- أبين.. حريق يلتهم مخيمًا للنازحين في "خنفر" ومناشدات لانقاذ المتضررين المعارضة السورية تعلن خطوات إصلاحية وتؤكد محاسبة المتورطين في جرائم الحرب السلطات السعودية تعتقل طيارًا يمنيًا سابقًا دون إيضاح الأسباب بعد خلع الأسد... ماذا تبقى من قواعد عسكرية لروسيا في سورية؟ جامعة عدن تناشد القيادة السياسية للتدخل وحماية أراضيها من الاعتداءات الحكومة اليمنية: السلام يتطلب شريكًا يرفض الحرب ويؤمن بالمواطنة والمساواة اليمن يؤكد حاجته الماسّة لدعم دولي لإنجاز برنامج وطني شامل للطيران المدني
تركة الأسد الثقيلة... دمار وديون وثروات منهوبة
اقتصاد| 11 ديسمبر, 2024 - 8:15 ص
إرث ثقيل خلفه نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، بعد تهديم وتخريب استمرا لنحو 14 سنة، وكبدا الاقتصاد خسائر بلغت وفق أكثر المتفائلين 400 مليار دولار، ووصلت حسب مراكز أبحاث وتصريحات مسؤولين، لنحو تريليون دولار إذا تم احتساب خسائر تعطيل القطاعات ودمار البنية التحتية، ما سيرهق، على الأرجح "الحكم الجديد" ويعيق، أو يبطئ النمو والتطلعات لبناء سورية الجديدة وتحسين الأحوال المعيشية للمواطن.
ولعل بالإرث الثقيل الذي خلفه الأسد، إن على صعيد الديون، الداخلية والخارجية، أو تهديم البنى والهياكل الإنتاجية والخدمية، سيوقع البلاد بعجوزات ويلزمها على مد اليد للمؤسسات الدولية والتعرض لضغوط المانحين. لكن عودة أموال السوريين المهاجرة قد تقلل من تلك المخاطر.
وطاول طيران الأسد وروسيا وجيشه والمليشيات الطائفية التي دعمتها طهران، لمواجهة حلم السوريين بالحرية واقتسام الثروة وتداول السلطة، الطرق وشبكات الكهرباء والمياه ومؤسسات خدمية واقتصادية وتعليمية وطبية، لتبلغ تكاليف إعادة إعمارها، حسب تقديرات البنك الدولي نحو 120 مليار دولار بشكل مبدئي.
تهديم القطاعات الإنتاجية في سورية
جاء قطاع الزراعة ضمن أكبر الخاسرين، لدوره بتأمين الغذاء والمنتجات وتشغيله نحو 5 ملايين سوري، بعد تراجع الإنتاج بنحو 60% لتزيد الخسائر عن 16 مليار دولار، بعد أن تحولت سورية المنتجة لأكثر من 3.5 ملايين طن قمح قبل الثورة، إلى مستورد للمادة بعد تراجع الإنتاج لنحو 1.5 مليون طن، وكذلك بالنسبة لبقية المنتجات الزراعية.
ولعل التدمير الذي لحق بالقطاع الصناعي، تجلى بتراجع الإنتاج والصادرات وأثر على مستوى العرض بالأسواق، بعد تهديم المنشآت الصناعية، خاصة بعاصمة سورية الاقتصادية حلب، لتبلغ الخسائر بالقطاع الصناعي نحو 80 مليار دولار، حسب تقديرات المراقبين، ما زاد من الواردات لكفاية الأسواق والمستهلكين، في حين تراجعت الصادرات من نحو 9 مليارات دولار إلى أقل من مليار دولار العام الماضي.
وكانت خسائر قطاع النفط المقدرة بنحو 115 مليار دولار، الأكبر والأكثر تأثيراً على سورية واقتصادها، فبعد إنتاج نحو 380 ألف برميل عام 2011 وتصدير نصف الإنتاج للخارج ما يؤمن عائدات للخزينة واستقرار العرض والسعر بالسوق، تحولت سورية إلى مستهلك ومستورد كبير بعد العقوبات وعدم توفر السيولة لاستيراد النفط، ما انعكس على شح المحروقات بالأسواق وارتفاع سعرها، خاصة خلال الفترة الأخيرة قبل سقوط الأسد، وقت بدأت إيران بالمساومة على وجودها ومصالحها مقابل تصدير النفط.
كما وقعت خسائر كبيرة وكثيرة، حسب الأكاديمي الاقتصادي محمد حاج بكري، بقطاعات الكهرباء والتعليم والنقل والصحة والسياحة، والأهم بتراجع الناتج المحلي من نحو 61 مليار دولار عام 2010 إلى نحو 6.2 مليارات العام الماضي.
ويعتبر حاج بكري أن تحديات هذه الخسائر، سواء لجهة إعادة تأهيل القطاعات بعد تعميرها، أو لجهة توفير تمويل لتلك العملية، ستكون من الأعباء الحقيقية أمام الحكومة الجديدة بسورية ومن التحديات الماثلة، بعد هروب بشار الأسد.
ويرى الأكاديمي الاقتصادي أن "الخسائر التي مني بها الاقتصاد السوري، جراء تهديم البنى التحتية والمنشآت، أضعفت القطاعات الاقتصادية، الصناعية والزراعية خاصة، ما أثر على الإنتاج والعرض السلعي وتشغيل العمالة، وبدل من نمط الحياة والاستهلاك فنال من حامل التنمية "الإنسان" وهو الخسارة الكبرى، خاصة إذا ما أضفنا، نزيف الكفاءات وهروب الرساميل والعمالة، إلى دول الجوار وأوروبا، معتبراً أن تفريغ سورية من الكفاءات، ربما أكبر الخسائر التي تحتاج زمناً طويلاً، كي ترمم وتعوّض".
وحول حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوري بسبب حرب نظام الأسد على الثورة، والتي رضخ لمطالبها أخيراً وهرب، يقول حاج بكري لـ"العربي الجديد" لا يوجد رقم ثابت بحكم استمرار الخسائر حتى اليوم، "بالأمس قصفت إسرائيل وهدمت وبالأمس تمددت قسد واستولت على مواقع جديدة لخزان سورية من الغذاء والطاقة، شمال شرق سورية" الأمر الذي يصعّب طرح رقم محدد ولو قريبا من الواقع، ولكن، إن توقف التهديم اليوم فلا أعتقد أن الخسائر تقل عن 400 مليار دولار.
شبح الديون
لا رقم ديون خارجية معروفا على سورية حاليا، بعد أن صفّرت ديونها أيام اتفاقية المدفوعات مع الاتحاد السوفييتي، هكذا يجيب الاقتصادي السوري إبراهيم محمد لـ"العربي الجديد": "فلولا الخلاف بين نظام الأسد المخلوع مع إيران، حول إعادة التموضع والانسحاب، لما كشفت إيران عن ديونها وطالبت بها". وربما الفترة المقبلة، تطالب دول أخرى كانت تدعم الأسد بديون، مثل بعض الدول العربية أو روسيا الاتحادية، حسب محمد.
كما ستتكشف قيمة الديون الداخلية، سواء التي جمعت عبر سندات الخزينة العامة أو تلك التي استوردت عبرها سورية نفطا وقمحا خلال الأعوام الأخيرة، إذ كان نظام الأسد يلزم بعض رجال الأعمال بدفع ثمن شحنات وتسجل ديونا على صندوق الدين العام أو أوراقا وسندات مالية مستحقة الدفع بعد فترة.
وكانت حكومة المخلوع الأسد تطرح سندات خزينة، خلال الأعوام الأخيرة، لجمع أموال تمول خلالها الشق الاستثماري من الموازنة العامة، بسبب تراكم العجز وتراجع الموارد، ووفق بيانات وزارة المالية، فقد بلغت قيمة السندات المطروحة في عام 2024، خلال ستة مزادات قرابة 1000 مليار ليرة سورية، كانت بهدف تمويل المشاريع الاستثمارية للقطاع العام، والتمويل بالعجز من قبل مصرف سورية المركزي، وبالتالي التخفيف من مخاطر التوسع في الإصدار النقدي، والحد من التضخم، حسب تبرير الوزارة، إضافة لتأمين فرصة استثمارية للقطاع المصرفي الخاص والعام لتوظيف ودائعه في استثمارات منخفضة المخاطر تتيح له التوسع في عمليات قبول الودائع، وبالتالي تمكن من التوسع في الإقراض والتمويل للمشاريع الاستثمارية للقطاع الخاص.
ويلفت الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن وزارة المال بحكومة بشار الأسد، بدأت بطرح سندات وأذونات خزينة، منذ أصدرت القانون 60 لعام 2007، ولكن خلال الأعوام الأخيرة زادت عدد الجلسات وقيمة السندات بذرائع قلة الموارد وحاجة الوزارة لمزيد من رؤوس الأموال لتوظيفها في عروق مهمة بالاقتصاد.
وحول تفاصيل الديون الخارجية يكتفي المتحدث بالقول: ليس من وثائق ومطالبات إلا من الجانب الإيراني، وهي ديون غير مكشوفة بشكل كامل، إذ قرأنا عن مطالبات بنحو 30 مليار دولار وأخرى عن 50 مليار دولار، وهي ديون متراكمة أثمانا للنفط أو ديونا مباشرة بما كان يسمى "خطوط الائتمان" وربما جراء ثمن أسلحة ومعدات عسكرية أو "رشى" وأجور للمقاتلين الطائفيين الذين تستقدمهم إيران خلال سنوات الثورة لحماية كرسي الأسد ونظامه.
وكانت سورية منذ عام 2005، قد أنهت ملف الديون المترتبة عليها لروسيا منذ زمن الاتحاد السوفييتي، عبر ما سمي اتفاقية المدفوعات والتي تم بموجبها شطب 73% من تلك الديون، البالغة قيمتها نحو 13.4 مليار دولار، والباقي يسدد على 10 سنوات، وجزء آخر يستثمر في مشروعات داخل سورية أو يسدد من خلال بضائع إلى روسيا.
إعادة الإعمار
تباينت الآراء حول إعادة الإعمار، فثمة من يراها من الإرث السلبي الذي خلفه نظام الأسد للحكومات اللاحقة، لأن الأموال التي ستصرف بالإعمار ستكون بمثابة ديون وقروض، للدول والمؤسسات المالية، ما يعني تكبيلا وأعباء جديدة، وأسبابا للتدخل بشؤون سورية ومصير شعبها.
والبعض رأى بإعادة الإعمار نهاية لزمن الحرب، وربط، أو مشاركة مصائر الدول المساهمة بمصير سورية والسوريين، ما سيزيد من مستوى الأمان وتسريع الإعمار وسكة النمو، خاصة إذا جرت عقود البناء والإعمار وفق عقود "بي أو تي" كما يشير الاقتصادي السوري فراس شعبو لـ"العربي الجديد".
ويؤكد شعبو أن عقودا وفق مبدأ "بناء، تشغيل إعادة" خاصة ببعض القطاعات، تقلل من الديون على سورية وتستفيد من تطور وتقنيات الدول، إضافة إلى أن ذلك النوع من العقود، يخلق نوعاً من التنافس على الاستثمار في سورية، بين الدول، خلال الفترة المقبلة.
وحول عبء وتكاليف إعادة الإعمار، يضيف شعبو لـ"العربي الجديد" إنه لا يوجد رقم محدد، لأن نسبة التهديم لم تحص بدقة بعد، كما أن الخراب لم يتوقف حتى اليوم "نرى قصفاً وتهديماً إسرائيلياً حتى اليوم" لكن التقديرات تتراوح ما بين 200 و300 مليار دولار، وقد يزيد عن ذلك، والفترة المطلوبة لإعادة الإعمار ترتبط بإعادة الأمن وعودة الاقتصاد إلى حالته واسترجاع الكفاءات واليد العاملة.
وقدرت جهات دولية ومراكز بحثية إعادة الإعمار بنحو 400 مليار، في حين أكد المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرونتييف سابقاً أن إعمار سورية، سيكلف نحو 800 مليار دولار، وصدرت عن منظمات وتقارير أخرى أرقام وصلت إلى 1.2 تريليون دولار، ليبقى رقم إعادة الإعمار مرهوناً بتحديد القطاعات والتكاليف والأهم وقف الاضطرابات، حسب شعبو.
أعباء لا تنتهي
فتح الاقتصادي السوري أسامة القاضي، أبوباً أخرى وقطاعات عدة، يمكن اعتبارها إرثا ثقيلا تركه نظام الأسد المخلوع للسوريين والحكومة الجديدة، إذ رصد القاضي تراجع الموارد العامة التي ستكون الإرث المباشر والماثل لأي حكومة، بعد فقدان سورية أهم موارد للخزينة العامة "النفط وفوائض القطاع الحكومي" وهذا واضح برأي الاقتصادي السوري، من خلال تراجع قيمة الموازنة العامة وزيادة العجز الذي يزداد عاماً تلو آخر "بلغ عجز موازنة عام 2024 أكثر من 9400 مليار ليرة سورية".
ويشير القاضي إلى أن إرث نظام الأسد الثقيل والأسود والمذل لا يتجلى بالتهديم والخسائر المباشرة فقط، فلو نظرنا إلى تصنيف سورية بالنسبة للبلدان الطاردة للاستثمار، نرى أنه إرث كبير سيدفع ثمنه السوريون والحكومات، وكذالك بالنسبة للفساد والثقة والحريات، وتلك المؤشرات وغيرها، هي التي تحدد ملاءمة المناخ السوري وتشجع الأموال على القدوم والمساهمة بالإعمار وإقامة المشاريع.
ويختم القاضي، بأن سوء العلاقات الاقتصادية وغير الاقتصادية، أيضاً من الميراث الكبير السيئ الذي خلفه نظام الأسد للحكومات والسوريين، فالدول الأوروبية التي كانت شريك سورية التجاري الأول، صارت خصوماً وأصدرت عقوبات وسحبت أموالها واستثماراتها، والدول العربية التي كانت تساهم بالتطوير والتبادل، تراجعت أعمالها والتجارة البينية معها، إذ إن نظام الأسد البائد اختصر المنطقة بإيران والعالم بروسيا، فأقام علاقات مع تلك الدول التي ساعدته بالحرب على السوريين، ولكن مقابل اتفاقات ورهن وبيع لثروات الوطن.
العربي الجديد
أخبار ذات صلة
عربي | 11 ديسمبر, 2024
المعارضة السورية تعلن خطوات إصلاحية وتؤكد محاسبة المتورطين في جرائم الحرب
عربي | 11 ديسمبر, 2024
بعد خلع الأسد... ماذا تبقى من قواعد عسكرية لروسيا في سورية؟
عربي | 11 ديسمبر, 2024
الحياة تعود تدريجيا.. الإدارة السورية الجديدة تعلن عن أولوياتها وتتوعد بملاحقة المجرمين
عربي | 11 ديسمبر, 2024
صنّاع الموت.. أبرز 10 جنرالات في نظام الأسد المخلوع شيّدوا جحيم السوريين لعقود واختفوا بعد سقوطه
سياسة | 11 ديسمبر, 2024
حذر من عودة الحرب.. "غروندبرغ" يدعو إلى اقتناص الفرصة والانخراط بجدية لتنفيذ خارطة الطريق باليمن (نص الإحاطة)
عربي | 11 ديسمبر, 2024
كيف ساعدت أوكرانيا المعارضة السورية في إسقاط الأسد؟