الأخبار
Image Description

مأمون فندي

غزة وابادة نظريات "الاسلام السياسي"

‫أراء‬| 11 أغسطس, 2024 - 9:11 م

خلال الاربعة عقود الماضية أنتج العالم الغربي أكواما من الكتب عن الخطر الإسلامي، وعن صراع الحضارات، وعن تديين المجال العالم، وكلما سيطرت هذه السرديات في المركز انتجت لنا متخصصون في الأطراف يكتبون ايضا عن الاسلام وعن الاخوان وعن المودودي وقطب وغيرهم.

بعد غزة، هل لكل ما كتب من فرضيات تحمل أي معنى ويمكنها تفسير ما يجري؟

اعتقد ان اي مبتدئ في دراسات العلوم الاجتماعية اليوم قد يطرح عشرات الاسئلة مثل: هل هناك بالفعل شيء اسمه العالم الإسلامي توحده القيم الجامعة عن العدل والظلم؟ ربما هذه القيم موجودة ويتشارك فيها المسلمون والأدلة كثيرة من اجتماعهم في الصلاة إلى انتشار الاسلام، ولكن هل يمكن تحويل هذه المشتركات إلى فعل اجتماعي؟

غزة كشفت انه وخارج نطاق الاعلانات الفردية التي نقرأها في السوشيال ميديا او الإعلام بشكل عام، ليس هناك عملا منظما لوقف الابادة في غزة، او على مدى عشرة أشهر لم نرى أي عمل لا من قبل الجماعات المعتدلة (من الاخوان وغيرهم) او الجماعات المتطرفة (من القاعدة حتى داعش) للوقوف مع مسلمين اخرين يبادون في غزة او الوقوف مع منظمة (لنقل حماس) ادعى الكثيرون اما انها فرع للإخوان في غزة او انها بتصنيف الغرب (واحدة من جماعات الاسلام السياسي او الارهاب التي تهدد أمن العالم).

لو بالفعل حماس هي منظمة إرهابية، لماذا لم يتداعى ارهابيو العالم للقيام بدعمها او القيام بالتهديد المضاد، او ردع لإسرائيل؟ واضح انه لا علاقة بينهما من خلال ما رأيناه خلال عشرة شهور.

اذن نظرية الخطر الإسلامي على الغرب هي فقط نظرية ولكن لا يسندها الواقع المادي إلا من خلال قصص متقطعة يرويها اناس يريدون ان يأكلوا عيش بالتخصص في الدراسات الاسلامية كما يدعي البعض؟ لا يوجد خطر اسلامي، لا من افراد او جماعات او دول حسب ما رأينا خلال عشرة أشهر.

سأحاول في هذا السرد طرح بعض افكار كبار منظري النظرية السياسية والاجتماعية بمدارسها المختلفة من ماكس فيبر والنظرية الاجتماعية، الى النظريات البنيوية وكذلك نظريات الدولة  لإثبات ان كثيراً من الكلام النظري الذي يتداول في الفضاء العام بدأ مشكوكا في قدرته على الشرح او التفسير لما جرى في غزة او ما بعدها.

الهدف من هذه الاسئلة هو تأمل النظريات الرائجة من الخطر الإسلامي وصراع الحضارات وان المحركات الثقافية والاجتماعية والكتل الحضارية يمكن اعتمادها كفاعل في التغيير الاجتماعي والسياسي او فاعل حتى في العلاقات الدولية في أعمال جوزيف ناي الاولى العابرة للحدود الوطنية، إلى آخر هذا القول.

كما ان هناك اسئلة فرعية تخص الجهاد، فقد حدث النفير في البوسنه والشيشان وحتى افغانستان والصومال، فماذا لم يحدث ذات النفير تجاه غزة، هل كانت الدول تحرك هذا النفير من خلف الستار؟ حتى الدولة كمحرك أيضا، كشفت غزة ان الدولة في سياق المنظومة الدولية متمثلة في مساحة الحركة الخاصة بها في اروقة الامم المتحدة بدت عاجزةً ولم تصل لوقف إطلاق النار خلال عشرة أشهر، فماذا يعني ذلك فيما يخص دور الدولة؟

قد يقول قائل ان قدرة الدولة الاسرائيلية هي التي حددت ما يمكن لدول الاقليم فعله، ولكن قدرات هذه الدولة عسكريا ومخابراتياً (الجيش الذي لا يقهر والمخابرات التي لا تنام) عرتها هجمات السابع من اكتوبر وما بعدها وكشفت قدراتها كدولة ضعيفة.

بعد كل هذا كيف يمكن توصيف الحال الذي نحن فيه؟ التكتلات الحضارية ظهرت عاجزة؛ لا تشبيك بين جماعات قيل لنا ان بينها علاقات عضوية (الاخوان السلف الجهاد القاعدة.. الخ) اكتشفنا انها لا تتحرك لا بمفردها او جماعات، الدول تبدو عاجزة وآخرها المساعدات الإنسانية التي يصل بعضها وبعضها لا يصل.

كل هذا يحتاج الى تأمل من طلاب التاريخ والعلوم السياسية والاجتماعية عموما، تأمل ممن تدربوا وتعلموا بشكل جيد لا من كتاب الأعمدة في الصحف ولا من عيال شاء القدر ان يمنحها شاشه تطرطر علينا من خلالها صباح مساء مع غياب الصرف الصحي.

*نقلاً من حساب الكاتب بمنصة إكس

| كلمات مفتاحية: غزة|العالم الغربي

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024