- علامات تدل على أن كاميرا هاتفك مخترقة لبنان.. مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في بعلبك وغارات إسرائيلية تستهدف ضاحية بيروت لحج.. محكمة الحدّ في "يافع" تغلق أبوابها أمام قضايا المواطنين موقع أمريكي: البنتاغون يُجيز منح ميداليات الحرب العالمية على الإرهاب للقتال ضد الحوثيين بن دغر مُعلّقا على لقاء قيادة الإصلاح بالزبيدي: خطوة ايجابية نحو المصالحة الشاملة وفاة ثلاثة أشخاص بحادث مروري مروّع في شارع الستين بمدينة تعز نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل وحزب الله اللبناني
حق الرد مكفول
كتابنا| 24 أكتوبر, 2024 - 7:56 م
جمعت أخبار المسؤولين المنشورة في الصحف الرسمية التابعة للحكومة سنة 2012، ركزت على الأخبار التي أشارت إلى مغادرة مسؤولي البلاد إلى الخارج لإجراء فحوصات طبية، كتبت تقريراً عن رجال الدولة المرضى. التقرير أثار سخط أحد محافظي المحافظات وأرسل برد إلى الصحيفة، قال بأنه يحتفظ بحقه القانوني. نشرنا الرد بذات المساحة، ولم أعلق عليه، غير أني توقفت عن كتابة هذا النوع من التقارير كي لا أجد نفسي في المحكمة.
بعد أشهر انتقلت إلى تحرير الصفحة الساخرة، نشرت قفشة حول تحول الرئيس السابق إلى رجل أعمال يوزع الزبادي للمواطنين في رمضان ليأكلهم بقية السنة، في الأسبوع التالي تلقينا ردًا عبر الايميل وفاكس الصحيفة من شركة تجارية ضخمة، قالت بأني عملت على تحوير شعار الشركة وتوظيفه في عنوان القفشة بغرض الإساءة للمنتج، قالت الشركة بأنها تحتفظ بحقها القانوني أيضاً، كان حق الرد مكفول، ونُشر في ذات المساحة من الصحيفة الورقية.
يبدو الفارق كبيرًا بين واقع الصحافة قبل 2014، وواقع الصحافة حالياً. هذا الأسبوع، تلقى الصحفي وجدي السالمي إشعارين من مباحث الأموال العامة في تعز، للحضور، بناءً على شكوى قدمها مسؤول سابق تم استبداله بعدما نشر مركز فري ميديا للصحافة الاستقصائية الذي أسسه وجدي، عن الفساد المحيط بالرجل. لم يستخدم الشاكي حق الرد، المكفول بالقانون، كما كان يفعل المنزعجون من النشر قبل 2014، كما أنه اتجه إلى جهة غير مختصة بقضايا النشر، وتماهت المحكمة مع الشاكي المفترض محاسبته على فساده، فاستدعت الصحفي.
هناك فوارق بين الصحافة اليمنية قبل الحرب وبين واقعها بعد الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي سنة 2014. وضعت منظمة مراسلون بلا حدود، اليمن، في المركز الثالث، ضمن أخطر البلدان على الصحفيين سنة 2021، بينما رصدت المنظمات الدولية والمحلية نحو 3000آلاف حالة انتهاك ضد الصحفيين في اليمن، بينها 49 حالة قتل، في الفترة من 21 سبتمبر/أيلول 2014، وحتى سنة 2022.
غيرت الحرب من واقع الصحافة والنشر في اليمن، قضى الحوثيون على الصحافة الورقية ونكلوا بالصحفيين، لم تتحقق العدالة لمؤسسات الاعلام أو الصحفيين الذين تعرضوا لانتهاكات. المؤسف أن الأجهزة الأمنية ومؤسسات إنفاذ القانون لم تعمل على محاسبة المنتهكين، بل هناك تواطؤ معهم وخاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، كما في جريمة اغتيال رائد الصحافة الاستقصائية في اليمن: محمد عبده العبسي.
منذ 2015 تعيش الصحافة واقعاً مأساوياً، ساهمت باتساع الفجوة بين الجيل الذي مارس الصحافة قبل الحرب وبين من درسها بعد 2015، في الفهم المهني للصحافة، اتجه وجدي السالمي إلى التحقيقات، وأسس مركز فري ميديا للصحافة الاستقصائية، للحفاظ على تقاليد المهنة وأخلاقياتها، في هذه الفترة يعمل المركز على تجهيز سياسة تحريرية تلتزم بمعايير نشر صارمة في مجال التحقيقات والقصص في قضايا الفساد والأعمال المشبوهة. لم يتم تدشين المركز رسمياً، أنا واحد من الفريق الذين يعملون مع وجدي بصورة متقطعة وعلى مهل. مادة رئيسية في الشهر، وأحياناً كل ربع سنة، لا بد من البحث عن الوثائق، تقصي التفاصيل، التدقيق في المعلومات فيما ننشر.
المضحك في استدعاء وجدي، أنني اقترحت عليه صبيحة الأحد الفائت، إشراك الأجهزة الحكومية في المرحلة التالية من تحقيق نعمل عليه منذ سنة، في الواقع يلجأ الصحفيون إلى الاستعانة بالأجهزة الحكومية عندما يكون هناك خطراً على الضحايا، ألتقطت الفكرة من فيلم وثائقي أنتجته نتفيلكس عنوانه Cyber hell exposing an internet horror، يظهر في الفيلم الصحفي الكوري الجنوبي «وان كيم» من صحيفة ذا هانكيوريه، تلقى كيم، رسالة عبر البريد الالكتروني، من شخص طرح معلومات سرية حول عصابات منظمة تستدرج الأطفال وتستغلهم في مواد إباحية، المتهمون يصطادون ضحاياهم من الانترنت، يستدرجون المراهقات لتصوير أجسادهن، شيئاً فشيئاً يطلبون منهن القيام بتصوير أنفسهن بوضعيات مخلة وسادية تشبع نزوات الزبائن، يبيعون ذلك المحتوى لعملاء مشتركون في مجموعات مشفرة على التليجرام، كما أن المتهمين يبتزون الضحايا بنشر صورهن القديمة إذا لم يحصلوا على أموال أو صور جديدة، إما أن يحصلوا على مايريدون أو إيصال الصور لأقارب الفتيات ونشرها في الانترنت وفضح مواقع وعناوين الضحايا.
القضية التي نشرتها الصحفية الكورية لم تثر الرأي العام، ما أثار سخط الصحفي، المثير للإحباط أن زعماء العصابة تلقوا التحقيق وتفاعلوا معه بطريقة هزلية: نشروا محتوى لضحية جديدة بمناسبة الشهرة التي نالوها من الصحيفة. لاحقاً تعاون الصحفي مع منتجي الفيلم، ومصادر أخرى، وصلوا إلى مرحلة اضطروا فيها لإشراك الأجهزة الحكومية لأن واحدة من الضحايا المراهقات كانت على وشك الانتحار تنفيذا لأوامر زعيم العصابة المبتز.
المهم، أنا اقترحت على وجدي السالمي بالصبح، إشراك الأجهزة الحكومية في بعض القضايا التي تستدعي ذلك، ولم يأت الظهر إلا والمختص في مباحث الأموال العامة يتصل بوجدي ويبلغه بضرورة الحضور في قضية نشر!.
قبل أن أعرف أنه استدعاء للحضور بخصوص قضية نشر، ظننتهم سيكرمون وجدي ويشجعونه على الاستمرار في التحقيقات المساهمة في مكافحة الفساد، رغم أن أفضل تقدير للصحفي بعد تعبه، أن يرى ثمرة عملته بالتفاعل والتأثير. أما أن يتعب ويدفع ثمن أعماله من صحته النفسية والجسدية، ثم يتلقى استدعاء من الجهات المختصة فذلك زيادة في العذاب.
إذا كان هذا الاستدعاء في قضية مسؤول صغير، ماذا سيحل بالصحفيين عند نشر ملفات ووثائق تدين الهوامير الكبار في السلطة أو خارجها في عالم المال والأعمال.
أن يمتلك فاسد سطوة في أجهزة الضبط أو القضاء لتحريكها ضد صحفي أعزل، فهذا يستدعي الخوف. إذ وبدلاً من حماية الصحفي وضمان استمراره لتزويد الجمهور بالمعلومات والحقائق، تقوم الأجهزة المختصة بمقام وكيل الطرف الذي يرى في الصحفي غريماً، ربما يكون هذا أحد أسباب استمرار الانتهاكات بحق الصحفيين، في عهدِ، يعلم الله، من لعب فيه بإعدادات كل شيء: الصحافة والأجهزة الرسمية، وحتى الذين تطالهم الصحافة وكانوا يستخدمون حق الرد!.
مقالات ذات صلة
كتابنا | 22 نوفمبر, 2024
جريمة تفجير الحوثيين للمنازل
أراء | 2 نوفمبر, 2024
الدعممة الحكومية
كتابنا | 28 أكتوبر, 2024
عن الخدمات الحكومية في اليمن وقطاع غزة
أراء | 27 أكتوبر, 2024
المقاربات العبثية التي تزيح اليمن أكثر عن نهاية محتملة للحرب
كتابنا | 18 أكتوبر, 2024
إب.. الغنيمة الحوثية الكبرى!