مساعٍ حوثية لتوريط القطاع الخاص في مواجهة العقوبات الأمريكية (تقرير خاص)

أصدرت مليشيا الحوثي ثلاثة بيانات على الأقل باسم اتحاد الغرف التجارية خلال أربعة أيام، ونشرته في وكالة سبأ ومنافذها الإعلامية، وخلا منها الموقع الرسمي لاتحاد الغرف التجارية والغرفة التجارية بأمانة العاصمة.

بيانات الحوثي التي أصدرتها باسم القطاع الخاص اليمني، رفضا لضم رجل الأعمال الحوثي علي الهادي إلى قائمة العقوبات، لدوره في تمويل مليشيا الحوثي بالأسلحة وغسيل الأموال، تحاشت ذكر رجل الأعمال الآخر من مليشيا الحوثي عبدالولي الجابري، واقتصرت على ضرورة إزالة الهادي مقتحم الغرفة التجارية والرئيس المفروض عليها بالقوة.

في البيان الصادر بتاريخ 7 مارس بوكالة سبأ الحوثية، باسم الاتحاد العام للغرف التجارية، نفت المليشيا أن يكون علي الهادي أحد مموليها، وقالت إنه رجل أعمال في المواد الأساسية والغذائية وطالبت بإزالته من قائمة العقوبات الأمريكية. و في آخر البيان ورد نص أن تصنيف الحوثي منظمة إرهابية يعني تصنيف الشعب اليمني، في أحد أبرز المؤشرات على محاولة الحوثي الاحتماء من العقوبات بتوسيع أضرارها عليه، وطلب الحماية من القطاع الخاص على وجه الخصوص كون العقوبات مصممة لاستهداف موارده المالية وفق البيانات الأمريكية.

في بيان آخر صدر بتاريخ 10 مارس، طالب الاتحاد العام للغرف التجارية وزارة الخزانة الأمريكية "بإعادة النظر في التصنيفات التي أصدرتها مؤخراً والتي شملت رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية رجل الأعمال علي محمد الهادي ضمن لائحة العقوبات لما يترتب على ذلك من تبعات على الوضع الإنساني والاقتصادي في اليمن".

وفي 9 مارس نشرت وكالة سبأ الحوثية  خبرا عن مؤتمر صحفي باسم القطاع الخاص اليمني، جاء فيه وفق الوكالة "أدان القطاع الخاص اليمني التصنيفات والعقوبات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية، تجاه رجال الأعمال اليمنيين وآخرها فرض عقوبات على رئيس الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة علي محمد الهادي". وبحسب الوكالة الحوثية وصف رجال الأعمال العقوبات الأمريكية بأنها "غير قانونية وتتنافى مع الواقع وهي مساقة بتهم كاذبة".

علي الهادي رجل أعمال حوثي برز فجأة، نشر "يمن شباب نت" خبر زيارته إلى روسيا لشراء الأسلحة وهي المبرر التي ذكرتها الخزانة الأمريكية لفرض عقوباتها عليه. تنبع مصادر قوته من العمل واجهة للقوة البحرية الحوثية وطيرانها المسير وقوتها الصاروخية، وعمل على مدى سنوات على إنشاء شركات متعددة جديدة والدخول القسري بشراكات مع رجال أعمال يمنيين ومتهم بالسيطرة قسرا على صوامع غلال البحر الأحمر، واقتحام الغرفة التجارية بأمانة العاصمة كبرى الغرف التجارية اليمنية أواخر مايو 2022 فور صدور حكم قضائي من المحكمة التجارية بشرعية مجلس إدارتها المعزول الذي كان يرأسه حسن الكبوس.

احتكر علي الهادي العمل القسري مع برنامج الغذاء العالمي بدون وجه حق استنادا لنفوذه في مليشيا الحوثي وحصل على مليارات الدولارات من عقوده مع المنظمات الأممية.

بيانات باسم اتحاد الغرف والقطاع الخاص.. لماذا؟

كما اعتاد خلال السنوات السابقة ومنذ بدء نشأته يسعى الحوثي لتوظيف كل شيء في معركته الخاصة ضد من يعتبرهم خصومه في الداخل والخارج، ويسعى لدمجهم في تلك المعركة قسرا وطوعا لتخيف التكاليف عليه، والاستفادة من تلك القدرات، بما فيها قدرات القطاع الخاص، ولكن هذه المرة في مواجهة الولايات المتحدة.

 فرض الحوثي عشرات أنواع الضرائب على القطاع الخاص وانتزعها بالقسر منهم، وفي الآونة الأخيرة فرض ضرائب حتى بدون قانون وقدمها على أنها بطلب من القطاع الخاص نفسه، كما في حالة الضرائب الباهظة على قطاع الملبوسات والأقمشة والأحذية، التي صدرت باسم علي الهادي والغرفة التجارية، وفي حالات أخرى فرض ضرائب جديدة باتفاق بين الهادي نفسه ومليشيا الحوثي.

الجديد في مواجهة العقوبات الأمريكية أنه دفع بالقطاع الخاص إلى الواجهة لأن الحوثي يستخدم الغرف التجارية ضمن آليات المواجهة العسكرية، ويسعى إلى دمج القطاع الخاص ضمن معركته، وكأنه يحاول إقناع الأمريكيين، بأن القطاع الخاص اليمني كاملا مندمجا معه وأن محاولة تجفيف المصادر المالية الحوثية ستعني دمارا هائلا بالقطاع الخاص اليمني ومجاعة وانهيارا شاملا.

مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي قال تعليقا على البيان الصادر عن الحوثيين باسم اتحاد الغرف التجارية إنه محاولة واضحة لتوريط القطاع الخاص اليمني.

وأضاف نصر في منشور على فيسبوك أن إصدار البيان باسم اتحاد الغرف يهدف إلى إدخال الاتحاد تحت طائلة العقوبات الأمريكية.

 القطاع الخاص لم ينشر البيانات في مواقعه الرسمية

 لم ينشر اتحاد الغرف التجارية الذي يديره شخص من مجموعة هائل سعيد في موقع الاتحاد الرسمي على الإنترنت، رغم مرور أكثر من أسبوع على تاريخ نشر البيان في وسائل إعلام الحوثي، وكذلك الغرفة التجارية في أمانة العاصمة رغم سيطرة الحوثيين الفعلية عليها عبر علي الهادي لم تنشر أي بيان من تلك التي زعم الحوثي أن القطاع الخاص واتحاد الغرف نشرها.

وفي هذا السياق يقول رجل أعمال: "القطاع الخاص يستوعب معنى العقوبات الأمريكية وشدتها وقدرتها على التدمير، ولا يسعى لمواجهة الولايات المتحدة على الإطلاق".

ويضيف لـ "يمن شباب نت" ـ مفضلاً عدم الكشف عن هويته ـ أن القطاع الخاص من خلال رفض إصدار البيانات باسمه في موقعه الرسمي "يريد إجراءات وآليات تحيده، لأنه يعرف تماما النظام المالي وتشابك وتقعيد التجارة الخارجية، ومدى انعكاس أي عقوبات على أنشطته وقدراته".

وأشار المصدر إلى أن أحد الأهداف أيضا للقطاع الخاص التي سيعمل عليها أنه "يسعى أيضا إلى حصر المعركة بين الولايات المتحدة والقطاع الخاص الحوثي الناشئ".

وتوقع المصدر أن القطاع الخاص بحكم امتلاكه خبرة طويلة في النظام المالي والاقتصادي والتجاري العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، سيعمل على مسارين الأول: سيخوض مفاوضات ومقاومة صعبة وشرسة ضد الحوثيين لتحييد نفسه، ومسار ثاني مع الأمريكيين لتفادي العقوبات والتصنيفات وبالوقت نفسه لمواجهة أي دمج حوثي له بالمعركة بين الطرفين".

ضغوط هائلة على رجال الأعمال

 يقول د.عبدالقادر الخراز المتخصص في حملة وين الفلوس لمتابعة حركة أموال المانحين وعلاقتها بمليشيا الحوثي وتجارته لـ "يمن شباب نت"، "إن الحوثي يشن ضغوطا هائلة على كبار المجموعات التجارية، ولديهم تجار ورجال أعمال جدد يسعى أيضا لتوريط تلك المجموعات التجارية الكبرى وكل القطاع الخاص بشكل عام"

وفي وسائل إعلام الحوثي كما في محرك بحث صحافتك نشر ناشطون حوثيون خبرا يحملون فيه رجل الأعمال حسن الكبوس الرئيس المعزول قسرا للغرفة التجارية بأمانة العاصمة مسؤولية تصنيف علي الهادي في قائمة العقوبات الأمريكية.

وقال الخبر الذي زعم أنه نشأ عن تسريبات "حسن الكبوس لعب دورًا محوريا في حملة تحريضية خارجية ضد الرئيس الحالي لغرفة صنعاء علي الهادي. فقد جرت لقاءات سرية في عواصم عدة مثل عمان، القاهرة مسقط، والرياض، حيث التقى بعدد من سفراء الدول الأجنبية ومديري المنظمات الدولية، وحثهم على اتخاذ موقف ضد الهادي. ما كان أكثر إثارة للدهشة هو تصريحاته المثيرة للجدل التي تتعلق بغرفة تجارة صنعاء، حيث أكد أن الحوثيين أجبروه على تسليمها إلى القيادي الحوثي علي الهادي تحت تهديد القوة".

الإشارة إلى دور مزعوم للكبوس بشأن استيلاء الهادي على الغرفة التجارية، وردت أيضا في البيان المزعوم لاتحاد الغرف التجارية، وأن عزل الكبوس وتنصيب الهادي كان قانونيا، ما يشير أيضا إلى حملة قوية ممنهجة بدأت لابتزاز ما بقي من راس المال.

ولم يصدر أي تعليق من الكبوس على اتهامات الحوثيين له بالمسؤولية عن تصنيف علي الهادي، والمطالبات الحوثية بالسيطرة على شركاته لتعويض الخسائر المترتبة على ما قالوا إنه تعويض عن خسائر تعرض لها علي الهادي بالعقوبات الأمريكية.

وقال مصدر مقرب من بعض رجال الأعمال اليمنيين لـ "يمن شباب نت": "إن تداول المنافذ الإعلامية لمليشيا الحوثي ضد الكبوس تشير إلى انتهاج الحوثي سياسة الرد على العقوبات الأمريكية باستهداف القطاع الخاص".

ويضيف أن الحوثي يستغل تصنيفه أمريكيا منظمة إرهابية أجنبية، وضم بعض قياداته ورجال أعماله إلى قائمة العقوبات لتصفية القطاع الخاص في اليمن خاصة قيادتي اتحاد الغرف التجارية، والغرفة التجارية بأمانة العاصمة قبل اقتحامها.

وصنفت الولايات المتحدة في يناير الماضي مليشيا الحوثي منظمة إرهابية أجنبية ودخلت حيز التنفيذ مطلع مارس الجاري ردا على الهجمات الحوثية البحرية ولاستيراده الأسلحة من روسيا، وتعهدت أيضا بتجفيف مصادره المالية من خلال العقوبات.

ويخوض القطاع الخاص فعلا عبر اتحاد الغرف التجارية وجمعية البنوك اليمنية وغرفة أمانة العاصمة قبل السيطرة عليها، وعبر القضاء صراعا محتدما ضد الحوثيين متهما إياه بأنه يسعى لتدمير القطاع الخاص اليمني غير الحوثي وتصفيته بكل الوسائل، تشمل إغلاق الشركات واقتحامها وفرض الضرائب والرسوم غير القانونية واغتيالات رجال الأعمال وخطفهم، وكان آخر خطف شنها الحوثي ضد رجل الأعمال ماهر السدعي المخفي قسرا منذ أشهر.