الأخبار

الحركة الثقافية في حضرموت بين التلاقح والحداثة والصمود أمام المتغيرات (تقرير خاص)

‫مجتمع ‬‫وثقافة‬| 23 أغسطس, 2024 - 12:17 م

يمن شباب نت - (خاص) ـ إكرام فرج

image

تتميز محافظة حضرموت بتاريخ ثقافي عريق ومتنوع ممتد عبر العصور، حيث شكل نقطة تلاقح حضاري بين مختلف الثقافات والحضارات التي مرت بها بدءًا من مملكة حضرموت القديمة التي ازدهرت قبل الإسلام إلى التأثيرات الإسلامية التي أغنت التراث المحلي، مما أثرى تراثها الثقافي والفني، لتكون رمزاً للتنوع والتجدد.

وترجع أصول الحركة الثقافية في حضرموت إلى عصور ما قبل الإسلام، ومع دخول الإسلام إلى حضرموت شهدت الحركة الثقافية تطوراً كبيراً، فأصبحت المساجد مراكز تعليمية وثقافية، وازدهرت الفنون الإسلامية كالنقش والخط العربي وغيرها.

كما شهدت العصور الوسطى ازدهاراً في الأدب والشعر من خلال تأثر الشعراء المحليون بالثقافات المحيطة وقدموا إسهامات كبيرة في الأدب العربي، وتم تأسيس العديد من المدارس والجمعيات الثقافية التي أسهمت في نشر التعليم والثقافة مما جعل هذه الفترة تشهد ظهور العديد من الأدباء والمفكرين الذين أسهموا في إثراء المشهد الثقافي وذلك في القرنين التاسع عشر والعشرين.

ويؤكد الباحث والمؤرخ ورئيس مؤسسة حضرموت للتراث والتاريخ والثقافة بالمكلا خالد مدرك، أن فترة الخمسينيات من القرن العشرين شهدت بداية ظهور المكتبات الثقافية الخاصة في مدينة المكلا، وكذا إنشاء بعض الأندية الرياضية الثقافية الاجتماعية.

ويضيف متحدثاً لـ "يمن شباب نت"، وفي فترة الستينيات تواصل إنشاء الأندية الرياضية في مدينة المكلا والشحر وغيرها من حواضر حضرموت ساحلا ووادياً، رافق ذلك ظهور الأنشطة الرياضية الثقافية في الأندية، كما شهدت حقبة الستينيات من القرن العشرين العديد من الأنشطة الثقافية والفنية للصحف المحلية.

ثقافة قديمة ومتجددة

وعن نشأة وتطور الثقافة يتحدث الأديب والكاتب المسرحي مبارك بن جوهر بأن الثقافة في جميع المجتمعات ترتبط بالإنسان نشأة وتطوراً فهي السمة المميزة له، ولا يتصور وجود جماعة في مكان ما بدون ثقافة تعرفهم.

ويقول بن جوهر لـ"من شباب نت"، "إن الثقافة الحضرمية قديمة قدم الإنسان الحضرمي ومن أبرز معالم الحركة الثقافية في حضرموت هي المحافظة الشديدة والارتباط بالثقافة الإسلامية، حتى العادات والتقاليد تكاد أن تكون منسكبة مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف".

وعن وضع الثقافة اليوم في حضرموت يقول الباحث في التراث والتاريخ المحلي محمد حداد لـ"يمن شباب نت"، إن هناك محاولات جادة لتنشيط الحركة الثقافية في عموم أجزاء حضرموت وذلك بظهور مؤلفات لشباب جادين همهم هي بروز وظهور حضرموت ثقافياً.

وفي الوقت ذاته هناك حركات مناوئة همها إبقاء على وضع حضرموت السابق لكن النشاط الحالي بالمحافظة مبشر بالتفاؤل ووعود لفهم دور حضرموت سابقاً وحالياً والارتقاء بهذا المفهوم إلى مستوى أعلى.

المهرجانات الثقافية والفنية

بين إسهامها في تعزيز الهوية الثقافية اليمنية والتواصل بين الأجيال، واعتبارها وجهة ثقافية متميزة ومناظرها الطبيعية الخلابة وتاريخها العريق، تعد حضرموت مركزاً للثقافة والتراث في اليمن. وتبرز المهرجانات الثقافية والفنية التي تجمع بين الأصالة والحداثة، كأهم المناسبات التي تعبّر عن هوية حضرموت الغنية والمتنوعة بالفنون التقليدية والمورثات الشعبية، والثقافة الفريدة.

ويشير المؤرخ "مدرك" في حديثه لـ"يمن شباب نت" إلى أن حضرموت شهدت في عهد الدولة القعيطية الحضرمية وما بعد الاستقلال العديد من المهرجانات والمعارض الثقافية وكل ذلك أسهم في ترسيخ الهوية الثقافية الحضرمية.

وفي الوقت الحاضر ونتيجة لعدة أسباب من بينها الوضع الراهن الذي تشهده البلاد، يرى مراقبون أن المهرجانات الثقافية والفنية انحصرت لبعض الوقت في حضرموت، وفي هذا السياق يشير الكاتب والمسرحي مبارك بن جوهر، إلى أن المهرجانات الثقافية غابت منذ زمن بعيد إلا ما ندر من بعض الفعاليات المحدودة التي ترتبط بموسم البلدة الذي ينحصر في بعض مدن ساحل حضرموت.

وأمام هذه الظروف وفي محاولة لكسر حالة الجمود القائمة، برزت مؤسسة حضرموت للثقافة كحامل جديد للمشروع الثقافي في المحافظة عبر إحياء عدد من الفعاليات الثقافية في مجالات الموسيقى والمسرح والأدب التي تحمل الطابع الحضرمي والوطني وتهدف إلى المحافظة على الهوية ونشرها في الأوساط الثقافية في العالم من خلال الاعتناء بكل ما يحمل طابعًا حضرميًا.

ويشدد مختصون على أهمية الحفاظ على المهرجانات الثقافية والفنية في حضرموت، وإعادة تنشيطها باعتبارها الجسر الذي يربط بين الماضي والحاضر، ويعزز الهوية الثقافية للمجتمع الحضرمي، ويحافظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة مما يضمن استمرارية الثقافة المحلية وتطورها في ظل التحديات المعاصرة.

 تحديات تهدد استمراريتها

وعلى الرغم من الثراء الثقافي بحضرموت إلا أن الحركة الثقافية فيها تواجه تحديات معاصرة تهدد استمراريتها وتطورها.

وفي هذا السياق يؤكد المؤرخ "مدرك" بأن العديد من التحديات المعاصرة تهدد الحركة الثقافية الحضرمية ومن أبرزها إشكالية عدم الحصول على الدعم اللازم ونقص مصادر التمويل، فضلاً عن عدم الاهتمام بالمثقفين المبدعين في مجالات الثقافة والفنون والإبداع وعدم تأهيلهم.

من جانبه يؤكد الكاتب "بن جوهر" أن عدم الاهتمام بالثقافة واعتبارها أمراً هامشياً هو التحدي الأكبر الذي يواجه انتشار الحركة الثقافية في حضرموت.

ويضيف: "ومن التحديات أيضًا انفتاح بعض المثقفين الحضارمة على الثقافات والحضارات الأخرى بدون وعي أو إدراك فتسبب ذلك في ابتعادهم عن قيم مجتمعهم".

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024