين والحكومة اليمنية حول الحديدة: والآخر بين الحوثيين والرياض حول القتال المتصاعد بينهما.
 
وحذر "كلما مر الوقت دون ترتيب عملي حول الحديدة، أو تجميد للهجمات عبر الحدود، كلما زاد تهديد تفكك اتفاق استوكهولم وتضاعفت نذر حرب إقليمية أوسع".  وكلما تلاشى احتمال حدوث تسوية سياسية وطنية، كلما تلاشت آمال وضع حد للنزاع اليمني، حسب التقرير. 
 
وقال "بعد سبعة أشهر من التوسط في اتفاق ستوكهولم، ذهب التفاؤل الذي رافق ذلك، لقد تضاءل الاهتمام الدولي وأصابت محاولات تنفيذ اتفاق استكهولم سلسلة من العراقيل". في الوقت نفسه، تقترب التوترات بين الولايات المتحدة وإيران من ذروتها بينما تهدد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الحوثية على المملكة العربية السعودية على حد سواء بإثارة مواجهة إقليمية أوسع، وبالتالي ربما تجذب اليمن إلى عمق ذلك المستنقع.
 
وحدد التقرير الشروط التي جعلت اتفاق ستوكهولم ممكن، والعقبات التي تحول دون تنفيذه، بما في ذلك التوترات المتصاعدة بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين من ناحية أخرى.
 
كما تناول التكاليف المحتملة لانهيار الاتفاق والمخاطر ذات الصلة، وإن كانت منفصلة والمتمثلة في المزيد من التصعيد العسكري عبر الحدود بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، حيث أوضح التقرير بأنه يقدم خيارات السياسة لتجنب تلك النتائج. 
 
ولفت التقرير "في هذه البيئة المشتعلة إقليميا، فإن توقيت هجمات 14مايو بدون طيار على خطوط أنابيب أرامكو في المملكة العربية السعودية وموجة الهجمات اللاحقة على أهداف سعودية، هي تطورات غير مرحب بها ومقلقة أكثر وتزيد من احتمال تصعيد الصراع في اليمن حتى مع تراجع احتمال نشوب معركة جديدة في الحديدة".
 
وأضاف "على نفس القدر من الأهمية هو المزاج في الرياض، حيث كان رد فعل القيادة السعودية غاضبًا تجاه الضربات الحوثية، واعتبرتها أمرًا مباشرًا من إيران".
 
وكما أخبر مسؤول سعودي كبير مجموعة الازمات الدولية "أمام الحوثيين خيار إما العمل كمجموعة يمنية تخدم المصالح اليمنية، أو التصرف، كما هم حاليا ميليشيات تخدم المصالح الإيرانية".
 
تقرير الازمات الدولية قال إن الرياض "صلب" من موقفها، وبدا أنها ترفض أي فكرة عن تصعيد متبادل - بمعنى أن يوقف الحوثيون هجماتهم عبر الحدود، وتوقف السعودية ـ أو تحد ـ من هجماتها على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. 
 
وقال المسؤول السعودي البارز: "بدلاً من مطالبة الجانب الذي لم يهاجم أبدًا إيران بالتراجع، لماذا لا تطلب من الطرف الذي كان في حالة حرب معنا واستهدف عاصمتنا وشعبنا أن يتوقف؟ إذا لم يفعلوا ذلك فإننا لن نبقى مكتوفي الايدي".
 
وأشار تقرير الأزمات الدولية "عندما يضغط الدبلوماسيون الغربيون وغيرهم لفتح قناة اتصال جادة مع الحوثيين، يقول المسؤولون السعوديون إنهم سيحتاجون أولاً إلى إثبات استعداد المتمردين لقطع العلاقات مع إيران".
 
في الآونة الأخيرة، قيل إن الرياض قد خففت إلى حد ما من آرائها، وأظهرت الانفتاح على التوصل إلى تفاهم مع الحوثيين، على الرغم من أن هذا لا يزال غير مؤكد.
 
وذهب تقرير الازمات للقول بأن انسحاب الإمارات لا يعني إنهاء تدخلها في اليمن، أو حتى أن خطر الهجوم على الحديدة قد انحسر بالكامل.  فالإمارات كما لوحظ لا تزال ملتزمة بشدة في جنوب اليمن، وفي الوقت الذي خفضت بشكل كبير من معداتها الثقيلة ومشاركتها المباشرة على الأرض، مازال بإمكان دولة الإمارات العربية المتحدة الاعتماد على حلفائها اليمنيين لشن المعركة ضد الحوثيين، ويمكن أن تزيد من وجودها على ساحل البحر الأحمر مرة أخرى في المستقبل. 
 
ماهي السيناريوهات التي ينبغي تجنبها؟
 
وفق تقرير الازمات الدولية "من بين جميع السيناريوهات المتعلقة باليمن والتي لابد من تجنبها، هو عدم السماح بالوضع الراهن المتدهور، والركود المستمر في تنفيذ اتفاق استكهولم، وتوسع الحرب داخل اليمن وخارجها، وتدمير مصداقية الأمم المتحدة وفعاليتها، وتعميق اعتماد الحوثيين على إيران".
 
وحتى في الحديدة نفسها، هناك سبب للقلق. إذا استمر وقف إطلاق النار الهش حول الحديدة، فقد يؤدي إلى صراع منخفض الكثافة على المدينة.
 
وخلصت مجموعة الازمات الدولية في تقريرها الى القول بأن "الشعور بالإلحاح حول ضرورة ايجاد حل لحرب اليمن الذي استحوذ على الولايات المتحدة وغيرها من الدول المعنية بين شهري أكتوبر وديسمبر 2018 "قد تلاشى"، لكن أهمية إنهاء الحرب في اليمن لم تتلاشى بعد فقد أصبحت اليمن بشكل متزايد رهينة للتوترات الإقليمية في حين أن الاستقرار الإقليمي أصبح بشكل متزايد هدفاً لما يحدث في اليمن".
 
ولهذه الأسباب وحدها ـ يقول التقرير- فإنه ينبغي للجهات الفاعلة الدولية أن تمنح الأولوية لحماية اتفاق استكهولم، واستخدامه للتركيز على محادثات سياسية أكثر شمولاً، وبناء جدار حماية، قدر الإمكان لمنع تأثير ما يحدث في اليمن عما يحدث بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها في الخليج من ناحية أخرى.
 
وتختتم الازمات تقريرها بالقول "بأن الوقت هو جوهر المسألة" مؤكدا "بأن خطر الهجوم على الحديدة قد انحسر في الوقت الحالي، ولكن كل يوم يمر دون إحراز تقدم في تنفيذ اتفاقي ستوكهولم يعيد منح هذا التهديد حياة جديدة".
 
وفي كل مرة تصل طائرة بدون طيار أو صاروخ حوثي إلى الأراضي السعودية، فإن خطر المواجهة الإقليمية الأوسع نطاقًا يتزايد بشكل متواز. "وفي الحالين ستكون كلا النتيجتين مأساوية، لكن لا يزال بالإمكان تجنبهما". وفقا للتقرير

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر