الأخبار

تدمير مراكز الإيواء والخدمات.. كلمة السر بـ"خطة جنرالات" إسرائيل شمال غزة

‫غزة‬| 27 أكتوبر, 2024 - 4:07 م

image

يتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف مراكز الإيواء ومقرات تقديم الخدمة الصحية والطبية (الأناضول)

 في إطار ما يسمى "خطة الجنرالات" الرامية لإخلاء شمال قطاع غزة من سكانه، صعد الجيش الإسرائيلي خلال عمليته العسكرية المتواصلة على محافظة الشمال منذ 23 يوما، من الاستهداف المتعمد لمراكز الإيواء والمستشفيات والمقرات الخدماتية.

تنوع هذا الاستهداف بين "القصف المباشر وإطلاق النيران في محيط تلك الأماكن أو حصارها بالنيران عبر طائرات (كواد كابتر) مسيرة أو بالآليات العسكرية والجنود ومنع دخول إمدادات الطعام والمياه والأدوية إليهم، وصولا إلى اقتحامها واحتجاز واعتقال من بداخلها وقتل بعضهم والتنكيل بآخرين"، بحسب فلسطينيين.

يأتي ذلك في إطار مساعي الجيش الإسرائيلي لإفراغ محافظة الشمال من سكانها الذين رفضوا الاستجابة لإنذارات الإخلاء، عبر إعدام فرص الحياة وتدمير البنى التحتية ووقف تقديم الخدمات الإنسانية فيها.

ومنذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي بإرسال إنذارات متكررة لأهالي المحافظة بالنزوح إلى المناطق الجنوبية وذلك عبر بيانات أو برمي مناشير ورقية أو عبر طائرات "كواد كابتر"، حيث رفض الآلاف الاستجابة.

ومنذ ذلك الوقت، يتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف العشرات من مراكز الإيواء ومقرات تقديم الخدمة الصحية والطبية، والتي كان أبرزها مستشفيات "كمال عدوان والإندونيسي (حكوميان) والعودة (أهلي).

وأما مراكز الإيواء المستهدفة، فيقع أبرزها في مناطق "بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا ومشروعها، ومخيم جباليا والنزلة والفالوجا وحي الصفطاوي والتوبة.

وكانت إسرائيل قد بدأت في 5 أكتوبر الجاري عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمالي القطاع، قبل أن يعلن جيشها في اليوم التالي بدء اجتياحه لها بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها لتنفيذ ما يعرف باسم "خطة الجنرالات".

وفي 4 سبتمبر/ أيلول الماضي، كشف موقع "واي نت" العبري عن "خطة الجنرالات"، والتي تهدف إلى "تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم (أنشأته إسرائيل وسط القطاع)، أي محافظتي غزة والشمال، لمنطقة عسكرية مغلقة.

الخطة أعدها عسكريون إسرائيليون سابقون، وتقضي بـ"إجلاء السكان خلال أسابيع قليلة، وفرض حصار على المنطقة، لدفع المسلحين بمدينة غزة للاستسلام أو الموت"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 22 سبتمبر الماضي.

وتشمل تفاصيل الخطة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، إحكام "الحصار على شمال قطاع غزة، وقطع المساعدات الإنسانية عن مئات الآلاف من الفلسطينيين داخله، ومنعهم من الحصول على الطعام والشراب، واعتبار من سيبقى داخله مقاتلين، ما يعني إمكانية استهدافهم وقتلهم بعد إعلان المنطقة عسكرية مغلقة’".

شل المنظومة الصحية

في إطار سعيه لتعطيل المنظومة الخدماتية والصحية، اقتحم الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة مستشفى "كمال عدوان" الذي كان يضم نحو 600 شخص بين مريض وجريح ومرافقيهم وطواقم طبية، وفق ما أوردته وزارة الصحة في غزة آنذاك.

ويعد مستشفى "كمال عدوان" المقر الوحيد الذي واصل تقديم الخدمة الصحية بحدها الأدنى لمواطني محافظة الشمال بعدما أخرج الجيش الإسرائيلي خلال عمليته العسكرية مستشفيي "الإندونيسي" و"العودة" عن الخدمة إثر فرض حصار مشدد عليهما.

وبعد استهداف وحصار، اقتحم الجيش الإسرائيلي فجر الجمعة بآلياته العسكرية ساحة المستشفى بعد تجريف أسواره واستهداف ساحته، وأمر كل المتواجدين في مبانيه بالخروج بمن فيهم المرضى، بينما فصلت النساء عن الرجال وتم التحقيق معهم.

هذه العملية التي استمرت لمدة يومين، خلفت قتلى فلسطينيين ودمارا واسعا داخله وخارجه حيث دمر الجيش خلايا الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء كما دمر المولد الرئيسي فضلا عن تدمير 3 سيارات إسعاف وأخرى للنقل، وفي محيطه أحرق الجيش منازل وممتلكات مواطنين.

وأفادت وزارة الصحة بغزة، صباح السبت، بأن الجيش اعتقل الكادر الطبي داخل المستشفى من الرجال، إضافة لجرحى ومرضى كانوا يتعالجون فيه.

وبهذه العملية أخرج الجيش كافة مستشفيات محافظة الشمال عن الخدمة بشكل كامل، حيث بات مصير الجرحى والمرضى بمحافظة الشمال "النزيف والموت" دون أن يتمكنوا من تلقي أي خدمة طبية، وفق ما أفاد به مصدر طبي للأناضول.

جاء ذلك بعد أيام من توقف خدمات الدفاع المدني الفلسطيني بالمحافظة، حيث قال متحدث الجهاز محمود بصل للأناضول إنهم توقفوا عن تقديم الخدمة بشكل كامل في شمال قطاع غزة مساء الأربعاء بعدما اعتقل الجيش الإسرائيلي 5 عناصر وأصاب 3 آخرين.

وأضاف: "توقف الخدمة مع وجود آلاف المواطنين في الشمال ينذر بكارثة، ويعني أن المصاب برصاص إسرائيلي أو شظية ناجمة عن انفجار صاروخ سيظل ينزف حتى يموت لعدم وجود من ينقذه".

وطالب بصل المجتمع الدولي بـ"تمكين طواقم الدفاع المدني والإسعاف والمستشفيات من العمل بشكل حر في شمال القطاع، لحاجة المواطنين هناك إلى هذه الخدمات".

تدمير المساكن المؤقتة

كثف الجيش الإسرائيلي خلال هجومه المتواصل على الشمال من استهداف ومحاصرة مراكز الإيواء وإجبار النازحين بداخلها على مغاردتها والنزوح لخارج المحافظة.

النازحون الفلسطينيون بمراكز الإيواء الواقعة في محيط مستشفى "الإندونيسي" عاشوا هذه التجربة.

ففي ليلة 17 من أكتوبر الجاري، باغتت آليات إسرائيلية مراكز الإيواء في تلك المنطقة وحاصرتها مع بزوغ الفجر ومن ثم اقتحمتها.

وأفاد شهود عيان للأناضول آنذاك أن الجيش الإسرائيلي أنذرهم بإخلاء المراكز على الفور وأجبرهم تحت تهديد السلاح على النزوح القسري عبر ممر حدده لهم عبر شارع "صلاح الدين"، وزعم أنه آمن.

وخلال الاقتحام، اعتقل الجيش الإسرائيلي عددا من الرجال ما زال مصير بعضهم غير معروف حتى اليوم.

تقول الفلسطينية ملاك المصري (26 عاماً) عن تلك اللحظات: "كنا نظن أننا آمنين بتلك المراكز لأن كل تحركات الجيش كانت بالمناطق الغربية بمخيم جباليا، ونحن نتواجد بالمناطق الشرقية الشمالية، لكن الجيش الإسرائيلي يصر على استهداف كل مراكز الإيواء".

وتضيف للأناضول: "الجيش يصر على استهداف المراكز حيث يضم كل واحد منها آلاف النازحين ومن السهل السيطرة عليهم وإجبارهم على النزوح تحت تهديد النار والبارود".

وتوضح المصري أن مركز الإيواء الذي كانت تقيم داخله "آوى نحو 2000 نازح ونازحة جميعهم مدنيين، ولم يطلق أحد على الاحتلال ولو طلقة نارية واحدة منه لتبرر استهدافه هو وغيره من مراكز الإيواء".

وبحسب الشابة فإنها شاهدت صورا "نشرها جنود الاحتلال عبر حساباتهم الإلكترونية تظهر إحراق تلك المدارس وتحويلها لكتلة من لهب والقضاء على كل ما فيها من مستلزمات وأغراض للنازحين".

وأشارت إلى أن الجيش حينما أجبرهم على النزوح منعهم من حمل كل أمتعتهم، "ما يدل على نيته المبيتة لارتكاب جريمة الحرق وإعدام الحياة بمراكز الإيواء خاصة في شمال قطاع غزة".

إمعان بالتهجير القسري

بدوره يقول الفلسطيني سامر أبو العيش، الذي كان نازحا في مركز إيواء مدرسة "أبو حسين" غربي مخيم جباليا بالشمال، إن "الجيش الإسرائيلي قصف المدرسة بالقذائف وأطلق عليها النار من طائراته المسيرة أكثر من 10 مرات خلال عمليته العسكرية".

ويتابع في حديثه للأناضول: "هناك عدد كبير من الضحايا بين شهداء ومصابين إثر الاستهداف الإسرائيلي وكذلك نشب أكثر من حريق في أروقة المدرسة ودمر عدد من الغرف".

ويصف عملية إجلاء عائلته من مركز الإيواء هذا إلى "مدرسة خليفة"، في مشروع بلدة بيت لاهيا قبل عدة أيام، بـ"الصعبة جدا".

ويستكمل قائلا: "بعد يومين من وصولنا إلى هناك قام الجيش بمحاصرة المدرسة وأجبرنا على الهجرة منها قسرياً بعد أن اعتقل عددا من الرجال والشبان إلى مدينة غزة عبر شارع صلاح الدين".

ويتابع أن "سياسة الاحتلال في هذه العملية العسكرية واضحة وهي تفريغ شمال قطاع غزة وإعدام سبل الحياة فيه وتدمير المشافي ومراكز الإيواء ومنع المواطنين من العودة إلى الأماكن التي كانوا يقطنون فيها".

ويقول عن ذلك: "تلك النوايا الإسرائيلية تتطلب تحركا دوليا سريعا لوقف تلك الجرائم لأن مراكز الإيواء نسمع دائماً أنها محمية وفقاً للقوانين والاتفاقات الدولية التي تحكم الحروب والصراعات".

وفي تصريح سابق للأناضول، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة إن "الجيش الإسرائيلي تعمد حرق خيام النازحين داخل مراكز الإيواء في محافظة الشمال خلال الأيام الماضية".

ويتواصل التوغل والقصف الإسرائيلي لمختلف مناطق محافظة شمال غزة بالتزامن مع استمرار مساعي الجيش لإفراغ المنطقة من ساكنيها عبر الإخلاء والتهجير القسري.

وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 143 ألفا و500 قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

المصدر: وكالة الأناضول

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024