الأخبار

البطاقة الذكية في الوضع الراهن.. نقلة نحو الرقمنة أم خطر يُهدد بيانات الشعب؟ (تقرير)

تقارير | 17 ديسمبر, 2024 - 8:29 ص

يمن شباب نت (خاص)

image

رغم أهمية البطاقة الذكية التي أعلنت الحكومة اليمنية بدء العمل بها قبل نحو أسبوعين، في توحيد البيانات الشخصية وارتباطها بالتكنولوجيا، والاستفادة منها على المستويين المعلوماتي والأمني، غير أن هناك الكثير من المخاوف حول تسرب المعلومات الشخصية أو تعرضها للسرقة والقرصنة، خاصة وأن الشركة المنفذة للمشروع أجنبية، وتدير أعمالها من خارج البلاد.

مراقبون ومختصون يرون أن موضوع البطاقة الشخصية الذكية، مسألة أمن قومي، يجب أن تنفذ بخطة أمنية دقيقة من داخل البلد وعدم الاستعجال في تنفيذها كون البلاد في وضع غير مستمر، مع ضرورة سن قانون عبر مجلس النواب لتكتسب مشروعيتها.

وفي 30 نوفمبر الفائت، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية تدشين العمل بالبطاقة الذكية، بديلاً عن البطاقة الشخصية القديمة، موجهة كافة البنوك الحكومية والخاصة والمؤسسات التجارية والخدمية الخاصة باعتماد البطاقة الشخصية الذكية لكافة المعاملات الرسمية والتجارية والخدمية، في التعاملات المالية وغير المالية.

وأكدت الوزارة أن الجهات المخالفة لهذه التوجيهات ستتعرض للمسألة القانونية، وإنزال العقوبات التي قد تصل إلى إغلاقها أو توقيفها عن العمل. كما أعلنت إيقاف التعامل بالبطاقة الشخصية القديمة بشكل نهائي، قبل أن تتراجع عن هذه الخطوة وتمديد العمل بهذه البطاقة لمدة ستة أشهر قادمة.

مخالفات

كانت الحكومة الشرعية المعترف بها وعبر وزارة الداخلية، قد أعلنت عن بدء الاجراءات باستخراج البطاقة الذكية قبل نحو عام، لكن هناك الكثير من الأسئلة تبحث عن إجابات، حول طبيعة الشركة المشغلة لبرنامج المشروع، والتي منحت أحقية العمل دون العودة لمجلس النواب أو وضع مناقصة للمشروع.

وفي هذا السياق يقول الخبير في الأمن الرقمي "فهمي الباحث"، إن الإجراءات الإدارية بشأن البطاقة الذكية، ومنح شركة ألمانية تدعى (Dermalog)، عقد يبلغ نحو (70 ـ 75)، مليون دولار، يعتبر مخالف لقانون المناقصات.

وأضاف الباحث لـ"يمن شباب نت"، أن مشروع البطاقة الذكية يفترض أن يمر بقرار عبر مجلس النواب، كونها تمس الأمن القومي لاحتوائها على بيانات الشعب كامل، متسائلا: لماذا لم تمر عبر مجلس النواب؟

من جانبه، قال عضو مجلس النواب النائب "علي المعمري" إن "إلغاء العمل بالبطاقة الشخصية السابقة التي هي صادرة بناءً على قانون ومنع أي تعامل بها قرار ارتجالي وتجاهل واضح للقانون".

وأوضح المعمري في تدوينة على منصة إكس، أن "إنهاء الصلاحية القانونية للبطاقة القديمة ينبغي أن يصدر بقانون يتضمن إما إلغاء القانون السابق أو عمل تعديلات عليه".

ودعا النائب المعمري، وزارة الداخلية إلى "مراجعة هذه الخطوة"، مضيفا القول: إذا كانت الوزارات والهيئات الرسمية هي من ينتهك القوانين فكيف نريد أن يحترمها الناس؟.

وفي ظل حالة الركود الذي يعيشها مجلس النواب، والذي أصبح وكأنه منزوع للصلاحيات، يرى مراقبون أنه كان يفترض على الحكومة أن لا تتخذ هذه الخطوة، ومخالفتها للإجراءات.

ووفقا لمراقبين، فإن مثل هذه الخطوة كان من المفترض تنفذ عندما يكون هناك دولة مستقرة لا يوجد فيها حروب أو أزمات، وليس في الوضع الحالي الذي تشهده اليمن.

مخاوف أمنية

الأمر لا يرتبط بمخالفات قانونية فقط، بل هناك مخاوف من تعرض بيانات ومعلومات المواطنين للسرقة أو للقرصنة، كون الشركة المشغلة للمشروع والتي تعاقدت معها الدولة لتوفير البرنامج، تقوم بإدارة ورقابة وتشغيل وصيانة وحماية وتخزين المعلومات عبر سيرفرات من خارج البلاد.

وقال الخبير الرقمي فهمي الباحث، إن "هذه البيانات عبارة عن بيانات بيومترية، والتي تعتبر بيانات مهمة وخطيرة، إذا ما تم الحصول عليها من أطراف غير مصرح لها سوى من هاكرز أو عصابات أو ما سوى ذلك.. هي تحتوي على بيانات الشعب كامل، والبيانات هذه لا يمكن تغييرها.. ممكن تغير اسمك رقم تلفونك عنوانك كلمة السر، لكن لا يمكن أن تغير بصمة العين أو بصمة الأصبع أو بصمة الوجه إطلاقا".

وأضاف: "ليس عندنا أي مشكلة أنه يتم جمع البيانات من قبل الحكومة، ولكن وفق ضوابط ومعايير معينة.. أولا أن البيانات هذه مسألة أمن قومي ويفترض أن تخزن داخل البلد حصرا ولا تخرج من حدود البلد إطلاقا؛ لأن هذه تعتبر سيادة بيانات وطنية".

ويرى الخبير الباحث، أنه في ظل عصر التحول التكنولوجي المتسارع حاليا، هناك الكثير من الأضرار، بالإضافة إلى أنها بيانات أمن قومي وطني يمكن أن تستفيد منها أي دولة أخرى.

وتابع: "يمكن أن تتسرب هذه البيانات في أي يوم وتباع في الانترنت المظلم، إلى جانب أننا نعيش في سباق تكنولوجي في عصر الذكاء الاصطناعي، والذي سيكون من السهولة استخدام هذه البيانات بطريقة تسيء لأي شخص، أو انتحال الهويات والشخصيات وتزوير أشياء كثيرة بأسمائهم".

عدم وجود قانون

ووفقا للباحث فإن "جمع مثل هذه البيانات في ظل غياب أي قوانين متعلقة بحماية البيانات الشخصية، ومن يحق له الوصول إليها أو الاطلاع عليها، يعرض معلومات الناس للخطر، والتي قد تحصل عليها أي جهات أجنبية أو أي طرف من أطراف الصراع أو الأعداء".

وأضاف: "لما نقول بيانات الناس احنا نتكلم من عند رئيس الجمهورية لعند أصغر واحد داخل البلد، بما في ذلك العسكريين والقيادات الأمنية والسياسية الاستخباراتية والأكاديميين والعلماء والخبراء والمهندسين والأطباء".  

وتابع أن البلدان التي تستخدم هذه الطرق لجمع البيانات، من المؤكد أن عندها قانون لحماية البيانات والمعطيات الشخصية، ينظم عملية الوصول إليها ومن يحق له حفظها، وهذا ليس على مستوى الجانب الحكومي فقط، بل حتى على مستوى القطاع الخاص، والذي لابد أن يخضع لمثل هكذا قانون.

مميزات البطاقة

للبطاقة الذكية مميزات عديدة، فهي طويلة الأمد ويتم طباعتها عبر الليز، وتحتوي على أكثر من 30 علامة تأمينية، وتصنيعها من مادة البولي كاربونيت، وتخدم الاستخدام الالكتروني والتقنيات الحديثة.

وتتميز بجمع البيانات عن كافة المواطنين من حاملي البطاقة وتسهيل المهام الإحصائية، واعتمادها في العمليات الانتخابية، والإسهام في تقليص التلاعب والتزوير والفساد، وتخفيض معدلات الجريمة وتسهيل تتبع المجرمين وأصحاب السوابق، في حال تم توفيرها بطريقة قانونية وصحيحة من قبل الدولة.

وتشمل ارتباط البطاقة بتطبيقات تسمح بالتحقق من هوية الشخص عبر بصمتي الاصبع والوجه لدى الجهات الحكومية وغير الحكومية، وإثبات الهوية والمرور بالمنافذ ذات الأنظمة الإلكترونية، وإجراء المعاملات المالية المختلفة.

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024