- الحديدة..مليشيا الحوثي تختطف شقيقين وتقتادهما إلى جهة مجهولة قيادي حوثي يكشف تقدم نحو السلام مع السعودية وآخر يرد "تمخض الجبل فولد فأراً" هل تتغير إستراتيجية واشنطن في مواجهة الحوثيين باليمن؟ تقارير أمريكية تضع سيناريوهات جديدة منها "استهداف القيادات" أبين.. مشادة كلامية تودي بحياة شاب طعنًا بالسكين والشرطة تضبط الجاني برنامج الأغذية العالمي يؤكد حاجته لتمويل بقيمة 16.9 مليار دولار برشلونة يتعثر أمام سيلتا فيغو وأتليتيكو مدريد ينجو من فخ ألافيس غزة.. استشهاد 120 فلسطينيا خلال 48 ساعة والاحتلال يجبر سكان حي الشجاعية على النزوح
أخلاق التشفي
كتابنا| 10 أكتوبر, 2024 - 4:13 م
إياك أن تستخف ببلوى يعيشها شخص ما. إياك أن تجرح مشاعره حتى من حيث أردت التخفيف من بلواه. في القرية، حادثة شهيرة لامرأة كانت تبكي أثناء مرض ابنها. كان ابنها عثيراً، والعثير صفة نطلقها في الريف على المُقعدين، أصيب هذا الفتى بالملاريا تقريباً. كانت أمه تداويه ولا تخفي دمعتها على المارة، وبالرغم من أن لديها عدة أولاد غيره إلا أنها تنظر إليه كما لو أنه كل الآدمية. وهي على هذا الحال تجاه مرض ابنها العثير، مر "صاد" وحين رآها قال بجدية:
«احمدي الله لو مات اشترتاحي». بكت المرأة، بينما ظل الرجل يضحك: «مو تشتي بُه؟ هو الا عثير!»
للرجل الضاحك ابن وحيد وثلاث بنات، بعد فترة وجيزة، مَرِض ابنه الوحيد، فكاد يجن. كان "صاد" يذرع القرية بلا توقف بحثاً عن علاج، أعشاب، حبوب، شراب، أي وصفة تخفف عن ابنه. كان كتلة من الغضب والحزن والنشاط. وكان كلما مر من أمام منزل المرأة، أم العثير، رددت بصوت عال:
ـ «ضَارِطُه وارب ضارطه».
مهما كان المرء طيباً ورؤوماً، لا يمكن أن ينسى ألم التشفي والتهكم عند مكابدته لآلام المصيبة، كثيرون من أبناء القرية والقرى المجاورة وعوا الحادثة جيداً، ويستجلبون فحواها ليذكروا المتكبرين تحديداً.
فيما بيننا، لنتعامل مع المصائب التي تحل بنا بالمواساة وإظهار المشاعر الأسيفة، حتى لو كنا خصوماً. أن تظهر تفوقك الأخلاقي على خصمك هو نصر لك أحرزته بلا تعب. لقد قَضيت على الكراهية التي تدفع الآخرين لمواجهتك، وتآلف الناس بسببك والتفوا حولك، وما النصر إلا لحظة ألفة تسطو على الناس فيبتهجون.
لا يستهدف التشفي المصاب نفسه: الأبناء المرضى مثلاً، أو الموتى كنموذج تاريخي لتشفي الخصوم أو شماتة الأعداء. تتجه أسهم التشفي نحو بيئة المصاب، تستهدف من حوله تحديداً، وهي تنمو وتستمر بآليتها هذه، إلى أن يوقف أحد الأطراف لدد الخصومة ويستعيد فضيلة المروءة.
لديك مظلمة عند الميت، فطالب أهله.. لا توجعهم لسبب غير واضح، لا أعرف التصرف الصحيح إن امتلكت سبباً واضحاً لوجعهم، المهم ألا يكون بسبب اختلاف وجهات النظر تجاه الحياة!.
ستوجع أهله عندما يموت.. سينتظرونك تموت ليوجعوا أهلك.. أو ينتظرون مصيبة تحل بك ليرقصوا.. وربما أخرجوا لك ميتاً من الإرشيف..
الصورة واضحة: يشمت شخص من مصيبة شخص آخر، الآخر ينتظر إلى ان تحل مصيبة بالأول فيثأر..
الزمن دوّار، وكلنا موتى.. والتشفي بأوجاع الآخرين عند الموت من أسوأ الابتكارات النفسية التي توصل إليها الإنسان ليشعر بالنصر. «التشفي لا يصل الميت، ولكنه يؤذي الأحياء» واستمرار الأذى مجلبة للكراهية في المستقبل. ولذا كثيراً ما كان الموت غير المتوقع، مناسبة لإنهاء خصومات أو فرصة لبدء صفحة جديدة، وطقساً لهدوء المشاكل الاجتماعية عندما يموت أحد الرؤوس المتخاصمة.
أوجاع الآخرين لا تصلح للاستخفاف والتشفي، أو التفكه والتنكيت. الأخلاق تقول ذلك. حين يكون الأمر بين أشخاص معروفين وليس شخصيات عامة. عندما يتعلق الأمر بتفاصيل شخصيات عامة، فأنا لا أعرف التصرف الأخلاقي في هذا الحال. في بعض الدول يتيح القانون استخدام الشخصيات العامة في أعمال الكتابة أو توظيفها في الأعمال القصصية بالطريقة التي يختارها الكاتب، إن كنا فاعلين، فليكن فيما بيننا، أي لا أن نذهب بشماتتنا إلى أقارب من نشمت به، وفي كل الأحوال، لا يمكن إلقاء الملامة على الأشخاص الذين تلقوا لأذى مباشر من الميت/الخاسر، إن هم تشفوا، تماماً كما لم يستطع أحد من لوم المرأة التي صرخت، على مسمع الشخص الذي استخف بمرض ابنها العثير، فرددت حين مرض ابنه الوحيد:
ضارطه وارب ضارطه.