حشود هائلة.. مئات الآلاف يتظاهرون في لندن دعماً لفلسطين ورفضا للعدوان الإسرائيلي على غزة

تجمّع مئات الآلاف من المحتجين في وسط لندن، اليوم السبت، في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين هي الأضخم في بريطانيا منذ بدء الحرب على غزة، بينما أطلقت الشرطة عملية أمنية كبيرة تخللها توقيف 82 يمينياً خرجوا ضمن حشد مضاد، واشتبك بعضهم مع عناصر الشرطة في وقت سابق اليوم. يأتي ذلك في وقت تحيي فيه بريطانيا ذكرى قدامى المحاربين.
 
وقالت الشرطة البريطانية إن نحو 300 ألف شخص شاركوا في التظاهرة، رفضاً للعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، لليوم الـ36، والذي تخللته مجازر إبادة وحشية استهدفت تجمعات النازحين والمستشفيات والأحياء السكنية المكتظة، وأسفرت عن أكثر من 11 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
 
ونُظمت التظاهرة بالتزامن مع احتفال بريطانيا بيوم الهدنة، وهو اليوم الذي انتهت فيه الحرب العالمية الأولى، تكريماً لذكرى قدامى المحاربين.
 
وعلى بعد 1.5 كيلومتر تقريبا من الموقع الذي ستنطلق منه المسيرة، اصطف حوالي ألف شخص في الشوارع لمشاهدة فعاليات يوم الهدنة عند النصب التذكاري للحرب.
 
 ووسط الحشد، ردد بعض المتظاهرين اليمينيين المعارضين للمسيرة المؤيدة للفلسطينيين هتافات من بينها "نريد استعادة بلدنا".
 
مثيرو شغب متطرّفون يشتبكون مع الشرطة

وأظهرت لقطات تلفزيونية اشتباكات صغيرة بين الشرطة ومتظاهرين يمينيين بالقرب من النصب التذكاري، اتهموا الشرطة بالتحيز للفلسطينيين.
 
 وأعلنت الشرطة أنها اعتقلت 82 شخصاً من المتظاهرين في المسيرة المضادة والذين حاولوا الوصول إلى مسيرة الاحتجاج الرئيسية. وقالت شرطة العاصمة لندن إنها أوقفت عددا من مثيري الشغب، بحوزتهم سكاكين وعصيّ، وكانوا ينوون الاشتباك مع التظاهرات المؤيدة لفلسطين.
 
 وأضافت أن رجال الشرطة واجهوا أعمال عنف غير مقبولة، بما في ذلك قيام هؤلاء الأشخاص بإلقاء المقذوفات والحواجز المعدنية، مشيرة إلى أنهم "كانوا عازمين فقط على مواجهة ضباط الشرطة".
 
وقال رئيس العمليات في شرطة لندن، لورانس تايلور، في وقت سابق، إن التظاهرة المضادة ستتضمن على الأرجح مشجعين لكرة القدم من مثيري الشغب، وإن "من المرجح" أن تستخدم الشرطة القوة في مرحلةٍ ما ضد "جيوب من المواجهات".

وتأتي هذه التوترات بعد الجدل الذي أثارته تصريحات سابقة لوزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، انتقدت فيها الشرطة واتهمتها بالتساهل مع المسيرات المؤيدة لفلسطين. ووُصفت تصريحاتها هذه بالعنصرية.
 
وفي هذا السياق، انضم عمدة لندن صادق خان إلى الوزير الأول الاسكتلندي حمزة يوسف، في إلقاء اللوم على وزيرة الداخلية في اشتباكات المتظاهرين اليمينيين مع الشرطة اليوم.
 
وقال خان إن "مشاهد الفوضى التي شهدناها من قبل اليمين المتطرف في النصب التذكاري هي نتيجة مباشرة لكلمات وزيرة الداخلية. لقد أصبحت مهمة الشرطة أكثر صعوبة".
 
وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن رئيس مجموعة "رابطة الدفاع الإنكليزية" اليمينية المتطرفة، تومي روبنسون، كان من المشاركين في التظاهرة المضادة.
و"المسيرة الوطنية من أجل فلسطين" هي الرابعة التي تُنظَّم في العاصمة البريطانية منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن قال وزراء إنه يجب إلغاؤها بسبب تزامنها مع يوم الهدنة.
 
وبدأت القضية قبل أسبوعين من خلال إثارة قضية "حماية الأنصاب التذكارية" التي بدأت بإثارتها أقطاب من اليمين وبعض الصحف، وتبنّاها لاحقاً سياسيون بريطانيون، منهم رئيس الوزراء ريشي سوناك، لكون التظاهرات ضد الحرب تمرّ بجانب النصب التذكاري للجنود الواقع بالقرب من مبنى الحكومة، وصولاً إلى مبنى الحكومة.
 
ودعا سوناك الأسبوع المنصرم إلى تأجيل التظاهرة، وعبّر عن احتمال "وجود خطر قائم وواضح لتدنيس النصب التذكاري، ما يمثّل إهانة للشعب البريطاني والقيم التي يدافع عنها"، بحسب تعبيره. مع العلم أن التظاهرات الثلاث السابقة التي مرّت بجانب الأنصاب التذكارية لم يجرِ فيها التعدي على أي نصب تذكاري.
 
وقال منظمو حملة التضامن مع فلسطين إن مسيرة السبت ستبتعد عن النصب التذكاري للحرب بالقرب من مكتب سوناك في شارع داونينغ، وستختتم عند السفارة الأميركية على بعد حوالى ثلاثة كيلومترات.
 
وقالت الشرطة إنها ستنشر ما يقرب من ألفين من أفراد الأمن، وتعهدت باتخاذ إجراءات صارمة ضد أي اضطرابات يسببها المشاركون في المسيرة، أو احتجاج مضاد من قبل جماعات يمينية معارضة وقدامى المحاربين.
 
وقال لورانس تايلور، نائب مساعد مفوض الشرطة والمسؤول المكلف بمتابعة المسيرات: "أعتقد أنه إذا اجتمعت المجموعات (المختلفة) معاً، فستحدث اضطرابات خطيرة".
 
وأضاف للصحافيين: "عملية الشرطة في مطلع هذا الأسبوع ضخمة"، وتابع أنها ستكون "صعبة ومفعمة بالتوتر".
 
وقالت الشرطة إنها ستفرض منطقة حظر حول المناطق المرتبطة بأحداث الذكرى، فيما نُشرَت حراسة غير مسبوقة من الشرطة على مدار 24 ساعة في النصب التذكاري منذ يوم الخميس.
 
مشاركة مليونية
 
وسعى المنظمون إلى مشاركة مليونية، على غرار التظاهرة المناهضة للحرب على العراق في 2003، والتي كانت الأكبر في التاريخ البريطاني.
 
وأعلنت أكبر النقابات العمالية البريطانية مشاركتها في التظاهرة اليوم السبت، منها نقابة السكك الحديدية الوطنية، ونقابة التعليم الوطنية، ونقابة رجال الإطفاء الوطنية.
 
وقال بيان مشترك لقادة النقابات إنهم يريدون إرسال رسالة قوية إلى الحكومتين البريطانية والأميركية، "اللتين تدعمان إسرائيل سياسياً وعسكرياً"، بأنهم يرفضون الصمت عن "الظلم والاضطهاد اللذين يتعرض لهما الفلسطينيون، وينضمون إلى الملايين من البريطانيين الذين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية، ويطالبون بوقف النار والعدوان على غزة".
 
وشهدت التظاهرة كلمات لجيريمي كوربين، زعيم حزب العمال السابق، والممثلتان جولييت ستيفنسون وماكسين بيك، ورئيس البعثة الفلسطينية إلى المملكة المتحدة حسام زملط، وآخرون.
 
ولا تزال الاستقالات في حزب العمال البريطاني مستمرة بسبب موقف الحزب وزعيمه حيال الحرب على غزة، إذ استقال النائب عمران حسين احتجاجاً على موقف زعيم الحزب كير ستارمر، الذي رفض دعوات للضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة. ويمثل عمران حسين دائرته الانتخابية في شمال إنكلترا، التي تضم عدداً كبيراً من المسلمين.
 
وفي هذا السياق، وقّع 45 عالماً مسلماً في بريطانيا على بيان يدين دعم الحكومة البريطانية لإسرائيل، ويدعو الدول الإسلامية إلى إرسال جيوشها من أجل وقف الإبادة الجماعية في فلسطين.
 
وانتقد العلماء المسلمون الحكومة البريطانية، وقالوا: "عارٌ على حكومة المحافظين الاستمرار في تقديم الدعم الدبلوماسي والعسكري لنظام الفصل العنصري في إسرائيل، الذي يستمر في ارتكاب مزيد من المجازر".
 
ودعا العلماء، الحكومة البريطانية، إلى وصف إسرائيل بأنها نظام فصل عنصري، ودعوا السياسيين المسلمين إلى حثّ زعماء الأحزاب على المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
 
وناشد العلماء، جميع الحكومات في الدول الإسلامية، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وتجميد جميع الأنشطة التجارية معها، وفرض حظر نفطي عليها. وأكدوا أيضاً حق الشعب البريطاني في تنظيم التظاهرات السلمية نصرةً لفلسطين.ويخرج مئات الآلاف في بريطانيا أسبوعياً منذ بدء الحرب، في تظاهرات في عدة مدن وبلدات بريطانية أبرزها لندن.

المصدر: العربي الجديد

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر