"تهجير للسكان ومصادرة وثائقهم".. مخطط حوثي يستهدف نهب أراضٍ واسعة في الحديدة غرب اليمن

[ أطقم حوثية تحاصر قرى منطقة "القصرة" بمحافظة الحديدة غرب اليمن ]

بدأت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، منتصف الأسبوع الماضي، تحديدا الاثنين 12 سبتمبر/ أيلول 2022، حملة واسعة لنهب أراضي المواطنين في محافظة الحديدة (غربي اليمن)، ضمن حملات مشابهة في عدة محافظات للاستيلاء على أراضي واسعة وادعاء ملكيتها لأسر هاشمية. 
 

وقالت محلية وحقوقية لـ "يمن شباب نت"، إن المليشيات الحوثية اقتحمت أربع قرى في عزلة "امقصره" في مديرية بيت الفقيه جنوبي الحديدة، وقامت بعمليات مداهمات واسعة وإطلاق نار كثيف تسبب بمقتل مواطنين 2 وإصابة ستة آخرين، واختطاف نحو 50 شخصاً فيما بات العشرات في عداد المفقودين.  
 

وأضافت "أن المليشيات اقتحمت قرى (بني سهل، والصباحي، والمعاريف، والخضارية) المشاطئة للبحر الأحمر، بنحو 30 عربة عسكرية و10 جرافات ومئات المسلحين يتقدمهم قيادات في صفوف المليشيا من صعدة وحجة ينتحلون صفات أمنية في المحافظة ومديرياتها الجنوبية".  
 

وكشف المصادر لـ"يمن شباب نت"، أن المليشيا اختطفت وجاهات اجتماعية وعدداً من كبار السن والشبان وزجت بهم في سجون داخل المديرية وأماكن احتجازلإجبارهم على تسليم وثائق أراضيهم لتسهيل عمليات نهبها من قبل نافذين داخل الجماعة. 
 

وتداول ناشطون صوراً وفيديوهات للمختطفين داخل سجون وأماكن احتجاز لميلشيات الحوثي وأطقم عسكرية تطوق القرى وتنتشر فيها لملاحقة السكان، وتأكيداً على تنفيذ الجريمة بشكل ممنهج قالت سلطات الحوثيين في بيان صادر السلطة المحلية في الحديدة، "أن السجناء متهمون بقضايا جنائية"، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" النسخة التي يديرها الحوثيين في صنعاء.
 


مخطط كبير للنهب

لم تكن الحملة الإرهابية في منطقة "القُصرة"، إلاّ مقدمة لمخطط نهب كبير تعمل مليشيا الحوثي على تنفيذه في مناطق واسعة في محافظة الحديدة، سينتج عنها تهجير للسكان في تلك القرى التي تم اقتحامها من قبل الميلشيات بادعاء ملكية الأراضي لقيادات تتبع الميلشيات. 
 

وأكدت مصادر، أن المخطط الحوثي يشمل نهب أراضٍ واسعة شمال الحديدة، وأراضي ‏مطار الحديدة، وكيلو 16، والمدن السكنية، وأراضي القصره، والجروبة، ووادي سهام ومناطق واسعة في مديريات زبيد والجراحي.  
 

وكشف مصدر محلي لـ "يمن شباب نت"، "أن قيادات حوثية تدّعي انتسابها لأسرة "القاسم" التي يتصل بها نسب أسرة "حميد الدين"، قدمت إلى أرياف زبيد والجراحي، قبل أشهر وتدّعي أنها لديها وثائق بملكيتها للأراضي الممتدة على سفوح وادي زبيد من غربي محافظتي (إب وذمار) وحتى البحر الأحمر". 
 

وقال المصدر - الذي طلب عدم كشف اسمه - أن تلك القيادات التي قامت بزيارة إلى المنطقة توعدت بطرد السكان في تلك الأراضي التي جرى تملكها طوال مئات السنين واستعادة الأراضي منهم أو بيعها مجدداً عليهم بسعر الزمان والمكان.
 

من جانبها، كشف منظمة "سام"، إنها تحصلت على معلومات، تفيد أن جماعة الحوثي وجّهت إنذارًا لسكان أربع قرى في الحديدة، بأن عليهم ترك منازلهم ومزارعهم على أساس أن تلك الأراضي تتبع للمؤسسة الاقتصادية والأوقاف وأنها أبرمت عقود إيجار لوافدين من صعدة وحجة وشخصيات نافذة في المحافظة. 
 

منطقة "القُصرة"

منطقة "القُصرة" أو "امقصره" باللهجة التهامية الدارجة، عبارة عن مساحات شجرية كبيرة بطول عشرة كيلو وعرض خمسة كيلو، يتوارثها الأهالي منذ قرون، تحُيط بها قرى (بني سهل، والصباحي، والمعاريف، والخضارية) وهي منطقة مليئة بالأشجار ويحافظ عليها الأهالي على طبيعتها من أجل الرعي والسقيا.   
 

وتتوسط "القُصرة" مدينتي بين الفقيه والحُسينية جنوب محافظة الحديدة، وتتبع لدائرة مدينة "بيت الفقيه" البرلمانية، وتتوزع الأراضي الواسعة بين محاطب ومراعي وسبيل يستفيد من هذه المحاطب والمراعي عدة قرى من بينها القرى التي اجتاحتها المليشيا مؤخراً. 



ويُشير الأهالي إلى أن المليشيا طمعت في تلك الأراضي وقامت بقطع الأشجار وتحويلها إلى مربعات للبيع والاستثمار على حساب 5 آلاف نسمة من السكان. وتدّعي المليشيات الحوثية أحقيتها للأراضي كورثة لأسرة حميد الدين، التي استصدرت أحكام قضائية إبان حكمها البائد بملكيتها لتلك الأراضي.  
 

وكشفت منظمة سام، بأن فريقها الْتقى بعدد من الضحايا والمتضررين الذين تمت مصادرة أراضيهم، إلى جانب شهادات أثبتت انتزاع أراضي كاملة والاستفادة من المواقع الاستراتيجية لتلك الأراضي والمناطق، وقالت "أن ما تمارسه جماعة الحوثي مخالفة صارخة وغير مقبولة واعتداء واضح على الحقوق المكفولة والمحمية". 
 

استعلاء مناطقي سلالي

شنت مليشيا الحوثي حملة عسكرية شرسة بعشرات الأطقم (ضد أبناء اربع قرى) وارتكبت انتهاكات فظيعة وخطيرة وقامت باعتقال أكثر من 30 شخصا –بينهم نساء- من أهالي تلك المناطق، كما قامت بمنع إسعاف المصابين من بينهم 18 امرأة، حيث قامت باحتجاز معظم الضحايا في مباني تابعة لمسجد التقوى في جنوب مدينة بيت الفقيه، وفق ما ذكر بيان لمنظمة سام. 
 

وقال محمد ناصر مبارك أمين عام منظمة زرانيق للعدالة والتنمية "إن حملة الحوثيين بالحديدة تؤكد السلوك الإجرامي ‏الانتقامي من قبل أحفاد الإمامة ضد أبناء تهامة عموما والزرانيق خصوصاً"، ووصف الاعتداءات بأنها "استمراراً لممارسات ممنهجة وذات طابع عنصري مناطقي". 
 

وأضاف في حديث خاص لـ "يمن شباب نت"، أن المليشيا الحوثية تستخدم أحكام القضاء، للنهب، والقضاء على الحقوق، واعتماد منهج اللصوصية باسم القضاء والقانون، وهذا منحنى خطير جدا يشكل ذريعة ‏للانتهاكات الحقوقية والجرائم الجسيمة، حد وصفه.  
 

ويمارس الحوثيين ضد أبناء الحديدة عموماً سلوكيات مناطقية باعتبارهم فئات هشة بسبب توسع رقعة الفقر في المدينة الساحلية والاستراتيجية، والتي فيها أهم ميناء في اليمن، بالإضافة إلى أن المحافظة تشتهر بالخصوبة الزراعية وتنتج الكثير من الفواكه والخضار، ورغم هذا تعد من المحافظات الأكثر فقراً، وتستغل للنهب من قبل النافذين من الجماعة الحوثية منذ سنوات. 
 


حقد إمامي 

يرى مراقبون أن ما تمارسه ميلشيات الحوثي هو امتداد لتأريخ الإمامة التي قامت بنفس الجرائم في النهب وإذلال الناس في محافظة الحديدة، خصوصاً وبقية المحافظات اليمنية عموماً، ويأتي هذا بالتزامن مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962 والتي أطاحت بالإمامة، لكنها عادت الآن عبر جماعة الحوثي المدعومة من إيران. 
 

قال أمين منظمة زرانيق للعدالة والتنمية محمد مبارك "إن ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي الإرهابية "جرائم حرب وإبادة ‏وتغيير ديموغرافي للتركيبة السكانية التهامية، وما تريده ليس عمليات نهب فقط بل تعمد إذلال وإهانة وإرهاب أبناء تهامة تنفيذا لمسلسل ‏الانتقام الإجرامي".  
 

وأضاف في حديثه لـ "يمن شباب نت"، "هذا السلوك الإجرامي اليوم ليس جديدا على أبناء الزرانيق خاصة ‏وتهامة بشكل عام فهؤلاء اليوم أحفاد الإمامة يمثلون إجرام وتاريخ أجدادهم في بداية وطلع ‏القرن الماضي إبان حروب الزرانيق مع الإمامة سنة 1928م".  
 

من جانبه يرى وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي أن عقدة مقاومة الزرانيق في تهامة للإمامة وكسرها يوما ما لا تزال عالقة في أذهان أحفادها الحوثيين.

وأضاف في تغريدة على تويتر: "لم ينسوا لهؤلاء الأبطال تاريخهم المشرف لذا يريدون كسر إرادة الحديدة وأبناء تهامة عبر نهب أراضيهم بزعم أنها مملوكة للهالك الإمام".
 

كارثة انسحاب القوات المشتركة

وشكلت القوات الحكومية في محيط مدينة الحديدة خلال السنوات الماضية قوة توازن لمنع الحوثيين من ارتكاب جرائم تهجير بحق السكان وممارسة الانتهاكات ضدهم، لكن وبعد انسحابها الشهير بما سمي "إعادة التموضع" العام الماضي، تزايدت الانتهاكات بحق السكان وانفردت بهم الميلشيات الحوثية وخاصة في تلك المناطق التي تم الانسحاب منها.
 

وفي 11 نوفمبر/ تشرين ثاني 2021 انسحبت القوات المشتركة بشكل مفاجئ، من مناطق مهمة في محيط مدينة الحديدة، مركز محافظة الحديدة الساحلية، والتي كانت تسيطر عليها منذ ما قبل اتفاق ستوكهولم الموقع بين الحوثيين والحكومة في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، وتسليمها من دون قتال للحوثيين، وهو ما اعتبره السكان خذلان وخيانة لهم كونهم كانوا الحاضنة لتلك القوات. 
 



ويرى عضو مجلس تهامة الوطني، الدكتور عثمان عيدروس " أن انسحاب القوات المشتركة من على أطراف مدينة الحديدة إلى شمال مدينة الخوخة في ما أطلق عليها "إعادة التموضع"، كان سبب رئيس لهذه الكارثة التي يمر بها أبناء الحديدة"، لافتا أن ذلك جعلها في "مأمن تماما من أي عمليات أو تحرير قادمة". 
 

وأضاف - في منشور له على "فيسبوك" - "إن عملية الانسحاب وتسليم عشرات الكيلوهات لمليشيا الحوثي جعلها تتمادي في الظلم لأبناء تهامة، بدءً من مصادرة الأراضي المطلة على ساحل البحر الأحمر أو ما ارتكبته مؤخراً من انتهاكات بحق المواطنين في منطقة القصرة لمصادرة أراضيهم وستكون الأيام القادمة أسوأ بكثير". 
 

بعثة أممية بلا فاعلية بالحديدة

يرى ناشطون أن جرائم ميلشيات الحوثي ضد سكان "القُصرة" في الحديدة تواجه بتجاهل من قبل الأمم المتحدة وبعثتها هناك والتي من ضمن مهمتها مراقبة خروقات الهدنة بناء على اتفاق ستوكهولهم في ديسمبر 2018، ولم يصدر إلى موقف خجول الخميس الماضي، أعربت فيه الأمم المتحدة، عن قلقها إزاء مصادرة وإتلاف أراض زراعية من قبل الحوثيين في محافظة الحديدة. 
 

جاء ذلك في المؤتمر الصحفي اليومي من المقر الدائم بنيويورك، للناطق الرسمي، ستيفان دوجاريك، للصحفيين وقال إن "التقارير التي تتحدث عن سقوط ضحايا مدنيين، واعتقالات وتهجير قسري بين سكان هذه القرى مقلقة للغاية، "ونتخذ خطوات للتحقق من هذه التقارير المزعجة". وتابع: "نذكر الحوثيين بضرورة التصرف وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان".
 

من جانبه أمين منظمة زرانيق للعدالة، محمد ناصر مبارك  يرى"أن ما يحصل اليوم من جرائم بالحديدة في ظل صمت دولي وإقليمي ومحلي وتجاهل المبعوثين الأممي والأمريكي، وما سبقها من إعدامات جماعية شاهدها ‏العالم في العام الماضي السبب فيه هو الاتفاق الظالم ‏المسمى ستوكهولم"، في إشارة الى الاتفاق التي أوقف تقدم القوات الحكومية من السيطرة على الحديدة وابرم هدنة هشة منذ أربع سنوات. 
 

إلى ذلك قال الإعلامي عبد الله إسماعيل - في تغريدة بحسابة بموقع تويتر - "إن جزء كبير مما تعانيه الحديدة تتحمل وزره الامم المتحدة، التي مارست كل الضغوط، لوقف تحريرها بالحجة المعتادة "الحالة الانسانية"، لتشكل الان وبأفعال جماعة الحوثي واحدة من أشد المعاناة الانسانية في اليمن".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر