المتطرف "بن غفير" يقتحم المسجد الأقصى وإدانات عربية ودولية وتحذير من التبعات

بخلاف تأكيدات سابقة، اقتحم وزير الأمن القومي في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد إيتمار بن غفير، اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى، وذلك بعد ساعات من توليه المنصب، بالتزامن مع استشهاد فتى فلسطيني في بيت لحم وسط الضفة الغربية.
 
وأفادت الإذاعة الإسرائيلية، بأنّ بن غفير، اقتحم، في وقت مبكر من صباح اليوم، المسجد الأقصى في القدس المحتلة، على الرغم من تحذيرات من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
 
واستمر الاقتحام 15 دقيقة، بحسب ما أفادت به مصادر محلية "العربي الجديد"، مشيرة إلى أنّ بن غفير اقتحم المسجد الأقصى برفقة العشرات من أتباعه، وبحماية مشددة من قبل قوات الاحتلال، ثم انسحبوا بعد ذلك.
 
وتداولت وسائل إعلام مقطع فيديو للوزير المتطرف وهو يقتحم باحات المسجد الأقصى بحراسة من شرطة الاحتلال.
 
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ قرار السماح لبن غفير باقتحام المسجد الأقصى اتخذ من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" في أعقاب مداولات خلصت إلى أنه لن يحدث أي تصعيد أو تطورات ميدانية بعد الاقتحام.
 
وكان بن غفير أدلى خلال اقتحامه للأقصى بتصريحات استفزازية أكد فيها أنّ حكومته "لا تخضع للتهديدات"، وأنّ ما يسمى "جبل الهيكل" هو الأكثر قداسة لليهود، فيما تزامن اقتحامه مع استمرار اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى في ظل قيود مشددة على الفلسطينيين.
 
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، قد ذكرت، أمس الإثنين، أنّ بن غفير تراجع عن قرار الاقتحام، لهذا الأسبوع بعد لقاء خاطف عقده مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
 
ويؤكد الاقتحام اليوم أنّ عملية تضليل إعلامي قادها نتنياهو وبن غفير، أمس الإثنين، لإظهار محاولة تهدئة الأوضاع وتفادي تواجد مكثف للمقدسيين في المسجد الأقصى للتصدي لاقتحام بن غفير.
 
كما يأتي الاقتحام وبموافقة نتنياهو، على الرغم من تحذيرات عربية وفلسطينية، لا سيما من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تبعات هذا الاقتحام.
 
وقُوبل اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى بإدانات فلسطينية رسمية، باعتباره تحدياً لمشاعر جميع أبناء الشعب الفلسطيني و"استفزازاً غير مسبوق"، محذرة من تبعات ذلك الاقتحام.
 
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في تصريحات له في الجلسة الأسبوعية للحكومة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، إنّ "اقتحام بن غفير للأقصى يشكل تحدياً خطيراً لمشاعر جميع أبناء شعبنا الفلسطيني".
 
ودعا اشتية أبناء الشعب الفلسطني، الذين أحبطوا مؤامرة البوابات إلى التصدي لمثل هذه الاقتحامات التي تستهدف جعل المسجد الأقصى معبداً يهودياً، مؤكداً أنّ "هذا انتهاك لكل الأعراف والقيم والاتفاقيات والقوانين الدولية وتعهدات إسرائيل للرئيس الأميركي".
 
وقال اشتية إنّ "الحكومة الإسرائيلية الجديدة تتحمل كامل المسؤولية عن كل ما سيترتب على عدوانها بحق مدننا وبلداتنا وقرانا ومخيماتنا، وما يرافق تلك الاقتحامات من عمليات قتل وهدم واعتقال، والتي كان آخرها فجر اليوم باستشهاد الطفل آدم عياد، وفجر أمس الشهيدين الشابين محمد حوشية وفؤاد عابد، إضافة لعشرات الإصابات، وتفجير ثلاثة منازل".
 
من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في تصريح صحافي: "إن اقتحام المتطرف ايتمار بن غفير للمسجد الأقصى المبارك تحدٍ لشعبنا الفلسطيني وللأمة العربية والمجتمع الدولي".
 
وحذر أبو ردينة من أن استمرار هذه الاستفزازات بحق مقدساتنا الإسلامية والمسيحية سيؤدي إلى المزيد من التوتر والعنف وتفجر الأوضاع، محملاً الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المسؤولية عن أي نتائج أو تداعيات حيال ما تتخذه من سياسات عنصرية بحق أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته.
 
وفي السياق، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، الثلاثاء، أنّ اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى يمثل "استفزازاً غير مسبوق وتهديداً خطيراً لساحة الصراع".
 
وقالت الوزارة، في بيان أوردته وكالة الأناضول، إنّ اقتحام بن غفير يمثل "استفزازاً غير مسبوق، وتهديداً خطيراً لساحة الصراع، واستخفافا بالمطالبات بوقفها". واعتبرت أنّ الاقتحام "شرعنة لمزيد من الاقتحامات واستباحة الأقصى من قبل غلاة المستوطنين بل وتشجيع لهم وحماية لارتكاب أبشع الجرائم والاعتداءات على الأقصى".
 
وحمّلت الوزارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "المسؤولية عن هذا الاعتداء الصارخ على الأقصى". وصرحت بأنها "ستتابع ذلك على المستويات كافة بالتنسيق مع الأشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية".
 
بدوره، قال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية حاتم البكري، في بيان صحافي: "إن خطوة بن غفير الخطيرة تأتي في ظل الاتفاقات التي شُكِّلت على أساسها الحكومة الإسرائيلية الحالية، الأكثر يمينية في تاريخ الحكومات الإسرائيلية".
 
وحذر البكري من تبعات إجراءات الاحتلال التهويدية بحق الأقصى على استقرار المنطقة بأسرها، محملاً حكومة الاحتلال مسؤولية التصعيد بشكل عام، والتصعيد الأخير على وجه الخصوص.
 
من جهتها، نددت حركة "حماس"، الثلاثاء، باقتحام بن غفير، للمسجد الأقصى، معتبرةً أنّ الخطوة "حرب" على هوية المسجد.
 
وقال حازم قاسم متحدث الحركة في بيان أوردته "الأناضول": "جريمة اقتحام الوزير الصهيوني الفاشي بن غفير للمسجد الأقصى استمرار للعدوان على المقدسات وحربه على هويّته العربية".
 
وأضاف: "المسجد الأقصى كان وسيبقى فلسطينياً عربياً إسلامياً، ولا يمكن لأي قوة أو شخص فاشيّ أن يغيّر هذه الحقيقة". وأشار قاسم إلى أن "الشعب سيواصل الدفاع عن المقدّسات والمسجد الأقصى لتطهيره من دنس الاحتلال، والمعركة لن تتوقف إلا بانتصاره".
 

حملة اعتقالات واقتحام مخيم جنين

إلى ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال الأسير المحرر أحمد عبد ربه من مخيم طولكرم شمالي الضفة، واعتقلت الشاب رائد عساكرة من بلدة العساكرة شرق بيت لحم، كما اعتقلت الشاب فراس سمارة من بلدة كفر قليل جنوبي نابلس (شمال).
 
واعتقلت قوات الاحتلال الشاب أدهم القاضي من مخيم جنين أثناء مروره عن حاجز عسكري، الليلة الماضية، واعتقلت شرطة الاحتلال الفتى جواد توفيق كميل (17 عاماً) من بلدة قباطية جنوب جنين أثناء عمله في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
 
على خط موازٍ، اقتحمت قوات الاحتلال، صباح اليوم الثلاثاء، مدينة جنين ومحيط مخيمها، وسط اندلاع اشتباكات مسلحة بين مقاومين وتلك القوات، حيث أعلنت "كتيبة جنين" استهداف تلك القوات بالرصاص والعبوات الناسفة محلية الصنع.
 
ونشرت قوات الاحتلال قناصتها على البنايات في عدة مناطق من جنين ومحيط مخيمها، وسيرت آلياتها في الشوارع، وسط اندلاع اشتباكات مسلحة، فيما حذرت الصحافيين وطواقم الإسعاف من التنقل والتحرك في المناطق المتواجدة فيها، كما قررت مديرية التربية والتعليم تأخير بداية دوام المدارس في مدينة جنين للساعة التاسعة صباحاً، وكذلك الأمر ذاته أعلنته الجامعة العربية الأميركية، وذلك حفاظاً على سلامة الطلبة.
 
وأكد مدير نادي الأسير الفلسطينيي في جنين، منتصر سمور، لـ"العربي الجديد"، أنّ وحدات إسرائيلية خاصة "مستعربون" تسللت إلى مدينة جنين، وتبعها اقتحام عدد كبير من آليات الاحتلال، واعتقلت الأسير المحرر بسام عبدالله سعيد أبو عبيد ونجله تقي، وذلك للضغط على نجله عبد بتسليم نفسه بحجة أنه مطلوب.
 
إدنات عربية ودولية

سارع الأردن والهيئة الإسلامية العليا في القدس، إلى التنديد والتحذير من تبعات اقتحام وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى، اليوم الثلاثاء. إذ أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، بأشد العبارات اقتحام بن غفير المسجد الأقصى، وتحت حراسة وحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.
 
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، السفير سنان المجالي، في بيان، إنّ "قيام أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى وانتهاك حرمته، خطوة استفزازية مُدانة، تمثل خرقاً فاضحاً ومرفوضاً للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها".
 
وحذر من أنّ "الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات بالتزامن مع الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي الفلسطينية المحتلة، تنذر بالمزيد من التصعيد، وتمثل اتجاهاً خطيراً يجب على المجتمع الدولي العمل على وقفه فوراً".
 
وشدد المتحدث الرسمي باسم الوزارة على أنّ "المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأنّ إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم القدسي الشريف وتنظيم الدخول إليه".
 
وحمل المتحدث إسرائيل "المسؤولية كاملة عن التبعات الخطيرة لهذا التصعيد الذي يقوّض كل الجهود المبذولة للحؤول دون تفاقم العنف الذي يهدد الأمن والسلم".
 
وأدانت دولة قطر، بأشد العبارات، اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى، واعتبرته انتهاكاً سافراً للقانون الدولي والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة، بحسب قنا.
 
وحذّرت وزارة الخارجية، في بيان اليوم، من السياسة التصعيدية التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكدت أن محاولات المساس بالوضع الديني والتاريخي للمسجد الأقصى ليست اعتداءً على الفلسطينيين فحسب، بل على ملايين المسلمين حول العالم.
 
وحمّلت وزارة الخارجية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحدها مسؤولية دائرة العنف التي ستنتج من هذه السياسة التصعيدية الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني وأراضيه ومقدساته الإسلامية والمسيحية، وحثّت المجتمع الدولي على التحرك العاجل لوقف هذه الاعتداءات.
 

السعودية تدين ومصر ترفض

ونددت السعودية باقتحام بن غفير، وقالت وكالة الأنباء السعودية "واس" إن الخارجية السعودية أعربت عن "تنديد وإدانة المملكة للممارسات الاستفزازية التي قام بها أحد المسؤولين الإسرائيليين باقتحام باحات المسجد الأقصى".
 
من جانبها قالت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" إن الإمارات "تدين اقتحام وزير إسرائيلي باحة المسجد الأقصى المبارك".
 
من جهتها، أعربت مصر عن أسفها لاقتحام بن غفير المسجد الأقصى، مؤكدةً رفضها التام لأية إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس.
 
وحذرت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، الثلاثاء، من التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات على الأمن والاستقرار في الأراضي المحتلة والمنطقة، وعلى مستقبل عملية السلام، داعيةً الأطراف كافة إلى ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية والامتناع عن أية إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع.
 
إلى ذلك، قال السفير الأميركي لدى تل أبيب، توم نايدز، في تصريح لموقع "والاه" الإسرائيلي، إنّ البيت الأبيض أوضح لحكومة إسرائيل أنه يعارض كل خطوة من شأنها "المسّ بالوضع القائم في الأماكن المقدسة". وأضاف: "ليكن واضحاً أننا معنيون بالحفاظ على الوضع القائم، وكل خطوة تمنع ذلك غير مقبولة. قلنا ذلك بشكل واضح للحكومة الإسرائيلية".
 
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا

من جهته، أعاد الاتحاد الأوروبي تأكيد أهمية الحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة، مشدداً على متابعته "الأفعال التي تتعارض مع ذلك، فهي تساهم بزيادة التوتر في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة".
 
وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان صدر عن مكتب ممثله في فلسطين، الثلاثاء، إن الأسابيع الماضية شهدت زيادة خطيرة في التوتر والإصابات، وإن من المهم وقف التصعيد وتجنب أي أعمال واستفزازات تغذي هذا التوتر، مؤكداً أن موقفه بشأن القدس لم يتغير، وأنه يجب الوصول إلى حل تكون فيه القدس العاصمة المستقبلية للدولتين.
 
وقال المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي سفن كوبمانز: "إن الوضع الراهن للأماكن المقدسة ووصاية ملك الأردن، المتفق عليهما دولياً، ضروريان للسلام الإقليمي والاستقرار والتوازن بين الأديان الرئيسية في القدس، وهو أمر مهم جداً لنا".
 
ومن جانبها، أعربت المملكة المتحدة عن قلقها إزاء اقتحام المتطرف بن غفير للحرم القدسي الشريف، وقالت في بيان: "تبقى المملكة المتحدة ملتزمة الوضع الراهن، ومن المهم على الجميع تجنب كل الأنشطة التي تؤجج التوترات وتقوض فرص السلام".
 

(العربي الجديد)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر