













كتابنا

التمثيل ليس مجرد إعادة إنتاج للواقع، بل هو وسيلة نقد تكشف سلوكيات الأفراد والمجتمع، ومرآة تعكس للمشاهد الكثير مما خفي، وتُذكّره بخطورة العديد من العادات والسلوكيات الخاطئة التي تأقلم معها، ومن هنا يتجلّى أهمية العمل الدرامي الاجتماعي الهادف، كما في مسلسل "يوميات مواطن".

لا يقتصر صراع الهيمنة المنتج للتهميش على السياسة والاقتصاد فحسب، بل شمل الثقافات والفنون والآداب، التي غدت مجالًا خصبًا لتلك الإشكاليات التي تضخّمت في مرحلة ما بعد الكولونيالية، وتعود جذورها إلى عصر الاستعمار العسكري الغربي الذي رافقه استعمار ثقافي هدف إلى إعلاء مرتبة ثقافة المستعمِر وازدراء ثقافة المستعمَر وتهميشها، وتأكيد دونيتها.

عامان مرا على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، عامان تضخمت فيهما الحوثية وتغوّلت في تفاصيل المشهد اليمني، متغذيةً على الدم الفلسطيني لتستعيد أوكسجينها السياسي. فبعد أن كادت تخنقها نقمة الداخل وغضب الشارع، جاءت حرب الإبادة لتمنحها قبلة حياة مؤقتة.

تعز اسمٌ مرادف للمقاومة، وشاهدٌ على التضحية، وعنوانٌ لثقافة عريقة متجذرة في التاريخ اليمني. إنها المدينة التي لم تتأخر يوماً عن أداء واجبها الوطني، وكانت في طليعة الصفوف كلما نادى الوطن، ولكنها اليوم تجد نفسها، على الرغم من كل ما قدمته، تدفع الثمن الأكبر والأفدح من بين كل المدن.

في ذاكرة الأوطان أيامٌ ليست كغيرها. أيامٌ تمثل علامات فارقة في مسيرتها نحو الكرامة والحرية. والرابع عشر من أكتوبر هو أحد أقدس تلك الأيام في تاريخنا اليمني. إنه اليوم الذي توج تضحيات الآباء المؤسسين بجلاء آخر جندي بريطـاني، وأعلن ولادة دولة مستقلة، حلمها الأسمى أن يكون قرارها بيدها، ومصيرها من صنع أبنائها. هذه هي روح ثورة الـ 14من أكتوبر، وهذا هو الإرث الذي نتشرف بحمله.

من أقبح ذرائع الاعتقال الحوثي ذكرى 26 سبتمبر، حيث ارتقى فعل الاحتفاء بها إلى مصاف الزلات المحرمة في شرع المليشيات، وغدت المناسبة مدعاة للزج بالعشرات في المعتقلات، واعتقالهم بطريقة الاختطاف والإخفاء القسري، حتى وإن لم يثبت على الضحايا مظاهر احتفاء سبتمبرية صريحة تتجاوز تعليمات المنع العلنية.

لا تزال موجات التحريض والشيطنة تُشن ضد حزب الإصلاح، موجات متواترة تكشف انفصالًا واسعًا بين ما يُقال وما يحدث على أرض الواقع. كلما تأملنا هذا الخطاب المسموم، ازداد وضوح الفجوة بين ادعاءات الخصوم وحقيقة الوقائع الماثلة.

نعم، لا بد أن تكون العدالة أولاً، فوق كل الاعتبارات، فوق كل المصالح الضيقة، وفوق كل الحزبية التي تمزق النسيج المجتمعي. إن تطبيق الأحكام الشرعية والقانون يجب أن يكون المبدأ الأوحد الذي يُبنى عليه استقرار أي مجتمع، وأن يُرفع فوق كل شيء وقبل كل شيء.

شيّعت تعز اليوم (30 سبتمبر) جثمان الشهيدة افتهان المشهري، المرأة الاستثنائية والحديدية، التي لم تكن مجرد مدير لصندوق النظافة والتحسين في تعز، بل نموذجًا للمسؤول الوطني الذي يحترم مهامه ومسؤوليته ويعمل من أجل الناس والوطن.