الأخبار

أسواق العيد في اليمن... "مولات" تجارية للأغنياء والفقراء يكتفون بالفرجة

‫اقتصاد‬| 27 مارس, 2025 - 11:20 ص

image

تجار ملابس ينتظرون الزبائن في أحد أسواق صنعاء ـ فرانس برس

تُلقي أزمات كثيرة الأعباء ومستجدات الأحداث المتصاعدة بتبعاتها على أسواق اليمن والقدرات الشرائية للمواطنين مع ارتفاع الأسعار التي وصلت في الموسم الحالي الذي يسبق عيد الفطر إلى مستويات قياسية تفوق قدرات 80% من المستهلكين اليمنيين.

أثر هذا الوضع على مستوى الإقبال على شراء الملابس الجديدة لعيد الفطر التي أصبح شراؤها مقتصراً على المقتدرين والأغنياء والميسورين والذين يحرصون كما لاحظ "العربي الجديد"، على استكشاف "المولات" الجديدة التي تم افتتاحها بشكل مثير للجدل قبل حلول شهر رمضان بالنظر إلى الوضع المعيشي والاقتصادي الراهن.

يأتي ذلك فيما يلجأ ما تبقى من الفئة المتوسطة ومحدودة الدخل إلى البسطات والباعة الجائلين وأسواق الحراج حيث أصبحت الملاذ للهروب من جحيم الأسعار وتوفير كسوة العيد لأطفالهم، فيما يكتفي الفقراء بالتنزه والفرجة على ما تبيعه المحال التجارية داخل هذه "المولات" والأسواق.

من يستطيع الاحتفال؟

هذا التفاوت يشمل مستويات أخرى، حسب الباحث في الاقتصاد الاجتماعي على المليكي، مثل نوعية الأصناف الجديدة وعدد الأفراد الذين تشملهم الكسوة والملابس الجديدة وغير ذلك من مستويات التفاوت التي أوصلتها الأزمات الاقتصادية والمعيشية الطاحنة إلى مختلف نواحي الحياة في المجتمع وحددت من يلبس الملابس الجديدة ومن يستطيع الاحتفال بمثل هذه المناسبات الدينية.

يشير المليكي في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأسر المقتدرة توفر كسوة العيد وتوفر الملابس الجديدة لجميع أفرادها دون استثناء الصغار والكبار وخلق حالة تنافسية بينهم على مستوى نوعية الأصناف والماركات.

بينما المقتدرون من الأسر الفقيرة يكتفون بعد معاناة شديدة في توفير تكاليف شراء الملابس الجديدة وكسوة للأطفال الصغار، البعض ممن لديه أبناء من فئات عمرية مختلفة يكتفي بالفئة العمرية أقل من عشر سنوات وآخرون يشملون الفئة من 10 إلى 15 أو 16 عاما في حال كان العدد أقل من ثلاثة أولاد، إذ يعتبر المليكي ذلك بمثابة نموذج بسيط وتجسيد واقعي لما فعلته الحرب والأزمات الاقتصادية والمعيشية باليمنيين.

لا تختلف الأسعار في العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون عن عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بالرغم من فوارق سعر صرف العملة التي تزيد بأكثر من أربعة أضعاف في المناطق الحكومية.

المواطن هارون ثابت، من سكان صنعاء، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن كسوة أربعة من أبنائه تتراوح أعمارهم بين 8 و20 عاماً كلفته نحو 150 ألف ريال، وهو مبلغ كبير بالنظر إلى استقرار سعر صرف العملة المحلية في صنعاء ومناطق شمال اليمن، البالغ نحو 530 ريالا للدولار الواحد.

في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية، تستجيب الأسواق بشكل تلقائي للتدهور المتواصل في سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية حيث وصل سعر الصرف حالياً إلى نحو 2400 ريال بزيادة 400 ريال مقارنة بسعر الصرف 1900 إلى 2000 ريال للدولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

المواطن فتحي نبيل، من سكان مدينة عدن، يؤكد لـ"العربي الجديد"، عدم قدرته حتى الآن على التوجه للأسواق لتقييم الوضع في ظل التغيرات المتصاعدة التي تشهدها، فيما أنجز محمد ناجي، هذه المهمة بشراء كسوة العيد لنحو ثلاثة من أولاده تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاما والتي كلفته مبلغا وصل وفق حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أكثر من 250 ألف ريال، كما أن الأسعار يتم تحديدها بالريال السعودي في ظل انهيار سعر صرف العملة المحلية.

"مولات" تجارية جديدة

وبالرغم من استفحال الأزمات المعيشية والاقتصادية وتأثيرها على القدرات الشرائية للمواطنين والركود الذي يتفاوت بمستوياته المرتفعة والمتوسطة والمحدودة طوال العام؛ إلا أن هناك "مولات" جديدة استبقت شهر رمضان بتدشين عملها بشكل رسمي في صنعاء وعدن ومدن أخرى في مشهد لا يخلو من الغرابة بالنظر إلى وضعية الأسواق المتأرجحة في معظم محافظات اليمن المنقسمة بين طرفي الصراع، حيث رصد "العربي الجديد" أكثر من 30 "مولا" جديدا بين مساحة متوسطة وكبيرة ظهرت في ست مدن رئيسية خلال السنوات الثلاث الماضية في اليمن.

في صنعاء، لفت أحد "المولات" الكبيرة التي تم افتتاحها أخيراً الأنظار وأثار الكثير من التساؤلات بالنظر إلى حجم مساحته الواسعة والأرضية التي أقيم عليها في شارع حدة جنوب غرب صنعاء.

ويتساءل الشارع عن قدرة مثل هذه الاستثمارات الجديدة على الوجود بما يشبه المغامرة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها صنعاء التي عاد إليها القصف مجدداً وهذه المرة من الطائرات والبوارج العسكرية الأميركية، في وقت لاحظ "العربي الجديد" شبه اكتمال للمحال التجارية التي تم استئجارها بالرغم من ارتفاع الإيجارات بشكل قياسي وبمستوى يتجاوز الإيجارات في بعض "المولات" القريبة مثل مركز الكميم الشهير الواقع على بعد أمتار من هذا "المول"، حيث لا يقل إيجار المحل الواحد عن 800 دولار، والبسطة داخل "المول" بنحو 400 دولار شهرياً.

كما رصد "العربي الجديد" إقبالاً محدوداً من المتسوقين في "المولات" والأسواق بشكل عام، نسبة منهم تأتي فقط للفرجة على "المول" من الداخل والاكتفاء بمشاهدة السلع والبضائع من مختلف أنواع الملبوسات وغيرها حيث لا يجد الكثير المال للشراء.

تفاوت سعر الصرف في اليمن

الباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي، يفسر لـ"العربي الجديد" أن الصراع القائم في القطاع المصرفي ألقى بظلاله على الحياة العامة للمواطن اليمني، وكنتيجة لذلك وخصوصاً في ما يتعلق بالقدرة الشرائية، فالتأثير تعاظم مع هذا الصراع مقارنة بالتأثير الفعلي الذي كان في الأساس يتركز في توقف الرواتب وكثير من مصادر الدخل. ويرى أن الصراع القائم على القطاع المصرفي عزز هذا التأثير من جراء وجود عملتين وسعري صرف متفاوتين انعكسا على أسعار المواد والسلع الاستهلاكية والخدمات العامة.

ولفت الشرعبي إلى أن فوارق أسعار الصرف أو وجود سعري صرف متباينين نتج عنه تفاوت كبير في الأسعار بين مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً وسلطات الأمر الواقع بصنعاء، وزادت حدة ذلك مع تدني أكبر للقدرة الشرائية للمواطن والإنفاق على الخدمات، وكذلك عجز الجهات المعنية عن ضبط بوصلة الأسعار بما يتناسب مع القيمة الرسمية لسعر صرف الدولار المحدد للتاجر للاستيراد، وهو ما يكشف عن غياب دور الجهات المعنية في هذا المجال.

العربي الجديد

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024