تكدس "النفايات" وانتشار "الكوليرا".. ثنائي ينذر بكارثة بيئية وصحية في تعز (تقرير خاص)

[ مدينة تعز- جنوب غرب اليمن تعاني من تكدس النفايات مع انتشار متزايد لوباء الكوليرا/ يمن شباب نت ]

  لم يكد سكان مدينة تعز يتنفسون الصعداء بعد إزالة النفايات المتكدسة في شوارع المدينة خلال الأشهر الماضية، حتى عادت من جديد، في وقت يجتاح المدينة وباء الكوليرا، الذي فتك حتى الأن بنحو 28 شخصاً منذ مطلع العام الجاري فقط، مع أكثر من ستة ألاف حالة اشتباه بالمرض، منها 400 حالة مؤكدة.
 
وأصبح معظم المواطنين في تعز لا يشكون من انبعاث الروائح الكريهة جراء تكدس النفايات في أحيائهم فحسب؛ بل بات كثير منهم يخشون الأوبئة الخطيرة التي قد تتسبب بها تلك النفايات، والتي قد يمر على تكدسها أيام، بل أحيانا تتجاوز أسبوعا كاملا، دون اهتمام من الجهات المعنية لإزالتها.  
 
"النفايات تتراكم كل يوم، وتتكدس بشكل كبير ومخيف، وأصبحت تهدد حياتنا وأولادنا مع انتشار وباء الكوليرا"، يقول المواطن محمد أحمد لـ"يمن شباب نت"، مناشداً السلطة المحلية في المحافظة بسرعة العمل على حل مشكلة النفايات التي تتكدس جوار منزله في شارع التحرير وسط المدينة.
 
ولفت "أحمد" إلى أن عدم الانتظام في إخلاء النفايات المتكدسة في الأوقات المناسبة من قبل الجهات الرسمية المعنية، تضطر بعض المواطنين إلى اللجوء لإحراق أكوام النفايات المتناثرة في مواقعها الحالية بأحيائهم، وهو ما يزيد من مخاطر انتشار الأمراض والاوبئة.


أسباب عودة النفايات
 


وإزاء ذلك، أعرب الصحفي مجيد الضبابي، عن استغرابه من غياب دور الجهات الرسمية ازاء انتشار القمامة وطفح المجاري وعدم الاهتمام بشبكة المياه والصرف الصحي وصيانتها.

وحذر الضبيبي، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت"، من "حدوث كارثة بيئية وصحية كبيرة في تعز، في حال لم تحل المشكلة من قبل الجهات المعنية في الحكومة، وتحديدا صندوق النظافة بالمحافظة، خصوصا وأن المدينة تفرض عليها مليشيات الحوثي حصارا خانقا للعام الرابع على التوالي".
 
وحتى وقت قريب، كان المواطنون في مدينة تعز يستخدمون مجرى السيول- الذي يمر وسط المدينة من منطقة صينة جنوب المدينة، حتى نهاية منطقة "عصيفرة" شمال المدينة- كمكب لتصريف النفايات، وحين تأتي السيول تقوم بسحبها معها حتى سد العامرة أقصى شمال المدينة.
 
لكن تأخر موسم الأمطار هذه المرة، أدى إلى تكدس النفايات في المجرى حتى طفحت إلى الشوارع، في منظر غير حضاري ومعيب في حق أبناء المدينة ذات الأغلبية المتعلمة، فضلا عن تسبب ذلك بعدد من الأوبئة.
 
ومطلع شهر مارس، تبرع "فاعل خير" بمبلغ مالي مناسب بغرض تصفية المجرى من النفايات. ولحل مشكلة رميها مجددا إلى المجرى، تم وضع براميل القمامة على امتداد المجرى وفي معظم شوارع المدينة، على أساس أن تبدأ أدارة صندوق النظافة بالمحافظة بعملها في إزالتها أولا بأول لمنع تكدسها. لكن ذلك لم يستمر طويلا، حتى عادت النفايات لتتكدس مجددا.    

 

وبحسب استقصاء "يمن شباب نت"، يرجع السبب الرئيسي الأول لعودة هذه المشكلة مجددا إلى إضراب عمال النظافة عن العمل احتجاجا على انقطاع مرتباتهم منذ نحو سبعة أشهر. والأربعاء الماضي نفذ العشرات منهم وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة، رفعوا فيها لافتات تندد بغياب دور السلطة المحلية تجاه معاناتهم وانقطاع رواتبهم.
 
وهدد عُمال النظافة، خلال وقفتهم الاحتجاجية، بالمزيد من التصعيد وصولا إلى نصب خيام أمام مبنى المحافظة، في حال واصلت إدارتهم تجاهل مطالبهم.
 
ونظراً لكثرة الشكاوى، مع غياب الحلول المجدية إزاء تراكم النفايات، واستمرار الاختلالات في صندوق النظافة والتحسين، عقد محافظ محافظة تعز نبيل شمسان، في 18 مارس، اجتماعا مع إدارة الصندوق، أنتهى إلى تشكيل لجنة لدراسة الاختلالات والحد من تداخل المهام والاختصاصات وفق منهجية مؤسسية.
 
وبحسب الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) عن الاجتماع، أكد المحافظ أنه "تلقى وعودا بدعم منظومة النظافة بمعدات متكاملة، وأن المرحلة القادمة ستشهد تحقيق نتائج متميزة".
 

"الكوليرا".. مخاوف من الأنتشار



 ويأتي تكدس النفايات ليزيد من المخاوف، مع عودة وباء الكوليرا وانتشاره في المحافظة، التي تشهد تدهورا في الخدمات الصحية نتيجة الحرب الدائرة منذ مارس 2015، في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيات الحوثي فرض حصارها على المدينة من منفذيها الشرقي والغربي للسنة الرابعة.
 
وتشير أحدث الاحصائيات الرسمية التي حصل عليها "يمن شباب نت"، إلى أن حالات الوفاة بالكوليرا والاسهالات المائية الحادة، وصلت إلى 29 حالة في محافظة تعز لوحدها منذ مطلع العام حتى الأربعاء الماضي (3 مارس)، أي بنسبة عشرة في المئة من إجمالي حالات الوفاة في الجمهورية البالغ عددها 291 حالة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
 
بينما بلغت عدد حالات الاشتباه بالإصابة، في تعز، ستة آلاف و921 حالة، بينها 413 حالة تم تأكيد اصابتها بالفحوصات الزراعية.
 
وأفاد مصدر في إدارة الترصد الوبائي في مكتب الصحة والسكان بالمحافظة، لـ "يمن شباب نت"، أن معدل الإبلاغ اليومي لحالات الاصابة بالوباء ارتفع إلى نحو 180 حالة مع بداية شهر مارس، مقارنة بما بعشرات الحالات المبلغ عنها بشكل يومي خلال الشهرين الماضيين.
 
وحذر المصدر عبر "يمن شباب نت" من أن "حالات الإصابة بوباء الكوليرا مستمرة في الارتفاع، نظرا إلى ما يعانيه القطاع الصحي من نقص في والاحتياجات والأدوية والتجهيزات اللازمة"، مطالبا السلطة المحلية والجهات الصحية المعنية بسرعة دعم القطاع الصحي بالاحتياجات المطلوبة لمحاصرة انتشار الوباء والتخفيف منه.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر