الأخبار

تاريخ طويل من المواجهة مع نظام عائلة الأسد.. ما الأهمية الاستراتيجية لمدينة حماة؟

عربي| 5 ديسمبر, 2024 - 4:50 م

image

صورة التقطت من قمة جبل زين العابدين لجانب من مدينة حماة بعد تحريرها (مواقع التواصل)

في اليوم الثامن من عملية "ردع العدوان"، أعلنت إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية أنها أكملت السيطرة على مدينة حماة بعد أن أكملت قواتها عمليات التمشيط بنجاح.

وقالت المعارضة السورية المسلحة، مساء الخميس، إنها أنهت تمشيط مطار حماة العسكري وجبل زين العابدين وقرية قمحانة شمال حماة، وذلك بعدما دخلت قواتها بتشكيلاتها المختلفة مدينة حماة بعد مواجهات عنيفة من عدة محاور والتقت معا في ساحة العاصي بمركز المدينة.

ما الأهمية الاستراتيجية لمدينة حماة؟

  • تعد مدينة حماة أو "مدينة النواعير"، الواقعة في وسط سوريا، من أكثر المدن أهمية استراتيجياً في الصراع السوري. تكمن أهميتها في موقعها الجغرافي المميز كمركز يربط الشمال بالساحل وبالعاصمة دمشق، فضلاً عن كونها معبراً رئيسياً بين مناطق النفوذ المختلفة. تعكس السيطرة عليها تحولاً كبيراً في توازن القوى، سواء للمعارضة السورية أو للنظام السوري.
  • تقع مدينة حماة في الجزء الأوسط من سورية، يحدها من الشمال محافظتي إدلب وحلب، ومن الشمال الشرقي محافظة الرقة، ومن الشرق والجنوب محافظة حمص، ومن الغرب محافظتي اللاذقية وطرطوس.
  • تقدر مساحتها بنحو 8861 كم2، ما يعادل نحو 6% من إجمالي مساحة سورية، وهي بذلك تحتل المرتبة السابعة بين المحافظات السورية من حيث المساحة.
  • من حيث كثافة السكان، تشير التقديرات الأحدث لعام 2011 إلى أن عدد سكان المحافظة كان حوالي 1,628,000 نسمة، مع العلم أن الإحصاءات الأحدث غير متوفرة علناً منذ اندلاع الحرب المسلحة عام 2012.
  • تربط حماة الشمال السوري بالعاصمة دمشق والساحل، ما يجعلها محورية في تأمين خطوط الإمداد. فقربها من إدلب وحلب يضعها في موقع يسمح بالتحكم في مسار المعارك.
  • يعود تاريخ مدينة حماة إلى 5000 سنة قبل الميلاد، وتعد مركزاً زراعياً وصناعياً هاماً؛ فالتحكم بها يمنح الموارد اللازمة لدعم العمليات العسكرية وتأمين الغذاء والإمدادات.
  • تعد حماة مدينة زراعية أكثر منها صناعية، وموارد تجارتها من الحنطة والشعير والذرة الصفراء والبيضاء والحمص والعدس والعنب والبطيخ بنوعيه الأَصفر والأَخضر والصوف والسمن والغنم والكمون.

حماة والرمزية التاريخية للصراع مع النظام السوري

شهدت مدينة عام 1982 واحدة من أسوأ المجازر في تاريخها حين حاصرها وقصفها الجيش السوري التابع لنظام حافظ الأسد بالأسلحة الثقيلة وقتل عشرات الآلاف من سكانها فيما تم تهجير آلاف آخرين وتعرض الكثير من سكانها للسجن أو التهجير.

بدءاً من الثاني من فبراير/شباط 1982 شهدت المداينة أحداثاً دامية حين هاجمتها قوات حافظ الأسد بالأسلحة الثقيلة لمدة شهر تقريباً، مما تسبب في مقتل الآلاف وتشريد نحو 100 ألف، وتدمير جزء من المدينة خاصة القسم القديم منها، وهو ما عرف بـ"مجزرة حماة". حيث شنت السلطات السورية حينذاك تلك الحملة العسكرية رداً على ما قالت إنه تمرد قادته جماعة الإخوان المسلمين داخل المدينة.

تراوحت التقديرات بشأن ضحايا الحملة -التي تمت وسط تعتيم إعلامي تام- بين 10 آلاف قتيل وفقا للصحفي البريطاني روبرت فيسك (الذي زار حماة بعيد الحملة)، و40 ألفاً وفقا للجنة السورية لحقوق الإنسان. ونقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن رفعت الأسد -الذي قاد عملية الاجتياح- أن الحملة خلفت 38 ألف قتيل.

مع اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، كانت حماة من أوائل المدن السورية التي لحقت بركب الثورة، وخرجت منها مظاهرات سلمية ضخمة، واجهتها الحكومة السورية بالدبابات والاعتقالات.

ومع تزايد أعداد المتظاهرين قمع الجيش السوري أهالي حماة، وبدأ في اقتحام منازل الأهالي، وشنّ حملة اعتقالات طالت المئات، وسرعان ما فرض حصاراً على المدينة، وبحلول أغسطس/آب 2011، كان الجيش النظامي قد سيطر عليها بالكامل.

واستمر الجيش السوري باستهداف الأحياء السكنية، وارتكب مجازر عدة منها ما حدث في 25 أبريل/نيسان 2012، حين قتل 50 مدنيا في حي مشاع الطيار الفقير أقصى جنوب المدينة، قصفا بالصواريخ، ثم هدم الحي بالكامل، وهجر منه 30 ألف إنسان.

ماذا تعني سيطرة المعارضة على حماة الآن؟

سيطرة المعارضة على حماة تمنحها ثقلاً عسكرياً غير مسبوق منذ عام 2011. وسياسياً يرفع قدرة الفصائل التفاوضية في أي محادثات سلام تراعاها الأطراف الدولية، ولا شك أن سقوط المدينة بيد المعارضة يعكس ضعف قبضة النظام السوري في مناطق وسط البلاد، كما أن السيطرة على حماة سيهدد حمص ومن ثم دمشق مركز الحكم.

مثل السيطرة على حماة بعد حلب وإدلب نقطة انطلاق لتوسيع نفوذ المعارضة إلى مناطق أخرى في الوسط والجنوب، كما سيفقد النظام السوري خطوط الإمداد والتأثير في مناطق وسط سوريا ولن يستطيع تهديد مناطق الشمال بعد الآن إلى حد كبير.

يبقى الصراع على حماة مرآة لتوازنات القوى في سوريا، حيث يعكس تقلباتها العسكرية والسياسية على المستويين المحلي والإقليمي، فالنسبة لروسيا وإيران سيعني فقدان النظام لحماة أزمة كبيرة على اعتبار أنها تعد معبراً لتأمين الساحل.

إذا توسعت المعارضة من حماة غرباً، فإن ذلك من شأنه أن يقطع الساحل عن دمشق، مما يترك للنظام معقلين فقط: طرطوس وجبال العلويين، بالإضافة إلى دمشق، التي سوف تصبح محاصرة بمجرد سيطرة قوات المعارضة على حمص.

المصدر: يمن شباب نت+ عربي بوست

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024