حادثة خطوط "نورد ستريم".. هل يعيد إبراز تركيا كممر استراتيجي لنقل الطاقة إلى أوروبا؟

أعادت حادثة التخريب المفترض لخطوط "نورد ستريم" لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر بحر البلطيق، مجدداً، إبراز مكانة تركيا كمرر استراتيجي "إجباري" لنقل الطاقة إلى أوروبا، التي تعاني من أزمة غير مسبوقة بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية. 
 

وعلى مدى العقود الماضية، لم ترغب العديد من الدول الأوروبية في ربط إمداداتها بالطاقة من تلك الخطوط التي تمر من تركيا لأسباب مختلفة أبرزها عدم الرغبة في منح تركيا مكانة أكبر كمرر استراتيجي للطاقة، بينما لا تخفي دول أوروبية قلقها من أن تستخدم تركيا هذه الورقة من أجل ممارسة ضغوط سياسية على الاتحاد الأوروبي. 
 

لكن التطورات المتلاحقة منذ انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا أعادت مجدداً إبراز مكانة تركيا كممر آمن لإمدادات الطاقة إلى أوروبا، التي تسعى لتأمين بدائل سريعة قبل دخول فصل الشتاء، الذي يتوقع أن يكون الأصعب على العديد من العواصم الأوروبية منذ سنوات طويلة. 
 

وتعتبر خطوط نورد ستريم 1 و2 من أبرز المشاريع الأوروبية التي حاولت من خلالها دول القارة الحصول على الغاز الروسي بشكل مباشر بدون مروره من أراضي دول أخرى لتوفير التكلفة الاقتصادية، وتجنب منح أي دولة ما يعتبره سياسيون أوروبيون ورقة ابتزاز سياسي وكثيراً ما كان يشار إلى تركيا في هذا الإطار. 
 

تعتبر خطوط نورد ستريم 1 و2 من أبرز المشاريع الأوروبية التي حاولت من خلالها دول القارة الحصول على الغاز الروسي بشكل مباشر بدون مروره من أراضي دول أخرى لتوفير التكلفة، وتجنب منح أي دولة ورقة ابتزاز سياسي 
 

إلا أن الحادث الذي تعرضت له أنابيب خط نورد ستريم 1 و2 في بحر البلطيق ويعتقد أنه ناجم عن تفجيرات وقعت في ظروف غامضة ومعقدة سوف يثير الشكوك بقوة حول نجاعة استمرار الاعتماد على هذه الخطوط، وقد يدفع دول القارة إلى إعادة حساباتها ومناقشة الخيارات المتاحة لتأمين الطاقة للمرحلة المقبلة. 
 

فعلى الرغم من الرغبة الأوروبية الجامحة بالاستفادة من الاكتشافات الهائلة للغاز في شرق المتوسط، سعت أوروبا بقوة من أجل الحصول على هذا الغاز من دون تركيا، عبر مقترحات مختلفة كان أبرزها إيصاله عبر خط يمر من اليونان ويتجاهل تركيا، أو عبر إسرائيل ومصر بطرق التفافية، وهي جميعها مقترحات لم تنجح حتى الآن. كما أعلن بشكل رسمي عن فشل مشروع “ايست ميد” بعدما رفعت واشنطن دعمها عنه، بعدما رأت أنه لن يكون قابلاً للتطبيق ولن يكون له جدوى اقتصادية. 
 

فكرة مشروع “ايست ميد” نبعت بشكل أساسي من الرغبة الأوروبية في تجاوز ربط إمداداتها للغاز بتركيا، لأسباب مختلفة أبرزها الصراع العميق بين دول شرق المتوسط حول الحدود البحرية والثروات، إلا أن تراجع الخلافات والتقارب التركي- الإسرائيلي والتقارب المتوقع أيضاً بين أنقرة والقاهرة، بالإضافة إلى الحاجة الأوروبية الماسة لأسرع الحلول وأقلها تكلفة لإيصال الغاز لها، يتوقع أن يعيد توجيه الأنظار مجدداً إلى المقترح التركي القديم الجديد. 
 

وينص المقترح التركي على إنشاء خط غاز بالتعاون مع جميع الدول المطلة على شرق البحر المتوسط وخاصة إسرائيل ومصر واليونان، على أن يمر هذا الخط من الأراضي التركية ويتم ربطه بشكل سريع مع خطوط الغاز التي تصل أوروبا من تركيا، وهو ما ترى فيه أنقرة المشروع الأسرع في الإنجاز والأقل تكلفة ويعود بالفائدة على جميع الأطراف. 
 

ومع بدء تحسن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، طرحت تركيا مجدداً المقترح على إسرائيل. وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة عن رغبته في البدء في مفاوضات تفصيلية من أجل البدء بهذا المشروع، الذي يبقى الخلاف التركي- اليوناني هو المعيق الأكبر له، إذ يختلف البلدان على الحدود البحرية والمجال الجوي وجزيرة قبرص وتسليح جزر بحر إيجه وغيرها الكثير من القضايا. 
 

وفي هذا الإطار، تأمل أنقرة أن يمارس الاتحاد الأوروبي ضغطاً على اليونان من أجل تهدئة التوتر المتصاعد بين البلدين، وذلك من أجل تحقيق مصالحه في نقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا، وهو مشروع يُقر الجميع بأهميته وأفضليته، لكن التوافق حوله يبقى صعباً في الوقت الحالي.
 

(القدس العربي) 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر