الأخبار

أبو محمد الجولاني.. من هو القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية؟

عربي| 6 ديسمبر, 2024 - 4:00 م

image

قيادي سوري في المعارضة المسلحة، ولد عام 1982، وبدأ طريقه مع تنظيم القاعدة في العراق لمقاومة الغزو الأميركي للبلاد، ثم انتقل لاحقا إلى سوريا وأسس "جبهة النصرة" فرعًا للقاعدة، ولاحقا أعلن انشقاقه وفك ارتباطه عنها في يوليو/تموز 2016، وغيّر اسم تنظيمه إلى "جبهة فتح الشام"، وصار لاحقا يعرف بـ"هيئة تحرير الشام".

وبرز اسم الجولاني أمينا عاما لـ"إدارة العمليات العسكرية" التي أطلقت معركة "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستطاعت في أيام السيطرة على إدلب وحلب والتوغل في حماة.

المولد والنشأة

ولد أحمد حسين الشرع -المعروف بأبو محمد الجولاني- في العاصمة السعودية الرياض عام 1982، ثم انتقل مع عائلته إلى سوريا وعمره آنذاك 7 سنين، وفقا لمقابلة أجراها معه الصحفي الأميركي مارتن سميث في فبراير/شباط 2021.

تعود أصول عائلته إلى الجولان السوري المحتل، وكان والده ذا توجه قومي عربي، وقد قشارك في بعض الاحتجاجات ضد حكم البعث في سوريا فسجن على إثر ذلك مرات عدة في سوريا والأردن، فلجأ إلى العراق.

وقال الجولاني إنه لم يكن متفقا فكريا مع والده إلى حد كبير، لكنهما اتفقا على حب فلسطين وفي الرغبة بالدفاع عن الفلسطينيين.

نشأ الجولاني في حي المزة في دمشق، ضمن طبقة متوسطة ذات توجهات ليبرالية، ووفقا لروايته تأثر في شبابه بالانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

ويقول إنه بدأ يفكر في "الدفاع عن الأمة التي كانت تتعرض للاضطهاد من قبل المحتلين والغزاة" وهو في سن الـ18، فنصحه شخص بالالتزام بالصلاة في المسجد وقراءة القرآن ودراسة تفسيره، والبحث عن كيفية الوصول إلى العدالة وتخفيف الظلم عن الناس.

التجربة الجهادية في العراق

كان الجولاني -وهو لا يزال طالبا في الجامعة- يأتي من دمشق إلى حلب لحضور خطب الجمعة التي كان يلقيها محمود قول آغاسي (أبو القعقاع) في "جامع العلاء بن الحضرمي" بالصاخور، وحين تعرض العراق للغزو الأميركي في مارس/آذار 2003، نادى آغاسي بضرورة مقاومة هذا الغزو، فكان الجولاني ضمن أوائل الملبّين لهذا النداء.

وصل الجولاني إلى العراق قبل بداية الغزو الأميركي عام 2003 بنحو أسبوعين، وسكن في الموصل فترة، وعمل مقاتلا مع تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي ثم خلفائه من بعده، قبل أن تقبض عليه الولايات المتحدة الأميركية، وتودعه سجن أبو غريب، ومن هناك نقلته إلى سجن بوكا، ومن ثم سجن كروبر في مطار بغداد.

سلمته أميركا لاحقا إلى الحكومة العراقية، التي وضعته في سجن التاجي، ومن هناك أطلق سراحه عام 2008، وكان مجموع فترة اعتقاله 5 سنين.

استطاع الجولاني تكوين قاعدة جماهيرية لا بأس بها داخل السجن، فقد أثّر في باقي المساجين، وبدأ بنشر "العقيدة الإسلامية الصحيحة" كما يقول، و"تصحيح مفاهيم مغلوطة حول الدفاع والجهاد"، فلما أطلق سراح أحد هؤلاء المساجين قبله -وكان قياديا في الشمال بالعراق- ذهب للقاء أبو بكر البغدادي وحدثه عن الجولاني.

استأنف الجولاني نشاطه العسكري مع ما كان يسمى "الدولة الإسلامية في العراق" التي تأسست في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بقيادة أبو بكر البغدادي، وسرعان ما أصبح رئيسا لعملياتها في محافظة الموصل.

الانتقال إلى سوريا

تواصل الجولاني مع البغدادي في بداية اندلاع الثورة السورية عام 2011، واتفقا على أن يتولى الجولاني مسؤولية سوريا، ويؤسس فيها فرعا للتنظيم، وأمر بمقاتلة الحكومة السورية وإسقاط الرئيس بشار الأسد، وذهب إلى بلاده مع 6 أشخاص، وفي غضون عام استطاع حشد 5 آلاف مقاتل، واستطاع الانتشار في مساحة كبيرة في البلاد.

وفي 24 يناير/كانون الثاني 2012 أصدر الجولاني بيانا أعلن فيه تشكيل "جبهة النصرة لأهل الشام" ممن سماهم "مجاهدي الشام"، وعين المسؤول العام عنها، واتخذ من قرية الشحيل منطلقا لعمل هذه الجبهة، كما دعا في بيانه السوريين إلى الجهاد وحمل السلاح لإسقاط الحكومة السورية.

وحين أعلن أبو بكر البغدادي -في 9 أبريل/نيسان 2013- إلغاء اسميْ "دولة العراق الإسلامية" و"جبهة النصرة" ودمج التنظيمين -باعتبارهما يمثلان القاعدة الأم- في كيان جديد يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، رفض الجولاني هذا الأمر.

وأعلن بعدها الجولاني مبايعة زعيم القاعدة أيمن الظواهري وقال إنه عمل وفق توجيهاته وإرشاداته حتى يوليو/تموز 2016 حين أعلن فك ارتباط تنظيمه بالقاعدة، وتغيير اسمه إلى "جبهة فتح الشام".

وقال الجولاني في تصريح مصور ظهر فيه للمرة الأولى كاشفا وجهه، إن فك الارتباط "جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي"، موضحا أن هذه الخطوة هدفت إلى تحقيق "العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه وتحقيق العدل بين كل الناس، والتوحد مع الفصائل المعارضة لرصّ صفوف المجاهدين وتحرير أرض الشام والقضاء على النظام وأعوانه".

وأضاف أيضا أنه يهدف إلى "حماية الجهاد الشامي والاستمرار فيه واعتماد كافة الوسائل الشرعية المعينة على ذلك، والسعي لخدمة المسلمين والوقوف على شؤونهم وتخفيف معاناتهم، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعامة الناس".

وبشأن الخلافات العقدية بين "الجبهة" و"تنظيم الدولة الإسلامية"، قال الجولاني حينئذ "نرفض الخلافة التي يعلنونها ونعتبرها غير شرعية لأنها أقيمت على أسس غير شرعية".

أقيمت حكومة الإنقاذ السورية عام 2017 في مناطق حكم هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، ونالت مسودة مبادرة "الإدارة المدنية عالية المستوى في مناطق سوريا المحررة" موافقة هيئة تحرير الشام بعد أن عرضت عليها وعلى عدة جهات عسكرية ومدنية أخرى، بهدف ضم أكبر عدد من مكونات المجتمع إلى الإدارة المدنية.

فكره وأيديولوجيته

كانت المقابلة الإعلامية الأولى للجولاني هي تلك التي خص بها قناة الجزيرة وبُثت في حلقة من برنامج "لقاء اليوم" يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2013، وفيها أعلن أنه لا يؤيد ما تذهب إليه تنظيمات إسلامية من إطلاق للتكفير، وقال "نحن لا نكفّر المسلمين، فتكفير المسلم بحاجة إلى فتوى لأنه من اختصاص أهل العلم، ولذلك نترك الأمر في الحكم بالتكفير للمحاكم الشرعية والعلماء، ليقرروه وفق ضوابط الشريعة الإسلامية في هذا الشأن".

وأضاف متحدثا عن موقف جبهته من مستقبل سوريا: "لا نطمح للانفراد بصياغة مستقبل سوريا السياسي بعد سقوط النظام، ولا نريد أن ننفرد بقيادة المجتمع حتى ولو وصلنا إلى مرحلة تمكننا من ذلك، وستتولى اللجان الشرعية وأهل الحَل والعَقد وضع خطة لإدارة البلد وفق شرع الله تعالى لبسط الشورى والعدل".

وأشار إلى أن "العلماء راقبوا وشاهدوا تصريحاتهم وأفعالهم واعتبروهم من الخوارج الذين يكفّرون الناس بالذنوب ويستبيحون دماء المسلمين بدون ضوابط شرعية، ويقومون بتكفير الخصوم، حتى إنهم يكفرون جبهة النصرة لكننا لا نكفرهم".

ويقول في المقابلة التي أجراها مع الصحفي سميث عام 2021، إن انشقاقه عن تنظيم الدولة الإسلامية، كان بسبب سياسات التنظيم الخاطئة في إدارة الصراع وكيفية تعامله مع الأبرياء وقتلهم، مما أدى لخلافات داخلية وانقسامات، قرر على إثرها الجولاني تغيير بوصلته كما يصف، عبر الابتعاد عنهم.

ومع إعلان انشقاقه، أكد الجولاني أن أيديولوجية القاعدة وتعامله معها، كان لفترة زمنية انقضت، وأنه لا يدعم أي هجوم خارجي، سواء على الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا.

وعن نظرته للدعوة الإسلامية، يقول الجولاني "سابقا كنت أعتنق السلفية التكفيرية، والظروف وقتها دفعت الكثير من الشباب للمسير في ذاك الطريق"، لكنه يؤكد أن إدارة القاعدة ارتكبت أخطاء كبرى، وأن أحد أسباب انفصاله عنها، انحرافها عن القواعد والمعايير التي ناقشها سابقا في وثيقة سلمها للبغدادي قبل انتقاله لسوريا.

على لائحة الإرهاب

عقب إنشاء الجولاني جبهة النصرة عام 2011، وإعلانه مبايعة القاعدة وقيادتها عام 2013، صنّفت وزارة الخارجية الأميركية كيانه "منظمة إرهابية".

وفي مايو/أيار 2013، أعلنت الخارجية الأميركية الجولاني "إرهابيا عالميا"، وحجزت ممتلكاته الخاضعة لنطاق سلطتها، ومنعت المواطنين الأميركيين من التعامل معه.

واتخذت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، قرارا بوضع الجولاني على "قائمة الإرهابيين الخاصة بها" ومنعته من السفر وحظرت تملكه للسلاح في 24 يوليو/تموز من العام ذاته.

وفي 10 مايو/أيار 2017، أعلن برنامج المكافأة من أجل العدالة، التابع للخارجية الأميركية، عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار أميركي مقابل معلومات تؤدي إلى التعرف عليه أو على مكان وجوده.

ردع العدوان

أطلقت فصائل المعارضة السورية المنتشرة في محافظة إدلب -المنضوية سابقا تحت ما يعرف بغرفة عمليات "الفتح المبين"- ابتداء عملية "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وشكلت من أجلها ما يسمى "إدارة العمليات العسكرية" التي ضمت كلا من هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام، والجبهة الوطنية للتحرير، ومجموعات من الحزب التركستاني.

وعيّن الجولاني قائدا عاما لإدارة العمليات العسكرية، ومع تطور العمليات وتمكن فصائل المعارضة من الاستيلاء على إدلب ثم حلب وبعدها التوغل في حماة، دعا المقاتلين إلى "التحلي بأخلاق النصر والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وكذا القيم الإنسانية".

وقال في بيان له "نحن اليوم نواصل الليل بالنهار من أجل سوريا، المستقبل لسوريا التي ستكون بإذن الله بلدا للعدالة والكرامة والحرية لكل السوريين".

وفي بيان مصور له، يوم 5 ديسمبر/كانون الأول 2024، حث الجولاني رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على عدم السماح للحشد الشعبي بالتدخل في سوريا، محذرا من تصعيد التوتر بالمنطقة.

وقال الجولاني "فكما نجح العراق والسوداني أن ينأى بنفسه عن الحرب بين إيران والمنطقة في الآونة الأخيرة.. نشد على يده أيضا أن ينأى بالعراق عن أن يدخل في أتون حرب جديدة مع ما يجري في سوريا".

وأضاف في بيانه "في سوريا هناك شعب ثار على هذا النظام.. نرجو ونأمل من الساسة العراقيين وعلى رأسهم السوداني أن ينأى بالعراق عن الدخول في مثل هذه المهاترات، وأن يقوم بواجبه بمنع تدخل الحشد الشعبي العراقي في ما يجري في سوريا بالوقوف في صف هذا النظام الزائل".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024