جدل بشأن قانونية قرارات الرئاسي بإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا

  أثارت قرارات رئيس مجلس الرئاسة اليمني الدكتور رشاد العليمي، التي أصدرها مساء أمس الخميس بإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وإجراء تعيينات جديدة في القضاء، بينها تعيين رئيس المحكمة العليا وأعضائها، بعض اللغط بشأن قانونيتها، وسط استياء آخرين حول طبيعتها.
 
وأصدر رئيس مجلس القضاء مساء أمس القرارين رقم (21، 22) لسنة 2022، قضى الأول بتعيين رئيسا جديدا لمجلس القضاء، وآخر رئيساً للمحكمة العليا، مع تسمية ستة قضاة في عضوية مجلس القضاء. بينما قضى الثاني بتسمية نائبين لرئيس المحكمة العليا وأربعة قضاة آخرين في عضوية المحكمة.
 

[للمزيد أقرأ: اليمن.. قرارات رئاسية بإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وتعيينات في السلطة القضائية]

 
وأثارت هذه القرارات لغطا عاما، على وسائل التواصل الاجتماعي، حول قانونيتها، ومدى تلاؤمها مع الدستور اليمني الذي يؤكد على استقلالية القضاء، ومع قوانين ولوائح السلطة القضائية التي لا تعطي الرئيس الحق بإصدار مثل هذه القرارات إلا بناء على ترشيح وموافقة مجلس القضاء الأعلى.
 
وتسربت وثيقة برسالة تحمل عنوان "نصيحة"، بتوقيع رئيس المحكمة العليا القاضي حمود الهتار في وقت سابق (بتاريخ 31 يوليو)، رفعها إلى رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي وبقية أعضاء المجلس، تضمنت تحديد الإجراءات القانونية لإحداث مثل هذه التغييرات.
 
وحذرت الرسالة، الرئيس العليمي من الوقوع في مغبة مخالفة أحكام مواد دستورية ومواد في قانون السلطة القضائية (ذكرت الرسالة أرقام تلك المواد)، معتبرة أي قرارات تصدر بالمخالفة لها، وخصوصا المادة التي تحدد ترشيح وموافقة مجلس القضاء، "انتهاكا صارخا لاستقلال القضاء"، وفقا للرسالة.
 
وأضاف القاضي الهتار في رسالته: "وسيكون (ذلك) معيبا بمخالفة الدستور والقانون، وسيصبح عرضة للطعن بالإلغاء أمام القضاء الدستوري والإداري". (أنظر أدناه صورة من الرسالة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي).


 أضغط على الصورة للتكبير

وأطاحت قرارات رئيس مجلس الرئاسة، مساء أمس، بالقاضي حمود الهتار من منصبه كرئيس للمحكمة العليا، وعين نيابة عنه القاضي علي ناصر الأعوش- النائب العام الأسبق للجمهورية، والذي تدور حوله شبهات بارتكاب مخالفات والتورط في قضايا فساد أثناء توليه منصبه كنائب عام؛ كان أخرها اتهامه بارتكاب جريمة إحراق أرشيف ووثائق النيابة العامة، كخطوة انتقامية رافضة لقرار إقالته من منصبه من قبل رئيس الجمهورية السابق عبد ربه منصور هادي وتعيين الدكتور أحمد الموساي نيابة عنه منتصف العام 2019.
 
وتعليقا على رسالة القاضي الهتار للرئيس العليمي، كتب السفير اليمني مصطفى النعمان تغريده قال فيها: "إذا كانت رسالة القاضي حمود الهتار، رئيس المحكمة العليا صحيحة، فالأمر جد خطير، ولا يجوز الصمت عنه". وأضاف: "القضاء لا يجوز العبث به كما حدث في بقية المؤسسات.." معتبر ذلك "معيبا في حق أعضاء المجلس الذين اقسموا على احترام الدستور والقوانين..".


 
ويقول قانونيون إن الدستور اليمني أكد على استقلالية القضاء، في حين حددت قوانين السلطة القضائية النافذة صلاحيات رئيس الجمهورية المحدودة بهذا الخصوص، حيث يتوجب على الرئيس أن يقوم أولا بتعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى، وفقا لقانون السلطة القضائية، وبعدها ينعقد المجلس لترشيح رئيس المحكمة العليا ونائبيه.
 
وأكد أحد القانونين، متحدثا لـ "يمن شباب نت" شريطة عدم ذكر اسمه، على أن قرارات رئيس مجلس الرئاسة مخالفة لقانون السلطة القضائية النافذ، مستشهدا على ذلك بنص الفقرة (أ) من المادة (59) من القانون، والتي تؤكد على أن: "يكون تعيين رئيس المحكمة العليا ونائبيه وقضاة المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض رئيس مجلس القضاء الأعلى، وبعد موافقة المجلس، وذلك من بين قائمة أسماء تتولى هيئة التفتيش القضائي إعدادها للعرض على المجلس، مشفوعة بكافة البيانات وتقارير الكفاءة المتعلقة بمن تشملهم القائمة".
 
ومنذ منتصف العام 2019، تعطل العمل بالمحاكم في عدن ومحافظات جنوبية أخرى، بناء على دعوة من نادي القضاة الجنوبي (الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي)، للإضراب عن العمل وقامت قوات مسلحة تابعة للانتقالي بإغلاق المحاكم والنيابات بعدن بالقوة. وقبل أيام أصدر نادي القضاة الجنوبي بيانا دعوا فيه إلى الاستمرار في الإضراب وإغلاق المحاكم والنيابات بحجة ضرورة إعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى وتعديل هيكل أجور القضاة.
 
وعلى إثر ذلك نشر القاضي الهتار، على حسابه الشخصي بالفيسبوك، مساء أمس الأول (الأربعاء: 2 أغسطس)، مذكرة رسمية سابقة، موجهة من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي إلى محافظ عدن، يأمره فيها بفتح المحاكم والنيابات ومقر المجمع القضائي، بناء على قرار المحكمة العليا.
 
وكتب الهتار أعلى المنشور: "إلى مجلس القيادة، مع الشكر"، ما أعتبر تعريضا بالمجلس الرئاسي، على سبيل حثه للتصرف بمسئولية إزاء هذه الاختلالات كما فعل الرئيس السابق هادي على الأقل.


 أضغط على الصورة للتكبير

وظهرت مؤخرا، على صدر صفحات ناشطين بوسائل التواصل الاجتماعي، عبارات على شاكلة "سلام الله على هادي"، تعبيرا عن الاستياء من قرارات مجلس القيادة الرئاسي التي تتهم بأنها تلبي رغبات وأهداف طرف بعينه في إطار المجلس دون بقية الأطراف الأخرى، ودون توخي مصلحة اليمن وسيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، بموجب القسم الرئاسي.

وجاءات قرارات رئيس مجلس الرئاسة اليمني الأخيرة، ملبية في معظمها لتطلعات ومطالب نادي القضاة الجنوبي، حيث يتضمن أكثر من نصف أعضاء مجلس القضاء الجديد على قضاة في نادي القضاة الجنوبي، من المحسوبين تحديدا على المجلس الانتقالي الجنوبي. 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر