الأخبار

السودان.. الجيش يحقق تقدما جديدا بالخرطوم وترقب معركة فاصلة في جبل أولياء

عربي| 22 مارس, 2025 - 8:54 م

image

حقق الجيش السوداني تقدماً جديداً على حساب قوات الدعم السريع في وسط وغرب مدينة الخرطوم، بعد سيطرته الجمعة الماضي على القصر الجمهوري ومقار عدد من الوزارات والمؤسسات.

وتمكن الجيش في معارك دارت ليل الجمعة وحتى صباح السبت من بسط سيطرته على مواقع جديدة والتقدم غرباً من القصر نحو منطقة المقرن (موقع التقاء النيلين الأبيض والأزرق)، في وقت تزايدت فيه عمليات خروج مقاتلي قوات الدعم السريع من الخرطوم عبر جسر خزان جبل أولياء (جسر أسمنتي يستخدم حالياً لعبور الآليات) أقصى جنوب الخرطوم، وهي المنطقة المتوقع أن تدور فيها المعارك الأخيرة.

وقال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، في تصريح صحافي، اليوم السبت، إن قواتهم حققت مزيداً من النجاحات ليلة الجمعة، وقضت على المئات من عناصر "الدعم السريع" التي حاولت الهروب من خلال جيوب بوسط الخرطوم.

 كما أحكمت سيطرتها على موقع عمارة شركة زين وبنك السودان المركزي ومصرف الساحل والصحراء وبرج التعاونية وكلية البيان والمتحف القومي وجامعة السودان وقاعة الصداقة. وتقع هذه المواقع في منطقة مقرن النيلين أقصى غرب مدينة الخرطوم، وفق الناطق.

وأضاف عبد الله أن الجيش والقوات المساندة له أمّنا جسر جزيرة توتي التي تقع بين مدن العاصمة الثلاث وفندق كورنيثا المحاذي له من الناحية الشرقية والمناطق المحيطة، كما تمت السيطرة على إدارة المرافق الاستراتيجية، ومباني رئاسة جهاز المخابرات، وأشار إلى أن قواتهم تستمر وسط الخرطوم في الضغط على مقاتلي "الدعم السريع" الذين يحاولون الهروب من المنطقة.

ونشر ضباط بالجيش مقاطع اليوم السبت تظهر سيطرتهم الكاملة على جسر المك نمر الذي يربط مدينة الخرطوم بمدينة بحري، وهو أقرب جسر للقصر الجمهوري من الناحية الشرقية. كذلك نشر مقاتلون من القوات المساندة للجيش مقاطع لهم داخل جزيرة توتي التي كانت تخضع لسيطرة "الدعم السريع" منذ بداية الحرب في 15 إبريل/ نيسان 2023.

وتواصل وحدات من الجيش عمليات تمشيط لمنطقة وسط وغرب الخرطوم التي تضم عدداً من مقار الشركات والمؤسسات الاقتصادية، كما استمر سماع دوي قصف مدفعي ينطلق من منطقة وادي سيدنا العسكرية غرب المدينة، مستهدفاً تجمعات "الدعم السريع" في العاصمة.

الجيش يتحرك للسيطرة على المطار

وما زالت مجموعات من "الدعم السريع" موجودة في أحياء امتداد ناصر وبري شرق الخرطوم والجانب الشرقي لمطار الخرطوم الدولي، حيث يتحرك الجيش حالياً للسيطرة على المطار الواقع قرب قيادته العامة.

وفي مدينة أم درمان، الجزء الغربي للعاصمة الخرطوم، تشهد المناطق الجنوبية الغربية للمدينة معارك مستمرة، حيث ما زالت مجموعات من "الدعم السريع" تسيطر على عدد من الأحياء.

وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية وزير الإعلام خالد الإعيسر إن مقاتلي "الدعم السريع الإرهابية ومرتزقتها الأجانب يفرون من مواقع مختلفة بالخرطوم، تحت ضغط القوات المسلحة والقوات المساندة". ‏

وأضاف، في تصريح على موقع فيسبوك ليل الجمعة: "أما الهاربون من أرض الميدان والمغرر بهم، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة قوات شرسة لا تعرف الانكسار، فنقول لهم ضعوا السلاح وأكملوا هروبكم، فلا مكان لكم في الخرطوم".

وتمكن الجيش السوداني من خلال عملية عسكرية متعددة الاتجاهات أطلقها في 26 سبتمبر/أيلول الماضي من إحراز تقدم متسارع والسيطرة على عدد من المواقع في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان.

وتركزت العمليات في شرق وشمال ووسط العاصمة، حيث سيطر الجيش في ضاحية شرق النيل شرقي العاصمة على جسري سوبا والمنشية أبرز جسرين يربطان الجزء الشرقي للخرطوم بأحيائها الغربية، وسيطر في الناحية الشمالية للعاصمة على مصفاة الجيلي في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي.

حركة مستمرة لسكان جبل أولياء

وقال مواطنون في منطقة جبل أولياء أقصى جنوب الخرطوم، لـ"العربي الجديد"، إن هناك حركة مستمرة للسكان لمغادرة أحياء المنطقة تحسباً لمعارك متوقعة بعد تقدم الجيش في وسط الخرطوم، وتقدم قوات أخرى له من مدينة القطينة في ولاية النيل الأبيض نحو جبل أولياء آتية من الجنوب.

وأضاف المواطنون أن الحافلات التي تعمل بالتنسيق مع مقاتلي "الدعم السريع" تطلب مبلغ 200 ألف جنيه (الدولار يعادل 2200 جنيه سوداني) قيمة تذكرة للراكب الواحد لعبور جسر خزان جبل أولياء نحو الغرب إلى مدينة أم درمان.

وتعليقاً على استعادة الجيش السوداني للقصر الرئاسي، قال رئيس بعثة (يونيتامس) الأممية السابق في السودان فولكر بيرتس، إن استعادة الجيش السوداني للقصر يعني أن الحرب ستنتهي قريباً في الأجزاء الشرقية والوسطى من البلاد، مضيفاً أنه أمر جيد ويريح الناس، لكن لا يبدو أن الحرب قد انتهت في غرب البلاد.

وأضاف فولكر، في مقابلة مع التلفزيون الألماني (ZDF) الجمعة الماضي، إنه بعد نجاحها العسكري سيتعين على الحكومة العسكرية في السودان أن تُظهر قدرتها على بناء السلام أيضاً، ويجب أن تسيطر على المليشيات التي تقاتل إلى جانبها، وأن تمتنع عن الانتقام ممن عاشوا تحت سيطرة قوات "الدعم السريع".

وذكر أن القوى المدنية الصغيرة التي شكلت مؤخراً تحالفاً سياسياً مع قوات الدعم السريع (في نيروبي) في محاولة لتشكيل حكومة تحت سيطرة "الدعم" فقدت كل شرعيتها.

وتابع: "لكن غالبية المدنيين، بمن فيهم القادة السياسيون والناشطون والمجتمع المدني ولجان المقاومة التي تحولت إلى غرف طوارئ، أرادوا ببساطة إنهاء الحرب، ويجب أن يكون لهم الدور الرئيسي في إعادة بناء البلاد وقيادتها، وليس قادة الأطراف المتحاربة".

ورأى الصحافي السوداني محمد محمود أن سيطرة الجيش على وسط الخرطوم تجعل الطريق سالكاً نحو جنوب المدينة حيث تتمركز مجموعات لقوات الدعم السريع، مضيفاً أن إعادة سيطرة الجيش على قلب العاصمة تعني اكتمال ربط مدن الخرطوم الثلاث عبر الجسور والدفع بمزيد من القوات من أجل تطهير ما تبقى من جنوب المدينة.

عناصر "الدعم" محاصرون

وأشار إلى أن مقاتلي "الدعم" في وسط الخرطوم حالياً إما محاصرون أو لديهم طرق قليلة فقط للهروب جنوباً، حيث قواتهم، وهي المنطقة المتوقعة للمعركة الأخيرة.

وأشار محمود، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مجموعات متحركة من "الدعم" هاجمت الجمعة منطقة حبيبة في ولاية الجزيرة المحاذية للخرطوم، وتقع المنطقة شرق جبل أولياء وهو ما يبدو محاولة من "الدعم" لمنع قوات الجيش المتقدمة نحو جبل أولياء من ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض من محاصرتها.

وأوضح أنه إذا سيطر الجيش على منطقة جبل أولياء فستكون كل قوات "الدعم السريع" التي لم تخرج من جنوب الخرطوم إلى أم درمان عبر جسر خزان جبل أولياء محاصرة تماماً، ولا سبيل أمامها للهروب إلا من خلال عبور نهر النيل سباحة أو عبر المراكب.

قال المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية اللواء معتصم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ يونيو/ حزيران 2024 شرع الجيش في تنفيذ خطة محكمة أسفرت عن استعادة مواقع يسيطر عليها المتمردون في ولايات سنار والجزيرة والخرطوم وكردفان، مع الصمود في ولاية شمال دارفور. ومنذ سبتمبر/ أيلول الماضي لم تستطع قوات الدعم السريع الصمود أمام زحف الجيش لاستعادة المناطق كافة".

وأضاف أن "حرب المدن تعتبر من أصعب وأعقد البيئات العملياتية، حيث المباني العالية والشوارع الضيقة التي تستخدم في القنص والهجمات المباغتة، وهو ما جعل معارك وسط الخرطوم شرسة، واحتاجت لعمليات نوعية لاستعادتها".

وبين أن "الفرق الأساسي بين الجيش والمليشيا هو التخطيط المسبق والتنفيذ المحكم بناء على الوقائع والمعطيات الميدانية، وهذا ما أسهم في القضاء على التمرد وسط البلاد".

وأكد أن "ما تبقى من تمرد في نواحي كردفان ودارفور أسهل كثيراً من مناطق الخرطوم والوسط، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك إعداداً مسبقاً لكافة مستلزمات العمليات الحربية قبل وقت كافٍ عبر محاور شمال دارفور، ما يبشر بنهاية قريبة للتمرد".

وأشار عبد القادر إلى أن "محصلة المعارك في الوسط والخرطوم أبرزت مشاكل بنيوية في تركيبة المليشيا، تمثلت في غياب التواصل بين القيادة العليا والقيادات الميدانية والجنود، وغياب أبسط مقومات العمل العسكري، وجنوح المليشيا للعمل السياسي والدعائي على حساب العسكري، ما أدى لانهيارها وبحثها المبكر عن ملجأ آمن تمثل في سعيها للوصول إلى اتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ــ شمال في جنوب كردفان، لتلوذ بجبال النوبة، والعمل من دول الجوار، ما يعني انحسار التمرد واقتصاره على حيز جغرافي محدود وناءٍ يسهل التعامل معه".

المصدر: العربي الجديد

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024