المؤتمر الشعبي العام.. من السلطة والقوة الى التشظي والانقسام (تقرير خاص)

[ صورة أرشفية لحشود ترفع شعارات الحوثيين وحزب المؤتمر بصنعاء ]

لم يمضِ على مقتل زعيمه سوى أقل من أربعين يوما، حتى عقد حزب المؤتمر الشعبي العام (فرع صنعاء)، أمس الأول الأحد، اجتماعا للجنته العامة لتنصيب رئيسا جديدا للحزب خلفا لرئيسه الراحل علي عبد الله صالح، الذي قتل على أيدي حلفائه الحوثيين في الـ 4 من ديسمبر 2017م.
 
وأعلن مؤتمر صنعاء، وفقا للبيان الختامي، الذي نشره موقع الحزب الرسمي، وقد أصبح مؤخرا تحت سيطرت مليشيا الحوثي، تكليف نائب رئيس المؤتمر صادق أمين أبو رأس برئاسة الحزب وقيادته خلال المرحلة القادمة، وكذا إعلان الحزب استمرار شراكته مع مليشيا الحوثي، الممتدة بينهما منذ سبتمبر 2014م، لمواجهة ما أسموه بالعدوان على الشعب اليمني، في اشارة الى التحالف العربي الذي تقوده السعودية لإعادة الشرعية في اليمن.
 
ومثّل انعقاد الحزب في صنعاء، صدمة قوية لأعضاء حزب المؤتمر في الداخل والخارج، والذين أعتبروا البيان الختامي الصادر عن لقاء صنعاء بأنه يدين رئيس الحزب صالح، الذي دعا الى قتال الحوثيين. وخلا البيان من الإشارة، ولو مجرد تلميحا فقط، الى قاتل صالح.
 
بوادر انقسام

ولاقى اجتماع صنعاء اعتراضات كبيرة من قبل كثير من أعضاء الحزب، وخصوصا المتواجدون خارج العاصمة صنعاء وفروع الحزب في كثير من المحافظات، الذين أبدوا رفضهم لذلك الاجتماع والبيان الصادر عنه. حيث لم يشر الى ما كان قد أوصى به صالح قبل مقتله مطلع ديسمبر الماضي حين دعا أعضاء حزبه الى فض الشراكة مع الحوثيين ومواجهتهم في مختلف القرى والمناطق. الأمر الذي كشف حقيقة التشظي والانقسام في الحزب الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود.
 
وبحسب مراقبون فقد كشفت توجهات الكثير من قيادات حزب المؤتمر وأعضائه الموزعين بين العاصمة صنعاء، وعدن، ومأرب، والرياض، وعمّان، والقاهرة، تباينا في الأراء حول الكثير من القضايا المهمة، خصوصا وأن الكثير من القيادات المؤتمرية لا تزال حتى الان غير معترفة بالشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، الذي أصبح رئيسا للحزب بعد انتخابه رئيسيا للبلاد في فبراير 2012. 
 
ورغم المحاولات التي تبديها الكثير من القوى الاقليمية والدولية للحفاظ على المؤتمر الشعبي العام لإبقاءه كتلة واحدة وعدم تركه للانقسام والتشرذم، إلا أن تلك المحاولات قد لا تجد طريقها للنجاح لأسباب كثيرة، أهمها أن المؤتمر لم يعش خارج السلطة منذ قيامه في اغسطس 1985م، وبعد مقتل صالح وجد الحزب نفسه كفارس بلا جواد كما يُقال.
 
صدمة وذهول
 
وحول هذه الحالة التي يمر بها الحزب، قال ثابت الأحمدي، عضو دائرة التوجيه والإرشاد بالأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، إن حزب المؤتمر "يعيش حتى الآن حالة من الصدمة والذهول بعد مقتل رئيسه علي عبدالله صالح قبل شهر، وأنه لم يفق من هذه الصدمة التي ما توقعها ولا خطرت على بال الكثير، سواء في المؤتمر أو من غير المؤتمر".
 
وأضاف الأحمدي، في حديث خاص لــ "يمن شباب نت" أن "الحوثيين في صنعاء استغلوا هذه الحالة التي يعيشها المؤتمر اليوم، وهرعوا إلى تأسيس مؤتمر حوثي عام، جمعوا له بعض من قيادات المؤتمر الشعبي العام تحت تهديد السلاح وبالقسر، في الوقت الذي غابت كتلة كبيرة بعدد 18 عضوا من أعضاء اللجنة العامة مرة واحدة، ولم يسبق أن غاب هذا العدد أبدا في تاريخ اجتماعات اللجنة العامة".
 
 ويرى الأحمدي أن هذا المؤتمر الذي أعلن عن تأسيسه في صنعاء "سيكون مصبوغ بصبغة خمينية إيرانية، ولا علاقة له بالجمهورية أو بثورة 26 سبتمبر 1962م. كما سيتخلى عن الوحدة اليمنية التي تم إنجازها على يد رئيس المؤتمر" حسب قوله.
 
وأعتبر أن جتماع الأحد، 7 يناير، في صنعاء "لا يمثل المؤتمر، ولا المؤتمريين بأي حال من الأحوال"، مؤكدا أن أغلب قيادات المؤتمر الشعبي العام رافضة له ولمخرجاته، في الداخل والخارج.
 
وأتهم من اجتمعوا بصنعاء "بمخالفة النظام الداخلي للمؤتمر، وافتأتوا على الرئيس هادي، الذي يعتبر اليوم هو رئيس المؤتمر الشعبي العام، وفقا لتوصيات المؤتمر العام السابع الذي انعقد في عدن في ديسمبر 2005م"، منوها إلى أن المؤتمر العام هو أعلى سلطة تنظيمية داخل الحزب، وهو المعني بانتخاب رئيس للمؤتمر، وليس من اختصاص اللجنة العامة، مشددا على أن "هذا الأمر، وفقا للنظام الداخلي". 
 
مؤتمر الشرعية
 
وفيما يتعلق بمؤتمر الشرعية، فقد أكد الأحمدي، أنه كان ينبغي أن يكون هو السباق إلى عقد لقاء بمختلف القيادات المتواجدة خارج الوطن، ودعوة من هم داخل الوطن لعقد لقاء، وتحديد موعد لعقد مؤتمر عام برئاسة الرئيس هادي، رئيس المؤتمر الشعبي العام.
 
وإذ تسائل: "لا ندري حتى الآن ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخر هذا الإجراء"، أشار الى أن "الأيام القادمة قد تشهد إجراءا مهما في هذا الجانب".
 
وجدد الأحمدي اتهامه للقيادات المؤتمرية التي اجتمعت الأحد الماضي في صنعاء، بأنها "قد خانت دم الشهيد، وخانت دعوته لفض الشراكة مع الكيان الإمامي الغاصب، التي دعا إليها في آخر خطاب له قبل استشهاده"، داعيا الناس إلى الدفاع عن الوطن وعن الجمهورية وعن الوحدة. 
 
حزب سلطة
 
الكاتب والمحلل السياسي، محمد الغابري، من جهته، أكد أن حزب المؤتمر الشعبي العام، ارتبط وجوده في السلطة، فهو حزب سلطة، كما ارتبط وجوده بالراحل علي عبد الله صالح، مشيرا الى أن المؤتمر كحزب "فقد احتكاره السلطة في 2011، وتقسم بين الولاء لهادي، والولاء لصالح، وإن ظل معظمه مع صالح".
 
وأشار، في حديث خاص لـ"يمن شباب نت"، الى أن السيطرة على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014م من قبل الحوثيين- بالتحالف مع صالح- أخرج من المؤتمر قِسما لا يقبلون بذلك التحالف". في اشارة الى المؤتمر الموالي للشرعية.
 
ويعتقد الغابري أن مقتل علي عبد الله صالح "يجعل إعادة المؤتمر إلى تنظيم موحد، أمرا غير ممكن على المدى القريب"، كما يرى أن اجتماع فندق تاج سبأ بصنعاء، الأحد الماضي، وتكليف قيادة جديدة للمؤتمر تحت سلطة الحوثيين، أنها "عملية فاشلة للظروف المحيطة، حيث سيجد أفراد المؤتمر في مناطق سلطة الحوثيين بلا قيادة. حسب قوله.
 
وأختتم المحلل السياسي الغابري حديثه بالقول: "في كل الأحوال كان طبيعيا أن يتشظى المؤتمر، لأنه لم يكن تنظيما سياسيا أو حزبا بمعايير الأحزاب، وإن اهتم بالشكليات، إنما كان الغرض منه المحافظة على السلطة من قبل صالح، واحتكارها وتوريثها، وليس حزبا له برنامج يتجاوز الشخص أو الأشخاص". حد وصفه.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر