طبيبة بريطانية تروي تجربتها مع ضحايا الألغام في حرب اليمن وتصفها بـ "المؤلمة والمروعة" (ترجمة خاصة)

نشرت صحيفة «Mirror» البريطانية تقريراً نقلت فيه طبيبة بريطانية متطوعة قدمت الى اليمن للمساعدة بعلاج ضحايا حـرب اليمن التي وصفتها بـ "المنسية" وعبرت عن صدمتها في مواجهة ما عايشته شخصياً من رعب ومعاناة يومية للضحايا وذويهم.
 
وقالت الطبيبة إلما وونغ - في التقرير الذي ترجمة "يمن شباب نت" - ان المعاناة في اليمن جعلتها تصر مجددا ـ برغم قدومها أكثر من مرة ـ على عدم إدارة ظهرها عن مساعدة أولئك الضحايا في تخفيف الآمهم المتكررة بصورة يومية. وأخذت إجازة غير مدفوعة الأجر من وظيفتها في مستشفى "ورسسترشاير الملكي البريطاني" لمساعدة ضحايا الحرب اليمنية.
 
وكرست "إلما وونغ" حياتها لمساعدة ضحايا الصراع في اليمن - وتقول إنها "لا تستطيع أن تدير ظهرها" لهـم. حيث تواجه موجة لا حصر لها من الإصابات، وتصل عائلات بأكملها بعد تعرضها لتفجير الألغام الأرضية، ويراقب الأطفال في يأس محير بينما يموت والديهم أمام ناظريهم.
 
من بين الضحايا، الطفلة عمارة البالغة من العمر ثماني سنوات والتي تمسك بحرارة يد الطبيبة "وونج"، والتي بدورها تبذل جهدها لتهدئة الفتاة، وهي ضحية أخرى للحرب المنسية في العالم - في صراع مستمر منذ أربع سنوات وقتل فيه قرابـة 140000 طفل. بحسب التقرير
 
وسبق أن ساعدت الطبيبة "وونغ" -إخصائية التخدير ذات الـ 37 عامًا- في الحرب اليمنية في عام 2016، وعادت ثلاث مرات، لكنها تعترف بأنها عندما طلبت منها منظمة أطباء بلا حدود الخيرية لأول مرة أن تذهب الى اليمن كان عليها أن تتحقق من خريطة المكان الذي توجد فيه اليمن بالتحديد.
 
وقالت "كانت معرفتي باليمن محدودة للغاية، ذلك أن الصراع الذي تشهده ليس صراعًا تم الترويج له جيدًا. ربما كان شيء جيد أني لم أكن أعرفه من قبل، فلقد ما وجدته هو أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم".
 
وأضافت الطبيبة "وفي كل مرة أعود أرى بأن الوضع صار أسوأ.  فالنظام الصحي هناك منهـار بالكامل حيث قُصفت المستشفيات، وقد فر الأطباء والممرضين حفاظاً على حياتهم ولا توجد هناك إمدادات ولا أموال ".

 
خلال فترة عملها الأخيرة التي دامت أربعة أشهر، عملت الطبيبة في مستشفى ميداني أقامته منظمة أطباء بلا حدود في مدينة المخا الساحلية، بالقرب من خط المواجهة. وهناك قابلت الطفلة "عمارة"، التي أصيبت بجروح بالغة أثناء ما كانت تلعب في حقل الغام بالقرب من منزلها.
 
وبفضولها الطفولي، التقطت عمارة جسمـاً به أرقام (لغم). وأدى الانفجار الذي أعقب ذلك إلى مقتل أحد رفقائها وتركها مصابة بجروح مروعة.
 
بعدهـا تم نقلها من المكان على ظهر حمار، من ثم نقلت بالسيارة إلى المخيم الطبي التابع لمنظمة أطباء بلا حدود على بعد ساعة من المكان. وهناك هـرع المسعفون لإنعاشها.  فقد كانت تعاني بالفعل من الهزال الشديد الناجم سوء التغذية، واحتاجت إلى عملية إنقاذ للحياة بعد أن مزقت الشظايا بطنها.
 
كما هشـم الانفجار ساقها اليسرى والأنسجة المحيطة بها. وبقيت الطفلة عمارة داخل وخارج مسرح العمليات على مدار الشهر التالي، وظلت الطبيبة "وونغ" بقربها.
 
وقالت "عندما افاقت الطفلة من عملية جراحية، أمسكت بيدي بتذلل شديد وطلبت مني ألا أغادر. في بعض الأحيان، أكون مشغولًة فعلاً، ويتوجب على أن أتركها، لكنني كنت أريد دائمًا العودة بسرعة والبقاء بصحبتها".
 
وأضافت "لقد كانت طفلة صغيرة حلوة. ومع مرور الأيام أصبحت أقوى وأصبح من الرائع رؤية ابتسامتها مرة أخرى. بعد ستة أسابيع، تمكنت من العودة إلى المنزل برفقتها".
 
وقالت الطبيبة "وونغ" التي تعيش في برمنغهام "إن ضحايا الألغام الأرضية يصلون إلى المستشفى كل يوم " مضيفة "من الصعب حقًا التعامل مع كل هذا الظلم.  لا أستطيع أن أتخيل العيش في مكان تعرف فيه أن أطفالك قد يدوسون لغم أرضي في أي وقت".
 
في إحدى المرات، تم إحضار أربعة أشخاص من عائلة واحدة. كان الأب وعمه يلفظان أنفاسهما الأخيرة، مع شقيقين يبلغان من العمر 5 و7 سنوات. وتقول
"كان أصغرهم مصابًا بشظايا في دماغه وذراعه ووجهه - ما إن نجحنا في نقله إلى وحدة الصدمات في عدن بعد ست ساعات. أصيب الطفل البالغ من العمر سبع سنوات بجروح في ذراعه".
 
وتابعت "كان يشاهد والده وعمه الذَينِ وافتهما المنية، وكان شقيقه الأصغر يقاتل من أجل الحياة ولم تكن أمه معه لأنها ذهبت مع شقيقه" وتساءلت "كيف أبدأ التعامل مع مثل هذه الصدمات في أي عمر، ناهيك عن السابعة، حقاً لست أدري".
 
مؤشرات الصراع يمكنك ملاحظتها في كل مكان في اليمن. 
 
وقد ساعدت الطبيبة وونغ أيضًا في علاج جرحى الحرب في خطوط المواجهة، وعشرات النساء الحوامل اللاتي سافر بعضهن لساعات أثناء النزيف بسبب عدم وجود مستشفيات محلية.
 
وقالت "غالبًا ما كانت النساء على وشك الموت.  كنا نقوم بالكثير من رعاية الأمومة وللأسف لم ينج الاطفال دائمًا، كان من الصعب القبول بحقيقة كهذه أطفال أبرياء صادف أنهم ولدوا في هذا الصراع".
 
عادت الطبيبة وونغ الآن إلى المملكة المتحدة، وقد تعهدت - بعد أن زارت العراق وسوريا مع منظمة أطباء بلا حدود - بالعودة إلى اليمن مجددا ً. وقالت "أحتاج إلى استراحة لأنها صعبة هناك.  لكنني رأيت الدمار الكامل .  ولا يمكنني أن أدير ظهري عن تقديم المساعدة ".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر