الأخبار

حقيقة عملية إتلاف العملة في البنك المركزي اليمني (عدن).. بين التزام الشفافية والشائعات المضللة

تقارير | 28 أغسطس, 2024 - 3:40 ص

وحيد الفودعي *: يمن شباب نت (خاص)

image

آلة إتلاف العملة النقدية الورقية التي اشتراها البنك المركزي بعدن مؤخرا

 

مقدمة

 في إطار التطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم، تُعد عملية إتلاف العملة غير الصالحة إحدى المهام الحساسة التي تضطلع بها البنوك المركزية. تكتسب هذه العملية أهمية خاصة في الحفاظ على استقرار النظام النقدي. تتباين الطرق المتبعة لإتلاف العملة بين دول العالم، حيث يتطلب كل منها مزيجًا من الفعالية والالتزام بالمعايير البيئية. يواجه البنك المركزي اليمني في عدن منذ عام 2018 تحديات كبيرة في هذا المجال، وهو ما قاد إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين آليات إتلاف العملة بما يضمن استدامة بيئية واقتصادية.

تجارب الدول في إتلاف العملة

تختلف أساليب إتلاف العملة حول العالم بناءً على المعايير البيئية والاقتصادية لكل دولة. في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وألمانيا، يتم إتلاف العملة عن طريق آلات متخصصة تقوم بتمزيق الأوراق النقدية وتحويلها إلى مادة غير قابلة لإعادة الاستخدام. تتيح هذه الآلات للبنوك المركزية التخلص من كميات كبيرة من العملة غير الصالحة بسرعة وفعالية، مع التقليل من التأثيرات البيئية السلبية.

في المقابل، تعتمد بعض الدول النامية على أساليب الحرق التقليدية لإتلاف العملة. ورغم فعالية هذه الطريقة في تدمير الأوراق النقدية، إلا أنها تحمل مخاطر بيئية كبيرة، بما في ذلك انبعاث الغازات الضارة التي تؤثر على جودة الهواء والصحة العامة. لهذه الأسباب، تسعى العديد من الدول للتحول إلى استخدام الآلات الحديثة لإتلاف العملة.

مقارنة بين إتلاف العملة عن طريق الحرق وآلات الإتلاف

(1) الكفاءة والفعالية:

الحرق: يعتمد الحرق على درجات حرارة عالية لتدمير الأوراق النقدية، ويعد فعالًا من حيث القدرة على تدمير كميات كبيرة من العملة بسرعة. لكن هذه الطريقة تتطلب بنية تحتية معقدة، بما في ذلك منشآت حرق متخصصة ومراقبة دقيقة لضمان الامتثال للمعايير البيئية.

آلات الإتلاف: توفر آلات الإتلاف ميزة إضافية تتمثل في القدرة على تحويل الأوراق النقدية إلى مادة غير قابلة لإعادة الاستخدام، ما يضمن عدم استرجاعها أو تداولها مجددًا. هذه الآلات تعمل بكفاءة عالية دون الحاجة إلى منشآت معقدة.

(2) التأثير البيئي:

الحرق: يُعتبر حرق العملة وسيلة ملوثة للبيئة. فعملية الحرق تنتج انبعاثات كيميائية وغازات ضارة، مثل: ثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، مما يساهم في تلوث الهواء ويزيد من الاحتباس الحراري.

آلات الإتلاف: تتيح هذه الآلات تقليل التأثير البيئي بشكل كبير، حيث لا تتطلب عملية الإتلاف استخدام النار أو المواد الكيميائية الضارة. كما يمكن إعادة تدوير المواد الناتجة عن عملية الإتلاف في بعض الأحيان، ما يضيف بعدًا بيئيًا مستدامًا.

(3) الأمان وسهولة الاستخدام:

الحرق: يمثل الحرق خطرًا على الأمان العام، خاصة في حال عدم التحكم الدقيق في العملية، أو في حالة وجود عطل في أجهزة الحرق. كما يتطلب الحرق تدريبًا خاصًا للموظفين لضمان السلامة.

آلات الإتلاف: تعتبر آلات الإتلاف أكثر أمانًا وسهولة في الاستخدام. فهي تعتمد على تكنولوجيا حديثة تتيح للمستخدمين إجراء عملية الإتلاف بضغطة زر، دون الحاجة إلى تدريب مكثف، أو مواجهة مخاطر كبيرة.

image

التحول من الحرق إلى آلات الإتلاف: تجربة البنك المركزي اليمني

في عام 2005 تقريبًا، اتخذ البنك المركزي اليمني في صنعاء خطوة هامة نحو تبني المعايير الحديثة بإدخال آلة لإتلاف العملة، مستبدلًا بذلك المحرقة التقليدية. جاء هذا التحول نتيجة إدراك المخاطر البيئية المرتبطة بالحرق، فضلاً عن الحاجة إلى حلول أكثر استدامة. تم تشكيل قسم صيانة متخصص لضمان تشغيل الآلة بكفاءة، وهو ما ساهم في تحسين عملية إتلاف العملة على مدى السنوات التالية.

التحديات في "عدن" والحلول المتبعة

منذ عام 2018، واجه البنك المركزي اليمني في "عدن" تحديات كبيرة في إتلاف العملة غير الصالحة بسبب عدم توفر محرقة أو آلة متخصصة لهذا الغرض. هذا الوضع دفع بالإدارات المتعاقبة إلى البحث عن حلول مناسبة، لكن الحرق لم يكن خيارًا مستساغًا نظرًا للمخاطر البيئية والصحية.

وفي نهاية عام 2023، أقر مجلس إدارة البنك في عدن شراء وتجهيز آلة لإتلاف العملة، وتم إحالة الموضوع إلى لجنة مناقصات متخصصة برئاسة نائب المحافظ وعضوية كل من: وكيل الشؤون المالية والإدارية، ومدير عام الشؤون القانونية، ومدير عام المراجعة، ومدير عام المدفوعات، ومدير عام الشؤون المالية، ومدير عام الشؤون الإدارية، وسكرتير اللجنة.

عملت اللجنة على التواصل مع عدة شركات لتقديم عروضها للبنك، وتم تكليف لجنة فنية من المهندسين لتحليل العروض المقدمة. وبعد دراسة وتحليل العروض، أرست اللجنة المناقصة على شركة "ناتكو" التي قدمت عرضًا فنيًا وماليًا بقيمة 137 ألفا و445 دولار. وفي تاريخ 5 ديسمبر 2023 تم توقيع العقد مع الشركة عن طريق رئيس لجنة المناقصات (نائب محافظ البنك المركزي) الدكتور محمد عمر باناجة.

بعد توقيع العقد، تم تجهيز مكان مخصص للآلة داخل البنك، وفعلا تم توريد الآلة وإدخالها البنك. بعدها قامت الشركة المزودة بتدريب مهندسي البنك على كيفية تشغيل الآلة واستخدامها، مما ساهم في تسهيل عملية الإتلاف دون أي مشاكل تقنية أو فنية.

وضع الإجراءات المتبعة للإتلاف

تم وضع إجراءات وتعليمات مكتوبة، تتضمن شروط وآلية إتلاف الأوراق النقدية غير الصالحة، وفقًا لما هو متعارف عليه في البنوك المركزية، عالميا. كما تم تشكيل لجنة متخصصة لإتلاف العملة غير الصالحة، برئاسة وكيل قطاع العمليات المصرفية المحلية، وعضوية: وكيل قطاع الشؤون المالية والإدارية، والوكيل المساعد لقطاع العمليات المصرفية المحلية، ومدير عام الإصدار والخزائن، ومندوب من الإدارة العامة للحسابات المركزية، ومندوب من الإدارة العامة للشؤون القانونية، ومندوب من الإدارة العامة للمراجعة الداخلية والتدقيق، والمدير العام المساعد للإصدار والخزائن، بالإضافة إلى مندوبي الخزائن المتحركة (عدد عضوين)، وعضو من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

تدشين عملية الإتلاف

في تاريخ التدشين، (أول عملية إتلاف)؛ تم إتلاف 25 مليون ريال يمني من فئة 500 ريال، تبعتها عملية إتلاف أخرى (الأربعاء الماضي/ 21 أغسطس) بمبلغ 10 ملايين ريال يمني من فئة 100 ريال.

كما تتم في يوم عملية الإتلاف إعادة عد الأموال المراد إتلافها، وتأكيد ذلك في غرفة الإتلاف بحضور جميع أعضاء اللجنة ومندوب عن شركة المراجعة الخارجية. ولا يسمح بمغادرة أي فرد من أعضاء اللجنة منذ بداية تشغيل آلة الإتلاف حتى الانتهاء كليا من العملية.

تعمل الآلة بشكل سليم، ويقوم مهندسو البنك بالتعامل معها بشكل سلس دون أي مشاكل فنية أو تقنية، بفضل التدريب المسبق الذي تلقوه من قبل الشركة المزودة.

الشفافية والحوكمة في عملية إتلاف العملة

إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها عمل البنك المركزي اليمني في "عدن" هي الشفافية والحوكمة الرشيدة، خاصة في العمليات الحساسة مثل إتلاف العملة غير الصالحة. لقد حرص البنك على تطبيق أعلى معايير الشفافية في كافة مراحل هذه العملية لضمان الثقة والمصداقية في قراراته وإجراءاته.

وهنا نذكر بالتفصيل أهم تلك المعايير التي أنتهجها البنك المركزي في عملية الإتلاف:

1. الشفافية: عمل البنك المركزي على إظهار الشفافية في قراره بتحديث أساليب إتلاف العملة. بدء باتخاذ مجلس إدارة البنك، قراره، في نهاية عام 2023، بشراء وتجهيز آلة لإتلاف العملة، وذلك بعد دراسات معمقة ومعايير مهنية عالية، بهدف اختيار الحل الأمثل والأكثر أمانًا. وتم اطلاع الجمهور بعملية الاتلاف وتوثيق ذلك بمقاطع فيديو مصورة.

2. حوكمة عملية الشراء والتوريد: تمت عملية شراء آلة الإتلاف من خلال لجنة مناقصات تم تشكيلها بدقة، وفقًا لمبادئ الحوكمة الرشيدة. اللجنة التي ترأسها نائب المحافظ ضمت مجموعة من كبار المسؤولين في البنك لضمان اتخاذ القرارات بشكل جماعي وموضوعي. كما أن اختيار شركة "ناتكو" الوطنية، وتوقيع العقد معها في 5 ديسمبر 2023، جاء بعد دراسة مستفيضة للعروض، وتم ذلك بشفافية كاملة وتوثيق قانوني يضمن الالتزام بالشروط المتفق عليها.

3. حوكمة عملية الإتلاف: تمت عملية إتلاف العملة تحت إشراف لجنة مختصة، تضم ممثلين من مختلف الإدارات الهامة في البنك، بالإضافة إلى مندوب من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. هذه اللجنة هي التي تتولى الإشراف المباشر على عمليات الإتلاف لضمان تنفيذها وفقًا للإجراءات المعتمدة والمعايير الدولية.

كما يتم إعادة عد الأموال المراد إتلافها والتحقق منها داخل غرفة الإتلاف، وذلك بحضور جميع أعضاء اللجنة ومندوب عن شركة المراجعة الخارجية، في إطار التزام البنك بمبدأ الشفافية. وتُفرض قيود صارمة على أعضاء اللجنة، حيث لا يُسمح بمغادرة أي فرد من اللجنة غرفة الإتلاف منذ بدء تشغيل الآلة وحتى انتهاء العملية، لضمان النزاهة والموثوقية في كل خطوة.

4. الإجراءات والرقابة: تم وضع إجراءات وتعليمات مكتوبة تتضمن شروط وآلية إتلاف الأوراق النقدية غير الصالحة، وفقًا لما هو متعارف عليه في البنوك المركزية العالمية. هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان التزام كافة الأطراف بالمعايير المطلوبة ومنع أي تجاوزات قد تحدث خلال العملية. كما يتم توثيق كل خطوة من خطوات الإتلاف لضمان إمكانية المراجعة والتحقق من قبل الجهات الرقابية في أي وقت.

5. الاستدامة والالتزام البيئي: من خلال استبدال المحرقة بآلة إتلاف حديثة، منذ العام 2005 في صنعاء، واستمرار هذا النهج في عدن في العام 2024، يعكس البنك التزامه بالحوكمة البيئية. تمثل هذه الآلة خيارًا أكثر استدامة وأمانًا بيئيًا مقارنةً بطرق الحرق التقليدية، مما يؤكد حرص البنك على تبني الحلول التي تحمي البيئة وتقلل من التأثيرات السلبية على الصحة العامة.

مما سبق نجد أن البنك يلتزم بالحوكمة الرشيدة والشفافية في كل مراحل عمله، وخاصة في عمليات إتلاف العملة غير الصالحة التي تتسم بالحساسية العالية. من خلال تشكيل لجان متخصصة واعتماد إجراءات صارمة، يضمن البنك أن تتم جميع العمليات وفقًا لأعلى معايير الشفافية والمهنية، مما يعزز الثقة العامة في قدرته على إدارة النظام النقدي بطريقة مسؤولة ومستدامة.

ردا على الادعاءات والمغالطات

نظرا لما نشر مؤخرًا من أخبار مضللة حول آلة إتلاف العملة وعملية الإتلاف، من بعض الصحفيين، وبحكم اطلاعنا على الحقائق في هذا الجانب، تحتم علينا توضيح الحقائق التالية:-

تكلفة الآلة: أشار أحد الصحفيين، ضمن منشورات خاصة على صفحته بالفيسبوك (ليس من المناسب ذكر أسمه)، إلى أن تكلفة الآلة بلغت 250 ألف دولار. وهذا ادعاء غير صحيح. إذ أن التكلفة الفعلية، بحسب ما أوضحناه، بلغت 137,445 دولار فقط، وتم توقيع العقد بعد عملية مناقصة شفافة.

تشغيل الآلة: زعم الصحفي أن الآلة تعطلت، ولم يتمكن الموظفون من تشغيلها. وهذه المعلومة أيضا غير دقيقة، حيث سبق وأن تم تدريب مهندسي البنك بشكل كامل على تشغيل الآلة، وهي تعمل بكفاءة عالية منذ توريدها، وأنجزت مهامها بدقة كاملة في العمليتين المنفذتين حتى الآن.

الحاجة إلى التدريب في الخارج: لا أساس لهذه المعلومة، حيث أنه سبق وأن تم تدريب الفريق الهندسي محليًا من قبل الشركة المزودة، الذين قاموا بمهمتهم بنجاح حتى الآن، دون الحاجة إلى إرسال موظفين للتدريب في الخارج.

أهمية استخدام الآلة بدلًا من الحرق: الادعاء بأن الحرق هو الأسلوب الأمثل لإتلاف العملة، هو أيضا ادعاء غير دقيق، وينم عن جهل. في الواقع، استخدام آلة الإتلاف يمثل تطوراً ضرورياً للحفاظ على البيئة وتجنب المخاطر الناتجة عن الحرق، كما أوضحنا ذلك سلفا.

image

الشخصنة في تغطية موضوع آلة الإتلاف

في إطار التغطية الإعلامية لعملية إتلاف العملة (غير الصالحة) في البنك المركزي اليمني، شهدنا للأسف محاولات من بعض الصحفيين لتوجيه النقاش نحو شخصنة الموضوع، والتركيز على أفراد بعينهم بدلاً من تناول الموضوع بمهنية وموضوعية!!

ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما قام به هذا الصحفي من محاولة ربط موضوع آلة الإتلاف بشخص واحد من أعضاء اللجنة المشكلة من البنك، هو وكيل الشؤون المالية والإدارية الدكتور "نشوان القباطي"، وتوجيه انتقادات شخصية له.

وفي اعتقادنا؛ تجاوز الصحفي حدود المهنية الصحفية عندما اختار التركيز على شخص وكيل الشؤون المالية والإدارية، القباطي، بدلاً من تناول موضوع آلة إتلاف العملة بشكل موضوعي. حيث تم تصوير القباطي كمسؤول وحيد عن قرار شراء الآلة، فضلا عن استخدامه لغة تهكمية في وصفه، مما يشير إلى محاولات واضحة لتشويه سمعته الشخصية، بدلاً من التزامه تحليلا نقديا مهنيا وموضوعيا، يقوم على تقديم البيانات والحقائق، وليس كيل المزاعم والمغالطات..!

ومن المهم التأكيد هنا على أن قرار شراء آلة إتلاف العملة لم يكن قرارًا فرديًا، وما كان له أن يكون كذلك في ظل الشفافية التي أنتهجها مجلس إدارة البنك في كافة الإجراءات ضمن هذه العملية، بدء باتخاذ قرار الشراء، وتكليفه لجنة مناقصات متخصصة برئاسة نائب المحافظ وعضوية عدة مسؤولين رفيعي المستوى، بينهم وكيل الشؤون المالية والإدارية. ما يؤكد أن القرار اتخذ في إطار عملية جماعية شفافة. ومحاولة الصحفي إلقاء اللوم، أو التركيز، على شخص واحد بعينه، هو إخلال بمبدأ الحوكمة الجماعية التي اتبعها البنك في هذا القرار.

كما أن استخدام الصحفي لأساليب التهكم والشخصنة لا يعكس الحقيقة، ولا يخدم المصلحة العامة، بقدر ما يضع الصحفي نفسه موضع التساؤل والتشكيل، فيما يتعلق بمراميه الشخصية من وراء النشر. فضلا عما تنم عليه مساعيه لإضفاء طابع سلبي على عملية شراء الآلة وإتلاف العملة، دون تقديم أدلة موضوعية، أو مستندات تؤكد تلك الانتقادات..!

الإعلام الإيجابي والبناء

وفي حين أنه من الضروري أن يتجنب الصحفيون الشخصنة، وأن يركزوا فقط على الحقائق والإجراءات الفعلية، بما يساهم في توعية الجمهور بدلاً من تضليله، فإنه يتوجب على الإعلام الإيجابي والبناء أن يركز على تقييم السياسات والإجراءات بشكل موضوعي وعادل، بدلاً من التركيز على الأفراد وإضفاء طابع الخصومات الشخصية. فالشخصنة تشوه الحقائق وتخلق انطباعات مضللة لدى الجمهور.

وفي حالة البنك المركزي، كانت عملية شراء آلة إتلاف العملة وإدخالها في الخدمة جزءًا من جهود أوسع لتحسين العمليات المالية وحماية البيئة، وكان ينبغي تناول الموضوع من هذا المنظور الأوسع، بعيدا عن التهكم ومحاولات التقليل من أهمية هذا التطوير العملي.

وكما سبق وأن أوضحنا، بشكل مفصل في ثنايا هذا العرض؛ فإن عملية التخلص من العملة التالفة في البنك المركزي اليمني جاء نتاج جهد مؤسسي تم اتخاذه جماعيا بشفافية، ووفقًا لمبادئ الحوكمة الرشيدة. وعليه؛ يجب أن تظل التغطية الإعلامية ملتزمة بتقديم الحقائق بموضوعية، دون تشويه أو تحريف، لضمان أن يظل الجمهور على اطلاع دقيق بما يجري في مؤسساته الوطنية.

وهنا نوجه دعوة لجميع الصحفيين للالتزام بالمهنية والموضوعية في تغطية الأحداث والقرارات المتعلقة بالمؤسسات العامة، وذلك إطار النقد البناء الذي يجب أن يستند إلى حقائق موضوعية وتحليلات دقيقة، ذات مصداقية، بعيدا عن الهجمات الشخصية، أو التشويه المتعمد للحقائق.

إن الحفاظ على الثقة بين الإعلام والجمهور، يتطلب التزامًا صارمًا بأخلاقيات المهنة. ويحمل الصحفي مسؤولية كبيرة في نقل المعلومات بدقة وموضوعية، والتحلي بالأمانة والمصداقية في التحقق من صحتها قبل نشرها. فالمعلومات غير الدقيقة، أو المضللة، يمكن أن تؤدي إلى تضرر سمعة المؤسسات العامة، أو الأشخاص القائمين عليها، كما قد تساهم في إثارة القلق بين المواطنين بدون مبرر. وبالتالي على الصحفي أن يراعي تأثير ما ينشره على المجتمع، قبل أن ينجرف، سهوا أو عمدا، خلف الأجندات اللامسئولة، أو النزعات الشخصية.

في الختام:

من خلال المعطيات السابقة، يتضح أن البنك المركزي اليمني في عدن ملتزم باتباع أعلى المعايير المهنية في كثير من إجراءاته، بما في ذلك عملية إتلاف العملة غير الصالحة. ويظل استخدام آلة الإتلاف هو الخيار الأفضل والأكثر أمانًا للحفاظ على البيئة، وضمان عدم إعادة استخدام الأوراق النقدية التالفة. وأن القرار الصائب الذي اتخذته إدارة البنك بتحديث وسائل الإتلاف يعكس التزامًا قويًا بالابتكار والاستدامة.

ونوصي المتابعين للشأن الاقتصادي الى تحري الدقة في نقل المعلومات، وعدم الانجرار، وراء الشائعات، أو المكايدات الشخصية، أو المعلومات غير الصحيحة التي قد تضر بمصالح الوطن والمواطنين.

*باحث ومحلل اقتصادي يمني

 

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024