الأخبار

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. ما تأثيرها على اليمن وعملية السلام الأممية؟ (تحليل)

ترجمات| 27 سبتمبر, 2024 - 6:15 م

ترجمة خاصة: يمن شباب نت

image

لقد أثر تورط الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس على تقدم المفاوضات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والحوثيين. إن الحوار اليمني الداخلي الذي كان يتقدم منذ الاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين في أبريل 2022 والتقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران في مارس 2023، يواجه الآن عقبات.

فلقد خلق الصراع عقبات جديدة في الحوار اليمني الداخلي، مما أدى إلى إبطاء وتيرة المحادثات وتآكل الثقة بين الأطراف. كما تعطلت عملية توصيل المساعدات الإنسانية إلى الناس.

حيث احتجز الحوثيون عددًا من مسؤولي الأمم المتحدة والدبلوماسيين وموظفي المنظمات غير الحكومية الدولية العاملين في اليمن. إلى جانب ذلك، استولوا أيضًا على السفن واحتجزوا أفراد الطاقم الذين لا يزالون تحت احتجاز الحوثيين. كما تعمل هذه التطورات على تفاقم الوضع السياسي والأمني ​​والاقتصادي في اليمن، مما يجعل احتمالات السلام أكثر هشاشة.

الوساطة والدبلوماسية

هناك قلق متزايد بين أصحاب المصلحة الإقليميين والأمم المتحدة من أن تورط الحوثيين في الحرب قد يعرض للخطر التقدم المحرز حتى الآن في عملية السلام اليمنية منذ أبريل 2022.

حيث أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانز جروندبرج، عن قلقه من أن محادثات السلام اليمنية لا ينبغي أن تكون "ضررًا جانبيًا" للحرب بين إسرائيل وحماس.  وحثت الأمم المتحدة الحوثيين على الالتزام بالاتفاقيات المبرمة وتهدئة التوترات لمنع أي تأثير سلبي على عملية السلام في اليمن.

في ديسمبر/كانون الأول 2023، وبعد عدد من المفاوضات في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، التزمت الأطراف اليمنية بوقف إطلاق النار واتفقت على خارطة طريق.

وتضمنت عناصر خارطة الطريق هذه استئناف صادرات النفط (مصدر رئيسي للإيرادات للاقتصاد)، ودفع رواتب الموظفين الحكوميين، وفتح الطرق في تعز وتخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. ولكن في مارس/آذار 2024، ومع تكثيف الحوثيين لهجماتهم في البحر الأحمر، علقت الحكومة اليمنية تنفيذ خارطة الطريق هذه.

أدانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بشدة أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر. ووصفت هجوم الحوثيين على السفن في البحر الأحمر بأنه "إرهاب ممنهج" وقالت إن تصرفات الحوثيين ستؤدي إلى كارثة اقتصادية وبيئية في المنطقة.

وتؤكد الحكومة اليمنية أن الحوثيين من خلال تصعيد الهجمات في البحر الأحمر، قوضوا العملية السياسية الجارية في البلاد. كما تتهم إيران بتزويد الحوثيين بالأسلحة مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. علاوة على ذلك، تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بفرض حصار اقتصادي حيث انخفض عدد السفن التي تحمل المساعدات الإنسانية إلى اليمن أيضًا.

هناك اختلاف جوهري في التفكير بين الحكومة اليمنية والحوثيين. ففي حين تعتقد الحكومة اليمنية أن الدولة ومؤسساتها لابد أن تتعزز لتوفير الأمن والوصول إلى المساعدات الإنسانية للشعب، فإن الحوثيين لا يريدون أن يفقدوا السيطرة على المناطق ويتنازلوا عن أي سلطة للحكومة اليمنية.

الولايات المتحدة، رغم بقائها منخرطة في عملية السلام، اتخذت إجراءات عسكرية ضد الحوثيين بسبب أنشطتهم التخريبية في البحر الأحمر. وفي يناير 2024، مع تزايد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، أعلنت الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية عالمية محددة بشكل خاص.

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر هي أعمال إرهابية. وتقول الولايات المتحدة إن هذه الهجمات يجب أن تتوقف حتى تتقدم محادثات السلام دون أي عقبات.

وذكرت الولايات المتحدة أن هجمات الحوثيين لم تؤثر على الدول الإقليمية فحسب، بل على الشعب اليمني أيضًا. وأعربت عن قلقها من أن التصعيد في المنطقة سيكون له تأثير سلبي على محادثات السلام في اليمن.

وتشترك عُمان والمملكة العربية السعودية في حدود برية مع اليمن، ولهما مصالح كبيرة في حل الصراع. وتجد المملكة العربية السعودية نفسها، بعد أن خاضت حملة عسكرية مطولة ضد الحوثيين منذ عام 2015، في وضع جيوسياسي وأمني معقد. وعلى الرغم من التصعيد الأخير في البحر الأحمر، امتنعت المملكة العربية السعودية عن اتخاذ موقف أكثر حزما ضد الحوثيين.

ويعكس هذا التوازن الدقيق الموقف الدقيق للمملكة العربية السعودية تجاه الصراع في جوارها. ويمكن فهم الموقف السعودي من حقيقة أنها انخرطت مع الحوثيين في مفاوضات ولا تريد أي مواجهة عسكرية من شأنها أن تعرقل الإنجازات التي تحققت في هذا الصدد.

وتتوسط عُمان بين السعودية والحوثيين وتبذل جهوداً دبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي. وقد أدانت مسقط الهجوم الإسرائيلي على الحوثيين قائلة إنه سيزيد من تصعيد الموقف وتعقيده. ورداً على هجمات الحوثيين، شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عدداً من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار على أهداف عسكرية للحوثيين داخل اليمن.

وأدانت عُمان هذه الهجمات المستهدفة وأعربت عن قلقها إزاء الهجمات التي شنتها "دول صديقة". وعلى الرغم من تدهور الوضع وتورط الحوثيين في الحرب ضد إسرائيل، فإن عُمان والمملكة العربية السعودية تريدان الحفاظ على التقدم المحرز في تعاملهما مع الحوثيين.

الأمن والاستقرار الداخلي

وبعيدًا عن الهجوم على السفن في البحر الأحمر، قام الحوثيون بالعديد من الأعمال الاستفزازية التي تهدد بعرقلة السلام النسبي الذي تحقق في البلاد منذ أبريل/نيسان 2022. وهناك تقارير عن زيادة حشد القوات ووقوع اشتباكات مسلحة عنيفة في عدة أجزاء من البلاد، ولا تزال البيئة الأمنية العامة غير متوقعة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى اشتعال الوضع وتدهور الأوضاع بشكل خطير.

في يونيو/حزيران 2024، استولى الحوثيون على ثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية في صنعاء. وأدى ذلك إلى تقطع السبل بمئات الحجاج في الرياض حيث كانت هذه الطائرات ستعيدهم إلى ديارهم. واتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بالتصعيد بينما زعم الحوثيون أن الحكومة "نهبت عائدات الشركة".

في يونيو/حزيران 2024، احتجز الحوثيون 11 موظفًا من الأمم المتحدة من مناطق مختلفة من البلاد. كما اختطفوا عددًا من اليمنيين العاملين في المنظمات الإنسانية ووكالات الإغاثة في اليمن.  وعلى الرغم من مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة بالإفراج غير المشروط عنهم، إلا أن الحوثيين ما زالوا يحتجزونهم كرهائن.

في الثالث من أغسطس/آب، استولى الحوثيون على مقر مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء. وبعد أكثر من أسبوعين، أعادوا المكتب إلى الأمم المتحدة في التاسع عشر من أغسطس/آب.

وتشكل مثل هذه الإجراءات الأحادية والاستفزازية من جانب الحوثيين في وقت تحققت فيه مكاسب كبيرة تحديات كبرى لإعادة إرساء السلام والاستقرار في البلاد. كما أنها تخلق عوائق أمام التسليم السلس للمساعدات الإنسانية لملايين اليمنيين الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة من أجل بقائهم على قيد الحياة.  

التأثير الاقتصادي

لا يزال الاقتصاد اليمني هشًا للغاية، ويشكل إحياء الحياة الاقتصادية أولوية بالنسبة للبلاد. والوحدة السياسية والاستقرار في البلاد ضروريان لإحياء الاقتصاد. ومع هجمات الحوثيين على البحر الأحمر وتباطؤ محادثات السلام، لا يزال اقتصاد البلاد يعاني.

وقد تأثرت صادرات النفط، وهي مصدر رئيسي للإيرادات، بشدة بسبب الصراع المطول في البلاد. وبسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للنفط أثناء الحرب وغياب الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة، تأثر اقتصاد اليمن بشدة.

ولا تزال البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد متضررة وتحتاج إلى إعادة بناء. وفي مثل هذه الحالة الاقتصادية القاتمة، يمثل تورط الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس عقبة إضافية تعيق آفاق اليمن للتعافي الاقتصادي.

وفي يوليو/تموز 2024، تم اتخاذ خطوة مهمة إلى الأمام عندما توصل الطرفان إلى اتفاق للتعاون في قضيتين بالغتي الأهمية: الخطوط الجوية اليمنية والقطاع المصرفي في البلاد. واتفق الطرفان على تنفيذ تدابير تهدف إلى توحيد البنك المركزي اليمني، وهي خطوة حاسمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، اتفقا على استئناف الاتصال الجوي مع الأردن ومصر والهند. ويمثل هذان التطوران الأخيران تقدماً مهماً نحو استعادة الخدمات الأساسية وتحسين المشهد الاقتصادي في البلاد.

المخاوف الإنسانية

لقد أدى انعدام الاستقرار في اليمن على مدى أكثر من عقد من الزمان إلى أزمة إنسانية، حيث أصبح أكثر من 18.2 مليون شخص، بما في ذلك 9.8 مليون طفل، في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية.14 كما  أدت الحرب الأهلية المستمرة إلى تعطيل التعليم، مما أدى إلى خروج ملايين الأطفال من المدارس.

وانتشرت أمراض مثل الكوليرا في أجزاء كبيرة من البلاد. كما أثر تصاعد التوترات في البحر الأحمر على توصيل المساعدات الحيوية، حيث تواجه السفن التي تحمل الإمدادات الإنسانية تحديات متزايدة.

وفي هذه المرحلة الحرجة، يعد وقف إطلاق النار على مستوى البلاد والإجماع على خارطة طريق وطنية للعملية السياسية المستقبلية أمرًا ضروريًا لتحقيق الاستقرار في البلاد وتلبية احتياجاتها الملحة. كما أن التصعيد من جانب الحوثيين يعيق بشكل كبير توصيل المساعدات إلى الناس.

مخاوف الهند

تشعر الهند بقلق بالغ إزاء التطورات الأخيرة في البحر الأحمر واليمن. وللهند مصالح اقتصادية واستراتيجية ضخمة في سلامة وأمن خطوط الاتصالات البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن. وأي تعطيل لهذا الطريق البحري الحيوي يؤثر على اقتصاد الهند وأمنها.

فضلاً عن ذلك، تظل الهند حذرة من احتمال عودة القرصنة قبالة الساحل الصومالي. وقد حافظت الهند على وجود بحري مستمر في خليج عدن منذ عام 2008 لمكافحة أنشطة القرصنة. كما وفرت البحرية الهندية الأمن لعدد كبير من السفن التجارية المارة في المنطقة من هجمات القرصنة.

وعلاوة على ذلك، فإن عدداً كبيراً من السفن التجارية الدولية لديها أفراد طاقم هنود يواجهون غالباً صعوبات عندما يتم الاستيلاء على السفن أو اختطافها. وهذا مجال آخر من مجالات القلق بالنسبة للهند.

طوال الأزمة في اليمن، دعمت الهند حكومة وشعب اليمن. كما قدمت الهند الغذاء والأدوية وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى اليمن. كما تشعر الهند بالقلق إزاء أنشطة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش في اليمن والتي تجد ملاذًا آمنًا بسبب البيئة المواتية في البلاد.

في الوقت الحاضر، تعترف الهند بالمجلس القيادي الرئاسي في عدن. وقد ناشدت الهند مرارًا وتكرارًا عملية سياسية بقيادة يمنية لبناء خارطة طريق مستقبلية للبلاد. إذ أن اليمن الموحد والمستقر يشكل أمرًا إيجابيًا للهند من وجهات نظر سياسية واقتصادية وأمنية.

وبعد فراغ طويل، عينت الهند الآن سفيرًا غير مقيم في اليمن. ومن جانبها، عرضت الهند دائمًا تقديم كل الدعم الممكن لليمن في التعامل مع الأزمة. وهناك إمكانات هائلة للمشاركة الاقتصادية مع اليمن، والتي يمكن استكشافها بمجرد استقرار الوضع.

مستقبل غير مؤكد

إن اليمن يواجه أزمات متعددة، وقد أدى تورط الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس إلى إضعاف احتمالات السلام. كما أضاف الوضع في البحر الأحمر، الذي تفاقم بسبب هجمات الحوثيين، المزيد من التعقيد إلى جهود الوساطة وأضعف إمكانية التوصل إلى حل سلمي في اليمن. كما أثارت تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر الشكوك بين الوسطاء بشأن التزامهم بعملية السلام، مما أدى إلى تعميق فجوة الثقة.

وفي حين لعبت الأمم المتحدة، إلى جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، دورًا محوريًا في جلب الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات وتحقيق الهدوء النسبي، إلا أن هناك قلقًا متزايدًا من أن تورط الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس قد يقوض سنوات من الجهود الدبلوماسية الرامية إلى استعادة السلام والوحدة في اليمن.

المصدر: معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية (هندي )- ترجمة: يمن شباب نت

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024