- الاحتلال يغتال عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل في خان يونس

محمد شداد
عفواً رمضان
أراء| 2 مارس, 2025 - 7:46 م
عفواً رمضان كنت تأتي علينا ضيفًا سنويًا عزيزًا تهتز لمقدمه القلوب وتطرب لإسفاره الخواطر، كنت تشبه أرواحنا وملامح قرانا في التباب القريبة والبعيدة، تداعب بنشوة غامرة أرواح البسطاء بخيرات بركاتك، كنت تألف الناس كما هم يألفونك طيلة أيامك ولياليك، يأكلون ما جادت به أيادي الآباء من خيرٍ وفير، كانت السعادة بقدر الألفة والمحبة التي تنتشر بين عباد الرحمن بقدر ولاء الصائمين القائمين لربهم الغفور الودود..
كانت الأضواء الخافتة تنير الأزقة والطرقات إلى المساجد، كانت فوانيس الجاز تتمخطر بين أيدي الناس تقودهم إلى بيوت السُمَّار كانت الأتاريك "اللايتات" صاحبة الضوء البعيد المنتشر على جوانب الطرقات وطولها دليلهم إلى مجالس الذكر، والأنس، والنكتة، بعد صلاة التراويح ..
عفوًا رمضان كنت خفيف الظل على الفقراء في تخوم المدن المعتاشين بقدر الإمكانيات المتاحة، لم يشعر الناس فيما مضى بالغربة بين يديك ولا بالخوف من مقدمك، كانت تتسمر الأعين بين نجوم السماء تبحث عنك، عن هلالك عن دليل الرحمة والعطاء، كونه مفتاح أبواب الخير ومغلاق لأبوب الشر حيث الأيام التي تتصفد فيه شياطين الإنس والجن وتتفتح فيه أبواب الجنان..
كنت سلامًا يضيف سلام وأمنًا أمينًا ينشر بين جوانبنا الأمان، كانت البرامج الرمضانية تتسابق إلى أسماع الصائمين كالنسيم المقيم، كانت دقائق برنامج "خواطر رمضانية" للمقالح قبل الإفطار اللوحة الأدبية والفنية التي يكتبُ عليها هموم الناس حوائجهم، ومراسيلهم إلى مسامع أصحاب القرار..
كان برنامج مسعد ومسعدة معزوفة المطابخ الرمضانية في قلوب الأمهات كانت انعكاسًا لما هم عليه من تقلبات الحياة، برامج ومسلسلات تناقش قضاياهم وتنقل همومهم، تحث فاعلين الخير على الفعل والصائمين على الصبر، كانت رسائل تصل إلى القائمين على شؤون الناس تحثهم على تحمل مسؤولياتهم بصدقٍ وأمانة..
أما اليوم فقد صيروك غريبًا يا رمضان وضيفًا ثقيلاً ألتمس منك المعذرة يا شهر الغفران إذ جعلتك الحوثية السلالية مناسبةً أليمةً، صنعوا منك ضيفًا غريبًا يحمل معه كل هموم المعيشة الضائقة، صنعت منك أرواحهم الشريرة مخافةً واسعة تداهم محلات الناس التجارية، تروعهم وتمزقُ طرق الخير وتغلقُ أبواب الصدقات إلا عليهم وعبرهم..
عفوا رمضان لم تعد كما عهدناك، غيَّرتْ ألوانك دماء الأبرياء، نقش المتوردون لوحاتهم بها، وزعوا الموت شعارات تملأ كل الشوارع والوجوه، حولوا أمسياتك الرمضانية إلى ألسنٍ مثقلة وعيون تدور في محاجرها تأوه عميقٌ بلا بوح، حرَّموا الخواطر الرمضانية حرَّموا الهمس بما تجود به الخواطر، نشروا أعينهم في المجالس والمقايل والشوارع وعلى وسائل النقل، وصالات الأفراح حتى مجالس النساء لم تسلم من الآذان الخبيثة للخبيثات الناقلة لعبارات الشكوى والهموم واعتبارها دسيسة ضدهم..
عفوًا رمضان حاربوا فيك الشعائر الدينية، صلوات التراويح باتت في مذهبهم جريمة، قيامُ ليلك صار عندهم يثير الشكوك، لماذا تصلي وتقوم الليل أيها الصائم، صار التدين تهمة يُسأل عنها الناس، حولوا مُصليات تراويح النساء الملحقة بالجوامع إلى بيوت للراحة والنوم ومضغ القات، لم يعد للمجالس في عهدهم حُرمة، لم يعد حفظ حديث المجالس مبدأ في زمانهم يُحترم..
باتت برامجهم الرمضانية منصات تثير الفتنة والبُغض والتفرقة، أصواتها جافة نشازية تتقزز منها النفوس، تثير عند العامة والخاصة السخرية أحيانًا، والسخط والألم في كل الأحايين، ديدنٌ كئيبٌ على مدار لياليك، يا رمضان يا خير الأشهر وخير أيام الدهر عفوًا..
وعذرًا إن قست عباراتي، كلنا أملٌ دائم يحدونا يعلمنا بأنك ستعود على أمتنا اليمنية وقد تطهرت فينا الأنفس، واغتسلت الأرواح من موحشات أيام الحروب، وليالي الخوف والقهر والعوز، أن تعود وقد وضعت الحرب أوزارها وحل السلام وعاد الناس مواطنهم وعاد إلى الشعب الوئام، تعود كما عهدناك هلالاً للرحمة وقمرًا منيرًا للسعادة، تعود وقد ارتوت أرواحنا بالنصر على الكهنوت بكل ألوانه السياسية، الفكرية المذهبية والسلالية..
ختامًا: لكل متحلٍ فيك في بلادي الجريح بالصبر والإيمان ومتفائلٍ بالنصر القريب ألف تحية..
(من صفحة الكاتب)
مقالات ذات صلة